بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
يقول الإمام صلوات الله وسلامه عليه بعد ذلك: واستعملني بما تسألني غداً عنه. أي: وفّقني لأن أتفرّغ للأعمال التي ستسألني عنها غداً. ويبدأ الغد عند كلّ إنسان من ساعة موته ويستمرّ حتى الآخرة والدار التي يقول الله تعالى عنها: ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
فلا بدّ أن تحضر جواباً حين يسألك الله سبحانه وتعالى في اليوم الآخر، ومعلوم ما هي تلك المسائل التي يجب أن تعنى بها والتي ستُسأل عنها غداً. فلن تُسأل: لماذا لم تأكل الأطيب أو تلبس الأنعم أو تركب الأسرع أو تختار ما هو أغلى للعيش وأجمل؟ إني لم أر في الأدلّة الشرعية أنّا سنُسأل يوم القيامة أسئلة من هذا القبيل.
روي عن الإمام الرضا سلام الله عليه أنّه قال: «لو وجدتُ شابّاً من شبّان الشيعة لا يتفقّه في دينه لضربته»(1). وكلمة الفقه في تعابير أهل البيت سلام الله عليهم يراد بها معنى أوسع وأشمل من المعنى الاصطلاحي للفقه، لأنّه في الاصطلاح الأخير هو العلم الذي يعنى بالأحكام العملية كالعبادات والمعاملات ونحوها أمّا في المصطلح الروائي فيقصد به تعلّم كافّة مسائل الإسلام الذي تمثّل الأحكام العملية جزءاً منه.
كما أنّ قول الإمام (لضربته) تعبير مجازيّ، وإلا فلم يعهد أنّ أحداً من الأئمّة سلام الله عليهم ضرب أحداً لذلك، وإنّما استخدم الإمام سلام الله عليه هذا التعبير لبيان أهميّة هذا الأمر وأنّه مما يُسأل عنه العبد يوم القيامة.(1) بحار الأنوار: 75 / 346.
----------------------------