وقف الإمام الحسن(عليه السلام) موقفا حازما بعد رحيل أمير المؤمنين(عليه السلام) فعلى الرغم من عظم المصاب والخسارة التي منيت بها الأمة الإسلامية في فقدها لمثل علي(عليه السلام) إلا أن الحسن وقف وهو يبث روح الحركة من جديد في صفوف الجماهير ويقتلع اليأس الذي دب في نفوسهم فقال لهم: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل ولم يدركه الآخرون بعمل لقد كان يجاهد مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) فيقيه بنفسه وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يوجهه برايته فيكنفه جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ولا يرجع حتى يفتح الله على يديه ولقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم والتي قبض فيها يوشع بن نون...
ثم قال وهو يشد الجماهير ويؤكد لهم أنه كعلي(عليه السلام) كأبيه المرتضى(عليه السلام): أنا ابن البشير، انا ابن النذير، انا ابن الداعي إلى الله باذنه، أنا ابن السراج المنير، انا من أهل بيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، أنا من أهل بيت فرض الله مودتهم في كتابه.
وهكذا أكد الإمام الحسن(عليه السلام) للناس أنه وارث لجميع صفات الكمال والمنازل العظيمة التي كانت لجده ولأبيه فعاش الناس في ظل هذه الكلمات روح الحياة والانطلاق مجددا وشعروا بالأمان في ظلال الحسن(عليه السلام).
ثم طلب الإمام من الناس أن يذهبوا إلى بيوتهم فذهبوا وانطلق هو وأخيه الحسين(عليه السلام) ومحمد بن الحنفية وبعض اهل البيت وحمل الحسن والحسين(عليهما السلام) الجنازة من طرف وحمل جبريل وميكائيل الجنازة من طرف ثاني واتجهوا بها نحو الغري هناك حيث أعدت حفرة من قبل الملائكة بامر الله لتواري جثمان أمير المؤمنين(عليه السلام)، فقد كان اوصى لولده الحسن أن يدفنه سرا ولا يعلم أحد بموضع قبره، لان بني امية كانوا قد صمموا أن ينبشوا قبره، وهكذا خفي قبر الأمير(عليه السلام) إلى زمان الإمام الصادق(عليه السلام).
واستلم الحسن(عليه السلام) زمام الأمور بكل حنكة وسياسة وحافظ على النظام الذي أقامه والده(عليه السلام).