قال الإمام علي(عليه السلام): «ثلاثٌ من أبواب البرّ; سخاءُ النفس وطيبُ الکلام والصبرُ على الأذى»(1).


للبر مفهوم واسع ويشمل جميع الخيرات; البرّ المعنوي والمادي والفردي والاجتماعي والأخلاقي والاقتصادي والسياسي وأمثال ذلك.وهناك معنى واسع لما قال تعالى في الآية الشريفة{أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ}(2). قال احد اللغويين: البر بالكسر والفتح بمعنى الصحراء ،وحيث إن الصحراء واسعة فإن العرب تصطلح بالبرعلى كل فعل يوسع حياة الانسان والبر بالفتح احدى صفات الله تعالى{ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ}(3). على كل حال فقد عرض الامام (عليه السلام) ثلاثة اعمال بصفتها بوابة ابواب البر وهي:

الأول: سخاء النفس:

المراد من سخاء النفس أن هذه الفضيلة الاخلاقية تتجذر في قلب الانسان بحيث يسر قلبا بالكرم والسخاء. لان الانسان يفرض احيانا السخاء على نفسه ليدرك الاجر والثواب ، الا انه يفرح قلبا احيانا اخرى بسخائه ويستقر وضعه، فمثل هذا السخاء نافذ في قلب الإنسان وفي غاية الرفعة.لا ينبغي أن ننسى أنّ الله يقضي حوائج أغلب عباده بواسطتنا، ولا نتصور أنّ ما لدينا لنا، بل أحياناً لا نکون سوى واسطة وهنيئاً لأولئك الذين يکونون واسطة بين الله والمحتاجين.وقد بين تعالى هذا المطلب بأحسن صورة في الآية الکريمة من سورة الحديد: (آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ).

الثاني: طيب الکلام:

الكلام الطيب وحسن الخلق معين لا ينضب. فالمصدر المالي للانسان محدود ومتوقع وحاجة المحتاجين لا حدود لها،ومن الواضح ان المحدود لا يلي حاجة الامحدود.غير ان الله وهب الانسان مصدرا غير محدود وهو طيب اللسان ليلبي الحاجات اللا محدودة للمحتاجين، فلابدّ من التعامل معهم بلسان طيب الکلمة بعيداً عن الکلمات الجارحة . فإن تعذر مدّ يد العون مادياً فلابدّ من اللطف بهم لساناً. فما يفعله الأدب لا تسعه عشرات الأدلة. ولطيب الکلام جاذبة عجيبة سيما في الوقت الذي نتهم فيه بالعنف.

الثالث: الصبر على الأذى:

الدنيا موضع الصعاب والمعضلات والمنغّصات; فالمصيبة والقحط والجفاف والزلزال والسيل ومختلف الأمراض وما شاکل ذلك من منغّصات الدنيا. وهنالك بعض الحوادث التي نواجهها کل يوم ولابدّ من تحملها جميعاً وتذكير الآخرين بها بلسان طيب ليمكن بلوغ ابواب البر.

المصدر/قبسات من السيرة العلوية/آية الله مكارم الشيرازي.