يبادر الأطفال أحيانًا إلى ردود أفعال تنمّ عن حسن نيّة وتعاطف ولطف، ليحمي أحد الأصدقاء أو الإخوة أو يحاول أن يخفي خطأً أو سهوة ارتكبوها دون قصد. هذا النوع من الأطفال يفخر بهم الأهل ولكن لا يُفاجأون غالبًا، لأنه يكون معتادًا على هذا النوع من ردود الفعل، مع الجميع حتى مع الحيوانات الأليفة في الشارع.
وإذا سُميت هذه الحالة تعاطفًا أو شفقة أو لطفًا وطيبة، فما الذي يمكن أن يكون أهم من تعزيز هذه الصفة الإيجابية لدى أطفالك؟ ولكن تعليمها للصغار والسير بها ليس جليًا كتعليم الأبجدية أو آداب الطاولة.
وحين نسأل أحد الآباء أو الأمهات الذين ينعمون بولد يتمتع بهذه الميزة، كيف قاموا بتربيته على هذا المبدأ، يكون أول ردود فعلهم أنهم لم يفعلوا شيئًا، وأن هذه هي طبيعة طفلهم، الذي يتفهّم شعور الناس ويمتلك رغبة في مساعدتهم. ولكن أشار بعضهم إلى أن الأمر قد يكون عائدًا إلى الجوّ العائلي الذي يوفّرونه في المنزل المؤلف من أمور صغيرة جدًا. ففي أكثر الأحيان، يقدّم الأهل لأطفالهم بعض الخيارات، فيختار الصغار ما يناسبهم منها، بالإضافة إلى الأحاديث وتبادل الآراء التي تجري بين الأهل والأطفال وتضع ثوابت تؤدّي إلى اللطف، كما يمكن للتعابير التي يعتمدها الأهل ويردّدونها مثل "ما هو عملنا؟ أن يحب بعضنا بعضًا" مثلًا. وبحسب العلماء، فإن تنمية المفاهيم العاطفية والاجتماعية للطفل تكون من خلال بناء علاقة قريبة ووثيقة بينه وبين والدته انطلاقًا من مجتمعهما، وتتم نسبة كبيرة من التعليم من خلال الأمثلة لأن "التعاطف هو اكتساب لا علم".
إذًا يكمن المفتاح في إظهار التعاطف بأنفسنا بدءًا بجعل الطفل يرى أنك تتفهمين وتهتمّين بمشاعره وتتعاملين مع شريكك والناس من حولك بنوع من التعاطف. ومن المهم أيضًا أن تتحدثي عن مشاعرك الخاصة أمامه، لا عبر المبالغة في إشعار طفلك بالأسى، بل من خلال مشاركته مشاعرك الطبيعية بانفتاح، كأن تقولي "واجهت وقتًا صعبًا في العمل اليوم، لأنني شعرت بالإحراج في عرض أجريته"، لأنه يعلّم طفلك مصطلحات متعلقة بالمشاعر وتعطيه الفرصة لممارسة تعاطفه الخاص.
يتعلم بعض الأطفال التعاطف بسهولة أكثر من غيرهم، وإذا لم يظهر بعضهم الاهتمام بمشاعر الآخرين يشعر الأهل تلقائيًا بالقلق. في هذه الحالة، يمكن للطبع أن يكون عاملًا، فيكون بعض الأطفال أكثر تحسّسًا فيشعرون بالآخرين، أما الآخرون فيواجهون صعوبة في التقاط أحاسيس الآخرين ويحتاجون إلى مساعدة إضافية للتعاطف.
ويمكنك أيضًا أن تساعدي طفلك على الشعور بالتعاطف عندما تشاهدان التلفاز معًا وتلفتين نظره إلى الأحداث التي تحثّ على هذا الشعور. كذلك يمكنك أن تشكريه لأيّ لمحة مساعدة أو شعور يبديها تجاهك أو من خلال جعله يتبرّع لإحدى الجمعيات الخيرية.