((مقتل كليب والوصايا العشر ))
أمل دنقل
** شاعر من مصر العبور العظيم .. وليس من مصر الغروب!!!
بدأ بكتابة الشعر العمودي في وقت مبكرة متأثرا بالشاعر
محمود حسن اسماعيل ..
** اتجه نحو كتابة الشعر الحديث بعد تأثره بالشاعر عبد الرحمن
الشرقاوي .صلاح عبد الصبور منذ عام 1956.
** بقي قلقا بين الحفاظ على التراث والتجديد .. حتى التقى بالشاعر
أحمد عبد المعطي حجازي ، فتأثر بروحه الشعرية ، ومن خلاله
تعرف على بدر شاكر السياب .
** نشر أولى قصائده في جريدة الأهرام ((بطاقة كانت هنا )) 1961
نشر بعدها ثلاث قصائد في الأهرام ومجلة المجلة .وحصل عام
1962 على جائزة المجلس الأعلى للفنون والآداب للشعراء الشباب
** انقطع عن كتابة الشعر وعاد إليه عام 1966 فنشر في مجلة روز اليوسف
ومجلة الكاتب وجريدة الأهرام الجمهورية . ثم الآداب اللبنانية .
** صدر ديوانه الأول ((البكاء بين يدي زرقاء اليمامة))1969 ثم صدرله
((تعليق على ماحدث))و((مقتل القمر)) بعد1973 ، ثم العهد الآتي 1975
** آثر الصمت ثانية وإلى الأبد على أن يكون شاهدا على ما آلت إليه
مصر العبور والأمة كلها ..!!
وقصيدته ((مقتل كليب والوصايا العشر )) أعاد كتابتها عن الأسطورة المشهورة
ولكن بإسقاط معاصر(بعد معاهدة الصلح ).
.. فنظر "كليب" حواليه وتحسر، وذرف دمعة وتعبر، ورأى عبدا واقفا فقال له: أريد منك يا عبد الخير، قبل أن تسلبني، أن تسحبني إلى هذه البلاطة القريبة من هذا الغدير؛ لأكتب وصيتي إلى أخي الأمير سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي..
فسحبه العبد إلى قرب البلاطة، والرمح غارس في ظهره، والدم يقطر من جنبه.. فغمس "كليب" إصبعه في الدم، وخط على البلاطة وأنشأ يقول ..
1
لا تصالح !
.. ولو منحوك الذهب
أترى حين أفقأ عينيك،
ثم أثبت جوهرتين مكانهما..
هل ترى..؟
هي أشياء لا تشترى..:
ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،
حسكما - فجأة - بالرجولة،
هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقه،
الصمت - مبتسمين - لتأنيب أمكما..
وكأنكما
ما تزالان طفلين!
تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أن سيفان سيفك..
صوتان صوتك
أنك إن مت:
للبيت رب
وللطفل أب
هل يصير دمي - بين عينيك - ماء ؟
أتنسى ردائي الملطخ بالدماء..
تلبس - فوق دمائي - ثيابا مطرزة بالقصب ؟
إنها الحرب !
قد تثقل القلب ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالح ..
ولا تتوخ الهرب !
=============================
(2)
لا تصالح على الدم .. حتى بدم !
لا تصالح ! ولو قيل رأس برأس
أكل الرؤوس سواء ؟
أقلب الغريب كقلب أخيك ؟!
أعيناه عينا أخيك ؟!
وهل تتساوى يد .. سيفها كان لك
بيد سيفها أثكلك ؟
سيقولون :
جئناك كي تحقن الدم ..
جئناك . كن - يا أمير - الحكم
سيقولون :
ها نحن أبناء عم.
قل لهم : إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك
واغرس السيف في جبهة الصحراء
إلى أن يجيب العدم
إنني كنت لك
فارسا،
وأخا،
وأبا،
وملك!
======================
(3)
لا تصالح ..
ولو حرمتك الرقاد
صرخات الندامة
وتذكر ..
(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)
أن بنت أخيك "اليمامة"
زهرة تتسربل - في سنوات الصبا -
بثياب الحداد
كنت، إن عدت:
تعدو على درج القصر،
تمسك ساقي عند نزولي..
فأرفعها - وهي ضاحكة -
فوق ظهر الجواد
ها هي الآن .. صامتة
حرمتها يد الغدر:
من كلمات أبيها،
ارتداء الثياب الجديدة
من أن يكون لها - ذات يوم - أخ !
من أب يتبسم في عرسها ..
وتعود إليه إذا الزوج أغضبها ..
وإذا زارها .. يتسابق أحفاده نحو أحضانه،
لينالوا الهدايا..
ويلهوا بلحيته (وهو مستسلم)
ويشدوا العمامة ..
لا تصالح!
فما ذنب تلك اليمامة
لترى العش محترقا .. فجأة ،
وهي تجلس فوق الرماد ؟!
-----------------------------------------
(4)
لا تصالح
ولو توجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيك ..؟
وكيف تصير المليك ..
على أوجه البهجة المستعارة ؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف ؟
إن سهما أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وساما وشارة
لا تصالح ،
ولو توجوك بتاج الإمارة
إن عرشك : سيف
وسيفك : زيف
إذا لم تزن - بذؤابته - لحظات الشرف
واستطبت - الترف
===================
(5)
لا تصالح
ولو قال من مال عند الصدام
" .. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام .."
عندما يملأ الحق قلبك:
تندلع النار إن تتنفس
ولسان الخيانة يخرس
لا تصالح
ولو قيل ما قيل من كلمات السلام
كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنس ؟
كيف تنظر في عيني امرأة ..
أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها ؟
كيف تصبح فارسها في الغرام ؟
كيف ترجو غدا .. لوليد ينام
- كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام
وهو يكبر - بين يديك - بقلب منكس ؟
لا تصالح
ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام
وارو قلبك بالدم..
وارو التراب المقدس ..
وارو أسلافك الراقدين ..
إلى أن ترد عليك العظام !
==============================
تابع