إبن ملجم حينما يبكي عليا .. ويزيد حينما يبكي الحسين
جعفر المظفر
ساحات التحرير

تاريخ النشر 07/02/2014 09:04 PM
كل الشعوب على مدى التاريخ فيها قاتل ومقتول, مجرم و شهيد, وربما تختلف القضية, اسماء وأحداث, لكنها تتشابه كثيرا من حيث المعنى العام والقيم الأخلاقية المشتركة.
ثم نأتي نحن لندعي أننا أفضل من يقرأ القرآن من جميع الملل, وننسى أن قرآننا يقول.. ولا تزروا وازرة وزر أخرى, ولنكتشف أن غيرنا هم أفضل منا بأخلاقيات التعامل, خاصة فيما يتعلق بقيم التسامح وإحترام القوانين, والحرص على أن لا يتحول الإنسان من صاحب حق إلى مجرم.
وبأعمال من هذا النوع صار من نسميهم بالكافرين هم أقرب إلى قرآننا من أولئك الذين يدعون الإيمان به, جهلا أو نفاق.
تعالوا من جانب آخر نتذكر ما أوصى به الإمام علي بن ابي طالب على فراش موته.
لقد خاطب الإمام علي إبنه الحسن وجميع من حمله إلى بيته بعد الطعنة الغادرة قائلا:
«(أبصروا ضاربي, أطعموه من طعامي، واسقوه من شرابي، النفس بالنفس، إن هلكت، فاقتلوه كما قتلني وإن بقيت رأيت فيه رأيي).
ثم يأتي من يدعي أنه يقدس عليا, ليسقط جريمة بن ملجم على غير ما أوصى به إمامه الذي يدعي محبته وإتباعه, فيشارك المجرم في جريمته, لا بل ويكون اشد جريمة من بن ملجم نفسه.
لقد أصاب بن ملجم جسد بن أبي طالب بمقتل, لكنه لم يصب أخلاقه وقيمه ولو بخدش بسيط, بل انه ساعده أن يكون شهيدا. أما الذي خالف وصية بن أبي طالب, واسقط جريمة بن ملجم على كل من يختلف معه في المذهب أو في السياسة, وعممها لأغراض طائفية وسلطوية, فهو اشد جريمة من بن ملجم لأنه يوجه الطعنة المسمومة للقيم الأخلاقية والسياسية والقانونية التي تمسك بها الإمام علي.
ومن أخلاق المنافقين, أنهم يشيدون بموقف بن أبي طالب حينما أصر على محاسبة عبيدالله بن عمر لأنه راح يقتل, على طريق غضبه لمقتل أبيه الخليفة الخطاب, اشخاصا أسقط عليهم جريمة القاتل, ولم يترك للخليفة الذي يأتي بعد أبيه أن يحكم بمنطق من يحترم دولته ودينه, فإذا بهؤلاء المنافقين يخالفون عليا فيما صفقوا له عليه, فيسقطوا جريمة بن ملجم وبعدها جريمة يزيد على كل من يريدون الغلبة عليه لأغراض سلطوية همها أن تزيف التاريخ وتمنع قراءته إلا مفرغا من كل قيمة أخلاقية.
إن كل من يسرق شعبه ويكذب عليه ويرشي مؤيديه ويشتري منافسيه, بأموال سرقها من مستحقات الناس, ثم يعرض شعبه إلى مهالك الردى سعيا لكسب إنتخابي يقوم على تأجيج الطائفية والإقتتال بين ابناء الوطن الواحد, هو قيادي في جيش يزيد وليس جنديا في جيش الحسين.
ولن يكون سوى منافقا ذلك الذي يدعي حب علي كشخص ويخالفه كقيم وأخلاق ووصية.
فإن كان بن ملجم قد قتل علي, الجسد, فإن من يخالف أخلاقيته وسلوكه ووصاياه إنما يقتل عليا الأخلاق والحكمة.
وشر القتلتين هي القتلة الثانية.
وأكثر الناس شرا.. القاتل حينما يبكي ضحيته