بسم الله الرحمن الرحيم
الَلهّمّ صَلّ عَلَىَ محمد وآل مُحَّمدْ الَطَيبيِن الطَاهرين الأشْرَافْ وَعجَّل فَرَجَهُم ياكريم.


◄إنّ مسألة أن يكون الإنسان مؤمناً هي مسألة القيمة عند الله (أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ) (السجدة/ 18)، وعلى هذا الأساس. أراد الله للمؤمن أن يكون عزيزاً، تماماً كما أراد سبحانه العزة لنفسه ولرسوله (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) (المنافقون/ 8). ولم يفوِّض للمؤمن أن يذل نفسه، لان إذلال المؤمن لنفسه، هو إذلال للإيمان في داخله، والله تعالى لم يجعله حراً في أن يذل إيمانه في داخل نفسه تحت تأثير الكفر والضلال والاستكبار. وعلى هذا الأساس. لا يقبل الله للناس أن يذلوا المؤمنين، وإذا اذل المؤمن واحتقره واهانه فقد حارب الله في ذلك.
فتعالوا نضبط سلوكنا وطريقتنا وعلاقتنا على خط الإسلام في منهج رسول الله (ص). تعالوا ونحن الآن بين يدي الله سبحانه، لنعرف كيف نصحح أخطاءنا ونقوم أوضاعنا وطريقنا وخططنا حتى نصل إلى الله في مواقع الخير.

;

فالله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) (الأحزاب/ 58)، بكل أنواع الأذى "بغير ما اكتسبوا" لا سيما إذا نسبوا إليهم ما لم يقولوه أو يفعلوه أو حكموا عليهم بما لم يرتكبوه (فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا) (الأحزاب/ 58)، والبهتان أعظم من الغيبة لأنّه يختزن غيبة وكذباً وايذاءً واحتقاراً للمؤمنين (وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب/ 58).
من هنا، عليكم عندما تتحدثون عن المؤمنين والمؤمنات في أي موقع كانوا، أن تدققوا فيما تتحدثون به حتى لا تتحدثوا بالبهتان، إنطلاقاً من شهوات أنفسكم وأحقادكم، لأنكم سوف تتحملون الاثم العظيم والمهين الذي يعرضكم لعقوبة الله ودخول النار.
فالله يحارب الذي يؤذي المؤمن ويهينه، ويكرم من أكرم المؤمن، ويرفع عنه سبحانه غضبه ويمنحه رضوانه.. والله في هذا الحديث يتحدث عن المؤمن في الأرض وعن الامام العادل، وانهما هما اللذان يجسدان عبادة الله بما يحبه الله، وهما اللذان يمسكان الأرض والسماوات أن تزولا من خلال هذا الانفتاح على الله بما يحبه ويرضاه.
هذه هي العقوبة لكل هؤلاء الذين يصدرون المؤمنين ويعنفونهم في دينهم، ولعل الكثيرين من المسلمين الذين يتعقدون من المؤمنين الملتزمين والعلماء المجاهدين ومن السائرين في درب الله، هؤلاء هم الذين يقصدهم وينالهم هذا النداء. ولذلك، فإذا كان أحد منا يصد ابنه المؤمن أو ابنته المؤمنة أو أخاه المؤمن عن دينه، ويحاول أن يعنفه من أجل دنيا يخافها أو يرغب فيها، عليه أن يحسب حساب الوقوف بين يدي الله، وألا يكون من هؤلاء الذين ينالهم غضب الله تعالى.
قال رسول الله (ع) عن الله عزّ وجلّ: "قد نابذني من أذل عبدي المؤمن" فقضية اذلال المؤمن واحتقاره، ليست مجرد قيمة أخلاقية سلبية، على الإنسان أن يتركها، ولكنها قيمة سلبية، يقف الله بعظمته وكبريائه وجلاله وقوته ضدها وليحذّر الناس منها، وهذا يدلُّ على أنّ القضية خطيرة كأكبر ما تكون الخطورة.
نفهم من هذه الأحاديث انّ الله تعالى يريدنا أن نتوازن لنعزز المؤمنين ونكرمهم ونحترم إيمانهم ولنقضي حوائجهم، حتى يكون مجتمعنا مجتمعاً مؤمناً يعيش فيه الناس أخلاق أهل الجنة.. إن من الصعب جدّاً أن يدخلنا الله جنته، ونحن على ما نحن عليه من هذه الأخلاق، وقد قالها أمير المؤمنين علي (ع) وهو يتوجه إلى أصحابه، ونحن أصحابه الذين يلتزمون نهجه وولايته في كلِّ العصور: "أفبمثل هذه الأعمال تريدون أن تجاوروا الله في دار قدسه، هيهات لا يُخدع الله عن جنته"، إن الله حدثنا عن مجتمع أهل الجنة. بقوله سبحانه (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) (الحجر/ 47).►