الشعر في مواجهة المتغيرات .. الشاعر عبد القادر الحمصي الجمهور العراقي متذوق للأدب
المؤتمر / متابعة
عبد القادر الحمصي الشاعر السوري خريج جامعة دمشق والعامل فيها مدرساً في الوقت الحالي عندما حل ضيفاً على بغداد توقفنا معه لنطمئن إلى دمشق الحبيبة وليكون لنا هذا الحديث معه في الشعر وما تشهده الساحة العربية الملتهبة.
* هل هذه الزيارة الأولى للعراق؟
- سبق أن زرت العراق في عام 1998 .... في أيام المربد الذي كان يقام في بغداد لكني وجدت وكأن المدينة قد فقدت بعض ملامحها.... وهذا أمر طبيعي جراء ما شهدته من أحداث جسام ... لكنها تحاول بكل قوة استعادة عافيتها وإقامة هذه المهرجانات الأدبية والثقافية دليل على تلك المحاولات العصية على التلكؤ في المسيرة.
* وكيف تشعر الآن وأنت في أحضان بغداد؟
- أشعر وأنا في ربوعها بأني في حاضرة من حواضر الدنيا التي صنعت التاريخ ولكني مع ذلك أشعر بمرارة الانكسار العربي بسبب الخراب الكبير الذي تمر به معظم بلداننا العربية فما تواجهه دمشق والقاهرة وغيرها من عواصم عربية هو خراب بمعنى الكلمة فهو ليل فجره لا يلوح عن قرب.. عواصمنا اليوم (متعبة) مما مر بها من تغيرات وكأن هواؤها غير الهواء والماء غير الماء.....
* ماذا كان في جعبتك لبغداد الشعر؟
- قصيدة قديمة حملت عنوان (المغني) وبعض القصائد الجديدة عن مدينة حمص والآلام التي نعيشها في سوريا في الوقت الراهن.
* وكيف وجدت جمهور الشعر في بغداد بعد كل التحولات التي حدثت؟
- الجمهور العراقي هو ذاته المتذوق للأدب وعلى نحوٍ خاص وعميق الشعر بكل أشكاله.
* هل تأثرت علاقة الأدباء والشعراء بتطورات الأوضاع على الساحة العربية؟
- شخصياً تربطني بشعراء العراق علاقات طيبة منذ عقود وأشعر أن ما يربطني بالأديب العراقي هو البعد الإنساني في الدرجة الأساس وبعد ذلك هناك الكثير من المقتربات..... ولكني أخشى أن يضع بعض الأدباء المفترقات السياسية في المقدمة على ما هو إنساني وعندها تكون الكارثة.
* وهل تعتقد أن السياسة استطاعت أن تفرض وقعها على الساحة الأدبية؟
- بالتأكيد فالسياسة تكاد تكون قد أفسدت كل شيء ومن جملة ما أفسدته (الأدب) ولكن في رأيي أن الأدب الصادق والعميق له بعده الإنساني الأول لأنه ملح الأرض.
قد تلمع الأنظمة السياسية بعض الأسماء لأسباب ليست أدبية تتعلق بالولاء والالتزام وكلها مفردات لا تأتي في الدرجة الأولى بالنسبة للأدب وكل هذا آني ومزيف ويزول بزوال الجهة التي صنعته وبرزته.
السياسة تعمل على ما هو آني وراهن ومتغير ككثبان رملية متحركة بينما الأدب يقوم على ما هو راسخ وثابت، لذا يتلاشى الأدب الذي يتم الترويج له باعتبارات غير أدبية.
* برأيك هل استطاع الأدب العربي التعبير عن الخضم العربي الراهن؟
- لا أرى أن الشعر العربي في الوقت الراهن، قادر أو يستطيع التعبير عما يجري تماماً لأنه في قلب الصدمة، وهذا ليس بالأمر الهين للذين يرون عن قرب أو يرجعون الأشياء ترجيعاً قريباً، الأدب الذي سيعبر هذه المرحلة له بوادر لكنها لم تأخذ أبعادها بعد.. فحجم الكارثة أكبر بكثير من أن يتم استيعابها.
* إذا الأدب تغير بحسب المجريات؟
- هناك منعطف كبير في الأدب والفن كما كان هناك أدب حزيراني بعد 1967 لذا سنشهد نوعاً جديداً من الأدب مختلف عما سبقه، أبرز ملامحه التشظي الكبير والضياع والتشتت ولا أرى في الأفق ما يمكن أن يكون جامعاً للتعبير عما يجري.... كأننا ذاهبون إلى ما هو أكبر تفتتاً.
* ما الذي ساقنا لكل هذا الخراب في رأيك؟
- الأقدار موضوعية فما يجري وما كان، كان لابد أن يكون، سواءً أردناه أم لم نرده... أحببناه أم لم نحبه، فليس في العالم عشوائية بل كل شيء موضوعي في حركة التاريخ... فثمة ما يفضي إلى شيء ولابد أن يفضي إلى هذا الشيء.. لأن هذه الأنظمة العربية المتهافتة على الحكم عقدت عقدتها وأحبكتها وكان من جملة ما أرادت أن تغلق الباب على كل شيء أمام المواطن فكانت النتيجة أن انفلت العقال وانفتح أمام الجماهير العربية كل شيء...
هذا لا يعني إني احمد ما حدث وما يحدث ولكني أراه حتمياً وأجد أن هناك فواتير أخر لابد أن تدفع لأنها فواتير متراكمة وستدفعها الأجيال القادمة .