بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
السلام عليكم ورحمة الله
مما راق لي ووددت نقله..
الطيبة صفة جميلة محببة. والانسان الطيب عادة
ما يكون رقيق القلب، سخي العواطف، صادق النية.
ولأنه لا يبخل بالمشاعر والأحاسيس التي يوزعها بسخاء
على المحيطين به، سواء كانوا أقرب المقربين أو أبعدهم،
فانه غالبا ما يتهم بالسذاجة وربما الغباء. ولا يبدو الأمر
غريبا في عصر احتل فيه النفاق الاجتماعي مرتبة الريادة
بين باقي الصفات والخصال المطلوب توفرها لدى الرجل
والمرأة العصريين.
وما أكثر ما سمعنا الناس يرددون بأن الطيبة والنية الحسنة
الشفافة أشياء من مخلفات أيام وزمان، وأن المرء مجبر،
اذا اراد أن ينجح في حياته العملية والشخصية والاجتماعية،
على أن يرتدي قناع النفاق الاجتماعي، ويعرف كيف
يجامل بلباقة رئيسه في العمل وزوجته في البيت وأصدقائه
وجيرانه ومعارفه في المناسبات الاجتماعية المختلفة، ليس
هذا فحسب، بل ان عليه أن يضع الطيبة وما شابهها من
خصال في قنينة يحكم اغلاقها ويرميها في قاع البحر
وينساها. لا مكان في عصرنا للطيبة ولا للنيات الحسنة.
هكذا يقولون.
تريد أن تنجح في حياتك بشكل عام ؟
اذن تعلم كيف تكون انسانا براغماتيا، نفعيا. دع العواطف
جانبا وفكر في مصلحتك وحسب، ولا تكترث ان دست، في
سبيل تحقيق هذه المصلحة، على بعض المساكين الذين
أساؤوا فهم قوانين اللعبة. لست مسؤولا عن جهلهم.
هكذا يجب ان نفكر.
من الصعب على من يعايش المصائب والمآسي التي
تحدث بسبب أنانية البعض وزيف وقساوة الآخرين ان
يتوسم الخير في بني البشر. كم مرة سمعنا قريبا او أخا
يترحم على طيبة ناس زمان وهو يضرب كفا بكف ويتعجب
من مكر وخداع أناس اليوم. وفي الحقيقة، لم يكن الاشرار
والحاقدون وأصحاب النيات السيئة الغادرة غائبين عن أيام
زمان. فالشر والخير وجهان لعملة واحدة تداولتها البشرية
منذ القدم. ولم يخل عصر من نصيبه من النماذج البشرية
الخيرة والشريرة. لكن طبيعة عصرنا التي حولت العالم
إلى قرية صغيرة تصطدم فيها المصالح وتتشابك الرغبات..
جعلت صراع الأفراد داخل المجتمعات - وعلى مستوى
المجتمعات ايضا - يغدو صراعا محموما ترتكب فيه
الفضائع باسم المصلحة الشخصية، ويتنكر فيه الأخ لأخيه
والقريب لقريبه والصديق لصديقه.
ولا ادري ان كان علينا أن نستسلم لهذا الوضع!!...
اذا أخذ كل شخص حذره من الآخرين، وتعامل معهم
- لن أقول تعامل انسان الغاب مع المحيطين به، فصراع
الغاب مهما بلغت وحشيته صراع صريح مكشوف لا
نفاق فيه ولا خداع مبيت - أقول تعامل معهم بغدر
وخيانة،اذا فعل الجميع ذلك ستصبح شخصيته وسط
الأقنعة العديدة التي يواري نفسه خلفها. ستصبح حياتنا
جميعا كذبة كبيرة. ولا أتمنى لنا مصيرا كهذا.
قد يكون الكثير من الناس فقدوا روحهم الطيبة وتعودوا
على التعامل مع غيرهم بدناءة ولؤم، لكن ذلك لا يعني أن الحالة عامة. ثمة قلوب طيبة كثيرة تخفق في الخفاء.
كم منا فوجئ مرة، بل مرات بأشخاص فقراء أو أغنياء،
يمدون يد المساعدة لغيرهم، يغيرون مسار حياة البعض
ببسمة، بإشارة بكلمة طيبة، بموقف جميل. ولا يرجون
من وراء ذلك شكرا ولا امتنانا.
القلوب النقية موجودة، والقلوب المتعفنة أيضا. والله
منح البشر عقلا لكي يفكروا به ويدركوا أين خلاصهم وأين
سعادتهم أيضا. وسط النقاء...أو وسط العفونة ؟!
نسألكم الدعاء وبراءة الذمة