يبدو أنّ حالات التهاون في حفظ الآيات القرآنية كان لها أثرها في محاولات التحريف.


فقد أجاز بعض أهل السنّة التقديم والتأخير في النصّ القرآني، وأباحوا ذلك بشرط الحفاظ على معاني الآية القرآنية.
وهو تطرّف زائد كما ترى في فتح باب الاجتهاد في النصّ القرآني، ما أتاح للبعض أن يتلاعب بألفاظ الآية بحجّة جواز التقديم والتأخير دون المساس بالمعنى.
فقد روى أبو أويس: سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث، فقال: هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث إذا أصيب الحديث فلا بأس([1]).
كانت الآراء المسامحة في التصرّف بالنصّ القرآني تُتيح للآخرين أن يجتهدوا في قراءاتهم مهما بلغت تلك القراءات وتعدّدت، وهو في حقيقته انفلات لقريحة الوضع دون طائل، ومحاولة خاسرة لرفع الحصانة عن النصّ القرآني الذي لا يمكن أن تتدخّل الأذواق فيه والاجتهادات الخاصّة في صياغته.
ففي تخويل البعض التصرف بقراءاته تنبثق لدينا مشكلة التحريف بشكل فجّ يثير المرارة.
فقد روى أحمد من حديث أبي بكر أنّ النبيّ(ص) استزاد من جبرئيل في أحرف القراءة حتّى بلغ سبعة أحرف، قال: يعني جبريل كلّها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة وآية رحمة بعذاب.
ويروي أبو داود في سننه عن اُبي عن رسول الله(ص) - إلى قوله- : حتّى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت سميعاً عليماً عزيزاً حكيماً ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عنه(ص): أنّ هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرج ولكن لا تجمعوا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة([2]).
هذه هي إحدى آليات التحريف المعتمدة لدى البعض سبّبتها حالات التهاون والمسامحة في ضبط النصّ القرآني وحفظ قرآنية القرآن الكريم.