راق لي الموضوع فاحببت ان تقرأوه
وتلاشت متاعب السنين
أ.خيرية الحارثي
من فضل الله أن أكرمنا بنعم عظيمة لاحصر لها ، ومن نعمه الجليلة التي يجب الا نزدريها ، ويحمد عليها حمدا وشكرا ، حمدا يستحقه لذاته سبحانه ، أن جعل لنا ذاكرة تطوي هموم السنين وآلامها وأحزانها من فقد حبيب أو فراق عزيز أو مرض في نفسه أو ولده
عشرون عاما وثلاثون وأربعون تطوى بما فيها من الذكريات
جميعها طويت في عالم النسيان وكأنها أمواج عابرة ، فلم نعد نذكر متاعب الحمل والولادة وتربية الصغار وما تكبدناه معهم من جهد مضن وسهر طويل سلسلة من الجهود المتلاحقة وهكذا الإنسان خلق في كبد قال تعالى :
لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ 4 البلد
نسينا مشاق السفر ومكابدة هموم الغربة وأعبائها جميعها بترت وذهبت أكدارها وتلاشت فلم يعد لها أثرا إلا كسراب ، وكانت كالأطلال التي لامجال لنا أن ندرك منها إلا قليلا ،
ولو كان بأيدينا لانجذبت أفكارنا إلى آلام ومشاعر طوتها السنين وظلت تلاحقنا بوسوستها حتى تعرقل حياتنا ، وما استأنفنا المسير في دنيانا ، ولأفسدت علينا أيامنا فلا تلذذنا بلقمة هنية ، ولا بابتسامة ندية فالطبائع الردئية دائمة الإلحاح ، ولها زوابع لاتنتهي ولولا فضل الله ورحمته لما كف عنا شرها ،
لكنه تدبير الحكيم العليم بنا الرحيم لنا ، وحكمة الله في خلقه التي لاطاقة للتحليق في آفاقها فقد زوي عنا الكثير من أسرارها.. أمورا غيبية لاسبيل للعقل البشري إدراكها
فقد شاء بفضله أن يجعل طبائعنا مفطورة على النسيان يلازمها الجهل والقصور
فليعرف الإنسان ربه ويشكر نعمته ، ويثني عليه بما هو أهل له ، فإن لنا في كل طرفة عين نعمة ، وكل نعمة ترد إليه سبحانه ليدرك المرء ضعفه وعجزه وحاجته إلى ربه
وكما طويت حياتنا وما فيها من صراعات ، كذلك طويت كتل من ذنوبنا ، ولكنها في كتاب ربي الذي لا يضل ولا ينسى مسطرة ، فعلمه مطلق شامل لا يخفى عليه مثقال الذر في السموات ولا في الأرض
فمن منا يذكر ما اقترف من ذنوب على مر السنين
يقول سبحانه :
( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) طه 52
ويقول سبحانه ( يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا ۚ أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) المجادلة 6
كم تحمل تلك الصحائف من ذنوب دقت وجلت وخاصة في سن الشباب ، هل ألحقناها بتوبة ؟؟
هل تبعها ندم واستغفار ، لاندري فكم كنا في غفلة ، فإحصاءات السنين التي لفت ودارت لو نطقت لأخبرتنا بأنه في كل لحظة ذنب ، وفي كل حركة معصية ، فكم أهدرنا من أوقاتنا في ما لا ينفع وكم أسرفنا في سائر أمورنا فما هو إلا الضعف البشري الذي لاحيلة لنا فيه
فنسيان الماضي في أمور حياتنا نعمة
أما نسيان ركام ذنوبنا فمحزنة مالم يلحقه توبة واستغفار
عسى الله أن يتجاوز عنا ويفتح لنا من أبواب الأعمال الصالحة مايكفر به ذنوبنا ويرزقنا الاستزادة من العلم والعمل ويسبغ علينا نعمه ورحمته وفضله ، وأن يجعلنا ممن يستقيم على الدرب ويثبتنا على الحق
ويجعلنا ممن تبدل سيئاتهم حسنات
فينطبق علينا قوله تعالى :
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ( 70 ) الفرقان
اللهم اغفر لنا ماقدمنا وماأخرنا وماأسررنا وماأعلنا وماهو أنت أعلم به منا
منقول