إن مقتضى العقل والفطانة أن يربط الإنسان قلبه وفؤاده بتلك الجهة التي لا زوال لها، وهو الذي بيده نواصي الخلق طرا، وهو الذي بيده أزمّة الأسباب؛ إذ ما أراد شيئا إلا هيأ له الأسباب بشكل مذهل ويكفي لمعرفة الفرق بين فعل الخالق والمخلوق أن نلتفت إلى قوله تعالى: {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ} وقوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا}، وواضح نتيجة اتخاذ العنكبوت بنفسها بيتا، فصار من أوهن البيوت، وبين اتّخاذ النحل بيتا فصار مستودعا لما فيه شفاء للناس!