المقبرة الملكية في أعظمية بغداد
تقع المقبرة الملكية في الاعظمية بين مركز الشرطة ومنطقة السفينة قرب الجامعة الاسلامية..وتعد احدى معالم مدينة الاعظمية لما تتميز به من بناء راق وقبة جميلة وحدائق تحيط بها جعلتها مكانا سياحيا يؤمه العديد من الافراد والعوائل
.وما ان تدلف الى المقبرة الملكية حتى تنبثق في ذاكرتك مرحلة لا تنسى من تاريخ العراق المعاصرفتكاد تعيش وقوعاتها وتسمع البكاء والعويل الذي رافق جنازات الملوك والامراء والشخصيات المهمة الذين دفنوا فيها.
صوره قديمه للمقبره الملكيه
ففي جهة اليمين وفي غرفة مستقلة تضم قبر الملك فيصل الثاني كانت الشاهدة تاريخا حيا.. ولد الملك فيصل الثاني في 2 آيار 1935 وانتقل الى جوار ربه في 14 تموز 1958 والى جانبه يرقد الملك غازي المولود في 21 آذار 1912 والمتوفى في 4 نيسان 1939.
وحين ندخل اليها نقرأ شاهدة اسفل الحائط في مكان اخر فيها هنا يرقد جلالة الملك علي بن الحسين المولود عام 1880 والمتوفى عام 1935 و في مدخل مجاور يرقد جثمان الملكة عالية المولودة سنة 1911 والمتوفية سنة 1950.
وفي مدخل اخر يرقد عبدالاله وطفلة اسمها مريم كان عبدالاله قد تبناها لانه لم ينجب اطفالا.
وقبل ان ينتهي الزائر من زيارة القبور يرى قبرين يتوسطان الحديقة ...يقال ان احدهما يعود لجعفر العسكري اول وزير دفاع بعد تشكيل الحكومة العراقية 1921 تم دفنه في المقبرة الملكيةتكريما لمنصبه الوزاري وكان قد قتل في ديالى 1938 حينما ذهب ليتفاوض مع قائد الانتفاضة بكر صدقي اما القبر الاخر فهو لرستم حيدر رئيس التشريفات الملكية ووزير المالية، ويقال ان الاخير هو سوري الجنسية اتى به الملك فيصل الاول وقتله مفوض كان في حراسته حينما طلب منه ترقيته والبعض الاخر يقول بانه طلب منه سلفة مالية فرفض تلبية طلبه، وقد تم اعدام الجاني في باب المعظم برصاصات اخترقت وجهه.
ويقال ان الملك فيصل وعبدالاله كانا يأتيان لزيارة الملكة عالية في المقبرة كل خميس وهما محملان بالورد .وقد بنيت المقبرة الملكية من صخر الجلمود المسمى (حجر الشاطئ) وهي مغلفة بالطابوق اما الابواب والشبابيك فقد صنعت من خشب الصاج.
ويقول احد المدراء في الدائرة الهندسية في اوقاف بغداد في لقاء صحفي معه:
- ان المقبرة الملكية تابعة من الناحية الادارية والمالية الى اوقاف بغداد.. ودائرتنا هي جهة فنية فقط، فقد قمنا في فترات سابقة بعدة اعمال منها قلع القبة الرئيسة والقباب المجاورة، بعدها تمت صيانتها بالكاشي الكربلائي كذلك تم صيانة جميع السطوح وتنظيم الشبكة الكهربائية وانارتها وصيانة الارضيات وابدال المرمر التالف فضلا عن قيامنا بتنظيم المداخل الرئيسية وصيانتها مع تأهيل كامل لسياج المقبرة.
* لكن الناظر لها يرى انها مازالت مهملة؟
- بالنسبة للمقابر في بغداد هو متعارف عليه حينما ينقطع فيها الدفن تكون تبعيتها لأمانة بغداد هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى فان مسألة الاهمال الذي تعانيه حدائقها يفترض من الجهة الادارية والمالية هي من تقوم بتذكيرنا بهذا الامر وتبعث مندوبين للاطلاع والكشف عنها بين حين وآخر.
ويتحدث الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف استاذ مادة التاريخ الحديث في جامعة بغداد عن تاريخالمقبرة في لقاء معه :
انشئت المقبرة الملكية على ارض تكونت بما كانت ترسبه مياه دجلة في العصور الماضية، ذلك ان هذا النهر كان يجرف تلك الترسبات الطينية من شاطئه الغربي (العطيفية سابقا) ويلقيها في شاطئه الشرقي المقابل حتى ارتفعت الارض هناك واصبحت جزءا من الجانب الشرقي من بغداد، وبالنتيجة اتخذ مجرى دجلة لنفسه شكله الحالي الذي يشبه ان يكون قوسا كبيرة تقعالمقبرة وسطها وقريبا من موقع المقبرة اليوم كانت تقع محلة الاعظمية حيث كانت هناك مقابر الاسرة العباسية، التي تعرف بترب الرصافة وفيها دفن عدد كبير من الخلفاء العباسيين وبعض افراد الاسرة العباسية ولا ادري اذا كان مقصودا ان يجري اختيار مقبرة ملوك العراق المعاصرين في موقع قريب من مقابر خلفائه الاقدمين، ام انها المصادفة.
وفي العهود المتأخرة حين اتخذت الارض التي تقع فيها المقبرة الملكية اليوم شكلها الاخير عرفت المنطقة باسم (كرادة الاعظمية) بسبب وجود عدد من الكرود (مضخات المياه) وهي آلات لرفع المياه تحركها الدواب عند شاطئ النهر، وكانت الارض نفسها من اكثر الاراضي خصوبة وتشغلها البساتين وفيها عدد كبير من اشجار السدر العملاقة.
اختار الملك فيصل الاول هذه البقعة مقرا لاول جامعة عراقية في تاريخ العراق الحديث هي جامعة آل البيت وقد شيدت اول مباني هذه الجامعة على يسار الشارع المؤدي الى المقبرةالملكية، ولم تكن المقبرة نفسها قد بنيت بعد، وتشغل هذه المباني اليوم (الجامعة الاسلامية) وتقديرا من الملك للعلم والعلماء فقد اختار ان يكون مدفنه قرب هذه الجامعة، وكان قبره النواة التي انشئت عليها المقبرة الملكية.
وقد بنيت على الطراز العربي الاسلامي واريد في تصميمها ان تكون مثل المباني العباسية السالفة، وهو ما تجلى في ارتفاع قبتها الرئيسة وفي الرواقين على جانبي القبة.
وكانت توجد في اخر الرواق الايمن سقاية ماء جميلة تعلوها قبة وتحيط بالمبنى كله حديقة واسعة كانت مبعث اعجاب زوار المقبرة وسكان الحي في العهد الملكي.
وتمثل المقبرة اليوم إرثاً مهما في تاريخ العراق الحديث وهي تستحق ان يعنى بها بوصفها تضم احداث ملوك العراق الذين شغلوا مرحلة مهمة من تاريخه وفي بلد اخر غير العراق كان يمكن ان تكون معلماً سياحيا يقصده السائحون وأهل البلد على حد سواء.
لكم مني أرق التحايا