استنفار دمعة وطن
استنفار دمعة
يعلن الإنسان ولادته بالبكاء صرخة تعلن بداية الحياة ونعلن نحن عنه نهايتها حزناً على الفراق بالبكاء وقد لا يكون مستغرباً عنا نحن العرب العاطفيون أن تكون الدمعة هي وسيلتنا الوحيدة للتعبير عن السعادة والفرح باللقاء والوداع
يبكي الأطفال ويذرفون الدموع و البكاء هو اللغة الوحيدة التي يمنحها الخالق للطفل فطرة كي يعبر عن جوعه أو ألمه قبل أن نبدأ بتلقينه الكلمات التي نفهمها نحن ليعبر لنا عن الرغبات والمتطلبات
وهل هناك اشد ارتباطاً من الدمع والنساء فالنساء تبكي ويذرفن الدموع الغزيرة ولعلّ الدمعة هي الوسيلة الأنجع والسلاح الأقوى الذي تستخدمه المرأة للوصول إلى ما تريد
تبكي الأمهات وتذرف الأم دمعتها تعبيراً عن الحزن لما يلمّ بأبنائها كما تذرفها تعبيراً عن الفرح لما يسرهم ويسعدهم
وتبقى وحدها دمعة الرجل عزيزة ووحدها ثقيلة إلى درجة الموت دمعة الوطن فمتى يبكي الوطن ؟
فمتى يبكي الوطن ؟ موت أبنائه فالتراكم الحسي لنشأته وبنائه وإيمانه بالحقيقة المطلقة بفناء كل من توهب له الحياة تجعله متأقلماً مع الموت تأقلمه مع الولادة
فمتى يبكي الوطن ؟ الكوارث التي تحل في أرضه إيماناً منه بإمكانية إعادة بناء ما تم تدميره أو تخريبه طالما وجدت السواعد التي تبني ووجدت الإرادة
فمتى يبكي الوطن ؟ احتلال أرضه من الأعداء إيمانا منه بإمكانية تحرير الأرض طالماً وجدت الرجال التي لا تبخل بالروح ثمناً ووجدت المقاومة
فلا يبكي الوطن ما يمكن تعويضه فمتى تتأهب دمعته وتستنفر
تستنفر دمعة الوطن عندما يلمح في قلوب بعض أبنائه جفاءً وانطواءً وبعداً عن قلوب أبنائه الآخرين
تستنفر دمعة الوطن عندما لا يرى تشابك سواعد أبنائه لترسيخ بنيانه ويلمحها متباعدة متخاصمة تائهة ضائعة
تستنفر دمعة الوطن عندما يشعر بالتفرقة تسيطر على فكر بعض أبنائه وتريد أن تولد في فكر بعضهم الآخر
تستنفر دمعة الوطن عندما لا تشعر الأم بأمان أولادها ولا يطمئن الأخ على سلامة أخته بين إخوتها وينتظر الابن عودة أبيه سالماً من عمله
تستنفر دمعة الوطن عندما يكون أول كلامنا الحمد لله على السلامة عند مرورنا بالحي المجاور
تستنفر دمعة الوطن عندما يفكر بعض أبنائه بالهجرة خوفاً على حياتهم
تستنفر دمعة الوطن عندما يخطر على بال بعض أبنائه – اللهم إلا المجرمين منهم فهم ليسوا أبنائه – فكرة قتل حماته وصائني كرامته وعرضه وأمنه وأمانه
أما متى تسقط دمعته فينهار ويفقد كرامته ويعلن اقتراب نهايته
تستنفر دمعة الوطن عندما يقتل الأخ أخاه في الوطنية على لا ذنب إلا اختلاف مكان الولادة
تسقط دمعة الوطن عندما يتم تجزئته على الهوية
تسقط دمعة الوطن عندما يسمح أبنائه للخونة امتلاك زمام أمره
تسقط دمعة الوطن عندما يلعن أبنائه على تخاذلهم أو ضعفهم أو خيانتهم
ألا وقد استنفرت دمعتك يا وطني
ألا يا أخوتي . . .إني وقد رأيت دموع الرجال
إيانا أنتسقط دمعة الوطن إيانا أن تضيع كرامته .إيانا أن يفقد هويته
إيانا أن يلعننا على ضعفنا أو جبننا أو خيانتنا
عشتم وعاش الوطن . . . فنحن من يجب أن يحمي الوطن
ا