روي والرواية الصينية القديمة
08/02/2014 09:36
عندما دخل ديفيد تود روي، متجرا لبيع الكتب المستعملة في مدينة نانجينغ الصينية العام 1950، كان في السادسة عشرة يبحث عن نسخة من كتاب لم يحذف منه شيء بعنوان "خوخ في الإناء الذهبي" حكاية سيئة الصيت لصعود وسقوط تاجر فاسد كتبها مؤلف مجهول في أواخر القرن السادس عشر.

يقول روي (80) عاما وهوحاليا أستاذ فخري في الأدب الصيني في جامعة شيكاغو: "في سن المراهقة كنت متحمسا لقراءة شيء اباحي، لكنني وجدت أنه رائع في نواح أخرى."

وعلى مدى40 عاما تابع القراء جهود روي لتحويل النص الكامل إلى اللغة الانجليزية والتي وصلت للتو نهايتها من المجلد الخامس والأخير. وأشاد الروائي ستيفن ماركي، بأداء روي المتقن للرواية الموسوعية الثرة الأدب عن سلوكيات سلالة مينغ الحاكمة.

يقول وي شانغ أستاذ الأدب الصيني في جامعة كولومبيا عن روي"هو شخص يعرف كل شيء عن هذا الكتاب، حتى الأشياء المذكورة فيه عرضيا فقط. فهذا العمل يستلزم نوعا معينا من العناد والإصرار لإتمامه في خمسة مجلدات بأكثر من 3 آلاف صفحة و800 شخصية. ناهيك عن 5 آلاف تعليق وملاحظات ختامية.

يقول ييهونغ شانغ، باحث في جامعة بيتسبرغ ترجم بعض ملاحظات روي إلى الصينية كجزء من أطروحة الدكتوراه في جامعة بكين للدراسات الأجنبية: "ان ترجمة روي ليست مجرد ترجمة، انما كتاب مرجعي يفتح نافذة على الأدب والثقافة الصينية."

وتقول باتريشيا سايبر أستاذة الأدب الصيني في جامعة اوهايو "الهمت هذه الرواية كتابا آخرين على أن يحذوا حذوها وظهرت مثلا رواية وادي الذهول- أوائل القرن العشرين، ولكنها في الواقع تحفة أدبية".

ويقول روي: "هذه أول رواية صينية سردية طويلة لا تركز فيها على أبطال أسطوريين أو مغامرات عسكرية، وانما على اناس عاديين والحياة اليومية، وتسرد أدق التفاصيل من المأكل والملبس والعادات المنزلية، والطب، والألعاب والطقوس الجنائزية، والرشوة صعودا وهبوطا وفق التسلسل الهرمي للسلطة. انها وصف مفصل للغاية مستنبط من مجتمع مهجور وفاسد أخلاقيا."

بدأ روي الترجمة العام 1970، وكانت هناك طبعة منقحة من ترجمة كليمنت ايغرتون العام 1939 من اللاتينية الى الانجليزية. ولكن تلك النسخة حذفت العديد من الاقتباسات من الشعر الصيني والنثر، وضاع الكثير من نكهتها الأصيلة كما يقول روي.

وهكذا بدأ روي نسخ كل سطر استعاره من الأدب الصيني السابق على بطاقات فهرسة وصلت في نهاية المطاف بالآلاف. وقام بقراءة كل عمل أدبي معروف نشر في أواخر القرن السادس عشر لتعريف التلميحات والإشارات الضمنية.

ظهر المجلد الأول في عام 1993 والثاني العام 2002، وحالما استكمل المجلد النهائي مرض واستبعد أي احتمال لإعداد طبعة مختصرة كالتي يقوم بها زميله "انطوني يو" لترجمة "رحلة إلى الغرب" وهي احدى كلاسيكيات سلالة مينغ الطويلة أيضا.

ومع انقاذ الصيت السيئ لترجمة رواية "برقوق في إناء ذهبي" أمام الغرب، فان ترجمة روي فتحت الباب لقراءة سياسية أكثرعن كونه مجرد كتاب. وصار من السهل للمعلّقين في الصين النظر الى هذه الرواية، كما لو انهم يحملون مرآة لحكايات الفساد السياسي والاجتماعي التي تملأ الصحف الآن.

واخيرا يقول تشانغ:"يمكنك أن تجد أناسا مثل شيمن تشينغ بسهولة اليوم ليس فقط في الصين، ولكن في كل مكان."