يحل عيد الحب أو "الفلانتين" فى الرابع عشر من شهر فبراير كل عام فى ذكرى وفاة القديس سان فالنتاين والذى يلقب بشهيد العشاق وشفيعهم والمدافع عنهم.ووسط زخم الاحتفالات بتلك المناسبة التى صارت عيدا عالميا للحب، تنشط محلات الزهور فى مدينة الأقصر التاريخية فى الاستعداد لاستقبال روادها فى يوم عيد الحب، حيث باتت محلات الزهور فى المدينة - التى تحمل معالمها كثيرا من صور الحب فى مصر القديمة – تنافس محلات بيع الهدايا فى استقبال آلاف العشاق فى ذلك اليوم.
ويحرص المحبون من أزواج ومخطوبين ومن يسعون للارتباط الأبدى قريبا فى مدينة الأقصر، أن يسيروا على خطى أجدادهم الفراعنة الذين استخدموا الورود للتعبير عن الحب لمحبوباتهم.
وتعرض دراسة تاريخية لمركز إيزيس للبحوث والدراسات التاريخية فى مدينة الأقصر الكثير من صور الحب والعشق فى مصر الفرعونية.
وترصد الدراسة التى أعدتها الباحثات شيرين النجار ودعاء مهران ومنى فتحى أن نقوش ورسوم معابد ومقابر الفراعنة ترصد الكثير من صور الحب والعشق فى مصر الفرعونية ، وأن " رمسيس ونفرتارى " هى أول قصة حب خلدها التاريخ .
وأشارت الدراسة إلى أن المصريين القدماء كانوا يتمتعون بعواطف جياشة ومشاعر عاطفية نبيلة، وأن الفراعنة اعتمدوا على التصوير فى التعبير عما يكنونه من مشاعر بدواخلهم لمن يحبون ويعشقون قد لا يستطيعون التعبير عنها فى نصوصهم، ولفتت الدراسة إلى وجود عشرات النصوص التى سجلها الفراعنة على أوراق البردى وقطع الأوستراكا والتى تحتوى على ما كتبوه للتعبير عن لوعتهم وعن حبهم ومشاعرهم تجاه محبوباتهم مثل قول أحدهم واصفًا معشوقته فى إحدى المخطوطات القديمة : " إنها الفريدة المحبوبة التى لا نظير لها أجمل جميلات العالم، انظر إليها كمثل النجمة المتألقة فى العام الجديد على مشارف عام طيب..تلك التى تتألق؛ والتى تبرق بشرتها بريقا رقيقا، ولها عينان ذواتا نظرة صافية وشفتان ذواتا نطق رقيق، ولا تخرج من فمها أبدًا أية كلمة تافهة .. هى ذات العنق الطويل والصدر المتألق شعرها ذو لون لامع، أن ذراعيها تفوقان تألق الذهب، وأصابعها تشبهان كؤوس زهرة اللوتس .. أنها ذات خصر نحيل. وهى التى تشهد ساقها بجمالها .. ذات المشية المتسمة بالنبل عندما تضع قدميها على الأرض".
وتشير الباحثات عن الحب فى مصر الفرعونية إلى أن المصرى القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته، وكان يعبر عن عواطفه تجاهها فى احتفالية يطلق عليها " الوليمة" وأن مقابر الجيزة وسقارة ومقابر النبلاء غرب الأقصر تحتوى على عشرات اللوحات التى تسجل احتفاء المصرى القديم بمحبوبته وتقديمه الزهور لزوجته ومعشوقته وكما يهدى المحبون والعشاق الورود والزهور لمن يحبون ويعشقون اليوم فان المصريين القدماء اهتموا بالزهور وقدموها لمن يحبون ويعشقون للتعبير عن عشقهم وحبهم قبل آلاف السنين فقد كان للزهور مكانة كبيرة فى نفوس المصريين.
وكانت زهرة اللوتس هى رمز البلاد؛ كما كان يقدمها المحبوب لمحبوبته، وتزخر مقابر مدينة الأقصر بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه فى قارب وسط المياه المتلألاة بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس، وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردى ونباتات أخرى، كما تشكل باقات الورود اليوم.
وجعل الفراعنة للحب مكانة كبيرة فى حياتهم وكانوا يعتقدون بأن القلب هو مركز الحياة الجسدية والعاطفية، وعبر قدماء المصريين عن جميع المشاعر وحالات الروح ومميزات الأخلاق والمزاج بمصطلحات شتى تشير إلى القلب، فوصفوا السعيد بأنه رحب الفؤاد، ووصفوا المكتئب بأنه ضيق القلب، وقد جمع أحد علماء المصريات 350 مصطلحًا مصريًا قديمًا يتحدث عن القلب ومكانته.
وعلى الرغم من كثرة النصوص العاطفية فى الأدب المصرى القديم واهتمام الفراعنة رجالًا ونساء بالتعبير عن عواطفهم تجاه المحبوب فإن ذلك كان يتم فى خجل. ويرجع تاريخ أغلب قصائد الغرام الفرعونى إلى الأسرتين التاسعة عشرة والعشرين، وقد نظمت قصائد الغرام لتهدى إلى المحبوب أو لتغنى فى حفلات ساهرة بمصاحبة الناى والقيثارة، وكانت تلك القصائد تعبر عن عواطف جياشة تجعل "الأشجار تتكلم والطيور تشقشق".
ورصدت الدراسة نصوصًا شعرية ترجع لعصور الفراعنة للتعبير عن حب المرأة الفرعونية لمحبوبها وزوجها مثل قول إحداهن : "لايفكر قلبى إلا فى حبك ... أهرع مسرعة نحوك بشعرى غير المرتب... لكنى سأكون جاهزة للقائك فى لحظة". وقول إحداهن "من الممتع أن يقترب المرء من المحبوب" حيث عرف الفراعنة ما يسمى بقصائد الغرام فى نصوصهم الأدبية