من المشرفين القدامى
ياجرح لا تقسى
تاريخ التسجيل: July-2011
الدولة: بيــن أوراقـــي
الجنس: أنثى
المشاركات: 4,761 المواضيع: 244
مزاجي: يمكن محتاره
المهنة: أخصائيه أجتماعيه في مجال الطب النفسي .. بلا وظيفة
أكلتي المفضلة: ااامممم مافي شي معين ^_ ^
موبايلي: Galaxy s Plus
آخر نشاط: 30/September/2019
۩۞ كـيــف يـتـخـلـــص الإنـســـــان مــــن حــــديــــث الـنـفـــس فـي الـصــــلاة ۞۩
كيف يتخلص الإنسان من حديث النفس في الصلاة ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
لا شك في أن للصلاة أهمية كبرى في الدين الاسلامي
فهي العبادة التي إن قُبلت قُبل ما سواها و إن رُدَّت رُدَّ ما سواها ،
و لا شَكَّ بأن من علامات فلاح الإنسان المؤمن هو تمكّنه من أداء صلواته بخشوع و حضور قلب ،
و ذلك لقول الله عزَّ و جَلَّ : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾[1] .
و حديث النفس بإعتباره عاملاً من عوامل صرف الفكر و القلب
عن التوجه إلى الله جل جلاله يُعدُّ آفة من الآفات المعنوية الشائعة
التي تعترض طريق عباد الله المؤمنين بصورة عامة بل حتى الخواص منهم ،
حيث لا ينجو من هذه الآفة إلا من رحمه الله .
فقد رُوي في فِقْهِ الرِّضَا ( عليه السَّلام ) :
أَنَّهُ سُئِلَ الْعَالِمُ ( عليه السَّلام ) عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ فَقَالَ : " مَنْ يُطِيقُ أَلَّا يُحَدِّثَ نَفْسَهُ " [2] .
و ليس من شك أيضاً بأن حضور القلب و الخشوع في الصلاة
إنما هو هِبةٌ ربانية تحتاج إلى وعاءٍ طاهر و نقي و ذلك لا يتهيء إلا بتوفيق من اللّه و تسديده .
كيف نحصل على الخشوع في الصلاة ؟
لمعرفة السُبُل المؤدية إلى تحصيل حالة الخشوع و التوجه و الإنقطاع إلى الله جلَّ جلاله ،
و كذلك للتعرُّف على موانع الخشوع و العلل المؤثرة في حرمان الإنسان
من الوصول إلى هذه المرتبة السامية ،
لا بد و أن نُصَنِّفَ هذه السُبُل و العلل حتى يسهل علينا دراستها
و التوصُّل من خلالها إلى ما نَتمنَّاهُ من درجات الخشوع و الإنقطاع
إلى رب العالمين عزَّ و جَلَّ بعونه و بتوفيقه .
ما هي موانع الخشوع ؟
إن الأمور و المؤثرات التي تمنع الإنسان من الوصول إلى حالة الخشوع
و الإنقطاع إلى الله جلَّت عظمته كثيرة نُشير إلى أهمها فيما يلي :
1. المعاصي و الذنوب :
و ليس من شك بأن الإلتزام بتعاليم الدين و قيمه و حلاله و حرامه
هو من أهم العوامل التي توفِّق الإنسان للعبادة و تُوجد فيه حالة الخشوع
و الانقطاع إلى الله سبحانه و تعالى .
أما الإنسان المذنب و المرتكب للمعاصي فهو في حالة إبتعاد دائم و مستمر
عن حالة الخشوع من جانب ، و في إقبال نحو وساوس الشيطان من جانب آخر ،
و قد يُسلَب منه التوفيق للعبادة و يُحرم منها لتورطه في المعاصي و الذنوب .
فقد رُوي أن رَجُلاً جاء إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ( صلوات الله عليه ) فَقَالَ :
يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ حُرِمْتُ الصَّلَاةَ بِاللَّيْلِ .
فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ( عليه السَّلام ) : " أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ قَيَّدَتْكَ ذُنُوبُكَ " [3] .
2. الكسب الحرام :
و المقصود منه الإبتعاد عن كل أنواع الكسب الحرام
و الحرص على حلِّية و نظافة طرق إكتساب المعيشة كالوظيفة أو التجارة التي يمارسها الإنسان ،
أو غيرها من موارد الإكتساب ،
ذلك لأن للمأكل و الملبس و المكان و غيرها من الأمور
ـ التي تُعتبر من المقدمات في العبادات ـ أثراً عظيماً في إيجاد الخشوع ،
و هذه الأمور إنما تتوفر للإنسان بالمال و إذا لم يكن المال المتكسب حلالاً
فسوف تتأثر أعمال الإنسان بذلك بصورة عامة و خاصة العبادية منها ،
و أول هذه التأثيرات تظهر على القلب فتسلب منه النقاء و الخشوع
و تجعله عُرضةً لوساوس الشيطان ، و من ثم لا يقبل الله له عملاً .
فقد رُوي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أنهُ قَالَ :
" إِذَا اكْتَسَبَ الرَّجُلُ مَالًا مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ ثُمَّ حَجَّ فَلَبَّى ، نُودِيَ لَا لَبَّيْكَ وَ لَا سَعْدَيْكَ ،
وَ إِنْ كَانَ مِنْ حِلِّهِ فَلَبَّى نُودِيَ لَبَّيْكَ وَ سَعْدَيْكَ " [4] .
مضافاً إلى أن الجسم يستمد قوته في العبادة من الطعام و الشراب ،
فإذا كان طعام الإنسان و شرابه حراماً و مكتسباً من غير حلِّه بانَ تأثيرهما على العبادة فوراً ،
بل إن التأثير المعنوي للطعام و الشراب يبقى في جسم الإنسان و روحه فترةً طويلة .
فقد رُوي عَنْ الإمام أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصادق ( عليه السَّلام ) أنه قَالَ :
" مَنْ شَرِبَ مُسْكِراً انْحَبَسَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً ، وَ إِنْ مَاتَ فِي الْأَرْبَعِينَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً ، فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ " [5] .
و عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ خَالِدٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ ( عليه السَّلام ) :
إِنَّا رُوِّينَا عَنِ النَّبِيِّ ( صلى الله عليه وآله ) أَنَّهُ قَالَ :
" مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ تُحْتَسَبْ لَهُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ يَوْماً " .
قَالَ : فَقَالَ : " صَدَقُوا " .
قُلْتُ : وَ كَيْفَ لَا تُحْتَسَبُ صَلَاتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ لَا أَكْثَرَ ؟
فَقَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ قَدَّرَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ فَصَيَّرَهُ نُطْفَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ،
ثُمَّ نَقَلَهَا فَصَيَّرَهَا عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ، ثُمَّ نَقَلَهَا فَصَيَّرَهَا مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ،
فَهُوَ إِذَا شَرِبَ الْخَمْرَ بَقِيَتْ فِي مُشَاشِهِ [6] أَرْبَعِينَ يَوْماً عَلَى قَدْرِ انْتِقَالِ خِلْقَتِهِ " .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ ( عليه السَّلام ) :
" وَ كَذَلِكَ جَمِيعُ غِذَائِهِ ، أَكْلِهِ وَ شُرْبِهِ يَبْقَى فِي مُشَاشِهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً " [7] .
و عموماً فإن للطعام و الشراب أثراً قوياً في تهيئة الظروف الروحية و النفسية للعبادة
من حيث السلب و الإيجاب .
فقد رُوي عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام )
أنه قال لكميل بن زياد في بعض مواعظه له :
" ... يا كميل : ليس الشأن أن تصلي و تصوم و تتصدق ،
الشأن أن تكون الصلاة بقلبٍ نقيٍ ، و عمل عند الله مرضيٍ ، و خشوع سويٍ ،
و انظر فيما تصلي ، و على ما تصلي ، إن لم يكن من وجهه و حِلِّهِ فلا قبول .
يا كميل : اللسان يَنْزَحُ القلب ، و القلبُ يقومُ بالغذاءِ ، فانظر فيما تغذِّي قلبكَ و جسمكَ ،
فإن لم يكن حلالا لم يقبل الله تسبيحك و لا شكرك " [8] .
و لا بُدَّ أن نعرف أيضاً بأن للوسواس درجات كما أن للخشوع درجات ،
فمن زاد تورّعه عن الحرام و الشُبُهات إزداد خشوعاً ،
و من تساهل في شيء منها قلَّ خشوعه و ضَعُف توجُهه إلى الله عزَّ و جَلَّ بنفس النسبة .
3. إمتلاءُ البطن :
فقد رَوى أبو بَصِيرٍ
عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) قَالَ : قَالَ لِي :
" يَا أَبَا مُحَمَّدٍ إِنَّ الْبَطْنَ لَيَطْغَى مِنْ أَكْلِهِ ، وَ أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ
إِذَا خَفَّ بَطْنُهُ وَ أَبْغَضُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا امْتَلَأَ بَطْنُهُ " [9] .
4. العوامل الأخرى :و هناك عوامل أخرى تُسبب شرود الذهن في الصلاة مثل :
التعب و النعاس و الفرح و الحزن و المرض و المكان غير المناسب ، و غيرها .
موجبات الخشوع :
و بعد أن وفَّقنا الله تعالى لرفع الموانع و العقبات الموجودة أمامنا
للحصول على التركيز و الخشوع في العبادة ،
يأتي دور الحديث عن العوامل الإيجابية في إيجاد حالة التوجه
و الإنقطاع إلى الله عزَّ و جَلَّ في العبادة عموماً و في الصلاة بوجه خاص .
1. الإيمان و اليقين :
إن الشرط الأول و الأساس لتحصيل حالة الخشوع و الإنقطاع إلى الله عزَّ و جَلَّ
إنما هو تحصيل الإيمان و اليقين ، فالإيمان هو الذي يجعل الأرضية خصبة
لنمو روح الخشوع و التوجه التام إلى الله ،
و لولا الإيمان لم يكن للخشوع من معنى كما هو واضح ،
و كلَّما إزداد الإنسان إيماناً إزداد خشوعاً .
و واضحٌ أيضا بأن الإيمان إنما يزداد عن طريق زيادة معرفة الإنسان بالله سبحانه و تعالى .
2. التخلّص من كل ما يُشتِّتُ الفكر و يُشغل الذهن :
يجب أن لا ننسى بأن من أسباب شرود الذهن و عدم التركيز
حين الصلاة و العبادة و إنعدام حضور القلب لدى المصلي
هو إنشغال فكره بالمشاكل التي تقلق بالَه ، أو تعلُّق قلبه بما يهمه من أمور دنياه ،
فما أن يدخل في صلاته إلا و تتوارد عليه الأفكار و المشاكل المختلفة
و تتجاذبه المغريات الكثيرة التي تُحيط به ،
فكم من مؤمن حريص على أداء صلاته بحضور القلب منعته أفكاره من الوصول
إلى هدفه السامي ، و ما أن يُتمُّ صلاته حتى يكتشف بأن روحه لم تكن في الصلاة
بل كانت خلال فترة الصلاة سارحةً في وديان الخيال و الآمال و التصورات ،
أو يجد أنه كان يُتابع مسلسلاً تلفزيونياً ، أو مباريات لكرة القدم ،
أو كان يعقد صفقة تجارية مبرحة ، إلى غير ذلك .
يـتـبـع...