النتائج 1 إلى 4 من 4
الموضوع:

مفهوم الاتجاهات تقرير مفصل

الزوار من محركات البحث: 74 المشاهدات : 819 الردود: 3
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    من أهل الدار
    اجبروا الخواطر
    تاريخ التسجيل: October-2012
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 15,991 المواضيع: 2,267
    صوتيات: 90 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 12942
    مقالات المدونة: 2

    مفهوم الاتجاهات تقرير مفصل

    إن الاتجاهات من المفاهيم الحديثة نسبيا في الدراسات النفسية الاجتماعية ، بل وفي مختلف فروع المعرفة . فهذا المفهوم لم يستخدم سوى سنة 1862 من طرف عالم الاجتماع "سبنسر Spinser" في مؤلفه المبادئ الأولى حين قال "إن وصولنا إلى أحكام صحيحة في مسائل مثيرة لكثير من الجدل، نعتمد إلى حد كبير على اتجاهنا الذهني ونحن نصغي إلى هذا الجدل أو نشارك فيه " . وقد جاء مفهوم الذهني مقترنا بالاتجاه ما يعني أن الاتجاه مرتبط ببناء ذو طابع معرفي بالأساس .
    بعد دخول المفهوم حقل الدراسات النفسية والاجتماعية بالخصوص، أضحى مفهوما له عدة دلالات حسب نسق استعماله إن على مستوى الدراسات النفسية أو الاجتماعية ،وبالأساس الدراسات النفسية الاجتماعية . وتأكيدا لغنى هذا المفهوم فقد أورد "ألبورت Allport ما يقرب من 16 تعريفا سنة 1936، ونيلسون نشر حوالي 20 تعريفا سنة 1939 " . فما هي أهم التعاريف التي تمت صياغتها للاتجاهات ؟ وما هي خصائص ووظائف هذا المفهوم ؟
    1. مفهــــــــوم وأنــــــــــواع الاتجاهات :
    الاتجاه كما تعرفه موسوعة علم النفس "جملة من الاستعدادات والتهيؤات التي يبديها الفرد اتجاه موضوع ما لكن هذه الاستعدادات قد تكون شعورية أو لا شعورية " . إن الاتجاه بهذا المعنى يتخذ طابعا شموليا وذلك في علاقة الفرد بالمواضيع المختلفة سواء كانت ذاتية؛ وهنا نتحدث مثلا عن الاتجاه نحو الذات ،أو موضوعية مرتبطة بالآخرين والمؤسسات في أشكالها الرمزية المختلفة ، وذلك بالنظر لكون هذه الاستعدادات الخاصة بالفرد يحددها ما هو شعوري والذي قام الفرد بتحصيله بكيفية واعية من خلال علاقاته المختلفة، وأيضا من خلال "الخبرة التي يعيشها الفرد، فهو إذن مكتسب بالخبرة والتقليد والمحاكاة ، وبالتفاعل مع البيئة الاجتماعية والمادية بما تتضمنه من مؤسسات تربوية مختلفة كالأسرة والنادي والحزب " ، وكما يؤكد ثورستون Theurston فإن الاتجاه عبارة عن درجة الشعور الإيجابي أو السلبي المرتبط ببعض الموضوعات النفسية. ومن ناحية التكوين اللاشعوري لهذه الاستعدادات فإن هناك من الأفراد من يكرهون التعامل مع موضوعات معينة دون القدرة على إعطاء تبريرات لهذا الكره، أو إعطاء تبريرات واهية . بمعنى أن استعداداتهم نحو هذه المواضيع تكون سلبية مدفوعة بعدم الرغبة ، وهذا ينتج في الغالب عن خبرات سيئة مكبوتة لدى هؤلاء الأفراد في تعاملهم مع هذه المواضيع أو ما يشبهها.
    ويقدم Allport تعريفه للاتجاه بكونه "حالة من الاستعداد أو التأهب العصبي والنفسي منتظم من خلال خبرة الشخص،وتكون ذات أثر توجيهي أو دينامي في استجابة الفرد لجميع الموضوعات التي تستثير هذه الاستجابة" . فالاتجاهات بذلك وحسب نوعية تكونها تكون محددة للسلوك بحسب خبرة الشخص ومختلف علاقاته وتفاعلاته مع موضوع الاتجاه .
    وفي تحديد نيوكمبNewocomb فالاتجاه " يمثل من وجهة النظر المعرفية تنظيما لمعارف ذات ارتباطات موجبة أو سالبة ، ومن وجهة نظر الدافعية فالاتجاه يمثل حالة من الاستعداد لاستثارة الدافع ،فاتجاه المرء نحو موضوع معين هو استعداد لاستثارة دوافعه فيما يخص هذا الموضوع ، وهذا الاستعداد يتأثر بخبرة المرء ومعارفه السابقة حول هذا الموضوع سلبا أو إيجابا " .
    يتحدد الاتجاه بحسب نيوكمب في إطارين يتحكم فيهما عامل الخبرة ،فالإطار المعرفي مرتبط بعملية تنظيم المعارف أيا كان مضمونها أو حكمنا القيمي عليها ثم إطار الدافعية أي أنه عملية تبلور المعارف المتأثرة بخبرة المرء السابقة يصبح على شكل استعدادات تصبح هي القاعدة في توجيه سلوكات الأفراد ،وذلك بكون هذه القاعدة أصبحت تشكل أساسا للفعل.
    فالاتجاه في مكوناته الشمولية "عبارة عن استعداد نفسي أو تهيؤ عقلي عصبي متعلم للاستجابة الموجبة أو السالبة نحو الأشخاص أو الأشياء أو الموضوعات أو المواقف أو رموز البيئة التي تستثير هذه الاستجابة " ، أي أن الاتجاه بحسب هذا المنظور يتحدد من خلال ثلاث مقومات وهي الجانب النفسي والعقلي الذي ينتج عن تفاعلاتهما مع البيئة بحسب طبيعة هذه التفاعلات استجابة ما تحدد الجانب السلوكي في الاتجاه .
    غالبا ما نجد الاختلافات في تحديد مفهوم الاتجاهات ذات صبغة شكلية ، أي من خلال الصياغة اللغوية الخاصة بكل باحث ، لكن عموما فأغلب التعاريف تشترك في تحديد أهم جوانب الاتجاهات بكونها أساسا حالة من " الاستعداد المكتسب الثابت نسبيا والذي له أثر توجيهي وتحديدي لردود فعل واستجابات الأفراد إزاء بعض الأفراد والأفكار أو الأشياء" .
    والاتجاهات مجموعة من الأنواع بحسب الزاوية التي نقوم بتحليلها من خلالها . فالاتجاهات يمكن تصنيفها بحسب الموضوع والذي يقسم إلى اتجاه عام وخاص، فالاتجاه العام يرتبط باتجاه الأفراد نحو موضوعات مختلفة ، وقد يتحول هذا النوع من الاتجاه في أقصى حالات تطوره وثبوته إلى صورة نمطية ، حيث لا يصبح هناك أي اعتبار للجانب الواعي لدى الفرد ، والاتجاه العام يكون "أكثر ثباتا واستقرارا من الاتجاه الخاص" ، وذلك بكون هذا الأخير محدود نحو موضوع نوعي محدد . وفيما يتعلق بنوع الاتجاهات بحسب الأفراد فإما جماعية تشترك فيها جماعة معينة كاتجاه المسلمين نحو المسيحيين أو غيرهم . أو فردية مرتبطة بفرد فقط وغير متواجدة لدى الأفراد الآخرين ، كما تتشكل الاتجاهات بحسب وضوحها حيث تكون إما علنية أو سرية ؛ فهناك من الأفراد من يحمل اتجاهات إيجابية مثلا نحو الشذوذ الجنسي ، فيقوم بإعلان اتجاهاته وسط المجتمع كما يحدث في الدول الغربية دون حرج ، لكن هناك من الأفراد من تكون اتجاهاته إيجابية أيضا لكنه لا يصرح بها بل ينكرها ويتستر عليها. والاتجاه قد يكون قويا وذلك من خلال التماسك بين مكوناته والتعبير السلوكي الفعلي عنه ، أو يكون ضعيفا ؛ فرغم أن الفرد يحمل اتجاها نحو موضوع ما إلا أن سلوكاته نحوه قد تكون متناقضة أو أن آراءه في بعض الأحيان تكون متذبذبة، وهو ما يسهل عملية تبديله وتغييره . كما قد تكون الاتجاهات موجبة ، أي معبرة أو متطابقة مع موضوع الاتجاه ، وقد تكون سالبة في الحالة التي يكون فيها الفرد ضد موضوع الاتجاه ويعبر عن كرهه له .
    هذا النوع من التصنيفات وضعه " ألبورت Allport شأنه في ذلك شأن الكثير من الباحثين كدافدسون Davedson، وأوجين هارتلي ، Hartellyوهادلي كانتريل Kantrel " ، لكن هناك من الباحثين من اقترح تصنيفات أخرى مثل Fischer الذي حصرها في نوعين نموذجيين وهما :
    1- الاتجاهات المركزية : والتي تمثل البناء الأساسي للآراء والمعتقدات وتعبر عن النظرة التي يكونها الأفراد عن الواقع.
    2- الاتجاهات المحيطية : وترتبط بالأحداث الأقل أهمية لدى الأفراد والتي لا تربطه بها علاقات وطيدة.
    إذا ما أردنا تلخيص أهم خصائص التعريفات والمقاربات المختلفة التي قاربت مفهوم الاتجاهات، فإننا نجدها تشترك في جانبين أساسيين لضبط هذا المفهوم . الأول ذاتي يرتبط بالفرد حيث الاتجاهات يكون لها بناء نفسي وعقلي، إضافة لوجود قابلية من الناحية العصبية لدى الأفرد لإصدار السلوك المعبر عن اتجاهاتهم ، والجانب الآخر في تأطير الاتجاهات موضوعي ؛ مرتبط بالبيئة والتي يمكن أن ننظر لها من زاويتين . الأولى في كونها تقدم المثير لإثارة اتجاهات الأفراد ؛ فمثلا لا يمكن التعرف على اتجاهات الشعوب نحو الاستعمار بشكل فعلي واقعي إذا لم يحدث لهم أي استعمار ويكون هذا الاستعمار قد انتقل إلى مستوى وعي أفراد هذا الشعب ، فهنا البيئة تقدم المثير إضافة إلى أنها تمكن من ملاحظة ما يمكن تسميته بالوجه الخارجي للاتجاه وهو سلوك هؤلاء الأفراد نحو الاستعمار، أو أي مثير آخر والذي يمكننا من رؤية ذلك التأهب والاستعداد الذي يكون لدى هؤلاء الأفراد في شكل قدرات كامنة قابلة للتعبير عنها .
    2. خصــــــــــــائص ووظـــــــائف الاتجاهات :
    لا تختلف اغلب الدراسات كثيرا في تحديدها لخصائص الاتجاهات سوى في طريقة صياغة هذه الخصائص ، أو في عملية ترتيب أولويات كل خاصية .
    إن أهم هذه الخصائص ترتبط بكيفية تكون الاتجاهات وذلك من خلال العناصر والكيفية المساهمة في تكوين هذه الاتجاهات ؛ والتي تتخذ ثلاثة أبعاد رئيسية : بعدين يتعلقان بالفرد ذاته وبعد آخر مرتبط بالفرد في عملية تفاعله مع البيئة ، فهناك البعد المعرفي للاتجاهات ؛ فهب مثلا بأن لفرد ما اتجاه سلبي نحو موضوع معين أي أنه لا يقبله ، فضروري أن يتوفر هذا الفرد عن مجموعة من المعطيات والحقائق المعرفية بغض النظر عن رأينا في هذه المعارف ومن أين تستمد أحقيتها أمن السلطة أم من العقيدة أو الخرافة ؟ . المهم أنها أكيدة لدى هذا الفرد ولها الدور الكبير في اتجاهاته ،وحتى في الحالات التي لا يكون للفرد معارف حول موضوع معين فإن له اتجاهات نحو هذا الموضوع بناءا على مختلف المعارف الأخرى التي لا علاقة لها بهذا الموضوع " فالإنسان عدو ما جهل" في غالب الأحيان ، أي أن اتجاهه يكون سلبيا في هذه الحالة .
    والبعد الثاني للاتجاه هو البعد العاطفي حيث الفرد يتوفر على مجموعة من الخبرات الوجدانية المرتبطة بالحب والكره نحو موضوع اتجاهه . ثم البعد الثالث والذي يظهر من خلال علاقة الفرد ببيئته وهو البعد السلوكي الذي يعبر من خلاله الفرد بطريقة (رسمية) إن شئنا القول عن حقيقة اتجاهاته التي كانت مجرد استعدادات وقدرات كامنة على الفعل .
    وتبقى هذه الأبعاد و" المكونات في الاتجاه ( الانفعال والمعرفة ، والسلوك) متداخلة فيما بينها ...فالفصل لا يتم فقط إلا من خلال تسهيل العرض والدراسة " .
    والاتجاهات بناءا على كيفية تكونها تكون مكتسبة ومتعلمة وليست وراثية ، أي أنها نتاج خبرة الفرد في وسطه الاجتماعي بناءا على نوع التنشئة الاجتماعية التي تلقاها ، والتي " تهدف قبل كل شيء إلى الاحتفاظ بما هو قائم ومنظم أي الاستمرار ، وقد يكون لها هدف آخر أي الحصول على استجابات جديدة حسب تخطيط معين " . ومن هنا غالبا ما تأتي اتجاهات الأفراد مطابقة أو متقاربة مع اتجاهات المجتمع إلا في حالات خاصة بالنسبة للأفراد كمرحلة المراهقة لدى الكثيرين من أفراد هذه الفئة ، وفي حالة المصلحين السياسيين أو الدينيين . وأيضا في الحالة الخاصة بالمجتمعات التي تمر بمراحل انتقالية أو أنها تعيش وضعا من اللامعيارية ، حيث لا تصبح هناك ضوابط معروفة في تكوين الاتجاهات أو في التعاملات البينية .
    كما يرتبط تكون الاتجاهات بعوامل ذاتية للفرد من خلال مختلف " الدوافع والميول ومستوى الذكاء ، وبعوامل اجتماعية كالحاجات المادية والثقافية وكذلك الحاجة للاستقرار والتقدير والاندماج في جماعات معينة " ، وبذلك تتداخل العديد من الجوانب في تكوين الاتجاه بحسب طبيعة الفرد والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ، وأيضا طبيعة التفاعلات والتأثيرات التي قد يعيشها خارج نسقه الاجتماعي ، وهذا ما يكسب الاتجاهات صفة الثبات والاستمرار النسبي ، أي أن عملية الاستمرار في الزمان والمكان تكون رهينة بمختلف الضغوط التي يتعرض لها الفرد وبعمليات تعديل معارفه وعواطفه وسلوكاته عن طريق تفاعلاته المستمرة والمختلفة، ما يجعل الاتجاهات خاصة بكل فرد بناءا على شروط تكونها ، لكنها تتخذ صيغة الشمولية بالنسبة لمختلف الأفراد في مرحلة الحكم القيمي على موضوع الاتجاه ، حيث " تقع دائما بين طرفين أو نقطتين متقابلتين يكون أحدهما موجب والثاني سالب (الموافقة المطلقة والمعارضة المطلقة) " .
    وبالنظر لهذه الصيغة المعقدة التي تميز الاتجاهات سواء من ناحية تكونها أو العوامل المتدخلة في هذا التكوين، فهي تؤدي وظائف مهمة وأساسية للفرد وأيضا للمجتمع بكونها تمكن من "حصر معنى ودلالة سلوك الفرد في أي مجال يعيش فيه ... كما يمكن الوقوف من خلالها على نوعية العلاقة التي تربط الفرد بالجماعة والمجتمع الذي ينتمي إليه" ، فتكون لها وظيفة ضبط سلوك الفرد أثناء تفاعلاته بحيث تصبح سلوكياته متوقعة ، كما أنها تمكن المجتمع من التحكم وتوجيه الأفراد وتمكن الأفراد الآخرين من خارج النسق الاجتماعي من معرفة نوعية العلاقة التي تربط الفرد بالجماعة والمجتمع الذي ينتمي إليه . لكن يبقى من أهم وظائف الاتجاهات بالنسبة للأفراد كما يعبر عن ذلك كاتز Katez هي الوظيفة المنفعية أو التكيفية ، والوظيفة التنظيمية ثم الدفاعية.
    فالوظيفة المنفعية التكيفية تجعل اتجاهات الفرد متسقة مع قيم ومعايير المجتمع ؛ ما يضمن له الاندماج داخل نسقه الاجتماعي دون التعرض للرفض من طرف المجتمع ، وهذا ما يجعل سلوكاته المستقبلية – في حالة عدم تغير اتجاهاته- متناسقة مع اتجاهات المجتمع فتكون بذلك منظمة من خلال طريقة بناءها أو التعبير عنها ، وهذه الوظائف تمكن الفرد من مجموعة من الميكانيزمات التي يوفرها له المجتمع للدفاع عن معتقداته وآراءه ، بل وحتى أخطاءه وخرافاته التي تغطي عن فشله في موقف معين ومن هنا وظيفتها الدفاعية .
    3. أهــــــــم العوامـــــــل المساهمة في تكوين الاتجاهات وفي تغييرها :
    إذا ما دققنا النظر في مختلف العوامل المساهمة في تكوين الاتجاهات وفي تغييرها أيضا ، فسنجد بأن عملية التنشئة الاجتماعية باعتبارها "عملية للإدماج الاجتماعي للطفل خلال مراحل نموه" من أهم هذه العوامل ، ومختلف المؤثرات الأخرى تكون فقط كآليات للضبط الاجتماعي باعتبارها وسائل يتحكم فيها المجتمع ويمتلكها ، لكن هذا لا يعني بأن ذات الفرد تكون سلبية في بناء اتجاهاته بل إنها فاعلة بقدر ما ، فالطفل يقوم بتحويل العلاقات الاجتماعية إلى جملة من التمثلات المعرفية ، فهو بذلك يقوم بعملية تحوير وتحويل إن صح التعبير لمختلف المعطيات التي يتعرض لها من طرف المجتمع عبر آلياته المختلفة ، لكن هذا لا يمنع من اكتساب الطفل والأفراد عموما للاتجاهات السائدة في مجتمعهم ، حيث تصبح اتجاهات الأفراد معبرة عن رغبات واتجاهات المجتمع كما تؤكد العديد من الدراسات الميدانية ،بحيث يتضح بأن الأطفال حاملين لمختلف اتجاهات وقيم أوساطهم الاجتماعية ، فالثقافة الشعبية تتعارض مع الثقافة المدرسية في حين أن ثقافة أبناء الطبقة "المحظوظة" تكون متطابقة مع ثقافة وقيم المدرسة ، بل إن قيم هذه الأخيرة هي استمرار لقيم واتجاهات أطفال هذه الطبقة وهو ما يؤثر في عملية التوافق الدراسي في رأي الباحث ، فيصبح من اللازم على أطفال الطبقة الفقيرة تعلم قيم واتجاهات جديدة في طريقة التفكير والجلوس أيضا . في هذا الطرح يتضح كيف أن عملية التنشئة الاجتماعية تلعب الدورين معا ؛ دور بناء وتكوين الاتجاهات وأيضا دور تغييرها ، فهي في هذه الحالة تقوم بعملية تدعيم اتجاهات وقيم أطفال الطبقات الميسورة التي اكتسبوها في أسرهم ، لكن بالمقابل تقوم بعملية تغيير لاتجاهات أبناء الطبقة الفقيرة التي اكتسبوها داخل أسرهم أو على الأقل خلخلتها ووضعها موضع الشك .
    ويمكن تحديد بعض العوامل الأخرى المساهمة في تكوين الاتجاهات وتغييرها كوسائل الإعلام والجماعات المرجعية ، وأيضا الظروف النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها الأفراد والمجتمعات معا ، وذلك عبر مختلف الميكانيزمات المعتمدة في عملية التعامل والتواصل الاجتماعي كالمناقشة والحوار والتأثر برأي الأغلبية ، أو عن طريق اعتماد الأفراد على ميكانيزمات نفسية شعورية ولاشعورية مثل التقمص الذي يلعب دورا أساسيا في بناء اتجاهات الأفراد نحو الفن والسياسة مثلا ، أو التقليد الذي يطبع شخصية الفرد بمجموعة من مقومات شخصية أخرى مختلفة وبالتالي يتم تبني اتجاهاتها إن بطريقة شعورية أو لا شعورية .
    تبقى عملية بناء وتكون الاتجاهات عملية طويلة نسبيا ، مطبوعة بسيرورة زمانية في اكتساب الخبرة اللازمة . إضافة لما يتوفر عليه الأفراد من اتجاهات أولية والتي تكتسب خلال مراحل الطفولة ما يجعلها قوية وصعبة التغيير، "عكس الاتجاهات الضعيفة والغامضة إزاء موضوع معين والتي تكون قابلة للتعديل والتغيير" .
    وبهذا تكون العوامل المتدخلة في تكوين الاتجاهات متشابهة إلى حد ما مع تلك المساهمة في تغييرها، وما يميزها عن بعضها هو درجة تأثيرها في الاتجاه الذي ينطبع إما بالقوة والتماسك فيصعب بذلك تغييره ، أو الضعف والانحلال الذي يكون عرضة للتغيير والتبدل مع ظهور الشروط والظروف الضاغطة والملائمة لهذا التغيير .
    4. قيـــــــــــــــــــــاس الاتجــــــــــــاهات :
    القياس عملية تقدير كمي أو كيفي أو هما معا لسلوك معين بهدف معرفة درجة تواجده وتأثيره وتأثره ،وبالتالي القدرة على ضبطه ، والاتجاهات من المفاهيم النفسية الاجتماعية التي عمل الباحثون على وضع مقاييس لها رغم أن " قياس الاتجاهات يطرح عدة مشكلات ترتبط بطبيعة القياس نفسه ،على اعتبار أن ما " يقيسه الباحث هو السلوك اللفظي أو السلوك الظاهري ، بينما السلوك الفعلي الحقيقي للفرد قد لا يقيسه الباحث " ، فقد وجد كوري Korry بأن"معامل الارتباط بين السلوك اللفظي والسلوك الفعلي هو 0.02 " ، أي لا توجد علاقة بينهما تقريبا لكن هذا لا يمنع من الحصول على نتائج مهمة في قياس الاتجاهات إذا ما تم " توفير بعض الشروط الضرورية كتحسيس الفرد بالاطمئنان وراحة البال أثناء تعبيره عن رأيه... أو باستخدام الطرق غير المباشرة في القياس كالاختبارات الاسقاطية " ، ومن أهم مقاييس الاتجاهات هناك مقياس البعد الاجتماعي لبوجارديس 1928 ،والذي تم وضعه لقياس مدى البعد الاجتماعي "لتسامح الفرد أو تعصبه وتقبله أو نفوره . أو قربه أو بعده بالنسبة لجماعة قومية أو جنس أو شعب معين" .
    وقد وضع ثورستون 1929 مقياسا لتحقيق "تساوي الفواصل" الذي غاب في مقياس بوجاردس الذي تميز في طريقة إعداده من خلال جمعه عبارات قد تزيد عن 100 عبارة يرى بأنها تقيس الاتجاه الذي يريد قياسه فيقوم بعرض العبارات على مجموعة من الخبراء المحكمين " فيطلب منهم وضع العبارات في خانة من 1 إلى 11 بحيث تكون العبارات أكثر إيجابية في الخانة رقم 1 وأكثر سلبية في الخانة رقم 11 والمتوسطة في الخانة رقم 6 وهكذا" فيقوم بحساب متوسط الدرجة الذي قدر لكل عبارة من طرف المحكمين وقيمة المتوسط هي الوزن الذي يعطى للعبارة.
    وقد قام ليكيرت Likert (1932) بصياغة مقياس لتقدير شدة الاتجاهات بهدف تغطية الهفوات الموجودة في مقياس بوجارديس ،خصوصا صعوبة إعداده في كل مرحلة حسب الاتجاه الذي نريد قياسه ،وأيضا الشك في موضوعية المحكمين . ودرجات هذا المقياس تتدرج من الحياد إلى الموافقة المطلقة (اتجاه موجب) ومن الحياد إلى عدم الموافقة المطلقة ، ونموذج مقياس Likert على الشكل التالي :
    1- موافق جدا (الدرجة 5).
    2- موافق (الدرجة 4 ).
    3- محايد ( الدرجة 3 ).
    4- غير موافق (الدرجة 2 ).
    5- غير موافق مطلقا (الدرجة 1 ) .
    "فالمطلوب من المفحوص أن يجيب بوضع علامة (×) في الخانة التي توافق اتجاهه من الموافقة المطلقة إلى المعارضة التامة، فالرقم بين قوسين يدل على تقدير درجة الاستجابة، وبناءا عليه فالدرجة العالية تدل على درجة التأييد والإيجابية في الاتجاه والعكس صحيح" ، إضافة لمختلف هذه المقاييس فهناك المقاييس الاسقاطية التي تقوم على مبدأ الاسقاط ، رغم التنوع في طرق إجراء عملية القياس ؛ وذلك باعتماد الاختبارات المصورة والتي من خلالها يعرض على المفحوص بعض الصور ويطلب منه ذكر ما تمثله بالنسبة إليه ، فتأتي تعبيراته موافقة لاتجاهاته نحو الموضوع المصور ، كما تستخدم الأساليب اللفظية في قياس التعرف على اتجاهات الأفراد من خلال تكملة الجمل والقصص حيث تقدم للشخص جمل مرتبطة بموضوع معين ويطلب منه تكملتها حيث يتم التعبير عن اتجاهاته نحو هذا الموضوع .
    تختلف إذن تقنيات قياس الاتجاهات لكنها تهدف عموما لمعرفة نوع اتجاهات الأفراد وشدتها ومعرفة الموافقة والمعارضة بخصوص الاتجاه ، وذلك بغية المساعدة على التنبؤ بالسلوك.




    منقول

  2. #2
    من المشرفين القدامى
    تاريخ التسجيل: October-2013
    الدولة: عراقي الهويه --- جنوبي الهوىے ›› ❤️العراق❤️
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 15,948 المواضيع: 3,667
    صوتيات: 32 سوالف عراقية: 1
    التقييم: 7241
    المهنة: موظف
    أكلتي المفضلة: الفاصوليا
    موبايلي: +SAMSUNG S8
    آخر نشاط: 17/July/2023
    مقالات المدونة: 5
    يسلموووو مراقبتنه الغالية

  3. #3
    من المشرفين القدامى
    سه روك
    تاريخ التسجيل: August-2013
    الجنس: ذكر
    المشاركات: 13,915 المواضيع: 2,499
    التقييم: 7321
    مزاجي: شكر لله
    أكلتي المفضلة: طرشانة
    موبايلي: سامسونج جالاكسي نوت4

  4. #4
    من أهل الدار
    اجبروا الخواطر
    شكرا للتواصل

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال