جاءت إليّ
جاءت إليّ مع النسيم تزورني
وتقول لي :
هل لا تزال كما عهدتكَ شاعراً
تطغى عليه النرجسية
في بهاء الواثقين ؟
هل لا تزال كما عهدتك قاسيا
بل ظالما
تقضي بلا عدلٍ
وتشكو الجائرين ؟
ما زلتُ أذكر يا فتايَ حديثنا
وعتابنا وخصامنا
وقسوتَ حتى
صرتُ أحتبس الدموع وأشتكي
لله ظلم الظالمين ؟
فأجبتها
والدمع حار بمقلتيّ
وينزوي بين الجفون
إني كما أنا شاعرٌ
جعل الحروف وسيلةً
بين الفؤادِ
وبين أفئدة الحزانى
والحيارى التائهين
أنا ما أزال كما أنا
ما زاد فيّ سوى الجروح
سوى المكاره والطعونْ
أنا ما أزال كما أنا
ما طال غير الليل يُقضى
بالأماني والأنين
ما زان غير الحلم يبدعُ
بالتصاوير الجميلة والفنونْ
ما كان هذا القلب يوما قاسياً
أو ظالماً
أو جائراً
بل أرهقته معارك الدنيا
وخانته الظنون
وحدي انا
أشكو إلى نفسي المصائب .. والدجى
قد لفني بثيابه
والصبح أخرج باسماً
وكأن شيئا لم يكن
والله يعلم ما يكونْ
وحدي أنا
أشكو إلى نفسي فقد
ولى زمان الطيبين
لو تعلمين بما جرى
لعجبتِ كيف بقيتُ حياً
في زمان الخائنين
لو تشعرين
لو تشعرين بما أعاني
كيف ألقى الموت مرات كثيرة
والروح باقية فلم
ألق المنية رحمة
يوما ولم أحيا حياة الهانئين
حتى أتيتِ
وكنتُ أخفي ما بقلبي من شجونْ
أخفي الهوى
وسألت عنكِ معرّضا
وخشيتُ أن
ألقى فؤادك لا يزال معاتبا
فيبعثر الجرح الدفين
حتى أتيتِ وقلتِ لي
اقرأ حبيبي
قد كتبتُ قصيدةً
عن ذلك الحلم الجميل
وعن فؤادكَ
عن شعوركَ
عن عتاب العاشقينْ
أكتبت فيّ قصيدة ؟
أكتبتِ عن ذاك الذي
يقسو ويرحمُ
يشتكي ألم الحياة
ويكتبَ الشعرَ الحزين ؟
من يا ترى
يوماً ستعشقُ شاعرا
قد خانه الأمل الخفيّ
وغاله الحزن المبينْ
من يا ترى
يوما ستغرم بالذي
لقيَ الزمان محارباً
ومقاتلاً
ما كان يرضخُ مرغماَ
للأمر يكره كنهه
بل كان يأتيه الذي
يرجوه طوعا
رغم أنف الحاسدين
حقا لقد أسعدتني
ورسمتِ بسمتي الخجولة
فوق أشلاء السنين..
**************
مما راق لي..