لا يكاد يخلو سوق من أسواق البصرة من الصواني المصنوعة من سعف النخيل والمعروفة بـ(الطبك) الممتلئة بكتل مختلفة الاحجام ذات لون اصفر جذاب لا هي موالح ولا هي حلويات وهو ما يعرف بـ"الخرّيط" والذي يعد واحد من أهم انواع الحلوى التقليدية في محافظة البصرة وجنوب العراق عموما، وتمتاز هذه الحلوى بعدد من الفوائد الطبية كما يعتقد من يقدمون على شرائها اذ يرى البعض انها علاج فعال لمرضى السكري وحالات الاصابة بالاسهال، ومنشط جيد لعلاج دوران الرأس والاغماء.ويعتبر البردي المصدر الرئيس لهذه الحلوى والبردي حسب ما يعرفه الباحثون هو عبارة عن نبات مائي قديم من نباتات المياه المعمرة من الفصيلة البوصية تنبت في مواقع المياه كنقاط تصريف المياه المعالجة ، وهي تنبت كشجرة الموز بساق عريضة بسمك يصل الى ثلاثة سنتيمترات وارتفاع يصل الى المترين".
ويصل طول اوراقها الى حوالي 70 سم وعرض 4 - 6 سم ، فيما تظهر الأزهار في أعلى الساق ، وهي حول ساق بشكل اسطواني بطول يصل 60 الى سم . ويزهر البردي نهاية الربيع ودخول الصيف".
وينتشر البردي في المسطحات المائية وعلى شواطئ البحار والسبخات في كل من الكويت والعراق وإيران وأوربا الوسطى وآسيا الوسطى وأوربا المطلة على المحيط الأطلسي وكذلك في دول حوض البحر الأبيض المتوسط والبلقان وآسيا الصغرى وأرمينيا وأمريكا الشمالية وجزر الكناري وأستراليا".
(صناعة لا يجيدها غير اهلها)
وعن كيفية عمل هذه الحلوى العجيبة سألنا(ابو فراس) بائع الخريط في سوق الخضارة فأجابنا قائلا: يؤخذ طحين الخريط من نهاية البردي وهو نبات طبيعي يوجد في اهوار جنوب العراق ويكون هذا الطحين اصفر اللون وعند تحضيره يوضع ماء في قدر لمنتصفه بعد خلطه مع التمر او السكر او الدبس وتشد على فوهة القدر قطعة من القماش النظيف ويوضع المخلوط المعد سابقا على قطعة القماش ويغطى القدر بغطاء فوق الغطاء الاول ويوضع فوقه الطين لحجب الغبار عن الخروج من القدر ،وطريقة طبخه تحتاج الى اياد ماهرة اذ يحتاج عمله الى مختصين في صناعته وهو ما يمتاز به أهل الأهوار.
(سمية نسبة لطريقة عملها)
اما عن سبب تسميته بهذا الاسم واسعاره فتحدث(ابو ايات) وهو أحد باعته في سوق العشار بقوله: سمي الخرّيط(بتشديد الراء) بهذا الاسم نسبة الى طريقة صناعته وتحضيره التي تعتمد على استخراج المادة الصفراء والتي تشبه الطحين من قصب السكر وهو ما يعرف محليا بـ(الخرط) وهذه العملية تتطلب جهدا كبيرا لذا جاءت التسمية نسبة للخرط ويسمى من يقوم بعملية الخرط بـ(الخراط).
اما عن ارتفاع اسعاره فيرى ان جفاف الاهوار ساهم بشكل كبير في خفض انتاج هذه المادة المحببة لدى شريحة واسعة من ابناء العراق كما ان هذه الحلوى لها متذوقوها في دول الخليج العربي اذ يعمد الخليجيون على شراءها مما خلق ارتفاعا كبيرا في اسعارها بسبب قلة العرض وكثرة الطلب حتى وصل سعر الكيلو الواحد الى اكثر من (30 الف دينار) في بعض مناطق العراق.
ويضيف ان العمل في تجارة هذه الحلوى تجارة موسمية اذ يبدأ موسمه من شهر نيسان وايار ويستمر بيعه للاشهر الثلاثة التي تلي هذه الشهور وهي تموز واب وايلول وتعد مدينة البصرة هي المدينة الاولى في استهلاك هذه الحلوى.
(صيدلية متنقلة)
وحول فوائد الخريط اشار الدكتور سعيد الوائلي الطبيب المختص بعلاج الاعشاب الى ان الخريط هو حلوى تصنع من المادة السيليلوزية الموجودة في عيدان البردي وقد اثبتت الدراسات العلمية ان لهذه المادة فوائد غذائية ودوائية كبيرة، فهو يستخدم كمادة معالجة لامراض القولون، كما يسهم في خفض الدم وتقليل نسبة الكوليسترول،ومقوي جيد للبصر ويمنع هشاشة العظام والاسنان لدى الاطفال، وكذلك يستخدم لعلاج قرحة المعدة وحالات الاسهال والمغص المعوي.
ويؤكد الوائلي :" ان لحلوى (الخرّيط) فوائد طبية لمعالجة الجروح ، فبمجرد وضع المسحوق على الجرح يتوقف النزف ويتخثر الدم ، ويقطع الرعاف ويذر على الجرح الطري فيدمله ويمنع القروح الخبيثة ".
مضيفا أن "المناحل تعتمده بشكل أساسي لإطعام النحل وخصوصا فيما لو ضعفت الخلايا، حيث يتم التأكد من فائدة النحل بعد اجراء تحليلات في المختبرات المختص له، كما أنه نظيف ولا يسبب أضرارا" وهو مادة عشبية الا انه من الاعشاب المظلومة، لان القليل من العطارين يعرفونه، ويعرفون فوائده، و الأبحاث والدراسات قليلة بحقه".