ومن ذكريات الطفولة في حياة السيدة زينب (عليها السلام) ..

أنها سألت أباها ذات يوم فقالت : أتحبنا يا أبتاه ؟ !

فقال الإمام : وكيف لا أحبكم وأنتم ثمرة فؤادي !

فقالت : يا أبتاه إن الحب لله تعالى ، والشفقة لنا .

إن هذا الحوار الجميل يدل على أكثر من معنى ، فمن ذلك :

1 ـ جو الود والصفاء الذي كان يخيم على دار الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) والعلاقات الطيبة بين الوالد الرؤف وبين طفلته الذكية !

2 ـ إن الحب ينقسم إلى أكثر من قسم ، باعتبار نوعه ومنشئه ومنطلقه ، وكل قسم منه له إسم خاص به ، لكن يطلق على الجميع كلمة «الحب»
فهناك حب الإنسان لله تعالى الذي خلق البشر وأنعم عليهم بأنواع النعم . وهناك حب الوالد لأطفاله، الذي ينبعث من العاطفة والحنان ، وقد عبرت السيدة زينب عن هذا النوع بـ «الشفقة» .
ونقرأ في كتب اللغة أن الشفقة : هي العطف والحنان والرأفة والحنو . فهي ـ إذن ـ : فصيلة خاصة من الحب . . ينبعث من قلب الوالدين لأطفالهما .

3 ـ المستوى الرفيع لتفكير السيدة زينب رغم كونها في السنوات الأولى من مرحلة الطفولة .
أجل ، إنها سيدة . . حتى يوم كانت طفلة ..


@@@@@@@@@@@@@


ونقرأ -أيضاً- عن الذكاء المبكّر للسيدة زينب ع: أن والدها ع أجلسها في حِجْره -يوم كانت طفلة- وبدأ يلاطفها، وقال لها: بنية قولي واحد.


فقالت:واحد.


قال:قولي اثنين.



فسكتت! فقال لها: تكلمي يا قرة عيني.


فقالت: يا أبتاه ما أُطيق أن أقول اثنين بلسانٍ أجريتُه بالواحد.


فضمَّها إلى صدره وقبَّلها بين عينيها.



إن هذه اللقطة التاريخية تدل -بكل وضوح- على قوة التفكير والنضج المبكّر في ذهن وفكر السيدة زينب ع، حتى وهي في عمر الطفولة، فكلامها هذا يدل على الأفكار والمفاهيم والمعاني التي كانت تجول في خاطرها!


فاللسان الذي قال:واحد، لا يمكن له أن ينطق بكلمة:اثنين، لأن لكلمة (واحد) ظِلال في ذهن السيدة زينب ع، كلما ذُكرت الكلمة تبادر إلى الذهن ذلك الظِلال، وهو وحدانيّة الله سبحانه، وعدم وجود إله ثانٍ يشاركه في الألوهية والربوبية وإدارة الكون.