لم تكن ظاهرة القول بتحريف القرآن قد نالت مآربها في تحريفه، فقد بقي القرآن محفوظاً مصاناً من أيّة محاولة تحريفيّة، لقوله تعالى: { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }.

ويتّفق المسلمون جميعاً على قرآن واحد يتداولونه جميعاً، رغم ما ورد في التراث الإسلامي من اعتقاد البعض بمسألة الزيادة والنقصان في القرآن، ولم يتسنّ لهؤلاء القائلين بالزيادة والنقصان من اقحام آرائهم في القرآن بل بقيت دعاواهم في نطاق التمنّي الذي لم يستطع أحدهم تنفيذه على مستوى الواقع، وذلك كون قداسة القرآن تُهيمن على المسلمين فضلاً عن المعارضة التي يتزعّمها عليّ بن أبي طالب(ع) والتي أقصت معها أيّة محاولة من شأنها أن تخلّ في صيانة القرآن، فقد تربّص عليّ(ع) بحالات الخرق الذي تحاوله بعض الجهات للنيل من قداسة الشريعة وصيانة القرآن، وستأتي لاحقاً إشارة لهذه الجهود.
إلاّ أنّ الباحث يتطلّع للبحث عن أسباب ودواعي هذا التحريف التي أفرزتها المواقف السياسية والاجتماعية والثقافية لهؤلاء القائلين بالتحريف وسنتابع بعض هذه الدواعي دون حصرها فيما نذكر.