بسم الله الرحمن الرحيماللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهموصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمكوعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا اللهالسلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاتهالسللام عليكم ورحمة الله وبركاتهقال تعالى : ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)﴾ آل عمران﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (21) سورة الحديد﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (100) سورة التوبةهذه الآيات وغيرها من الآيات والأحاديث الشريفة تعطي صورة واضحة : إن الله سبحانه وضع هدفاً وجائزة كبرى بمسابقات أقامها للبشرية جمعاء وندبهم إليها وحثهم عليها كقوله تعالى : ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ وقوله ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ وقوله ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ﴾ تدعو إلى المشاركة في هذه المسابقة المصيرية وأن من يدخل في حلبتها بجدية وعزم وإرادة وثبات فسوف ينجح ولن يعدم الأجر .ولم يكتفي المولى سبحانه بمشاركة العبد في هذه المسابقة وإنما حثه على الاسراع فيها وأن لا يتأخر ولا يتلكأ بل يجب عليه الاسراع في المبادرة وفي داخل المسابقة أن الجائزة مهمة والوقت قصير مهما مدد قال تعالى : ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ﴾ .ماهي الجائزة الجائزة التي وضعها الله سبحانه لعباده 1- مغفرته ورضوانه . وهي من أسمى الأهداف وأكبر الجوائز .2- الجنة الدائمة التي لا فاذ فيها ولا تعب ولا نصب . قال تعالى ﴿وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (72) سورة التوبةوينبغي الالتفات إلى أن الجنة والنار من الأمور الحقيقية وهما مخلوقتان بالفعل لا أنهما سوف تخلقان ، كما أن تمثل الجنة وأن عرضها عرض السماوات والأرض مما يدلل على وجودها وأن الكون لا ينحصر في السماوات والأرض وإنما ملك المولى سبحانه أوسع وأشمل مما نتصوره ومما نحن فيه الآن .نعيم الجنة أما نعيمها فقد تحدث القرآن في أكثر من آية .. منها :قوله تعالى: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ (17)سورة السجدةوعن النبي صلى الله عليه وآله : ( قال الله تعالى : أعددت لعبادي الصاحين ما لا عين رأت وولا أذن سمعت ولا خطر بقلب بشر) [1]وقال تعالى : ﴿مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وِظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ﴾ (35) سورة الرعد وقال تعالى : ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾ (15) سورة محمد شروط المسابقةكثير من الناس عندما يريدون أن يبتزوا الآخرين أموالهم يعملون مسابقات ويضعون شروطاً معينة أكثر ما تكون في صالح المبتز فإذا هو وضع جائزة بمليون ديناراً فإنه سوف يكسب عشرات الملايين.ولكن شروط المولى للمتسابق لم تكن بالمستحيلة ولا التعجيزية بل ولا المتعسرة والمتعذرة فكل فرد من أفراد الأمة يتمكن أن يشارك فيها وليس عليه إلا الجدية والعزم والارادة ، والمولى سبحانه لا يفرق بين عباده قال تعالى : ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ [2] والنقير: وقبة في ظهر النواة ويضرب به المثل في الشيء الطفيف .بطاقات الدخولفي الحقيقة إن بطاقات الدخول إلى الجنة والحصول على مغفرة الله ورضوانه تشكل مواد المسابقة فبمقدار ما يحصل ويوفر من تلك البطاقات تؤهله على نيل تلك الجائزة بفخر واعتزاز .ولنعرض فيما يلي نماذج من تلك البطاقات التي إذا وفرها الإنسان يحصل على الجائزة . ولنبدأ بالآيات التي بدأنا حديثنا بها فقد عرضت تلك الآيات :1- تقوى الله :وتتحقق التقوى بالشروط التي ذكرتها الآية المباركة ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ وهي : أ- انفاق الأموال في سبيل الله في الشدة والرخاء والسراء والضراء .ب- كظم الغيظ : وهو شدة الغضب ومعنى كظمه أي عنده سيطرة على نفسه في حالة العضب .ج- العفو عن الناس ممن يستحق العفو .د- الاحسان إلى الآخرين .هـ- ذكر الله عندما يهم بالمعصية .و– التوبة والاستغفار .ز- عدم الاصرار على فعل المعاصي حتى الصغيرة : قال تعالى : ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)﴾ آل عمران.وقال تعالى : ﴿تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا﴾ (63) سورة مريم .2- الإيمان بالله ورسله :قال تعالى : ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (21) سورة الحديد3- القتل في سبيل الله : وهذا أقصر الطرق وأقربها إلى الجنة قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ (111)سورة التوبةهذه البطاقة هي من أعظم البطاقات وأهمها وأكثر ضماناً وأحكمها وقد دلت على ذلك روايات صحيحة .4- الجهاد في سبيل الله :قال تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ آل عمران/ 142 5- جهاد النفس :قال تعالى : ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ (41)سورة النازعاتوعن أمير المؤمنين علي عليه السلام لن يحوز الجنة إلا من جاهد نفسه ).6- حسن الخلق : تعددت الروايات في أن حسن الخلق من أسباب دخول الجنة فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : ( أكثر ما تلج به أمتي الجنة : تقوى الله وحسن الخلق ) .وعنه صلى الله عليه وآله : ( ثلاث من لقي الله عز وجل بهن دخل الجنة من أي باب شاء : من حسن خلقه ، وخشي الله في المغيب والمحضر ، وترك الجدال وإن كان محقاً ) .وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال لأبي ذر – رضي الله عنه – أتحب أن تدخل الجنة ؟ قال قلت : نعم فداك أبي قال : فاقصر من الأمل ، واجعل الموت نصب عينك ، واستحي من الله حق الحياء )7- الإيمان والعمل الصالح:قال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ البقرة / 82وقال أيضاً ﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ (124) سورة النساء﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (42) سورة الأعراف8- الامتحان والابتلاءقال تعالى ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ البقرة /214 9- عدم الغل في الصدر :﴿وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (43) سورة الأعراف10- المخبتين :﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُواْ إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (23) سورة هود11- التائبون :﴿إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾ (60) سورة مريم12- الاستقامة :﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (14)﴾ الأحقاف 13 – 14 وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين