في عراقنا أيام زمان ( وقت الخير ) كان كل شىء جميل حتى للمظاهرات كانت لها نكهتها العراقية الجميلة ومذاقا أخرا لابل كانت حلاوة وأكثر .. أما هذا شيعي وهذاك سني أو تركماني أو مسيحي ..لاء والف لاء!!.. كنا عراقيون وبس ..
لا أقارن بين أمس الجميل ( العهد الملكي ـ عهد الزعيم / قاسم ) وبين اليوم حيث العراق المحتل .. ألأخوة ألأمريكان ( لازگين لزك وماكو قوة بالعالم تطردهم الى ماوراء البحار!! ) ..
نعم المقارنة شىء صعب.. هل هنالك مقارنة بين الجنة والنار؟؟؟ ..
اذا لندخل في صلب الموضوع :
في السنوات ألأولى من عمر / 14 تموز كانت المظاهرات مسألة أعتيادية.. لايمر أسبوع وإلا كانت الجماهير محتشدة في شارع الرشيد حيث مئات اللافتات والشعارات الملونة وآلآف الحناجر تهتف للثورة وللزعيم ألأوحد و تلعن ألأستعمار وأبو ألأستعمار والرجعية !!
أنطلقت المظاهرة من ـ باب الشرقي ـ وهي تخترق شارع الرشيد الى نهاية المطاف حيث ساحة الميدان.. وهنالك كانت تبدأ مرحلة أخرى وهي القاء الخطب النارية والثورية مع رفع مئات المناجل والمطارق والسنابل وشعارات أخرى كلها ترمز الى ألأخوة العربية الكوردية وتمجيد الطبقة العاملة والفلاحين وغيرها ..
الجماهير الغاضبة وصلت الى منطقة ـ حافظ القاضي ـ وهي كلها نشاط وحيوية .. الحناجر تهتف بحياة الزعيم ألأوحد وتلعن ألأستعمار والقوى الرجعية..
على ألأرصفة كانت هنالك آلآف يقفون ليشاهدوا هذا المنظر الذي يتكرر كل أسبوع مرة أو لربما مرتين أو أكثر..
كان أحد ألأخوة الكورد قد جلبه حظه العاثر ليكون بين الناس على الرصيف وهو في كامل هندامه حيث الملابس الكوردية ألأنيقة وزوج من أرقى أنواع ( الكلاش) ذات اللون ألأبيض ..
نعم كان قد نزل توا من الفندق حاله حال بقية خلق الله يقضى وقتا من الزمن للتمتع بمشاهدة هذه آلآف المؤلفة حيث رجال ونساء وشباب وشيب..
فجأة ومن غير أنذار توجه مجموعة من الشباب نحوه وحملوه على ألأكتاف كرمز من رموز ألأخوة العربية الكوردية.. والسبب ملابسه وأناقته المفرطة ..
حملوه وأصبح في منتصف المتظاهرين وهو مرفوع .. والمظاهرة أصبحت بوجوده أكثر حماسا..
في هذه ألأثناء تسقط ( فردة من فردات كلاشه ) .. ولكن ما العمل؟؟..كيف يمكنه ايجاد كلاشه وهو بين هذه ألأمواج من البشر؟؟؟..
مع ذلك بات ينادي بالكوردية:
تاكه كلاشه كم .. تاكه كلاشه كم ... أي فردة كلاشي!!!.
الجماهير أمست كلها تردد ـ تاكه كلاشه كم .. تاكه كلاشه كم ... تاكه كلاشه كم ..
نعم الجميع كانوا يتوقعون أنه يردد شعارات بالكوردية.. وما أسهل هذا الشعار؟!!.
بعد مئات ألأمتار وقرب الشورجة من جهة شارع الرشيد.. هلك المسكين.. ترك فردة كلاشه وأمسى ينادي بصوت أعلى :
ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!! .. ياناس أنفجرت خصوتي!!! ..
نعم أمست كل الحناجر تردد : ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!!... ئه ى هاواااار.. گونم ته قي!!!
نعم کان زائر بغداد المسكين في حالة يرثى له.. لقد فقد كلاشه.. ووضعه متعب لابل هلكان.. ماسك جراويته ( جمدانة) حتى لاتسقط هي ألأخرى و العرق بلل كل ملابسه ..
عند الوصول الى ساحة الرصافي أنزلوه على ألأكتاف وهو متعب وهلكان وعطشان ويلعن ذلك اليوم ألأسود ولحظة تواجده في ذلك المكان المشؤم..
أضطر المسكين أن يمشي لمسافة وهو حافي القدمين حينها أشترى زوج حذاء !!
وحين سأله صاحب محل ألأحذية :
ـ كاكه وين قندرتك؟؟.
رد عليه بعربية ركيكة وهو يرتب حاله و خربااااااان من الضحك :
ـ والله كاكه بالمزاهرة!!!
كانت أيام جميلة بما فيها المظاهرات و حتى ... تاكه كلاشكم ...