بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركة
قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا ]لقد عرف موسى (ع) ان الحصول على العلم لا يمكن ان يتم بدون مجهود ، لذلك عرض اتباعه للعالم و هو يمارس اعماله اليومية ، و من خلال العمل و القرارات و المواقف في الأحداث المختلفة للحياة يتعلم الحكمة ، و العلم الذي يجب أن يبحث عنه الانسان ليس علما مطلقا، بل ذلك العلم الذي يعطيه الرشد
و البصيرة في سلوكــه و عمله ، و هذا هو العلم العملي ، فكما أننا نحتاج الى العمل العلمي ،
كذلك نحن نحتاج الى العلم العملي ، و ذلك بان نتعلم ما ينفعنا .
أما خضر ( عليه السلام ) فقد أعطانا منهجا آخر للتعلم و قال : ان أول و أهم صفة لاكتساب العلم هو الصبر ، و لذلك كان الصبر وزيرا للعقل كما جاء في الأحاديث المأثورة .
[ قال إنك لن تستطيع معي صبرا ]و هذه هي مشكلة الانسان ، فهو بحاجة الى الصبر لكي يتعلم العلم ، و الصبر بدوره بحاجة الى العلم لكي يطمئن الانسان ، فان " الجاهل جزع " .وهنا نود ان نذكر بأن اجتياز حاجز الجهل من قبل الانسان عملية صعبة ، و لا يمكن للانسان أن يجتاز هذا الحاجز و هو خائر العزم ، ذلك لأن الحصول على العلم بحاجة الى اجتياز الحاجز النفسي بالاضافة الى المساعي العملية فنرى ان موسى (ع) برغم أنه يقوم بسفرة طويلة طلبا للعلم ، و يلاقي انواع المشقة ، و ينسى غداءه ، و يصحب معه فتاه و ما أشبه و هو نبي يقود أمة ، و برغم كل هذه الأعمال الجسدية ، فانه يحتاج أيضا الى جهود نفسية كبيرة تعتبر من وظيفة القلب أو بتعبير آخر تعتبر رحلة القلب ، و يشير اليها القرآن الحكيم في هذه الآيات :[ و كيف تصبر على ما لم تحط به خبرا ]من المعلوم ان خضر العالم لم ينسى القدرة الحقيقة لموسى على الصبر ، فموسى (ع) من الناحية الحقيقية و الفعلية كانت عنده القدرة على الصبر ، و لكن العالم بخبرته يدرك ان النــاس الجاهلين بأمر لا يصبرون على صعوبات العلم به ، فالعلم يسبب لهم صدمة ، و لأنهيسبب لهم ذلك فهم قد يكفرون به .
[ قال ستجدني إن شاء الله صابرا و لا أعصي لك أمرا ]و قد أعطى موسى تعهدا بالصبر و الاتباع ، فمثل العالم كمثل الشجرة المثمرة التي تهتز فتعطيك من ثمارها ، و العالم يجب أن يبرمج منهاج تعليمك و لست أنت .لقــد ربط موسى (ع) صبره بالمشيئة الإلهية و قال : " ستجدني إن شاء الله صابرا " لأنه عرف ان من الصعب على الانسان في هذه المواقف ، أن يصبر على الصدمات التي يتلقاها بسبب معرفة الواقع المجهول .
[ قال فإن اتبعتني فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا ]ان العالم ( عليه السلام ) عندما اشترط على موسى هذا الشرط ، فانه كان يشير إلى أن على العلماء أن يضبطوا أمرهم مع المتعلم منذ البداية ، على أساس أن العالم هو الذي يحدد المنهج :