باب الهَمْزَة
* آ: من حُرُوفِ النِّداءِ يُنَادى به البَعِيدُ وتسْرِي عليه أحكامُ النِّداء وهو مَسْموعٌ، ولم يَذْكُرُهُ سيبويه (= النداء ).
* آض: تَعْمل أحْيَاناً عَمَلَ "كَانَ وأَخَواتها" لأنَّها قد تأتِي بمعنى صَارَ، ولا مصْدَر لها تقول "آضَ البَعِيدُ قَريباً".
* آه: كلمةُ تَوجُّع، أي: وجَعي عظيمٌ. وهي اسمُ فِعلٍ مُضَارع بمعنى أَتَوَجَّع.
* الأَبَد: الدَّهرُ مُطلقاً، وقيل: الدهرُ الطويلُ الذي ليس بمَحْدُودٍ، وجمعُهُ آبَادٌ، وأُبُود، وقيل: آبادٌ مُوَلَّد. وقال الراغب: الأَبَدُ: عِبارةٌ عن مَدِّ الزمانِ المُمتد الذي لا يَتَجَزَّأ كما يَتَجزأُ الزَّمان، وذلِكَ أنه يُقَالُ: زمانَ كذا، ولا يقال: أبَدَ كذا.
ويقال: "أَبَدَ الآبِدين" وقد يُضافُ المفردُ إلى جَمْعِه.
ويقال: "أَبَدَ الدَّهر" و "أَبيدَ الأَبيد" وكلُّ هذه التعابير لتأكيد دَوَامِ الأَمْر. وهو منصُوبٌ دَائماً، ويُسْتَعمل مُنَوَّناً ومُضَافاً، ويُستَعمل مع النَّفي ومع الإِثْبَات، أمَّا النفي فنحو قوله تعالى: {إنَّا لَنْ نَدْخلهَا أَبداً ما دَامُوا فيها}. (الآية "24" من المائدة "5" ).
وأمَّا الإثبات فنحو قوله تعالى: {فإنَّ لهُ نارَ جَهنمَ خَالِدين فيها أبَداً}. (الآية "23" من سورة الجن "72").
ولا يدخُلُ على الماضي إلا إذا كان المَاضِي مُمْتَداً إلى المستقبل نحو قوله تعالى: {وَبَدَا بَيْنَنَا وبَيْنَكُم العَدَاوَةُ وَالبَغْضَاءُ أَبَدَاً حَتى تُؤمنوا بالله}. (الآية "4" من سورة الممتحنة "60").
* أبْتَع: كلمةٌ يُؤكَّد بها، يُقال: "جَاء القومُ أجْمَعُونَ أكْتَعُون أبْصًعُون أبْتَعُون". ولا تَأْتي قبلَ "أَجْمَعين". (= في أحرفها)
* الإبْدال:
-1 تعريفُه: هو جَعْلُ مُطْلَقِ حَرفٍ مكانَ حَرْفٍ من غير إدْغَامٍ وَلا قَلْب (انظر الإدغام والقلب كل في حرفه)
-2 أقسام الإبْدال.
الإبدالُ قِسْمان:
"الأول" أن يُبدَل إبْدالاً نادراً وهو سَبْعَةُ أحْرُفٍ مَجْمُوعَةٍ في أوائل قَوْلِكَ: "قَدْ خَابَ ذُو ظُلْمٍ ضَاعَ حِلْمُه غَيَّاً" أي القاف، والخاء، والذال، والظاء والضاد، والحاء والغين، وذلك كقولهم "لَحْمٌ خَراذِل "بالذال المعجمة: "في خَرادِل" (كذا في الخضري وفي القاموس: خراديل ومعناه مقطع) بالمهملة - أي مُقَطَّع وقَرأ الأَعْمَشُ " فَشَرِّذْ بهم" بالمعجمة بدل المُهْمَلة، وفي قولهم "وُقْنَةٌ" بدل "وُكْنَة" (بيت القطا) وفي "عَطَر" بدل "خَطَر".
"الإبدال الثاني": وهو ما يُبْدَلُ إبْدالاً شائعاً وهو قسمان:
(1) غيرُ ضروريٍّ في التَّصْريفِ وهو اثنانِ وعِشْرون حَرْفاً، يَجْمَعُها قولك: "لِجِدٍّ صُرِف شَكْسٌ آمِنٌ طَيَّ ثَوْبِ عِزَّتِه". (المراد من هذه الجملة حروفها فقط على أن معناها كما قال المُحشيِّ: لجد صرف شكس موصوف بأنه آمن طي ثوب عزته لأجل الجد وهو كناية عن تغير حاله)
(2) الإبدالُ الشَّائعُ الضَّروري في التصريف وهو تسعة أحرف جمعها ابن مالك بقوله "هَدأْتَ مُوطِياً" (المراد من هذه الجملة ما اشتملت عليه من حروف ومعنى هدأت: سكنت ومُوطياً: اسم فاعل من أوطأت الرَحْل إذا جعلته وطيئاً لكنه خفف همزته). وأما غيرُ هذه الحروفِ فإبْدَالُها من غيرها شاذٌّ، وذلك كقولهم في "اضْطَجَعَ" "الْطَجعَ" بإبْدَالِ اللاَّمِ مِنَ الضَّادِ. وقولهم في "أُصَيْلال" "أُصَيْلان" كقول النابغة:
وَقَفْتُ فيها أُصَيْلاناً أُسَائِلها * أَعْيَتْ جَواباً وَمَا في الرَّبع من أَحَدِ
هذا وقد رتب الإبدال هنا على حسب الحروف. إبْدال التَّاءِ مِنْ الوَاوِ واليَاء: إذا كَانتِ الواوُ والياءُ فاءً لوزن "الافتِعال" وما تَصرَّفَ منه، مثالُه في "الواو "اتِّصال" و "اتّصَل" و "يتَّصِل" و "اتّصِلْ" و "مُتَّصِلِ" و "مُتَّصِلٌ به".
والأصل فيهن: إوتصال، أوتصل، يوتصل، أوتصل، موتصل، موتصل به. قلبت الواو وهي فاء الافتعال - تاء وأدغِمَتْ بالتاء. ومثاله في الياء "اتَّسَارٌ " و" اتَّسَرَ" و "يتَّسِرُ" و "اتَّسِرْ" و "متَّسِرٌ" "مُتَّسَرٌ". والأصل فيهن: "ايتسَار" "إيتَسِرْ" "يَتْيَسِر" "مُيْتَسِر" "مُيْتَسَر" لأنه من اليُسر، قُبلت الياء - وهي فاء الافتِعال - تاءً وأُدغمَتْ بالتاء، قال الأَعْشَى يُهدَّدُ عَلْقمةَ ابن عُلاثَة:
فإنْ تَتَّعدْني أَتَّعدْكَ بمثلِها * وسَوفَ أَزيدُ الباقياتِ القَوارِضَا
اتعدته: أوعدته بالشر. القوارض: جمع قارض وهي الكلمة المؤذية.
ومثل اتَّعدَ ويَتَّعِدُ اتَّلَجَ ويَتَّلِجُ قال طَرَفَةُ بن العبد:
فإنَّ القَوافي يَتَّلِجْنَ مَوَالجاً * تَضَايقُ عنها أن تَوَلَّجها الإِبر
اتَّلج: من الولوج، الموالج: جمع مولج، موضع الوُلوج وهو الدخول.
أصل يتَّلجْن: يَوْتَلِجْن من الوُلوج، أُبْدلت الواوُ تاءً، وأُدغمتْ في التاء.
وتقول في "افْتَعَلَ" من الإِزَارِ "إيْتَزَرَ" (أصلها: إئتزر فسهلت الهمزة إلى ياء).
فلا يَجُوزُ إبدالُ الياءِ تاءً وإدْغَامُها في التَّاء، لأنَّ هذه الياءَ بَدَلٌ من هَمزة، وليست أصْليةً وشذَّ قولهم في افتَعَلَ من الأكل: "اتَّكَلَ".
إبْدَال الدَّال من تَاءِ الافتِعال:
إذا كانَتْ فاءُ "الافْتِعال" "دَالاً مُهْمَلَةً" أو "ذالاً"، أو "زَايَاً" أبْدِلت تاؤُه دالاً مُهْمَلةً، فتقول من "دَان" على افْتَعل "ادَّانَ" بالإِبدال والإِدغام لِوُجُودِ المِثلين. ومن "زَجَر" على افْتعَل أيضاً "ازْدَجَرَ".
وأصْلُها " ازْتَجَرَ " ومِن " ذَكَرَ " " اذْدَكَرَ " ولك فيه الأوْجهُ الثَّلاثَةُ في "اظْطَلم" (انظر إبدال الطاء من تاء الافتعال). فتقولُ "اذْدَكَرَ" و "ادَّكَر" و "اذَّكَرَ" وقُرِئَ شَاذاً "فهَل من مُذَّكِر" بالذال المعجمية المشدَّدة.
إبْدال الطَّاء من تَاءِ الافتِعال:
تُبدَلُ وُجُوباً الطَّاءُ من تَاءِ "الافْتِعَال" إذا كانت فاؤه "صَاداً أو ضَاداً، أو طَاءً أو ظَاءً" وتُسمَّى أحرفَ الإطباق (سميت حروف الإطباق لانطباق اللسان معها على الفك الأعلى) في جميع التَّصَاريف، فتقول في "افْتَعَل" من "صَبَر: اصْطَبر" وأصلُها: اصْتَبَرَ على وَزْن افْتَعَلَ. ومن "ضَرَبَ: اضْطَرَبَ" وأصْلُها: اضْتَرَبَ.
ومن "ظَلَمَ: اظْطَلَم: وأصلها: "اظْتَلَم" ومن "طَهُر: اطَّهَّر" وأصْلُها: "اطْتَهَّرَ" وبَجِبُ في "اطَّهَّر" الإدغام لاجْتِماعِ المِثْلين وسكونِ أوَّلِهِما.
ولكَ في "اظْطَلَم" ثَلاثَةُ أَوْجُهٍ: "اظْطَلَم" وهو الأصْل، وإبدالِ الظاءِ المُعْجمة طاءً مُهمَلةً مع الإدْغَام، فتقول: "اطَّلمَ" وإبدال الطاء المُهمَلة ظاءً مع الإدغام فبقولك "اظَّلَمَ" وقد رُوي بالأوجه الثلاثة قولُ زُهير يمدح هَرم بنَ سِنان:
هُوَ الجَوادُ الذي يُعطِيك نَائِلَهُ * عَفْواً وَيُظْلَمُ أحْياناً فَيَظَّلمُ
أوْ فَيَطَّلمُ أوْ فَيظْطَلمُ.
إبْدَالُ المَدِّ مِنَ الهَمْزَة:
إذا اجْتَمَعَ فِي كَلٍِمة واحِدةٍ هَمْزتان وَجَب التخفيف إنْ لم يَكونَا في مَوْضِع العَيْن، ثم إنْ تَحرَّكَتْ أَولاَهُمَا، وَسَكَنَتْ ثَانِيهُما، وَخَبَ إبْدَالُ الثانِية مَدَّةً تُجَانِسُ حَرَكةَ الأُولَى. فإنْ كَانَتْ حَرَكَتُها فَتْحَةً أُبْدِلتِ الثانيةُ ألِفاً نحو "آمَنْتُ" وإن كانت حرَكَةُ الأُولَى ضَمَّةً أَبدِلَت وَاواً نحو: "أُوثرتُ" وإن كانت كَسْرةً أُبْدِلَتْ يَاءً نحو "إيمَان".
وإنْ تَحَرَّكَتْ ثَانيتُهما فإنْ كانَتْ حركتُها فتحةً وحَرَكةُ ما قَبْلَهَا فَتْحضةً أو ضَمَّةً قُلِبَتْ وَاواَ، فالفتحة نحو "أَوَادِم" (أصل الجمع "أاَجم" بهمزتين فألف التكسير أبدلت الهمزة الثانية واواً لفتحها إثْرَ فَتْح) جمع "آدَم" والضمةُ نحو "أُوَيمْر" تصغِير "أَمْر".
وإنْ كَانَتْ حركةُ مَا قَبْلَهَا كَسْرةً قُلبت ياءً نحو "إيَمّ" من "أَمَّ" أي صَارَ إمَاماً، أو بمعنى قَصَد، وأصله "إئْمَمْ" فنُقِلتْ حركةُ المِيمِ الأولَى إلى الهَمْزة التي قَبلها وأُدغِمتِ الميمُ في المِيم فصار "إئَمَّ". ثم انقلبت الهمزةُ الثانيةُ ياءً فصار إيَمّ.
إبْدَالُ الميمِ مِنَ الواوِ وَالميم:
تُبْدَلُ الميمُ مِنَ الوَاوِ وُجُوباً في "فَمْ" وأصْلهُ "فُوه" بدليل تَكْسِيره على أفْوَاهٍ فَحَذَفُوا الهاءَ تَخْفِيفاً ثم أبْدَلُوا الميمَ مِنَ الوَاوِ.
فإذا أُضِيفَ إلى ظاهِرٍ أو مُضْمَر يُرْجَع به إلى الأصل فَيُقَال: "فُوعَمَّار". و "فوكَ" وبُبَّما بَقِي الإبْدالُ مع الإِضَافَة نحو قوله صلى اللّه عليه وسلم:
"لَخَلُوفُ (الخلوف: طيب الرائحة) فَمِ الصَّائِم أطْيَبُ عندَ اللهِ من رِيحِ المِسْك" ونحو قولِ رُؤْبة:
كالحُوتِ لا يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهْ * يُصْبحُ ظَمآناً وفي البحر فَمُهْ
وتُبَدل الميمُ مِنَ النون بِشَرْطَيْن: سكُونِها، وَوُقُوعها قَبلَ الباءِ، سواءٌ أكانَتَا في كلمةٍ نحو: {انْبَعَث أَشْقَاهَا} (الآية "12" من سورة الشمس "91") أو كَلِمَتَيْن نحو: {مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا} (الآية "52" من سورة يس "36" ).
ويُسمِّي مثلَ هَذا عُلَماءُ التَّجويدِ: إقْلاباً.
إبدالُ الهاءِ من التاءِ:
تُبْدَلُ الهاءُ من التاء اطِّراداً في الوقوف على نحو "نِعمة" و "رَحْة" وهي تاءُ التأنيث التي تَلْحَق الأسْمَاءَ وَبَعْضَ الحرُوف.
وإبدالُهَا من غَير التاءِ مسموحٌ في الألف تقول: "هَرَقْتُ الماءَ" والأصْلُ: أَرَقْتُ الماءَ. وفي " هِيَّاكَ" وأصْلُها: إيَّاك و "لهَنَّكَ" وأصْلها: لِأَنَّك. و "هَرَدْتُ الخير" أصلها: أَرَدْت. و "هَرَحْتُ الدَّابَّةَ" أصلُها: أَرَحْتُ.
إبدالُ الهَمزَة من ثَانِي حَرْفَين لَيِّنَيْنِ بينهما مَدَّةٌ:
تُبْدَلُ الهَمْزةُ من ثَاني حَرْفَين لَيِّنَين بينهما مَدَّةُ "مَفَاعِل" كـ "نَيَّف" جَمعْتَه جَمْعَ تكسير على "نَيَائِف" وأصلُها "نَيَايِفُ" ألِفٌ بَيْن ياءَين، فَقُلِبَتْ وُجُوباً الياءُ الثانيةُ بعد الألف هَمَزةً، ومِثْل "أَوَائِل" مُفْردُه أوَّل. أصلُه "أوَاوِل" فقُلِبَتِ الواوُ الثانِيةُ بعدَ الأَلِفِ هَمْزَةً.
فلو تَوَسَّط بينهما مَدَّة "مَفَاعِيل" امتنع قلبُ الثانِي منها همزةً، كـ "طَوَاوِيس" ولذلك قُيِّد بِمَدِّ "مفاعل".
تَتِمَّةٌ لهاتَيْن المسألتين: إذا اعْتَلَّتْ لامُ أحَدِ هَذَيْنِ النوعين بياءٍ أوْ وَاوٍ فإنهُ يُخَفَّفُ بإبْدَالِ كَسرِ الهمزةِ فَتْحةً، ثُمَّ إبدالها ياءً فمثال الأول "قَضِيَّة وَقَضَايَا"، وأصله "قَضَائي" بإبدال مَدَّةِ الواحِدِ همزة كما في "صَحيفة، وصحائف".
فأبْدَلُوا كَسْرَةَ الهَمزةِ فَتْحةً، فَتَحركَتِ الياءُ وانفتح ما قَبْلَها فانْقَلَبَتْ أَلِفاً فَصَارَتْ "قَضَاءَا" فأُبْدِلت الهمزةُ ياءً فصارتْ: "قَضَايَا".
ومِثالُ الثاني: "زَاوِيَةٌ وَزَوَايا" وأصْلُه "زَوَائِي" بإبْدَال الوَاوِ الوَاقِعَةِ بعدَ أَلَفِ الجمعِ همزة كـ "نَيَّف ونيائف" فقَلَبوا كسرةَ الهمزةِ فَتْحةً فقُلبَتِ الياءُ أَلَفاً لِتُحَرِّكُها وانْفِتَاحِ ما قَبْلها فصارَ "زَوَاءَا" ثم قَلَبُوا الهمزةَ يَاءً، فصارَ "زَوَايَا".
وأمَّا لفظة "هَرَاوَة وهَرَوَى" فأصْلُ الجَمْعِ "هَرَائِو" كَصَحَئف فَقُلِبَتْ كَسْرةُ الهمزةِ فَتْحةً، وقُلِبتِ الواوُ أَلِفاً لِتُحرِّكها وانْفِتَاحِ ما قبْلَها فصَارَتْ "هَراءَا" ثم قَلَبُوا الهمزةَ وَاواً فصارت "هَرَاوَى".
إبْدَالُ الهمزةِ من كلِّ وَاوٍ أو ياءِ:
تبدل الهمزةُ من كل "واو" أو "ياء" إذا وقَعتْ إحْدَاهُما طَرَفاً بعد ألفٍ زائدة نحو "دُعَاء" و "بِنَاء" والأصلُ "دَعاو" و "بِنَاي" من "دَعَوْتُ" و "بنيت".
فلو كانت الألفُ التي قبلَ الياءِ أو الواوِ غيرَ زائدة لم تُبْدَل نحو "آيَة" و "رَايَة"، وكذلك إذا لم تَتَطَرَّف الياء أو الواو كـ "تَبَايُنٍ" و "تَعَوُنٍ" وكذلك لَو تَطَرَّفت لا بَعدَ أَلِفٍ كـ "دَلْوٍ" و "ظَبْي". وكُلُّ ما كان على وَزْنِ "فاعِل" وَكَانَتْ عينُه حَرْفَ عِلَّةٍ تُبْدل الهمزة من الوَاوِ و الياءِ نحو "قائلٍ" و "بائع" وأصلهما: "قاوِل" و "بايع" من القول و البيع. فإن لم تُعَلَّ العينُ في الفعل صَحَّتْ في اسمِ الفاعل نحو "عَوِرَ فهو عَاوِر" و "عيِن (عَيِنَ: أي اتّسعَ سوادُ عَيْنه) فهو عَايِن".
إبْدالُ الهَمْزةِ مِمَّا وَليَ ألِفَ الجَمْعِ:
تُبدَل الهَمْزَةُ أيْضاً مما يَلي ألِفَ الجمعِ الذي على مِثالِ "مَفاعل" إنْ كانَتْ مَدَّةً مَزِيدَةً في الوَاحِد نحو: "قِلاَدَة وقَلائدِ" و "صحِيفَة وصَحَائف" و "عجُوز وعَجَائز".
فلو كانت غيرَ مَدَّة لم تبدل نحو "قَسْوَرة"(قَسْوَرَة: اسمٌ للأسد)، وكذلكَ إنْ كَانَتْ مَدَّةً غيرَ زَائِدةٍ نحو "مَفَازَة ومَفَاوِز" و "معِيشةٍ ومَعَايِش" إلاَّ فِيما سُمِع فلا يُقاس عَلَيْهِ نحو "مُصِيبة ومَصَائِب".
إِبْدَالُ الهَمْزَةِ من الواو:
وذلكَ إذا اجْتَمَعَ وَاوَان بأوَّلِ كَلِمةٍ ووَجَبَ إبْدَالُ الهَمْزةِ من الواوِ نحو قولك: "واصِلَةٌ" وجمعها "أَوَصِلُ" وأَصْلُ الجَمع "وَوَاصِلُ" بوَاوِيْن الأُولَى فاءُ الكَلِمة والثانيةُ بَدَلٌ من ألف "فَاعِلة".
فإن كانتِ الثانيةُ بَدَلاً من ألِف "فاعل" لم يَجِب الإِبْدَال نحو "وُوفِيَ" و "وورِيَ" أصله: وافَى وَوَارَى، فلما بُنِي للمفعُول احْتِيجَ إلى ضَمِّ مَا قَبْلَ الألِفِ، فأُبدِلتِ الأَلِفُ وَاوَاً.
* أَبْصَع: كَلمةٌ يُؤَكَّدُ بِهَا، وهي تابِعَةٌ لأجْمَع لا تُقدَّمُ عَلَيها، تقول: "أخَذتُ حَقّي أَجْمَعَ أَبْصَعَ" و "جاءَ القَومُ أجْمَعُونَ أَبْصَعُونَ" و "رأيتُ النِسْوَةَ جُمُعَ بُصَعَ".
ويقول أبو الهيثم الرَّازِي: " العَرَبُ تؤكِّدُ الكلمةَ بأرْبَعةِ بَوَاكِيد فتقول: "مَرَرْتُ بالقومِ أجمَعِين أكْتعِين أبْصَعِينَ أبْتَعِينَ".
(= في أبوابها).
* ابْن: أصله "بَنَو" بفتحَتين، لأنه يُجمع على "بَنِين" وهو جمعُ سَلامَةٍ، وجمعُ السَّلامةِ لا تَغْيِير فيه، وجَمعُ القلةِ "أبناء" وقيل: أصله "بِنْو" بكسرِ الباء بدليل قولهم: "بِنْت". وهذا القولُ يقل فيه التغيير، وقِلَّةُ التَّغْيير تَشْهدُ بالأَصَالَةِ، وهو ابْنُ بَيِّنُ البُنُوَّةِ.
وَأَمَّا ما لاَ يَعْقِل نحو "ابنُ مَخَاضٍ" و "ابنُ لَبُونٍ" فيُجمَعُ بألفٍ وتَاءٍ، تَقُول في "ابنِ عُرْسٍ": "بَناتُ عُرْسٍ" وفي "ابنِ نَعْشٍ" "بَنَاتُ نَعْشٍ" وكذا "ابنُ مَخَاضٍ" و "ابنُ لَبُون". وقد يُضافُ "ابنٌ" إلى ما يُخًِّصُه لِمُلاَبَسَةٍ بينَهُما نحو "بنْنِ السبيل" أي المارِّ في الطريق مُسَافراً، وهو "اتنُ الحَرْب" أي كافِيها وقائمٌ بِحِمايَتِها، و "ابْنُ الدُّنْيا" أي صاحبُ ثَروة.
وإليكَ في "ابن" قَاعِدَتان:
-1 يَجوزُ بالعَلَم المُنَادَى المَوْصُوف بـ "ابْنٍ" الضَمُّ والفَتحُ والمختارُ الفتح نحو "يا خالدَ بَنَ الوَليد".
-2 همزةُ "ابْن" همزةُ وصْلٍ تُحذَفَ في الوصل وتبْقى في الخَط، وقد تُحذَفُ لَفْظاً وخَطّاً، وذلك: إذا جاء عَلَمٌ بَعْدَه "ابنٌ" صفةٌ له ومَضافٌ لعَلَمٍ هو أبٌ له، نحو " محمد بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب" إلاّ إذَا وَقَعَ في أو السطر فتَثْبُتُ الهمزةُ خَطّاً لا لفظاً.
* الابْنُمُ: هي الابْنُ، و الميم زائدةٌ للمُبَالَغة، يقُول حسَّان بنُ ثابت:
"فأكْرِمْ بِنَا خَالاً وأكرِمْ بِنَا ابْنَمَا".
وتَتْبَعُ النُّونُ حَركَةَ المِيمِ، وعلى ذلك قال الكوفيون: هو مُعْرَبٌ من مَكَانَين، و همزتُه للوَصْل، وَقَدْ يُثنَّى نحو قولِ الكُميت:
ومِنَّا لَقِطٌ واتْنَمَاهُ وحَاجِبٌ * مُؤَرِّثُ نِيرانِ المكارِم لا المُخْبِي (المُخْبي: من خبتِ النارُ و الحربُ، تخبو خَبْواً: سكَنَتْ وطُفِئتْ وخَمَد لهيبها).
ابنة وبنت - مؤنَّثةُ الابن على لَفْظِه وفي لعةٍ "بِنْت" و الجمع "بَنَات" وهو جمعُ مؤنَّاٍ سالم، قال ابنُ الأعرابي: وسأَلتُ الكِسائَي: كيْفَ تَقِفُ على بنت؟ فقال: بالتاء اتباعاً للكتاب، و الأصلُ بالهاء، لأنَّ فيها مَعْنى التَّأنيث. وإذا اختَلَطَ ذكورُ الأَنَاسِيّ بإناثِهم غُلِّب التَّذكِيرُ وقيل: " بَنُو فلان" حتى قالوا: "امرأةٌ من بني تميم" ولم يقولوا من بَنَاتِ تَمِيم.
وهمزة "ابنة" كهمزة "ابن" همزة وصل.
"أَبْنِية الاسم = الاسم".
" أَبْنِيَة المَصَادرِِ = المَصدر وأَبْنِيَته وإعْمَاله 2 و 3 ".
"أَبْنِيَةَ اسم الفاعل = اسم الفاعل 2 و 3 و 4".
* اتَّخَذَ: من الاتِّخّاذِ، افْتِعَال من الأَخْذِ و الأصلُ: إئْتَخِذُوا، ثم لَيَّنوا الهمزة، وأدْغَمُوا فقالوا: اتَّخَذُوا، فلما كَثُر اسْتِعْمَالُه تَوَهَّمُوا أصَالَةَ التاء فَبنَوا مِنه وقالوا: "تَخِذْتُ زَيْداً صَدِيقاً" من باب تَعِب، والمصدرُ تَخَذاً.
واتَّخَذَ: بمعنى جَعَلَ التي للتَّحْويل ينْصِبُ مَفْعولين أصلُهما المبتدأ و الخَبَرَ تحو "اتَّخَذْتُ اللهَ وَكِيلاً".
{ واتَّخَذَ اللَّهُ إبراهيمَ خَلِيلاً} (الآية 125 من سورة النساء "4" ).
(= المتعدي إلى مفعولين).
الاثْنَان: من أسماء العدد - اسم للتَّثْنِيَةِ حُذِفَتْ لامُه - وهي ياء - وتَقْدِيرُ الواحِد: ثَنَى، وِزَان بَبَب ثم عُوِّضَ همزةَ وَصْلٍ فقيل: اثْنان، وللمؤنثة: اثنتان. وفي لغة تميم "ثِنْتَان" بغير همزة وصل. ولا واحدَ له من لَفْظِه، ومن غير لفظة "واحد" ويُعرب إعرابَ المُلْحَق بالمُثَنى.
ويقال: هو ثَانِي اثْنَيْن، أي أَحَدُهُمَا، ويكون مُضَافاً لا غَير.
الاثْنَتَان = الاثنان.
* الاثْنَيْن: سُمِّي يوم الاثْنَين بالاثنين المتقدِّمة التي هي ضِعْفُ الواحِدِ، والاثْنَيْن بالمعنيتين لا يُثَنَّى ولا يُجمَع، فإن أردْتَ جمعَه قَدَّرتَ انَّه مُفَرد، وجَمَعْتَه على "أثانِين" قال أبو على الفارسي: وقالوا: في جمع الاثْنَين "أثْنَاء" وكأنه جمعُ المفرد تقديراً، مثل سَبَب وأسْبَاب والحَقُّ أنه لم يَثْبت الجَمْعان لأنه على صفِة المُثنَّى.
فإذا أردْنا جمعَه أو تَثْنيته قلنا: "أيامُ الاثنين" و "يومَا الإِثْنَين". وإذا عادَ عليه ضميرٌ جازَ فِيه وَجْهَان أوْضَحُهُما وأصَحُّهُما الإِفراد على معنى اليوم، يقال: "مَضَى يومُ الاثْنَيْن بما فيه" والتَّاني اعتبارُ اللفظ فيقال: "مَضَى يومُ الاثنين بما فيهما".
* أجِدَّك: بِكَسْر الجيم وفتحِها، والكَسرُ أفْصحُ ولذلك اقْتُصِرَ عليه، تقول: "أجِدَّكَ لا تَفْعل" معناه: أجِدّاً منك وهو مَصْدَرٌ من فعلٍ مُضْمَر. وقال سيبويهِ: ومثلُ ذلك - أي المَصَادِر المؤكِّدة - في الاستفهام: "أجِدَّك لا تَفْعَلْ كذا وكذَا"؛ كأنه قال: أحَقّاً لا تَفْعلْ كذا وكذا، وأصْلُه من الجِد، كأنه قال: أجِدّاً، ولكنه لا يتصرف، ولا يُفارقُه الإِضافة، ولا يستعمل إلاّ مع النفي أو النهي، ومثله: "أجِدّكُمَا" وفي حديث قُس:
أجِدَّكُما لا تَقْضِيان كَرَاكُمَا.
وقال الأصمعي: أجِدَّك، معناه: أَبجدٍّ هذا منك، ونَصْبُها بِطَرْحِ البَاءِ وقال أبو حيان: وههنا نكتة، وهي الاسمُ المضاف إليه "جِد" حَقُّه أَنْ يُنَاسِبَ فاعِلَ الفِعْل الذي بَعْدَه في التَّكلُّم والخِطابِ والغَيْبَة.
تقول: " أَجِدِّي لأُكْرِمَنَّك" و "أجِدَّك لا تَفْعل" و "أجِدَّه لا يَزُورُنَا" و "أجِدَّكُما لا تَقْضيان" - كما مر في شكر البيت - وعِلَّة ذلك أنَّه مَصْدَرٌ يُؤَكِّدُ الجُمْلَةَ التي بعدَه، فَلَوْ أَضَفْتَه لِغَيْرِ فاعِله اخْتَلَّ التوكيد.
* أجَلْ: حرفُ جَوَابٍ، مثلُ "نَعَمْ". فَيكونُ تَصْديقاً للمُخْبِرِ،
ولا يُضَافُ، ولا يَدْخُلُ عليه الجَارُّ، وليس منه قولُهم: "جاء القومُ بأجْمُعِهِم". بضم الميم بعد الجيم الساكنه، فإنه جَمْع "جَمْع" كـ "أعْبُد" جمع عَبْد، بِخِلاَفِ غيرهِ من أَلْفاظِ التوكيد كـ "كُلِّ والنفسِ والعينِ" فإنَّها تَأْتي توكِيداً وغَيرَه من مُبْتدأ وفاعِلٍ وَمَفْعُولٍ، ويُجْمَع "أَجْمع" على "أَجْمَعِين" وبحالةِ الرَّفع "أجْمَعُون". وقد يُثَنَّى فَتَقُول: "رَأيتُ الفَرِيقَيْن أجْمَعَيْن"، ومُؤَنْث أجْمَعَ "جَمْعَاءُ" وجمعُ "جَمْعَاءَ" "جُمَع" وهو معرفةٌ غيرُ مَصْروفٍ بالصِّفَةِ وَوَزْنِ "فُعَل" كعُمَرَ وأُخَرَ.
* الأجوف :
-1 تَعْريفُه:
هو مَا كَانَتْ عَيْنُه حرفَ عَلَّةٍ كـ "قام" و "باع".
-2 حُكْمُه:
تُحْذَفُ عَيْنُ الأَجْوفِ إذا سُكِّنَ آخِرهُ للجَزْمِ أو لِبنَاءِ الأَمْرِ نحو "لمْ يَقُمْ" و "لمْ يَبِعْ" و "لم يَخَفْ" وأصْلُهَا: يَقُوم، ويَبِيعُ، ويَخَافُ، و "قمْ" و "بعْ" و "خفْ".
وكذلِكَ تُحذَفُ إذا سُكِّنَ لاتِّصالِه بضَمِير رَفْعٍ مُتَحرِّك كـ "قُمْتُ" و "خفْنَا" و "بعْتُم" و "يقُمْنَ" و "يبِعْنَ" و "خفْن" وتُحَرَّك فاؤه بحَرَكةٍ تُخَانِسُ العَيْنَ نحو "قُلْتُ" و "بعتُ". إلاَّ في نحو "خَاف" (من كل واويٍّ مكسور العَيْن، وأصلُ خَافِ: خَوِفَ تحركت الواوُ وانْفتَح ما قبلَخت فقُلبتْ ألِفاً وهذا مَعْنى الإعْلالِ بالقلب الآتي ذِكره).
فَتُحرِّكُ بالكَسْر مِنْ جِنْسِ حَرَكةِ العَيْن نحو "خِفْتُ" و "نمْتُ" هذا في المُجَرَّدِ، والمَزِيدُ مِثْلُه في حَذْفِ عَينه إنْ سَكنَتْ لامُه وأُعِلَّتْ عَيْنه بالقَلب: كـ "أطلْتَ" و "استَقَمْتُ" و "اخْتَرْتِ" و "انْقَدْتُ" (ظاهرٌ أن أصْلَهنّ: أطَالَ، اسْتَقَامَ، اخْتَارَ، وانْقَادَ).
وإن لم تُعَلَّ العينُ لم تُحذَفْ كـ "قَوَمْتُ" و "قوَّمْتُ" (وفيهما لم تُقْلب ألِفاً لعَدَمِ وُجُودِ سببٍ لذلك كما تقدم).
* الأحَد: بمعنى الواحِد وهو أوَّل العدد تقول: أحدٌ واثْنَانِ، وأَحَدَ عشر.
وقولهم: "ما في الدَّار أحَدٌ" هو اسمٌ لمن يَعْقِل يَسْتوي فيه الواحدُ والجَمْعُ والمؤنث قال تعالى: {اَسْتُنَّ كأحدٍ من النساءِ}. (الآية "32" من سورة الأحزاب "33" ).
والأحَدُ اسمُ عَلَمٍ على يَومٍ مِنْ أيَّامِ الأسْبُوع وجمعُه للقِلةِ "آحَادٌ" و "أُحْدَانُ" تقول ثلاثةُ آحادٍ وأصلُه: وَحَد، فاستَثْقَلوا الواو، فأبْدَلُوا منها الهَمْزَة، وجمعُه لِلكَثْرة "أُحُود". وقيل: ليس لهُ جمع.
* أحَد: يقولُ سيبويه: ولا يَجوزُ لـ "أحَد" أنْ تَضَعَه في مَوْضعٍ واجبٍ، لو قلت: "كان أحَدٌ من آلِ فُلانٍ لم يَجُز" أقول: لأِنَّهُ لا يُفِيد شيئاً، إلاَّ إذا وَضَعْتَهُ مَوْضِعَ واحِدٍ في العدد اسْتُعْمِلَ في موضِعِ الواجِبِ والمَنْفِي، نحو قولِه تعالى: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ونحو: "أَحدٌ وعِشْرون". وفي غيرِ العَدَد لا؟؟ يَجوز أن يُوضَعَ مَوْضِع الوَاجِبِ، ويُمْكن أنْ يُوضَع مَوْضِع النَّفي نحو قوله تعالى: {ولم يَكُنْ لَهُ كُفُواً أحَدٌ}. وكذلك إذا قلتَ: "مَا أَتَاك أحدٌ "صار نفياً عاماً.
أَحْرُفُ الجَوَاب هي: لاَ، نَعَمْ، بَلكى، إي، أَجَلْ، جَلَلْ، جَيْر، إنَّ.
(وانظرها في أحرفها).
* أحَقَّا: وذلك قولك: أَحَقّاً أنَّك ذاهب، وَالْحَقَّ أَنَّكَ ذَاهِبٌ؟ وكذلِكَ إنْ أخْبَرْتَ فقلت: حَقّاً أَنَّكَ ذَاهِبٌ، والحَقَّ أَنَّكَ ذاهِبٌ، وكذلك أَأَكْبَرُ ظَنِّكَ أنَّك ذاهِبٌ، وأجْهَدَ رَأيِكَ أَنَّكَ ذَاهِبٌ.
وكُلُّهَا تُنْصَبُ على الظرفية، والتقدير: أَفِي حقٍّ أنَّك ذَاهِبٌ
وقال سيبويه: وسألتُ الخليلَ فقلتُ: مَا مَنَعَهم أن يقولوا: أَحَقّاً إِنَّكَ ذاهب على القلب - أي بكسر همزة إن - كأنك قلت: إنَّك ذاهبٌ حَقّاً، وإنَّكَ ذَاهِبٌ الحقَّ، وأإنَّكَ ذَاهِبٌ حَقّاَ؟ فقالَ: ليس هذا مِن مواضِعِ إنَّ لأن "إن" لا يُبْتَدَأَ بِها في كلِّ مَوضعٍ، ولو جازَ هذا لجاز: يومَ الجمعة إنَّك ذاهبٌ تريد إنَّك ذاهبٌ يومَ الجُمُعة، ولقلتَ أيضاً: لا مَحَالَةَ إنَّك ذاهب، تريد إنَّك لا مَحَالَةَ ذاهب، فلما لم يجز ذلك خَمَلُوه على: أفِي أكبر ظنِّك أنك ذَاهب، وصارت أَنَّ مَبْنِيَةً عليه والدليل على ذلك إنشادُ العرب هذا البيت كما أخبرتك.
زعم يونس أنه سمع العرب يقولون في بيت الأسود بن يَعْفُر:
أحَقّاً بين أبْنَاءِ سَلْمَى بْنِ جَنْدلٍ * تَهدُّدُكُم إيَّايَ وَسْطَ المَجَالِسِ
* أَخْبَرَ: تَنْصب ثلاثةَ مفاعيل، زادَه العرائُ نحو: "أَخْبَرْتُ المُعَلِّمَ عَمْراً غَائِباً".
ونحو قولِ الشاعر:
وما عَليكِ إذا أُخْبِرْتني دَنِفاً * وغابً بَعْلُك يَوْماً أنْ تعودِيني
* الاخْتِصَاص:
-1 تعريفه:
هو اسم ظاهرٌ معمولٌ للفظ "أَخُصُّ" أو "أَعْنِي" واجب الحَذْف، ويَجرِي على ما جَرَى عليه النِّداءُ ولم يُجْروها على أحْرف النِّداء.
والباعثُ عليه: إمَّا فَخْرٌ كـ "عَلَيَّ - أيها الكريمُ - يُعْتَمَدُ" أو تَوَاضُعٌ نحو: "إني - أيُّها الضعيف - فَقيرٌ إلى عَفْوِ ربي" أو بيانُ المقصود بالضمير كـ "نحنُ - العَرَبَ - أَقْرى الناسِ للضَّيْفِ".
-2 أنواع المخصوص:
المخصوصُ: وهو الاسمُ الظاهِرُ الوَاقِعُ بعدَ ضميرٍ يَخُصُّه أو يُشارِكُه فيه، على أربعة أنواع:
-1 "أيُّها" أو "أيَّتُها" ويُضَمَّان لَفظاً كما في المُنَادَى، ويُنصَبانِ مَحَلاً، ويُوصَفَان باسم فيه "أل" مَرْفوعٍ نحو: اللهم اغفر لنا - أَيَّبُها العِصَابَةُ - " و "أنا أفعل كذا - أيُّها الرجلُ".
-2 المعرَّفُ بـ "أل" نحو نحنُ - العربَ - أشْجَعُ الناسِ". أي أخصُّ وأعنِي.
-3 المعرَّفُ بالإِضافة كالحديث: "نحن، معَاشر الأنبياء، لا نُورَث ما تَرَكْنَاه صَدَقة".
أي: أَعْنِي مَعَاشِرَ وأَخُصُّ.
ونحو قَوْلِ عَمْرِو بن الأهتم:
أنَّا بني مِنْقَرٍ قَوْمٌ ذَوُو حَسَبٍ * فِينا سَرَاةُ بَنِي سَعْدٍ وَنَادِيها
-4 العَلمَ، وهو قليل، ومنه قولُ رُؤبة: "بِنَا - تمِيماً - يُكسَفُ الضَّبَابُ".
والاختصاص هنا للفخر.
ويقول الخليلُ - كما في سيبويه - : إنَّ قولَهم: " بِكَ اللهَ نَرْجُو الفَضْلَ" و "سبْحَانكَ اللهَ العَظيمَ" نَصَبه على الاخْتِصَاَِ، وفيه مَعْنى التعظيم.
ويقولُ سيبويه: واعلَمْ أنَّه لا يَجوزُ لك أَنْ تُبْهِم في هذا الباب - أي أنْ تَسْتَعمِل اسْمَ الإِشارَةِ - فتقول: إني هَذَا أفْعلُ كذا، ولكن تقول: " إنِّي زَيْداً أفْعلُ" ولو جازَ بالمُبْهَمِ لَجازَ بالنكِرَةِ.
ثم يقول: وأكْثرُ الأسْماءِ دُخُولاً في هذا الباب: بَنُو فُلانٍ، وَمَعْشرُ، مُضَافَةً. وأَهْلُ البيت، وآلُ فلان.
-3 يُفَارِقُ الاخْتِصاصُ المُنَادَى لفظاً في الأحكام:
-1 أنه ليسَ معه خَرْفُ نِداء، لا لَفْظاً ولا تَقديراً، .
-2 أنَّه لا يَقَعُ في أوَّلِ الكلام، بل في أثنائه، كالواقع بعد "نحن" كما في الحديث المتَقَدم "نحن - معاشَر الأنبياء - "، أو بعدَ تمامِ الكَلاَمِ كما في مثال: "اللهم اغْفِرْ لنا - أيَّتُهَا العصابةُ - ".
-3 أنَّه يُشْتَرط فيه أن يكونَ المقدَّمُ عليه اسْماً بمعناه، والغالبُ كونُه ضميرَ تكلُّم، وقد يكون ضميرَ خطابٍ كقولِ بعضهم:
"ربك الله نرجو الفضل" كما تقدم.
-4 أنه يقِلُّ كَوْنُه علماً، .
-5 أنَّهَ يَنْتَصِب مع كونِه مُفْرَداً.
-6 أنْ يكونَ بـ "أل" قِياساً كقولهم: "نَحْنُ العربَ أقْرَى الناسِ للضيفِ".
ويُفارِقُ الاختصاصُ المنادى" مَعْنىً في أنَّ الكلامَ مع الاخْتِصَاص "خَبرٌ" ومع النِّداءِ "إنشاء"، وأنَّ الغَرَضَ منه تخصِيصُ مَدْلُوله مِن بَيْنِ أَمْثالِهِ بِما نُسِبَ إليه "زادَ عليه بعضُ النُّحاة: أنَّه لا يكونُ نكرة، ولا اسمَ إشارة ولا مَوْصولا ولا ضميراً، وأنه لا يُستغاث به ولا يُندب و لا يُرخَّم، وأن العاملَ المحذوفُ هنا فِعْلُ الاختصاص وفي النداء فِعلُ الدُّعاء، وأنه لا يُعوَّضُ عنه شيءٌ هُنا ويُعوَّض عنه في النداء حَرْفه.
* أَخَذَ: كلمةٌ تَدُل على معنَى الشروع في خَبَرِها، وهي من النواسِخ، تَعملُ عَمَلَ "كان"، إلاّ أنَّ خبرَها يحبُ أن يكُنَ جُمْلَةً فِعليةً من مُضارعٍ فَاعلُه يَعُودُ على الاسمِ ومُجَرَّدٍ من "أنْ" المَصْدَرِيَّة، ولا تعملُ إلاَّ في حالةِ المُضيّ يحو "أَخَذَ المعلِّمُ يُعِدُّ دَرْسَه". أي أَنْشأ وشَرَعَ، وفي "يُعدُّ" ضميرُ الفاعل وهو يعود على المعلم وهو اسم "أخذ".
* اخْلَوْلَقَ: كلمةٌ وُضِعتْ للدَّلالةِ على رَجَاءِ الخَبَر، وهي من النَّواسخ، تَعْملُ عملَ "كان" إلاّ أنَّ خَبَرَهَا يَحبُ أن يكونَ جُملَةً فعْلية، مُشتَمِلَةً على مُضارع، مُقْتَرِنٍ بـ "أَنْ" المصدَرِيّة وُجُوباً وفاعلُه يعُود على اسْمِها. نحو: "اخْلَوْلَقَ الشَّجَرُ أنْ يُثْمِرَ" ففي "يُثْمِر" ضَميرٌ يَعودُ إلى "الشَّجَر" وهو اسم اخلَوْلَقَ وهي مُلاَزِمَةٌ للماضي.
وتختَصُّ "اخْلَولَق وعَسَى وأوْشك" بجواز إسْنادِهن إلى "أنْ يفعل" ولا تَحتاَجُ إلى خَبَرٍ مَنْصوبٍ، وتكون تامَّةً نحو: "اخْلَوْلَق أنْ تَبَعَلَّمَ". ويَنْبَني على هذا حُكمان.
(انظر التفصيل في: أفعال المقاربة).
* أَخْوَلَ أَخْوَلَ: يقال: "تَسَاقَطُوا أَخْولَ أَخْولَ". أي شَيْئاً بعدَ شَيْء، أو مُتَفَرِّقِين، وهمما اسمانِ مُرَكَبان مبنيان على الفتح في محلِّ نصبٍ على الحال. قال ضابئ البُرجُمِي يصف الكلاب والثور:
يُسَاقِطُ عنه رَوْقَه ضَارِياتُها * سِقاطَ حَدِيد القَيْن أَخْوَلَ أَخْولاَ
وهذه المركباتُ لا تَأْتي إلاّ في الحال أو الظرف، وسيأتي في غُضُون الكِتَاب بعْضُها.
* الإدغام:
-1 تعريفه:
هو إدْخالُ أولِ المُتَجانِسين في الآخِر، ويُسمَّى الأَوَّلُ مُدْغِماً والثَّاني مُدْغَماً فيه.
-2 أقسامه:
ثلاثة أَقْسام: واجبٌ، وجائزٌ، ومُمْتَنِع.
الإِدْغامُ الواجبُ:
يجبُ الإِدْغَامُ إذا تَحَرَّكَ المِثْلاَنِ مَعاً وذلكَ بأَحَدَ عَشَرَ شَرْطاً.
(الأول): أنْ يَكُونا في كلمةٍ كـ "مَدَّ" أَصلُها "مَدَد" بالفتح و "ملَّ" أصلها: مَلِل بالكَسْرِ. و "حبَّ" أصلها: حَبُبَ بالضم.
(الثاني) أَلاَّ يَتَصَدَّر أَحَدُهُما ، فإذا تَصَدَّرَ لَمْ يُدْغَما، نحو: "دَدَن". (الدَّدَن: اللهو).
(الثالث): ألاَّ يَتَّصِلَ أَوَّلُهما يمُدْغَم كـ "جُسَّسٍ" جمع جَاسّ. (اسمُ الفاعل من جَسَّ الشيء إذا لَمَسَه).
(الرابع): ألاَّ يكونَا في وَزْنِ مُلْحَقٍ، سواء أكان المُلْحَقُ أَحَدَ المِثْلَيْن كـ "قَرْدَدْ" (ما ارتفع من الأرض) أو زَائِداً قَبْل المِثْلَيْن كـ "هَيْلَل" (الهيلل والهيللة: قول لا إله إلاّ الله). فإن الياءَ مزيدةٌ لإِلحاق بـ "دَحْرَجَ" أو بزيادَةِ أَحَدِ المِثْلَيْن وغيرهِ نحو "اقْعَنْسَسَ"(اقعنسس: تأخر ورجع إلى الخلف). فإنَّهُ مُلْحَقٌ بـ "احْرَنْجَم" (احرنجم: أراد الأمر قم رجع عنه). والإِلْحَاقُ حَصَل فيه بالسين الثانية وبالهمزةِ والنونِ.
(الخامس والسادِسُ والسَّابعُ والثَّامنُ): ألاَّ يكونا - أي المِثْلان - في اسم على "فَعَل" كـ "طَلَلٍ" و "مدَدٍ" أو "فعُل" كـ "ذُلُلٍ" و "جدُدٍ" جمع ذَلُول وجَدِيد أو "فِعَل" كـ " لِمَمٍ"(جمع لِمَّة وهو ما يُلِم بالمَنْكِب من الشَّعَر). أو "فُعَل" كـ "دُرَرٍ" و "جدَدٍ" جمع جُدَّة (وهي الطريقة في الجبل)، وفي هذه السبعة الأخيرة يمتنع الإِدغام.
(التاسع): ألاَّ تكونَ حركةُ ثانِيهما عَارِضةً نحو "اخْصُصَ ابى" الأصل: اخصصْ بالسكون فَنُقِلت حركةُ الهمزةِ إلى السّاكِن قبلَها ، فلَمْ يُعْتَدَّ بِعُرُوضِها وبَقي وُجُوبُ الفَكِّ.
(العاشر): ألاَّ يكون المِثْلانِ يَاءَيْن لازمٌ تَحْريكُ ثانِيهما نحو "حيِيَ" و "عيِيَ".
ولا تاءَين في "افْتَعَل" كـ "اسْتَتَر" و "اقْتَتَل" وفي هذه الصُّوَر الثّلاث يجوزُ الإِدغامَ والفَكُّ ، قال تعالى {وَيَحيَى من حَيَّ عَنْ بَيِّنَة} (الآية "42" من سورة الأنفال "8" ).
قرئ "حَيَّ" بالإِدغام والفَكِّ، وتقول في "اسْتَتَر" كـ "اقْتَتَل " بالفكِّ، وإذا أردْتَ الإِدْغام قلت: "سَتَّر"(نقلت حركة التاء الأولى إلى السين أو القاف وأسقطت همزة الوصل للاستغناء عنها بحركة ما بعدها ثم أدغمت التاء في التاء). و "قتَّل "و "يسَتِّر" و "يقَتِّل".
ب- الإِدغام الجائز:
يجوز الإدغامُ في ثَلاثِ مَسائل:
(الأولى): إذا كان الفعلُ المَاضي قد افْتُتِحَ بتَاءَين نحو "تَتَبَّع" و "تتَابَعَ" جاز بهما أيضاً الإدغامُ وجَلَبُ همزةِ الوصل، فيقال: "اتَّبَعَ" و "اتَّابَعَ".
(الثانية والثالثة): أنْ تكونَ الكلمة فِعْلاً مُضَارعاً مَجْزوماً بالسكون أو فِعْلَ أمْرٍ مَبْنَيَّاً على السُّكُونِ فإنَّه يجوزُ فيه الفَكُّ والإدغام، قال تعالى {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دينه}(الآية "217" من سورة البقرة "2" ). فيقرأ بالفك وهو لغةُ الحجاز والإدغام وهو لغةُ تميم، وقال تعالى {واغضُضْ من صَوتِك}(الآية "19" من سورة لقمان "31" ).
وقال جرير:
فَغُضَّ الطَّرفَ إنَّكَ من نمُيَرٍ * فَلا كَعْباً بَلَغْتَ ولا كِلاَباً
وإذا اتَّصل بالمُدغَم فيه "وَاو "جمْعٍ أو "ياءُ" مُخَاطَبةٍ أو "نونُ "التوكيد نحو "رُدُّوا " و "رُدِّي" و "ردَّنَّ" أَدْغَمَ الحجازيون وغيرهم من العرب.
ج - الإدغامُ المُمتنع:
يَمْتنعُ الإدغام إذا تَحَرَّكَ أولُ المِثْلَين وسَكَنَ الثاني نحو "ظَلِلْتُ " أو كَانَا بالعكس.
أو كان الأولُ هَاءَ سَكْتٍ لأنّ الوَقف عليها مَنْويُّ الثبوت نحو: {مَالِيَهْ، هلك عَنِّي سُلْطَانِيه}(الآية "28، 29" من سورة الحاقة "69"). أو مَدَّةً في الآخر نحو "يُعْطَي يَاسِرُ" و "يدْعُو وائِل" لِئَلا يَذهبَ المدُّ المقصود بسبب الإِدغام ، أو همزة منفصِلَة عن الفاء نحو "لم يَقْرأ أحدٌ" فلو كانت متصلة وجب الإدغام نحو "سَال".
* إذْ: تأتي ظَرْفيةً ، وفجائيةً ، وتَعْلِيليّةً.
-1 الظَّرْفيَّة: ولها أربعة أحْوال:
[1] أن تكونَ ظَرْفاً للزَّمَنِ الماضِي وهو أغْلبُ أحوالِها ويجبُ إضَافَتُها إلى الجمل (وقد يحذف المضاف إليه وهو الجملة أو الجمل ويعوض عنه التنوين. وهذا التنوين ما يسمى تنوين العوض مثل {حتى إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون} فالتنوين في حينئذ تنوين عوض). فعليةٍ أو اسميةٍ.
قال سيبويه: "وَيَحْسُن ابتداء الاسم بَعْدَها" فتقول: "جِئْتُ إِذْ عبدُ الله قَائمٌ" و "جئْتُ إِذْ عَبدُ اللهِ يقومُ" إلاّ أنها في "فَعَل" قبيحةٌ نحو قولِك "جئتُ إذْ عَبدُ الله قامَ" أي إنَّ الماضِيَ يَقْبحُ إن وَقَعَ خَبَراً في جُمْلةٍ اسْمِيَّةٍ مُضافَةً لـ "إِذْ" وكلُّ ما كان من أَسمَاءِ الزَّمان في معنى "إذْ" فهو مضافٌ إلى ما يُضاف إليه "إذْ" من الجملةِ الاسميةِ والفعليَّةِ.
[2] أن تكونَ مفعولاً به نحو {واذْكُروا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "86" من سورة الأعراف "7" ). والغالبُ على "إذْ" المذكورة في أوائل القَصَص في - القرآن الكريم - أن تكون مفعولاً به بتقدير: واذكرُ.
[3] أن تكونَ بَدَلاً من المفعول نحو: {واذْكُرْ في الكتابِ مريم إذِ انْتَبَذَتْ} (الآية "16" من سورة مريم "19" ).
فـ "إذْ" بدلُ اشتِمالٍ من مريم.
[4] أنْ يكُونَ مُضَافاً إليها اسمُ زمانٍ صالحٍ للاستغناء عنه نحو: "يَوْمَئِذٍ وحِينَئذٍ" أو غير صالحٍ للاستغناء عنه نحو قوله تعالى: {بَعدَ إذْ هَدَيْتَنَا} (الآية "8" من سورة آل عمران "3" ). وعند جُمْهورِ النحاةِ لا تَقَع "إذْ" هذه إلاّ ظَرْفاً أو مضافاً إليها.
-2 الفُجَائِية: وهي التي تكون بعد "بَيْنا" أو "بيْنَمَا" كقول بعض بني عُذرة:
استَقْدِرِ اللَّهَ خَيْراً وارْضَيَنَّ به * فَبينَمَا العُسْرُ إذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
أو بعدَ غيرِ "بَيْنَا وبَينما" ويَحْسُن كما يقولُ سيبويه: ابتداءُ الاسمِ بعْدَها تقول: "جئتُ إذْ عبدُ الله قائمٌ" و "جئتُ إذْ عبدُ الله يَقومُ" إلاَّ أنها في فَعَل قَبيحةٌ نحو قولك "جئتُ إذْ عبدُ الله قَامَ" و "أذْ" الفجائية هذه إنما تَقعُ في الكلام الواجب ، فاجْتمَع فيها هذا ، وأنَّك تَبْتَدِئ الاسْمَ بعْدَها فحسُن الرَّفعُ.
-3 التَّعليلية: وكأنَّها بمعنى "لأنَّ" نحو قوله تعالى: {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إذْ لمْ أكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً} (الآية "72" من سورة النساء "4" ). و{لن يَنْفَعَكُم اليَوْمَ إذْ ظَلمْتُمْ أنَّكُمْ في العَذَابِ مُشْتَرِكُون} (الآية "39" من سورة الزخرف "43").
وهل "إذْ" هُنَا بِمَنْزِلَةِ لامِ العِلَّةِ أو ظَرْفٌ والتعليلُ مُسْتَفادٌ من مَعْنَى الكَلامِ؟، الجُمهُورُ لا يُثْبِتُونَ التَّعْلِيلية ولا يَقُولُون إلاَّ بظَرْفِيَّتِها.
* إذا: تكونُ تَفْسيريَّة، وظَرْفيَّة، وفُجَائِيَّة.
إذَا التَّفْسِيريّة: تأتي في موضع "أيْ" التفسيرية في الجُمل، وَتختلفُ عنها في أنَّ الفِعل بعد "إذا" للمخاطَب تقول: "اسْتَكْتَمتُه الحديثَ: إذا سألتَه كتمانه".
إذا الظّرفيّة: هي ظَرْفٌ للمُستَقبل مُضَمَّنٌ مَعْنَى الشَّرط، فَهيَ لِذلك مُحْتَاجَةٌ إلى فِعْلِ شَرْطٍ يُضَافُ إلَيها وجَوابٍ للشَّرط، وتَخْتَصُّ بالدُّخول على الجُمْلَةِ الفِعليّة، ويكونُ الفعلُ بعْدَها مَاضِياً كَثيْراً، ومُضَارِعاً دُون ذلك وقد اجتمعا في قول أبي ذؤيب:
والنَّفْسُ رَاغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها * وإذا تُرَدُّ إلى قَلِيلٍ تَقْنَعِ
وإنْ دَخَلتْ "إذَا" الظّرْفِية في الظاهر على الاسْمِ في نحو {إذا السَّماءُ انشقَّت} (الآية "1" من سورة الانشقاق "84"). فإنَّما دَخَلَتْ حَقِيقَةً على الفِعلِ لأنَّ السَّماءَ فاعِلٌ لفعلٍ مَحذُوفٍ يُفَسِرهُ ما بَعْدَهُ. ولا تَعْمَلُ "إذا" الجَزْمَ إلاَّ في الشّعر للضَّرورةِ كقول عبدِ القيْس بن خفاف:
استَغْنِ ما أغْنَاكَ رَبُّك بالغِنَى * وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
"الخصاصة: الحاجة"
وإنَّما مُنِعَتْ من الجَزْمِ لأنها مُؤَقَّتَةٌ، وحروفُ الجزمِ مُبْهَمَة، وتُفِيد "إذَا" تُحَقّق الوُقوع فَإذا قال تعالى: {إذَا السَّماءُ انْشَقَّت} فانْشِقَاقُها وَاقِعٌ لا مَحَالَة بِخِلافِ "إن" فَإِنَّهَا تُفيد الظَّن والتَّوقَّعَ.
إذا الفُجَائِيَة: تَخْتَصُّ بالجُمَل الاسميَّةِ ولا تَحْتَاجُ إلى جَوَاب، ولا تَقَعُ في ابتداء الكَلام، وَمَعْنَاهَا الحَال، والأرْجَحُ أَنَّهَا حَرْفٌ، نَحْوَ قوله تعالى: {فَأَلْقَاهَا فإذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} (الآية "20" من سورة طه "20" ).
وَتَكُونُ جَواباً للجزاءِ كالفاءِ قَال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَإنْ تُصِبْهُم سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيْهِم إذا هُمْ يَقْنَطُون} (الآية "36" من سورة الروم "30" ). وَتسُدُّ مَسَدَّ الخبرَ، والاسم بَعْدَها مبتدأ، تقول: "جِئْتُكَ فإذا أَخوكَ". التقدير: "جِئْتُكَ فَفَاجَأَني أَخُوك". وتقول أيضاً: "دَخلْتُ الدار فإذَا بصديقي حَاضِر" بِصديقي: مبتدأ والباء: حَرْفُ جَرِّ زائد، وحاضرٌ: خبر.
* إذَاً: حَرْفُ جَوَابٍ وَجَزَاءِ، والصحيحُ أنها بَسيطَةٌ غيرُ مُرَكَّبة مِن إذْ وأنْ وهي بِنَفْسِها النَّاصِبَةُ للمضارع بشُرُوطٍ:
[1] تَصْدِيرُها.
[2] واسْتِقْبَالُ المضارع.
[3] واتِّصَالُها به، أو انْفِصَالُهَا بِالقَسَمِ أوْ بِلا النافية، يقال: آتيك، فتقول: "إذاً أُكرِمَكَ" فلو قلتَ: "أَنا إذَاً" لقلت "أكْرِمُك" بالرفع لفَوَاتِ التَّصْدِير.
يقولُ المبرّدُ: واعْلمْ أَنَّها إذَا وَقَعَتْ بعدَ واوٍ أو فاءٍ صَلَح الإِعمالُ فيها و الإِلْغاءُ. وذلكَ قَوْلُكَ: "إنْ تَأَتِني آتِكَ وإذاً أُكرِمْك". إنْ شِئْتَ نَصبْت، وإن شئْتَ رَفَعْتَ، وإن شِئْتَ جَزَمْت، أمَّا الجَزْم فَعَلَى العَطْفِ على آتِك وإلْغَاءِ "إذاً". و النصبُ على إعمالِ "إذاً" والرفَّعُ على قَولِكَ: أَنا أكرمُك - "أي بإلْغَاءِ إذاً. أمَّا كتَابَتُها و الوقوفُ عليها فالجُمْهور يَكْتُبُونها بالألِف ويقِفُون عَلَيْها بالألِف، وهناك من (المازني و المبرد) يَرى كتابَتها بالنُون و الوقفَ عليها بالنّون.
ويرى البعضُ (الفراء وتبعه ابن خروف) أنَّها إن عَمِلَت كُتِبَتْ بالألف و إلاّ كُتِبَت بالنون، أقول: وهذا تَفْريق جَيِّدٌ.
وقد تقعُ "إذَنْ" لَغْواً وذلكَ إذا افْتَقَرَ مَا قَبْلَها إلى ما وَقَعَ بَعْدَها وذلكَ كقول الشاعر:
وما أنَا بالسَّاعِي إلى أُمِّ عَاصمٍ * لأَضْربَها إنِّي إذَنْ لجهولُ
* إذْمَا: أَدَاةُ شَرْطٍ تَجزِمُ فِعْلَيْن، وأصْلُها: "إذْ" دَخَلَتْ عليها "ما" فَمَنَعَتْها من الإضافة فَعَمِلَتْ في الجَزاء ولا تَعْمل بغير ما نحو "إذْ ما تَلْقَني تُكْرِمْني". قال العباس بن مرداس:
إذْ ما أَتَيْتَ على الرّسُولِ فقُلْ لَهْ * حَقّاً عَلَيكَ إذا اطْمَأَنَّ المَجْلِسُ
وهي حَرْفٌ عند أكثر النحاة وعند بعضِهم: ظرفٌ، وعَمَلها في الجزم قليل.
* أَرَى: أصلُها رأى المُتَعدِّيةُ إلى مَفعُولَين فَلمَّا دَخَلتْ عليها همزةُ التَّعدية عدَّتْها إلى ثلاثةِ مَفَاعِيل نحو قوله تعالى: {كذلكَ يُرِيهِمُ اللهُ أعْمَالَهم حَسَراتٍ عليهم} (الآية "167" من سورة البقرة "2" ) وقوله تعالى: {إذْ يُريكَهُمُ اللهُ في مَنَامِكَ قَلِيلاً ولو أَرَاكَهُم كَثِيراً لَفَشِلْتُم} (الآية "43" من سورة الأنفال "8" ).
وإذا كانتْ أَرَى مَنْقُولَةً من "رَأى البَصرية" المُتَعدِّية لواحد فإنها تَتَعدَّى لاثْنَيْن فقط بهمزة التعدية نحو "أرَيْتُ رَفيقي الهلالَ". أي أَبْصَرْتُه إياه، قال الله تعالى: {وعَصَيْتُم مِن بعدِ ما أَرَاكم ما تُحِبُّون} (الآية "152" من سورة آل عمران "3" ).
وحُكْمُ "أَرَى" البَصَرية حكمُ مَفْعُولَيْ كَسَا ومَنَح في حذفِ مفعولَيْها أو أحدِهما لِدَليل.
(= المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* أُرَى: فعلٌ مُلازِمٌ للبناءِ للْمَجْهُولِ، ومعناه أظُن، وبِذَلِكَ يَنْصِبُ مَفْعُوليْن، أصْلُهما المُبْتدأُ والخَبَر نحو "أُرَاكَ داهِيةً".
* الأربَعَاء: اسمٌ لليومِ الرابِع من الأسبوع يُؤَنَّثُ على اللفظ فيُقال: "أرْبَعةُ أرْبَعَاوَاتٍ" ويُذَكَّر على اليوم، فيُقال "أرْبَعُ أرْبَعَاوَاتٍ" وتجمع أيضا على: "أرْبِعَاوى".
* ارْتَدَّ - "تَعْمَل عَملَ كان" نحو ارتَدَّ الثوبُ جَديداً".
(= كان وأخواتها 2 تعليق).
أَرَضُون - "مُلحثٌ يجمع المذكَّر السالم".
(= جمع لمذكر السالم (8)).
الاسْتِثْنَاء = المُستَثْنى.
اسْتَحال " تَعْمَلُ عمل كان" لأنَّها بمعنى صار نحو: "اسْتَحَالتِ الأرضُ المُشَجَّرةُ بِناءً".
(= كان وأخواتها 2 تعليق).
* الاسْتِغَاثَة:
-1 تعريف المُسْتغَاث:
هو ما طُلِبَ إقبَالُه لِيُخلَّص من شِدَّة أو يُعينَ على مشَقَّة.
-2 ما يَتَعَلق به من أحكام: يتعلَّقُ بالمُسْتغاثِ أحْكامٌ هي:
-1 اختصَاصُه بـ "يَا" من بينِ أدوات النِّداءِ، مَذْكُورةً وجوباً.
-2 غَلَبَةَ جَرِّه بـ "لامٍ" مفتوحةٍ في أوَّلِه، وإنْ اقتَرَن بـ "أَلْ"، وهي لام الجَرّ، فُتِحتْ للفَرق بينها وبينَ لام "المُسْتَغاق مِنْ أجْلِه" في نحو "يَا للهِ لَعَليٍّ".
-3 ذكر مُسْتَغَاثٍ من أَجْلِهِ بعدَه جَوَازاً إمَّا مَجْرورٍ باللامِ المكْسورَةِ، سَواء أكانَ مُنْتَصَراً عليه، نحو "يا لَعَلِيٍّ لظَالِمٍ لا يخافُ الله" أمْ مُنْتصِراً له يحو "يا لَعُمَر لِلْمِسْكين".
وإما مجرورٍ بـ "من" نحو:
يَا لَلْرِّجَالِ ذَوِي الأَلْبَابِ مِن نَفَر * لاَ يَبْرَحُ السفَهُ المُرْدِي لهم دِينا
-4 أنه إذا عُطِفَ على المُستغَاث، فإن أُعِيدَتْ "يا" معه فُتحَتْ لامُه نحو:
"يا لَقَومي ويَا لَأَمْثَالِ قَوْمي * لأُناسٍ عُتُوُّهُم في ازْدِياد"
وإن لم تُعِد "يا" معه كسرت لامه نحو:
قول الشاعر:
يَبكيكَ نَاءٍ بَعيدُ الدّار مُغتَرِبٌ * يَا لَلْكهُولِ وللشِبانِ لِلعجَبِ
-5 ويَجوزُ أن لا يُبتدأ المُسْتَعاثُ باللام فالأكثر حِينَئذٍ أن يُحتَمَ بالألف عوضاً عن اللام، ولا يجتمعان كقوله:
يَا يَزِيدَا لِآمِلٍ نَيْلَ عِزَّ * وغِنىَ بَعْدَ فاقَةٍ وَهَوَانٍ( فـ "يزيدا" مُسْتغاث والألف فيه عِوضٌ من اللام و "لآملٍ" مُسْتغاث له وهو اسمُ فاعل و "نيلَ" مفعولٌ به)
قد يخلو المُسْتغاثُ من اللام و الألف فيُعْطَى ما يستحقُّه لو كان مُنادة غيرَ مُستغاثٍ كقولِ الشاعر:
أَلاَ يَا قَومِ لِلعَحَبظِ العَجيبِ * وَلِلغَفَلاتِ تَعْرِضُ للأرِيب ("يا قوم" مُستَغاث مضاف لياءِ المتكلم المَحذُوفةِ اجْتِزَاء بالكسرة. والأريب: العالم بالأمور.
أمَّا مع اللام، فهو مُعَرب مجرورٌ باللام، ومع الألف فهو مبني على الضم المقدر لمناسبة الألف في محل نصب.
-3 المُتعَّجبُ منه:
هو المستغاثُ بعَيْنه أُشرِب مَعْنى التَّعَجُّب من ذاتِه أو صفتِه نحو: "يَا لَلْحَرِّ" تَعَجُباً من شِدَّتِهِ و "يَا لَلدَّوَاهي" عند استِعْظامِها.
-4 هاء السَّكْت:
وفي حَالِ وَصْلِهِ بالأَلِفِ إذا وُقِف على كلٍّ مِنْهُمَا يجُوز أن تَلْحَقَه "هاء السَّكْت" نحو "يَا زَيْداهُ" و "يا دَوَاهِيَاهُ".
-5 حُطْم صِفَةِ المُسْتَغَاثَ جَرَرْتَ صفته، نحو "يَا لإِبْرَاهيمَ الشُّجاعِ للمَظلوم".
-6 قد يكون المستغاث مستغاثاً من أَجْلِهِ كأن تقول: "يا لَلْقاسِم لِلْقَاسِم"، أي أجعوك لتُنْصِفَ مِن نَفْسِك.
-7 حَذْفُ المستغاث:
قد يُحَّف المستغاثُ فيلي "يا" المستغاثُ مِنْ أجْلِهِ كقوله:
يَا لِأُنَاسٍ أبَوْا إلاَّ مُثابَرَةً * عَلى التَّوَغُّلِ فِي بَعْيٍ وعُدْوَانِ
أي يا لَقَومِي لأناس.
الاسْتِفْهَام:
-1 تَعْريفه:
هُو طَلبٌ الفَهم بالأدَواتِ المخصُوصةِ.
-2 حَرفا الاستِفهام:
للاسْتِفْهامِ حَرْفان: "هَلْ" و "الهَمزة". (= فيحرفيهما).
-3 أسماء الاسْتِفهام:
تسعة وهي: "مَا، ومَن، وأيّ، وكَمْ وكَيْف، وأيْنَ، وأَنَّى، ومَتَى، وأَيَّان".
(= في أحرفها).
-4 أدوات الاستفهام من حيث التَّصَور والتَّصديق.
جميعُ أَسْماءِ الاستِفهام لِطَلَبْ التَّصَوُّر (التصور: طلب إدراك المفرد فقولك "كيف أنتَ" استفهام عن مفردٍ وهو "أنت"). لا غير. إلاّ "هل" فإنَّها لِطَلبِ التصديق (التصديق: طلب إدْراك النسبة فقولك: "هل زيدٌ قادم" تستفهم عن قدومِ زيد هذه هي النسبة، لا عن زيد وحدَه) لا غير، والهمزة مشترِكةٌ بينهما.
-5 يَقْبُح في حُروف الاستِفهام أَنْ يصيرَ بعدها الاسمُ وبَعده فعلٌ:
وصُورةُ ذلك أن يَأْتيَ بعدَ أسماءِ الاستفهام وحروفِه: "هل" اسمٌ وبعد الاسْم فِعْلٌ.
فلو قلتَ: "هلْ زيدٌ قامَ" و "أيْنَ زَيدٌ ضَرَبْتَه" لم يَجُز إلاّ في الشعر، فإذا جاءَ في الشعر نَصَبْتَه فتقول مثلاً: "أينَ زيداً ضَرْبتَهُ؟".
فإنْ جِئتَ في سائرِ أسماءِ الاستفهامِ وحرفِه "هَلْ" - باسم وبَعْد ذلك الاسم اسْمٌ مِنْ فِعْلٍ - أي اسمٌ مُشْتَقٌّ - نحو "ضَارِب" جاز في الكلام، ولا يجوزُ فيه النَّصْبُ إلاّ في الشِّعر، فلو قلت: "هل زَيدٌ أنا ضاربُه". لكان جَيِّداً في الكلام، لأنَّ ضَارِباً اسمٌ في مَعْنَى الفِعْل، ويجوز النصبُ في الشعر.
أمَّا هَمْزةُ الاستِفْهَامِ فتختلف عن هذه الأحكام لأنها الأصْلُ.
(= همزة الاستفهام).
-6 إعرابُ أسماءِ الاستِفهام:
إنْ دَخَلَ على هذه الأسماءِ جَارٌّ، أو مُضافٌ فَمحلٌّها الجَرُّ نحو {عَمَّ يَتَساءلُون؟}(الآية "1" من سورة النبأ "28" ) ونحو: "صبيحَة أيِّ يَوْم سَفَرُك؟" و "غلامُ مَنْ جَاءَك؟" وإلاّ فإنْ وَقَعَتْ على زمانٍ نحو {أَيَّان يُبْعَثُون؟} (الآية "21" من سورة النحل "16" ) أو مَكَانٍ نحو {فأْينَ تَذْهَبُون؟} (الآية "26" من سورة التكوير "81"). فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً فيه. أو حَدَثٍ نحو {أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26" ). فهي مَنْصُوبةٌ مفعولاً مُطْلَقاً، وإلاَّ فإن وَقع بعدَها اسْمٌ نَكِرَةٌ نحو "مَنْ أبٌ لك: فهي مُبْتَدأةٌ، أو اسمٌ مَعْرِفة نحو "مَنْ زَيدٌ" فهي خبر، وعند سيبويه مبتدأ وبعدها خَبَر، وإلاَّ فإنْ وقَعَ بعدَها فِعلٌ قَاصِرٌ فهي مبتدأةٌ نحو "مَنْ قام" وإن وقعَ بعدها فعلُ متَعدٍّ فإن كان واقعاً عليها فَهْيَ مَفْعولٌ به، نحو: {فأيَّ آياتِ اللّه تُنكِرُون} (الآية "81" من سورة غافر "40" ) ونحو: {أيَّاماً تَدْعُوا} (الآية "110" من سورة الإسراء "17" ) ونحو "مَنْ يُؤَنِّبُ المعَلِّمُ؟". وإن كان واقعاً على ضَميرها نحو " مَنْ رَأيْتَه" أو متعلَّقِها نحو "مَنْ رأيتُ أَخَاه؟" فهي مُبْتدأة أو منصُوبةٌ بمحذوفٍ مُقدَّر بعدها يُفَسِّره المذكور.
* الاسم واشتقاقه:
وفي اشْتِقاق الاسمِ قَوْلان:
الأول: أَنَّه مُشتَقٌّ من السُّمُو - وهو رَأي البَصْريين - والثاني من السِّمةِ - وهي العَلاَمة - وهو رأي الكوفيين، والصحيحُ الأول، وهو السُّموُ بدليل جَمْعِه على "أسْماء" وتَصْغِيره على "سُمَيّ".
ويقال: سَمَا يسمو سُمُوّاً إذا عَلاَ، وكأنه قيل: اسمٌ أي ما عَلاَ وظَهَر فَصَارَ عَلَماً، وكلُّ ما يَصِح أن يُذكر فَلَهُ اسمٌ في الجُمْلة.
والاسْمُ: كلمةٌ تَدُلُّ على المُسَمَّى دَلاَلَةَ الإشَارَةِ دونَ الإفادَة ، وذلك أنَّكَ إذا قلت: زيدٌ، فكأنَّكَ قلتَ: ذاك، والإفادةُ أن يكون الاسمُ في جملةٍ مُفيدة، والفعلُ المُتَصَرِّفُ من الاسم قولُك: "أَسْمَيْتُ" و "سمَّيت" مُتَعَدٍّ لمفعولين نحو: "سَمَّيتُه بزيد".
والاسمُ قِسمان: اسمُ ذاتٍ، واسمُ مَعْنىً، فاسم الذات: ما وُضِع لمعنىً قائمٍ بغيره كالسَّوادِ والبياضِ والأخْذ والعَطاء وأمثالِ ذلك.
* أبنية الأسماء: الأسماءُ التي لا زيادَةَ فيها تكونُ على ثلاثةِ أَجْنَاسٍ: تَكُونُ على ثَلاَثَةِ أَحرُفٍ، وعلى أرْبَعةٍ، وعلى خَمْسةٍ، لا زِيادَةَ في شَيءٍ من ذلك، ولا يكونُ اسمٌ غيرُ محذُوفٍ على أَقَلَّ من ذلك.
فأول ذَلِكَ ما كَانَ على "فَعْلٍ" وهو يكُونُ اسْماً أو نَعْتاً؛ فالاسْمُ نحو: "بَكْرٌ، وكَعْبٌ، وصَقْرٌ" والنَّعتُ قولك: "ضَخْم، وجَزْل، وَصَعْب".
ويكون - الاسمُ - على "فِعْلٍ" فيهما.
فالاسمُ: "جِذْع، وعٍجْل". والنَّعت: "نِقْضٌ (النَّقْضُ: المَهزُول من السَّير، ناقةً أو جملاً ومثله: النِّضو) ونِضْوٌ، وحِلْفٌ".
ويكون على "فَعَلٍ" فيهما، فالاسم: "خُرْج، وقُفْل، وقُرط" والنَّعتْ: "مُرٌّ، وحُلْو".
ويكون على "فَعِلٍ" فيهما؛ فالاسمُ: "فَجِذٌ، وكَتِفٌ، وكَبِد". والنَّعْت: "فَرِحٌ، وحَذِر، ووَجِع". ويكون على "فَعُلٍ" فيهما، فالاسمُ: "رَجُلٌ وعَضُدٌ، وسَبُع" والنَّعْتُ: "نَدُسٌ (النَّدُس: الفَهِم)، حَذُر، وحّدُث".
ويَكونُ على "فُعُلٍ" فيهما؛ فالاسمُ نحو: "طُنُبٍ، وعُنُقٍ، وأُذُنٍ" والنَّعْت: "جُنُبٌ، وشُلُل، وبُكُر".
ويكون على "فِعَل" فيهما، فالاسم: "ضِلَع، وعِنَب، وعِوَض" والنَّعتُ: "عِدىً، وقِيَم". ويقول سيبويه: ولا نعلَمُهُ جاء صِفَةً إلاّ في حَرْفٍ معتلٍّ وهو قَوْلُهم: "قَوْمٌ عِدىً".
ويكون على "فِعِل" في الاسم، ولم يثبت إلا في حَرْفَين: وهما إِبِل، وإِطِل (وفي الاقتضاب: وإما "إِطِل" فزيادة غير مرضية لأن المعروف "إطْل" بالسكون ولم يسمع محركاً إلاّ في الشعر).
ويقول سيبويه: ويكون "فِعِلٌ" في الاسم نحو "إِبِلٌ" وهو قليل لا نعلم في الأسماء والصفات غيرَه، ويكون على "فُعَل" اسْماً، ونعتاً فالاسم: "صُرَد، ونُغَر" (صُرَد ونُغَر: طائران) والنَّعت: "حُطَم، وَلُبَد، وكُنَع، وخُضَع" - وهو الذي يَقهر أقْرانَه - قال الحُطَم:
قد لَفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَم * ليس براعي إبل ولا غنم
وقال اللّه عز وجل: {أهْلكْتُ مالاً لُبداً} (الآية "6" من سورة البلد "90").
ولا يكون في الكلام شيءٌ على "فِعُل" في اسم، ولا فعل.
ولا يكون في الأسماء شيءٌ على "فُعِل".
* اسمُ الآلَة:
-1 تعريفه:
هو لفظٌ مُشْتَقٌ دَالٌّ على أدَاةٍ تُعِين الفَاعلَ في تَحْصِيل الفِعل، ولا تُصاغُ إلاَّ مِنَ الثلاثي المبني للمعلوم المُتَعدِّي.
-2 أوْزَانُه:
أوْزَانُه ثَلاثَةٌ:
-1 "مِفْعَال" كـ "مِفْتاح، ومِنْشَار".
-2 "مِفْعَل" كـ "مِبْرَد، ومِقْوَد، ومِقَصّ" أصله مقْصص و "مشْرَط".
-3 "مِفْعَلة" كـ "مِكْنَسَة، مِسْطَرة، ومِصْفَاة".
-3 ما شَذَّ عن الثلاثة:
شَذَّ أَلْفاظٌ منها: "مُسْعُط" و "منْخُل" و "مدْهُن" و "منصُل" و "مكْحُلَة" بضم الأُول والثالث في الجميع.
و التَّحقيق أنها لَيْستْ من هذا الباب، بل هي أسماءُ أوْعِية مَخْصُوصةٍ، وقدْ أَتى جِامِداً على أوْزَانٍ شتَّى لا ضَابِطَ لها:
كـ "الفَأْس" و "القَدُوم" و "السِّكِّين" و "السَّاطُور" وغير ذلك.
اسم الإشَارة:
-1 تعريفه:
هو ما وُضِعَ لمُشَارٍ إليه. وهو من المَعَارِف السِّت.
-2 أسماءُ الإِشَارَة:
هي: "ذَا" للمُفْرِد المُذَكّر، و "ذي، تِي، ذِهِ، تِهِ (بإشباع الكسرة فيهما)، ذهِ، تِهِ (بغير إشباع فيهما)، ذِهْ، تِهْ (بسكون الهاء فيهما)، ذاتُ، تا" وهذه العَشْرة للمفرد المؤنث. و "ذانِ" للمُثَنَّى المُذَكَّر رَفعاً.
و "تانِ" للمُثَنَّى المُؤَنَّث رَفْعاً، و "ذيْن وتَيْن" لتَثْنِيَةِ المُذَكَّر والمؤنث نصباً وجِرّاً و "أوْلاَءِ" (وهو ممدود عند الحجازيين، ومقصور عند تميم، وقيس وربيعة وأسد) لجمعِ العاقِلِ مُذَكَّراً أو مثؤنَّثاً، وَيَقِلُ مجِيئُه لِغَيرِ العاقل وذلك كقولِ جرير:
ذُمَّ المَنَازِلَ بَعدَ مَنْزِلِة اللَّوى * والعَيْشَ بَعدَ أولئكَ الأيَّامِ
وتَلْحَق اسمَ الإشارةِ "كافُ الخِطاب" و "لامُ البعد" (=كافَ الخطاب ولامَ البعدِ كلَّاً في حَرْفهِ).
-3 ما يُشَارُ به إلى المكانِ القريب والبعيد:
يُشَارُ إلى المكانِ القريبِ بـ "هُنا" من غير "هَا" أو "هَهُنا" مَقْرُونةً بـ "ها" نحو {إنَّا ههُنا قَاعِدُون} (الآية "24" من سورة المائدة "5" ).
ويُشارُ لِلبَعيدِ بِـ "هُنَاكَ" من غير "ها" أو "ههُنَاكَ" مَقْرُونَةً بـ "ها". أو هُنَالِكَ أو "هَنَّا" أو "هِنَّا" (وكسر الهاء أردأ من فتحها) أو "هَنَّتْ" (أصلها "هَنَّا" زيدت عليها التاء الساكنة فحذفت الألف لالتقاء الساكنين). أو "ثَمَّ" نحو {وأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخرِين} (الآية "64" من سورة الشعراء "26" ) "= في أحرفها".
* اسمُ التّفْضِيل وعَمَلُه:
هو اسمٌ مَصُوغٌ للدَّلالَةِ على أنَّ شَيْئَينِ اشْتَرَكا في صِفَةٍ، وزَادَ أحَدُهُما على الآخَر فيها، فإذا قلت: "خالدٌ أشْجعُ من عمروٍ" فإنَّما جَعَلتَ غاية تفضيله عمراً.
-2 قياسهُ:
قِياسُه: "أَفْعَل" للمذكَّر، نحو: "أَفْضَل" و "أكْبَرَ" وهو ممنوعٌ من الصرف للوصفيَّة ووزن الفعل، و "فعْلى" للمؤنَّث نحو: "فُضْلى" و "كبْرى" يقال: "عليٌّ أكبرُ مِنْ أخِيه". و "هندٌ فُضْلَى أَخَواتِهَا".
وقد حُذِفت همزةُ "أَفْعل" من ثَلاثَةِ أَلْفاظٍ هي: "خَيْر وشَرّ وحَبّ" لكثرة الاستعمال نحو "هو خَيْر منه" و "الظالم شَرُّ الناس".
مَنَعْتَ شَيْئاً فأكثرتَ الوَلُوعَ به * وحَبُّ شَيْء إلى الإنْسانِ ما مُنِعَا
وقد جاءت "خَيْرٌ وشَرّ" على الأصل، فقيل: "أَخْيَر وأَشَر" قال رؤبة: "بِلالُ خيرُ الناسِ وابنُ الأخْيَرِ". وقرأ أبو قُلاَبة: {سَيَعْلَمُونَ غَداً من الكَذَّابُ الأَشَرُّ} (الآية "26" من سورة القمر "54") وفي الحديث "أَحَبُّ الأعمالِ إلى اللَّه أَدْوَمُها وإنْ قَل".
-3 صِياغَته:
لا يُصَاغُ اسمُ التَّفْضِيل إلاَّ مِن فِعْلٍ استَوْفى شروط فِعْلَي التَّعَجُّب (انظرها في التعجب). فلا يُبْنَى من فِعل غَيرِ الثُّلاثي، وشَذَّ قولهُم: "هو أَعْطَى مِنْك" ولا مِنَ المَجْهُول، وشذَّ قولهُم في المَثَلِ "العَوْدُ أَحْمد" و "هذا الكتاب أَخصَرُ من ذاك" مشتق من "يُحْمَدُ" و "يخْتَصَرَ" مع كونِ الثاني غَيْرَ ثُلاَثي، ولا مِنَ الجَامد نحو "عَسَى" و "ليْس" ولا مما لا يَقْبَل التَّفاوتَ مثل "مَات" و "فنِي" و "طلَعَتِ الشَّمسُ" أو "غَربت الشَّمسُ" فلا يُقال: "هذا أموتُ من ذاك" ولا "أفنى منه". ولا "الشمسُ اليومَ أَطْلعُ أو أغْربُ من أمْسِ" ولا مِنَ النَّاقِص مثل "كانَ وأخواتها: ولا من المَنْفى، ولو كان النفيُ لازِماً نحو "ما ضَرب" و "ما عِجْتُ بالدواء عَيْجاً" أي لم أنْتَفِعْ به، ولا مِمَّا الوَصْفُ منه على "أَفْعَل" الذي مُؤَنّثهُ "فَعْلاَء" وذلكَ فيما دَلَّ على "لَوْنٍ أو عَيْبٍ أو حِلْيَةٍ" لأنَّ الصِّفَة المشبهةَ تُبْنَى من هذه الأفعال على وزن "أَفْعَل"، فلو بُنيَ التَّفضِيلُ منها لالْتَبَس بها، وشذَّ قولهُم: "هو أسْودُ مِنْ مُقلةِ الظَّبيْ" ويُتَوصَّل إلى تفضيل ما فَقدَ الشروطَ بـ "أَشَدَّ" أو "أكْثَرَ" أو مثلِ ذلك، كما هو الحال في فِعْلَي التَّعَجُّب، غير أنَّ المصدرَ بعدَ التَّفْضِيل بأَشدّ يُنصَبُ على التَّمْييز نحو "خالدٌ أشدُّ اسْتِنباطاً للفوائد" و "هوَ أكثرُ حُمرَةً من غَيْره".
-4 لاِسمِ التَّفْضِيل باعتبار مَعْناه ثلاثة استِعْمَالات:
(أحَدُها) ما تَقدَّم في تعريفه وهو الأصل والأكثر نحو "خالدٌ أحبُّ إليَّ مِن عمرٍو".
(ثانِيها) أنْ يُرادَ به أنَّ شَيئاً زادَ في صِفةِ نَفْسِه على شَيءٍ آخَرَ في صِفَتِه قال في الكشاف: فمن وجيز كلامهم: "الصَّيْفُ أَحرُّ مِنَ الشِّتاءِ" و "العَسَلُ أَحْلى من الخل". أي إنَّ الصَّيفَ أبْلَغُ في حَرِّه من الشتاءِ في بَرْده والعَسَلُ في حَلاَوَتِهِ زائدٌ عَلى الخَلِّ في حُمُوضَتِهِ. وحينئٍّ لا يكون بينهما وَصْفٌ مُشْتَرَك.
(ثَالِثُها) أن يُرادَ به ثُبوتُ الوَصْفِ لِمَحَلَّه مِنْ غيرِ نَظَرٍ إلى تَفْضيلٍ كقولهم: "النَّاقِصُ والاشَجُّ أعْدَلاَ بني مروان" (الناقص: يزيد بن عبد الملك بن مروان، سمَّي بذلك لنقصة أرزاق الجند والأشج: عمر بن عبد العزيز). أي عادلاهم، وقوله:
قُبِّحْتُمُ يا آلَ زيدٍ نَفَراً * أَلامَ قومٍ أصغراً وأكبرا
أي صَغِيراً وكبيراً، ومنه قولهم: "نُصيَبٌ أَشْعَرُ الحَبَشَةِ". أي شَاعِرُهُم. إذْ لا شاعِرَ غَيْرُهُ فيهم، وفي هذه الحالةِ تَجِبُ المطابقة، ومن هذا النوعِ قولُ أبي نُواس:
كأَنَّ صُغْرَى وكُبْرَى مِنْ فَقَاقِعِها * حَصْبَاءُ دُرٍ عَلَى أرْضٍ من الذَّهَبِ (ولقد لحَّن بعضُهم أبا نواس بقوله "صُغْرى وكُبْرى" وكان حقه أن يقول: أصغرَ وأكبرَ بالتذكير إن أراد التفضيل. ودافع عنه بعضهُم بأنه ما أراد التفضيل وإنما أراد الصغيرة والكبيرة كما أوْرَدناه).
ومنه قولُه: تعالى: {وهُو أَهْونُ عَليه} (الآية "27" من سورة الروم "30" ). و{رَبُّكمُ أَعْلَمُ بِكُمْ} (الآية "54" من سورة الإسراء "17" ).
-5 لاسمِ التَّفْضِيلِ من جِهَةِ لَفْظِه ثلاثُ حَالاَتٍ:
-1 أن يكونَ مُجَرَداً من "ألْ" و "الإضافَة".
-2 أن يكونَ فيه "ألْ".
-3 أن يكونَ مضافاً.
فأمَّا المُجَرَّدُ مِن "أَلْ والإضَافة". يجب فيه أمران:
(أحدهما) أنْ يكونَ مُفْرداً مذكَّراً دائِماً نحو {لَيُوسُفُ وأَخُوه أَحبُّ إلى أَبِينَا مِنَّا} (الآية "8" من سورة يوسف "12" ).
(ثانيهما) أن يُؤتَى بعدَه بـ "مِنْ" (مِنْ: لابتداء الغاية). جارَّةٍ للمَفْضولِ كالآية المارَّةِ، وقد تُحذف "مِن"، نحو {والآخِرَةُ خَيْرٌ وأَبْقَى} ( الآية "17" من سورة الأعلى "87").
وقد جاء إثباتُ "مِنْ" وحذفُها في قوله تعالى: {أَنا أكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً} (الآية "35 من سورة الكهف "18" ) أي منك،
وأكْثَر ما تُحذَف "مِن" مع مجرورها إذا كان أفعلُ خَبراً كآية {والآخرة خيرٌ}، ويَقل إذا كانَ حالاً كقوله:
دَنَوْتَ وقد خِلْنَاكَ كالبَدْرِ أَجْمَلا * فَظَلَّ فُؤادِي في هَوَاكَ مُضَلّلاً
أي دَنَوتَ أجملَ من البَدْرِ، أو صفةً كقولِ أُحَيْحَةَ بنِ الجُلاح:
تَرَوَّحِي أَجْدَرَ أن تَقِيلي * غَداً بِحَنْبيْ بارِدٍ ظَلِيلِ (الخطاب: لصغار النخل وهو الفسيل، وتروح النبت: طال).
أي تروَّحي وخُذِي مكاناً أْدَرَ من غيره بأنْ تَقِيلي فيه.
ويجبُ تقديمُ "مِن" ومجرورِها عليه إن كان المجرورُ بمن استفهاما، نحو: : أَنْتَ مِمَّنْ أفْضَلُ؟". أو مًضافاً إلى الاستِفهام نحو "أنتَ مِن غلامِ مَنْ أَفْضَلُ؟".
وقد تَتَقَدَّم في غير ذلك للضرورة كقول جرير:
إذا سَايَرَتْ أسْماءُ يَوْماَ ظَعِينَةً * فأسْمَاءُ من تلكَ الظَّعِينَةِ أمْلحُ
وأمَّا ما فيه "ألْ" من اسمِ التَفْضِيل فيجب فيه أمران:
(أحدهما) أن يكونَ مطابِقاً لموصوفه نحو: "محمد الأفْضَلُ" و "هنْد الفُضْلى". و "المُحَمَّجان الأفْضَلان" و "المُحَمَّدُون الأفْضَلون" و "الهِنْدَاتُ الفُضْلَيَاتُ أو الفُضَّل".
(ثانيهما) ألا يُؤْتى معه بـ "مِنْ".
وأما قولُ الأعشى يخاطب عَلْقمة:
ولستَ بالأكثرِ منهُم حَصىً * وإنَّما العزةُ للكاثِرِ (حصَى: عدداً، والكاثر: الغالب في الكثرة، حرَّجه ابن حني من الخصائص على أنّ "مِنْ" فيه مثلُها في قولك: "أنت من الناسِ حُرٌّ" فكأنه قال: لست من بينهم الكثير الحصى).
فخرِّج على زيادة "ألْ".
"وأمَّا المُضَافُ" إلى نَكِرةٍ من اسم التفضيل فَيَلْزمُه أمْران: التذكيرُ، والإفْراد، كما يَلْزَمَانِ المجرد من أل والإضافة لاسْتِوَائِهما في التَّنكير، ولكونهما على معنى: مِنْ، ويلزمُ في المضاف إليه أن يطابق المَوصُوف نحو "محمدٌ أفْضَلُ رَجُلٍ" و "المُحَمَّدانِ أَفْضَلُ رَجُلَين" و "المُحَمَّدون أَفْضَلُ رِجالٍ" و "هنْدٌ أفْضَلُ امْرأةٍ" و "الهندانِ أفْضَلُ امْرَأَتَين" و "الهنداتُ أفضلُ نِساءٍ" إذا قَصَدتَ ثُبُوتَ المزيَّةِ للأوَّل على جنس المضاف إليه، فأما قولُه تعالى: {ولا تكونوا أوَّلَ كَافِرٍ به} (الآية "41" من سورة البقرة "2" وعلى القاعدة بغير القرآن يقال: ولا تكونوا أول كافرين به). فالتقدير على حذف الموصوف، أي أوَّلَ فَريقٍ كافِرٍ به.
وإنْ كَانَت الإضَافَةُ إلى مَعْرِفةِ، فإنْ أُوِّلَ بما لاَ تَفْضيلَ فيه، أو قُصِدَ به زِيَادةُ مُطْلَقَةٌ وجَبَتِ المُطَابَقَةُ لِلموصُوفِ، كقولهم: "الناقِصُ والأشَجُّ أعْدَلاَ بني مروان" أي عادلاهم. وإنْ كان أفعَلَ على أصلِه مِنْ إفادةِ المُفَاضلة على ما أضيف إليه جازت المُطَابَقة كقولِه تَعالَى: {أَكابِرَ مُجْرِميها} (الآية "123" من سورة الأنعام "6" )، {هُمْ أَرَاذِلُنا} (الآية "27" من سورة هود "11" ). وترك المطابقة هو الشَّائِع في الاستعمال، قال تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَيَاةِ} (الآية "96" من سورة البقرة "2" ).
وقد اجتَمع الاسْتِعمالان في الحديث: "ألا أُخْبِركُم بأحبِّكُم إليَّ وأقرَبِكم مني مَنازِلَ يوم القيامةِ أَحَاسِنُكُم أَخلاَقاً المُوطَّؤون أكْنَافاً الذينَ يألَفُون ويُؤلَفُون".
-6 عمل اسمِ التَّفْضيل:
يَرفَعُ اسمُ التفضيل الضميرَ المستَتِر بكَثْرةٍ نحو "أبُو بكر أَفْضَلُ" ويرفع الاسْمَ الظَّاهِرَ، أو الضَّمير المُنفصل في لُغَةٍ قَلِيلة نحو "نَزَلْتُ بِرَجُلٍ أكْرَمَ مِنْهُ أبُوهُ" أو "أكرَمَ منه (قِلَّةُ هذه اللغة على أساسِ إعراب "أكرم" صفةً لرجل ممنوعةً من الصرف وبرفع "الأب" و "أنت" على الفاعلية بأكرم وأكثر العرب يُوجبُ رفعَ "أكرَم" في هَذَيْن المثالين على أنه خبر مقدم و "أبوه" أوْ "أنْتَ" مُبتدأ مُؤَخر، وفاعلُ أكرم ضمير عائد على المبتدأ والجملة من المبتدأ والخبر صفة لرَجلِ) أنتَ" ويَطَّردُ أنْ يَرْفَعَ "اَفْعلُ التفضيل" الاسمَ الظاهرَ إذا جازَ أنْ يَقَعَ موقِعَهُ الفعلُ الذي بُنيَ منه مُفيداً فائِدتَه، وسَبَقه "نَفيٌ أو شِبْهُهُ"، وكان مَرْفوعُه أجْنَبياً مُفَضَّلاً على نَفْسِه باعْتِبارَيْن نحو: "مَا رَأَيتُ رَجُلاً أحْسَنَ في عَيْنِه الكُحْل مِنْهُ في عينِ زيد" (معنى المثال: أنّ الكُحْلَ - باعتبار كونه في عين زيد - أَحْسَنُ مِنْ نَفْسِه باعتبارِ كَونِه في عين غيره مِنَ الرجال، وهذان هما الاعتباران). و "لمْ أَلْقَ إنْسَاناً أسْرَعَ في يدهِ القَلَمُ مِنْه في يَدِ عَلِيٍّ". و "لا يكُنْ غيرُك أحبَّ إليه الخَيرُ مِنْه إليك". و "هلْ في الناسِ رَجُلٌ أَحقُّ به الحمدُ منه بمُحْسِنٍ لا يَمُنّ".
وأما النَّصبُ به: فيمتنع منه مطلقاً المفعولُ به والمفعُولُ مَعَه، والمفعولُ المُطْلَق، ويمتنعُ التمييز، إذا لَمْ يكُنْ فاعِلاً في المَعْنى فلفظ "حيث" في قوله تعالى: {اللَّه أَعْلَمُ حَيْثُ يَجعلُ رِسالته} (الآية "124" من سورة الأنعام "6" ). في موضعِ نَصْبٍ مَفْعُولاً به بفعلٍ مُقَدَّر يدل عليه أعْلَمُ؛ أي يَعْلَمُ الموضعَ و الشَّخْص الذي يَصْلُح للرِّسَالة، ومنه قوله:
"وأضرَبُ منا بالسيوفِ القَوانِسا" (القوانس: جمعُ قَوْنَس، وهو أعلى البيضة "الخوذة").
وأجاز بعضهُم: أن يكونَ "أفْعل" هو العاملَ لتجرُّدِه عن مَعنى التفضيل.
أمّا عَمَلهُ الجرَّ بالإضَافة، فيجوز إن كان المخفوضُ كُلاًّ، و "أفعلُ" بعْضَه، وذَلِكَ إذا أُضيفَ إلى معرفة، نحو "الشَّافعي أعْلمُ الفقهاءِ". وعَكْسُهُ إذا أُضيفَ لنكرة نحو "أفضلُ رجُلَيْن أَبُو بكرٍ وعُمرُ". وأمَّا عَملُه بالحَرْفِ فإن كانَ "أفْعلُ" مَصُوغاً من مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ ودَلَّ على حُبٍ أو بُغض عُدِّي بـ "إلى" إلى ما هُو فَاعِلٌ في المَعْنى، نحو "المُؤْمنُ أحبُّ لِلَّهِ مِنْ نَفْسِه، وهو أَحَبُّ إلى اللَّهِ مِنْ غَيره" أي يُحبُّ اللَّهَ أكثَر مِنْ حُبِّه لنفسه، ويُحبُّه اللَّهُ أكثَر من حبِّه لغيره، ونحو "الصَّالِحُ أَبْغَضُ للشَّرِّ من الفَاسِق، وهو أبغضُ إليه من غيره". أي يُبْغِض الشر أكثرَ من بُغْضِه للفاسق، ويُبْغِضُهُ الفاسقُ أكثر من بغضِه لغيره.
وإن كانَ مِنْ مُتَعدٍّ لنَفْسه دَالٍّ على عِلْم عُدِّي بالباء نحو " محمدٌ أعْرَفُ بي، وأنا أعْلَمُ به". وإنْ كانَ غَيْرَ ذلك عُدِّي باللاَّمِ نحو "هُو أَطْلَبُ للثَّأْرِ وأنفعُ للجار" وإنْ كان من مُتَعدٍّ بحرفِ جَرّ عُدَّيَ به لا بغيره نحو "هو أزْهَدُ في الدنيا، وأسْرَعُ إلى الخير" و "أبعدُ من الذنب" و "أحرصُ على المَدْح" و "أجْدَرُ بالحِلْم" و "أحيدُ عن الخَنَى" (الخنى: الفحش) ولِفِعْلِ التَّعَجُّب من هذا الاستعمال، ما لأَفْعل التفضيل نحو "ما أحبَّ المُؤمِنَ للَّه وما أَحبَّه إلى اللَّهِ" إلى آخر الأمثلة.
* اسمُ الجَمع: هوَ مَا لَيسَ لَه واحِدٌ من لَفْظِه، وليسَ على وَزْنٍ خَاصٍّ بالجُموع أو غَالب فيها كـ "قوْم" و "رهْط" و "نفَر" و "بشَر" و "أبِل" أَوْ لَه واحدٌ لكنه مُخَالِفٌ لأَوْزَانِ الجُمُوع كـ "رَكْب" بالنسبة لـ "راكب" و "صحْب" بالنسبة لـ "صاحب" أَوْ لَه واحدٌ مُوافقٌ لأوزان الجُموع لكنَّه مُساوٍ للواحد في التذكير كـ "غَزِيّ" (أما غُزَّى: فهو جمع غازٍ) اسمُ جمع "غَازٍ" أو مُسَاوٍ للوَاحِدِ في النَّسَبِ نحو "رِكاب" اسم جمع "رَكُوبَة" وقالوا: "رَكابيّ" (يقولون: زيت ركابي: منسوب إلى الركاب أي الإبل لأنه يُحملُ من الشام عليها) في النسب.
واسمُ الجَمْع مُفْدَدُ اللَّفْظ مَجْمُوعُ المَعْنَى، بدليل جَوازِ تَصْغيره على صِيغَته، واسمُ الجَمْعِ لِغَير الآدَميين لم يَكْن إلاَّ مُؤَنَّثاً كـ "إبِل" و "غنَم" تقول: "هذه إبِلي" و "راحَتْ غَنَمي".
وَيَختَلِفُ اسْمُ الجَمْع بـ "هذا" إعادةُ ضَميرِ المفرد إليه.
أن يكو خَبَرَاً عَنْ هو.
أن يُصغَّر بنَفْسه، ولا يُرَدَّ إلى مفرَد.
عدمُ استمرارِ البُنْية في جمع التكسير.
* اسمُ الجِنْس: اسمٌ وُضِعَ للمَاهِيَّةِ بلا قَيْدٍ أصْلاً من حُضُورٍ وغيرِه، وإنْ لَزِمَهُ الحُضُورُ الذّهْني فلِتَعذُّر الوَضْعِ للمَجْهول ولكنه لم يُقصَد فيه.
والفَرْقُ بَيْن اسمِ الجِنْس وعَلَمِ الجنس (انظر علم الجنس) وَعَلَم الشخص (انظر العلم) أنَّ عَلَم الجِنْس للمَاهِيَّةِ بقيد الحُضُور، لا بِقَيْد الصِّدق على كثيرين. تقول: أُسَامَة أقْوى من ثُعَالَة، فأسَامَة: عَلَمٌ على الأسد والمعنى: ماهية الأسد أقوى من ماهية الثعلب واسمُ الجنس بالعكس. هذا نوعُ الأُسود، وثعالة علم على نوعه من الثعالب واسم الجِنْس بعكس ذلك.
وعَلَم الشخْص: للماهِيَّة المشخَّصة ذِهْناً وخَارِجاً، فالتَّشخُّص الذِّهني يَجْمع عَلَمَ الجِنْس وعَلَمَ الشَّخص، ويُخْرِجُ اسْمَ الجِنْس، والتشخُّص الخَارِجي، يُفَرِّق بَيْن العَلَمين.
وكعَلَم الجِنس: العرف بلام الحقيقة (لام الحقيقة كقولك "الفَرَس خيرٌ من البرْذَون" والمعنى حقيقة الفرَس أو ماهيَّتُها خيرٌ من حقيقَة البِرْذُون أو ماهيته).
وكعَلَم الشخص المعرَّفِ بلام العَهْد، إلاَّ أنَّ العلمَ يَدُلُّ على التعيُّن بجوهرِه وذا اللام بقرينتها.
* اسمَ الجِنس الإفْرادي: هو ما يَصْدُقُ على القَلِيلِ أو الكثير نحو "لَبَنٌ وَمَاءٌ وَعَسَلٌ".
* اسمُ الجِنْس الجَمْعي: هو الذي يُفرَّق بينَه وبَيْنَ وَاحِده بالتَّاء غالِباً، وذلك بأن يكونَ الواحدُ بالتّاء، واللفظُ الدال على الجمعِ بغير تاء، مثل "كَلِم، كَلِمة، وشَجَر، شَجَرَة" وقد يُفَرَّق بينه وبينَ واحده بالياء نحو "رُوم - رُومي" و "زنج - زَنجي" ويطلق على القليل والكثير كالإفرادي ويُستثنى "الكلم" (=الكلم).
ويجوز في صفةِ هذا الجَمْعِ التَّذكيرُ و التَّأنيثُ نحو {إعْجَازُ نَخْلٍ خَاويةٍ} (الآية "7" من سورة الحاقة "69") و{أعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} (الآية "40" من سورة القمر "54") و الأغْلَبُ على أهلِ الحِجازِ التَّأنِيث، وعلى أهلِ نَجْدٍ التَّذكير. وقيل التذكيرُ باعتبارِ اللفظ و التأنيثُ باعتبار المعنى.
* اسمُ الفاعل: وأَبْنِيَتُه - وعَمَلُهُ:
-1 تعريف اسمِ الفاعل:
هو ما دَلَّ على الحَدَث و الحُدُوث وفاعِله كـ "ذاهبٍ" و "مكْرِم" و "مسَافِرٍ" وسمُ العاهِل حَقِيقةٌ في الحال، مَجَازٌ في الاستِقْبَال والمَاضِي.
-2 أبْنِيَةُ اسمِ الفَاعل:
أبْنِيَةُ اسمِ الفَاعل إمّا أنْ تأتيَ من الفعلِ الثلاثِّي المُجَرَّد، أو تأتيَ من غير الثلاثي.
أمَّا بِناءُ اسْمِ الفاعِلِ مِنَ الثلاثيِّ المُجَرَّد: فإنْ كان الفِعل ثلاثياً مجرَّداً فاسمُ الفاعلِ منه على وَزْن "فاعِل" بكثرةٍ في "فَعَل" مفتوح العين، مُتعدِّياً كأن كـ "ضَرَبه" فهو "ضَارِب" و "نصَرَه" فهو "نَاصِر" أو لازماً كـ "ذَهَبَ" فهو "ذَاهِبٌ" و "غذَا" بمعنى سَال فهو "غاذٍ" .
وفي "فَعِل" بالكسر، متعدياً كـ "أَمِنَه فهو آمِن" و "شربه فهو شَارِب" ويقل في اللازم كـ "سَلِم فهو سَالِم" وف "فَعُل" كـ "فَرُهَ فهو فَارِه".
واسمُ الفاعل ن نحو "قَال" و "باعَ" مِمّا كان مُعْتَلَّ الوَسَط: "قَائِل" و "بائِع" بقلب حَرفِ المَدِّ هَمْزةً.
وما كان على وَزْن "جَاءَ" و "شاءَ" مما هو مُعْاَّل الوَسَط فهو مَهْمُوزُ الآخر؛ فوزنُ الفاعل مِنْه على "جَاءٍ" و "شاءٍ" وإنْ شِئتَ قلت "جَائِيٌ" و "شائِيٌ" وكِلا القَوْلَيْن حَسَنٌ جميل على تعبير سيبويه.
وما كانَ من الثُّلاثيِّ مُعتَلُّ الآخِر نحو "غَزَوْتُ" و "زمَيْتُ" و "حشِيْتُ". فاسمُ الفاعل منه "غَازٍ" و "رامٍ" و "خاشٍ".
وأمَّا قولهم: "عَاوِرٌ" و "حاوِلٌ" و "صيِد" من عَوِر وحَوِل وصَيِد. فإنما جَاءُوا بِهِهَّ على الأصل.
"وَبَعِيرٌ صَيد" لَوَى عُنُقَه من عِلَّةٍ به. ويُقَالُ للمُتَكَبِّرُ: أصْيَد.
أمَّا في "فَعِلَ" اللازِم فقِياسُ اِسمِ الفاعلِ فيه "فَعِلٌ" في الأعْراض كـ "فَرِحٍ" و "أشِرٍ".
و "أفْعَل" في الألوان والخِلَق كـ "أَخْضَرَ وأَسْوَدَ وأَكْحَلَ". و "أعْمَى وَأَعْوَرَ" و "فعْلاَن". فيما دَلَّ على الامْتِلاءِ، وحَرارَةِ البَاطِن كـ "شَبْعَانَ وَرَيَّانَ" و "عطْشَانَ".
وقياسُ الوَصْف مَن "فَعُلَ" في الماضي والاستقبال - بالضم - "فَعِيل" كـ "ظَرِيف وشَرِيف". وَدُونَه "فَعْل" كـ "شَهْم وضَخْم" ودُونَهما "أَفْعَلَ" كـ "أخْطَب" إذا كان أحْمَرَ إلى الكُدْرَةِ و "فعَلٍ" كـ "بَطَل وحسنَ" و "فعَال" كـ "جَبَان" و "فعال" كـ "شُجَاع" وفُعُل" كـ "جُنُب" و "فعْل" كـ "عِفْر" أي شجاع مَاكِر، وهذه الصِّفات كلُّها إنْ قُصِد بها الثُّبوتُ والدَّوامُ، إلا وَزْن "فاعل" (والفرق بين "فاعل" وغيره من تلك الصفات أن الأصل في فاعل قصدً الحُدوث، وقصدُ الثُبوت طارئٌ، أمَّا غيرُ "فاعل" فمُشْتَركٌ في الأصل بين الحُدُوث والثبوت). فإنه اسمُ فاعل إلاّ إذا أُضِيف إلى مرفُوعِه ودَلَّ على الثبوت كـ "طَاهرِ القلبِ" و "شاحِطِ الدَّار".
وأمَّا بِناءُ اسمِ الفاعِل من غير الثُّلاثيّ: فتكون بلفظِ مُضارِعِهِ بإبدالِ حرف المُضَارعةِ ميماً مَضمومةً، وكسر ما قبل أخرِه، سَواءٌ أكان مَكسُوراً في المضارع كـ "مُنْطَلِق" و "مسْتَخْرِج" أو مفتوحاً كـ "مُتعَلِّم" و "متَدَحْرِج".
-3 عمل اسمُ الفاعل:
يَعملُ اسمُ الفاعل عملَ الفِعل المُضَارع في التَّعْدِّي واللُّزوم.
وهو قسمان:
-1 ما فيه "ألْ" ("أل" في اسم الفاعل والمفعول العاملين: اسم موصول) الموصولة.
-2 والمجرَّدُ من "ألْ".
وهاك التفصيل:
ما فيه أل من اسم الفاعل:
أمَّا ما كان فيه "أل" الموصولةُ من أسماء الفاعل فَيَعْمَلُ مُطْلقاً، ماضياً كانَ أو غيرَه، معتمداً (أي معتنداً على نفي أو استفهام إلخ . كما سيأتي قريباً) أو غيرَ مُعْتَمد، لأنه حالٌّ محلَّ الفِعل، والفِعلُ يَعْملُ في جميع الأحوالِ نحو "حضَر المُكرِمُ أخَاكَ أمسِ أو الآنَ أو غداً" فصار معناه: حضَر الذي أكْرمَ أخاك، ومثله قوله تعالى: {والمُقِيمِينَ الصَّلاَةَ والمُؤْتُون الزَّكَاةَ} (الآية "162" من سورة النساء "4" ) وقال تَميمُ بن أبي مُقْبِل:
يا عَيْنُ بََكَّي حُنَيفاً رأْسِ حَيِّهم * الكَاسِرِين القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
وقد يُضافَ اسمُ الفاعل مع وُجُودِ أل الموصولة، وقد قال قومٌ تُرْضَى عَرَبِيَّتُهم: "هذا الضاربُ الرجُلِ". شَبَّهُوه بالحَسَن الوَجْهِ، وإنْ كان لَيسَ مثْلَه في المَعْنى. قال المَرَّار الأَسَدَي:
أنا ابنُ التَّارِكِ البَكْريِّ بِشْرٍ * عَلَيْه الطَّيْرُ تَرْقُبهُ وُقُوعَاً
فالبَكْريُّ: مفعولٌ لِلتّاَرِك، فأضيف إليه تخفيفاً، ومن ذلك إنشاد بعضِ العَرب قولَ الأعشى:
الواهبُ المِائةِ الهِجَانِ وعَبْدِها * عُوذاً تُزَجِّي بينها أطفالَها
اسمُ الفاعِلِ المجرَّدِ من أل.
وأمَّا المجرَّدُ من "أل" فيعملُ بثلاثة شروط:
(أحدُها) كونُه للحال أو الاستقبال لا للماضي (خلاف للكسائي، ولا حجة له في قوله تعالى: {وكلبهم باسِطٌ ذراعَيْه بالوصيد} لأنه على إرادة حكاية الحال الماضية، والمعنى: يبسط ذراعيه بدليل؛ ونقلبهم ولم يقل وقلبناهم).
(الثاني) اعْتِمَادُه على استِفهامٍ، أو نفيٍ أو مُخْبَرٍ عنه، أو موصوفٍ، ومنه الحال.
فمثال الاستفهام "أعارفٌ أنتَ قَدرَ الإنصاف" ومنه قول الشاعر:
"أَمُنجِرٌ أنتُمُ وَعْداً وثِقتُ به"
ومثال النفي: " ما طالِبٌ أخواكَ ضُرَّ غيرِهما".
ومثالُ المُخْبَر عنه ما قاله امرؤ القيس:
إني بِحَبْلك واصِلٌ حَبلِي * وبِريشِ نَبْلِك رائِشٌ نَبْلِي
وقال الأخْوَصُ الرياحي:
مَشائِيمُ لَيْسُوا مُصْلِحين عَشِيرةً * وَلا نَاعِباً إلا بِبَينٍ غُرَابُها
ومثال النعت: "ارْكُن إلى عِلْمٍ زائِنٍ أَثَرُه من تَعَلَّمه". ومثال الحال: "أَقْبَلَ أَخوك مُسْتَبْشِراً وَجْهُه".
والاعتِمادُ على المقدَّر منها كالاعتماد على الملفوظِ به نحو " مُعِطٍ خالدٌ ضَيْفَهُ أمْ مَانِعهُ" أيْ أَمُعْطٍ (بدليل وجود "أم" المتصلة فإنها لا تأتي إلا بسياق النفي). ونحو قول الأعشى:
كَناطِحٍ صَخْرةً يوماً لِيُوهِنُهَا * فَلمْ يَضرهَا وَأَوهَى قَرْنَه الوَعِلُ
أَي كَوَعْلٍ نَاطِحٍ.
وَيَجب أنْ يُذْكرَ هنا أنَّ شَرْطَ الاعتماد، وعَدَمَ المضي، إنما هو لِعَمَلِ النَّصبِ، ولِرَفْعِ الفاعِلِ في الظاهر، أمَّا رَفْعُ الضَّمير المستتر فجائزٌ بلا شَرْط.
(الثالث) من شروط إعمالِ اسمِ الفاعل المجرَّد من "أل" ألاَّ يكون مُصَغَّرَاً ولا مَوصُوفاً لأنَّهما يخْتَصان بالاسم فَيُبْعِدانِ الوصفَ عن الشَبَهِ بِالفِعْليَّة. وقيل: المصغَّر إن لم يُحْفَظْ له مكبَّرٌ جاز كما في قوله:
"تَرَقرَقُ في الأيْدي كُميتٌ عصيرُها". فقد رُفع "عصيرها" بكُمَيْت فاعلاً له، وقيل يجوز في الموصوف إعمالُه قبل الصفة، نحو "هذا ضاربٌ زيداً متسلط" فَمُتَسَلِّط صفةٌ لضارب تأخر عن مَعْمُولِ اسم الفاعل وهو زيد.
(عمل مبالغة اسم الفاعل = مبالغة اسم الفاعل)
-4 عَمَلُ تثنية اسم الفاعل وجمعِه:
لتثنيةِ اسمِ الفاعل وجمعِهِ ما لمُفْرَدِه من العَمل والشُّروط، قال الله تعالى: {والذَّاكِرينَ اللَّهَ كَثِيراً} (الآية "35" من الأحزاب "33" ) {هَلْ هُنَّ كاشِفَات ضُرّه} (الآية "38" من الزمر "39" وهذه قراءة الحسن وعاصم. ورواية حفص: "كاشِفَات ضُرِّه" على الإضافة. ) {خُشَّعاً أبْصَارُهَم} (الآية "7" من سورة القمر "54").
ومثالُ التثنية قول عنترة العبسي:
الشَّاتَمِيْ عِرْضي ولم أشتمْهُما * والنَّاذِرَيْن إذا لَم الْقَهُما دَمي
ومِمَّا يَجْري مُجْرَى "فاعِلَة" حيثُ جَمعُوه وكسَّروه على فَواعِل، من ذلك قولهُم: "هُمْ حَوَاجُّ بَيْتَ اللَّه".
ومنه قولُ أبي كَبِير الهُذَلي:
مِمَّن حَمَلْنَ به وهُنَّ عَوَاقِدٌ * حُبُكَ النِّطاقِ فَشَبَّ غيرَ مُهَبَّلِ
( الحُبُكَ: واحده: حَبِيك: الطرائق. النِّطاق: ما تشدُه المرأة في حَقوها. المُهَبَّل: المَعْتُوه الذي لا يَتَماسك).
وقد جَعَل بعضهُم "فُعَّالاً" بمنزلةِ فَواعِل فقالوا: "قُطَّانُ مكَّةَ" و "سُكَّانُ البَلَدَ الحَرام".
-5 حكمُ تابع معمولِ اسم الفاعل:
يجوزُ في تَابِع مَعْمولِ اسمِ الفاعلِ المَجْرُورِ بالإِضافة: الجرَّ مُرَاعاةً لِلَّفْظ، والنصبُ مُرَاعاةً لِلمحلّ، أو بإضْمارِ وصْفٍ مُنَوَّن، أو فِعل نحو "العَاقِل مُبْتَغي دينٍ ودُنْيا" أي ومُبْتَغٍ دنيا، أو يَبْتَغي دنيا، ومنه قوله:
هَلْ أَنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنا * أو عبِدَ رَبٍّ أَخَا عَوْنِ بنِ مِخراق
(دينار وعون بن مخراق كلها أعلام والمعنى: هل أنت باعثٌ لحاجَتِنا دينَاراً أو عبد رب الذي هو أخو عون بن مخراق).
نصب عبدَ عطفاً على محل دينار، ولو جر "عبد رب" لجاز، بَلْ هو الأرجح، فإن كان الوصفُ غيرَ عَامِلٍ تَعَيَّن إضمارُ فعْلٍ للمنصوبِ نحو قولِه تَعَالى: {جَاعِلِ الملائِكةِ رُسُلاً} (الآية "1" من سورة فاطر "36" )
(إنما لم يعمل "جاعل" في الآية وهو اسمُ فاعل لأنه بمعنى الماضي و "رسُلاً" مفعول لجمل مقدرة).
-6 تقديمُ مَعْمُولِ اسم الفاعلِ عليه:
يجوزُ تقديمُ مَعْمُولِ اسمِ الفاعلِ عَلَيه نحو "الكتابَ أَنَا قارئٌ" إلاَّ إذا كان اسمُ الفاعل مقتَرناً بـ " ألْ" أو مَجْروراً بإضَافةٍ أو بحرفِ جرٍّ غير زائد فلا يجوزُ فيه تقديم المعمول نحو "قَدِمَ المؤلفُ الكِتَابَ" و "هَذا كِتَابُ مُعَلِّمِ الأَدَبِ" و "ذَهَبَ أخي بمؤدِّبِ ابْني".
فإنْ كان حرفُ الجرِّ زائِداً جازَ التَّقَديمُ نحو "ليسَ محمدٌ خليلاً بمكرِم". والأصل "ليسَ محمدٌ بمكرِم خليلاً".
-7 إضافةُ معمولِ اسم الفاعل:
يَقُولُ سيبويه: واعْلَم أنَّ العَرَبَ يَستَخِفُّون فيحذِفُون التَنْوِين - أي من اسْمِ الفاعل المفرد، للإضافة والنون أي من المُثَنَّى والجَمْع للإضَافَةِ - ولا يَتَغَيَّر مِنَ المَعْنَى شيءٌ، ويَنْجَرُّ المفعُول (وخص المفعول ليخرج الفاعل والحال والتمييز فإنها لا تضاف). لكفِّ التنوين من الاسم، فصار عمله فيه الجر - أي يَصير المفعولُ مُضَافاً إليه ومعناه المفعول ودخل الاسمُ مُعَاقِباً للتنوين.
ويقول: وليس يُغَيِّر كفُّ التَّنوين، إذا حَذَفْتَه مُستَخِفّاً، شيئاً من المعنى، ولا يَجْعَلُهُ مَعْرِفةً فمن ذلك قولُه عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ} (الآية "158" من سورة آل عمران "3" ) و{إنَّا مُرسِلُو الناقةِ} (الآية "27" من سورة القمر "54"). {ولَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤوسِهم} (الآية "12" من سورة السجدة) و{غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ} (الآية "1" من سورة المائدة "5" ) وأقول: ولو أتَيْنا بالتَّنْوين وأعْمَلْناها ظَاهِراً لقلنا في عير القرآن: ذَائِقَةٌ الموتُ، ومُرْسِلُونَ النَّاقَةَ، ونَاكِسون رؤوسَهم، ومُحِلِّينَ الصَّيدَ والمَعْنَى واحد، ولكنَّ حذفَ التَّنْوين والنُّونِ أَخَفُّ، وأَتَى على الأَصْلِ قولُه تعالى: {وَلا آمِّينَ البَيْتَ الحَرام} (الآية "2" من سورة المائدة "5" ) ومما جاء في الشعر غيرُ مُنوَّنٍ قول النابغة:
احْكُمْ كَحُكْمِ فَتَاةِ الحَيِّ إذْ نَظَرتْ * إلى حَمَامٍ شِرَاعٍ وَارِدِ الثَّمَدِ
(شراع: واردة للماء، الثمد: الماء القليل. ويقول الشاعر للنعمان بن المنذر مصيباً للحق والعدل كما أصابت فتاة الحي وهي زرقاء اليمامة حين حَزَرَت الحمام فأصابت.
وَصَف به النكرةَ - وهي حَمام - لأنَّ هذه الإضافَةَ لا تُفِيدُ تَعْريفاً كما تَقَدَّمَ.
وقال المَرَّار الأسدي:
سَلِّ الهُمُومَ بِكلِّ مُعْطِي رَأْسِه * ناجٍ مُخَالِطِ صُهْبَةٍ مُتَعَيِّسِ
(مُعْطى رأسِه: ذلول، ناجٍ: سريع، الصهبة: بياض يضرب إلى حمرة. مُتَعيِّس: الأبيض تخالطه شُقْرة.
-8 صِيغةُ فَاعِل بمعنى مَفْعُول: وقد تَأْتِي صِيغُة "فاعلٍ مُرَاداً بها اسمُ المفعول بقِلَّةٍ وجاءَ من ذلك قولُه تعالى: {فهو في عِيشَةٍ راضِية} (الآية "21" من سورة الحاقة "69") أي مَرْضيَّة. ومنه قول الحُطَيئة يَهْجُو الزِّبْرِقَان: دَعِ المَكَارِمَ لا تَرْحَلْ لبُغْيَتِها واقْعُدْ فإنَّكَ أَنْتَ الطَّاعِمُ الكَاسِي أي المَطْعُوم المكْسي وقد يجيءُ "فاعل" مَقْصوداً به النَسَب كـ "لابِنٍ" أي صاحب لبن. و "تَامِرٍ" صاحبِ تمر (= النسب).
* اسم الفِعْل:
-1 تعريفِه:
هو مَا نَابَ عنِ الفعلِ في العَمَل ولم يَتَأَثَّر بالعَوَامِل كـ "شَتَّانَ" و "صَة" و "أوَّه" وهو نوعان:
مُرْتَجَلٌ وَمَنْقُولٌ، ومِنْها المُتَعَدِّي واللازم.
-2 اسمُ الفِعلِ المُرْتَجَل:
هو مَا وُضِعَ مِنْ أوِّلِ الأَمْر كذلك كـ "هَيْهَاتَ" بمعنى بَعُد، و "أوَّه" بمعنى أَتَوَجَّعُ و "أفٍّ" بمَعْنَى أتَضَجَّر. و "ويْ" بمعنى أَعْجَب قال تعالى: {وَيْكأنَّه لا يُفلِحُ الكافِرون} (الآية "82" من سورة القصص "28" ). أي أعْجَب لعَدَمِ فلاحِ الكافِرين، ومثلها "وَاهاً" و "وَا" قال أبو النجم:
وَاهاً لسَلمى ثُمَّ وَاهاً وَاها * هي المُنى لو أننَّا نِلْنَاهَا
وقال الرَّاجِزُ من بَعْضِ بني تميم:
وَا بِأَبِي أَنْتِ وَفُوكِ الأَشْنَبُ * كأنَّما ذُرَّ عليه الزَّرْنَبُ
(الزَّرْنب: كـ "جعفر" نبات طيب الرائحة. الشنب: ماء وَرِقَّة يجري على الثغر).
و "وا" هذه اسم فعل لـ "أعجب"، و "صهْ" بمعنى اسْكُتْ، و "مهْ" بمعنى انكَفِفِ، و "هلُمَّ" بمعنى أَقْبِل، و "هيْت" و "هيَّا" بمعنى أَسْرِع، و "أيه" بمعنى امْضِ في حديثك "وانظُرها جميعاً في حُروفها". ووُرُودُ اسْمِ الفعل بِمَعْنَى الأَمْرِ كَثيرٌ، وبِمَعْنَى الماضِي والمُضَارِع قَليل. ولا تتصلُ باسمِ الفِعل المرتجَل علامة للمُضمَر المرتفع بها فهي للمُفرد المذكر وغيرهِ بِصيغَةٍ واحدة.
وفائدةُ قصدُ المُبالغة فكأنَّ قائل "هيهاتَ" أو "أفّ" أو "صه" يقول: بَعُد كثيراً، وأتَضَجَّرُ كثيراً، واسكتْ اسكتْ.
-3 اسم الفعل المنقول:
هُوَ ما نُقِلَ عَنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ:
(أ) إمَّا مَنْقُولٌ عن: "ظَرْف" نحو "وَرَاءَك" بمعنى تأخَّرْ، و "أمَامَكْ" بِمَعْنَى تَقَدَّمَ، و "دونَكَ" بِمَعْنَى خُذْ، "مَكَانَكْ" بِمَعْنَى اثْبُتُ.
(بـ) وإما منقولٌ عن "جارٍّ ومجرُور" نحو "عَلَيْكَ" بمعنى الزَمْ، ومنه: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (الآية "105" من سورة المائدة "5" ) و "ألَيْكَ" بمعنى تَنَحَّ، ولا يُقاسُ على هذه الظروفِ غيرُها. ولا تُسْتَعْمَل إلاّ مُتَّصِلةً بِضَمير المُخَاطَب، لا الغائبِ، ولا غير الضمير، وموضعُ الضمير حَرٌّ بالإضافة مع الظروف، وجرُّ بالحرف مع المنقول من الحروف، وإذا قلت: "عَلَيْكُمْ كُـِلُّكمُ أنفسَكُمْ" جاز رفعُ "كُل" توكيداً للضمير المستكِنّ، ودرُّه توكيداً للمجرور.
(جـ) وإمَّا مَنقولٌ عن مَصدرٍ وهو على قسمين:
(الأول) مصدرٌ استعمل فِعلُه، نحو "رُوَيْدَ بَكْراً" أن أمْهِلْه، فإنهم قالوا: "أَرْوَدَه إرْوَاداً" بمعنى أمْهَلَهُ إمْهالاً، ثم صَغَّروا المَصْدَرَ بعد حذف زَوائده، وأقامُوهُ مُقام فِعْله، واستَعْملُوه تَارَةً مُضَافاً إلى مَفعوله، فقالوا: "رُوَيْدَ محمدٍ" وتارةً منوناً ناصباً للمفعول، فقالوا: "رُوَيْداً علياً" ("رويد" في المثالين: مصدرٌ نائب عن أرْود وفاعله مُستتر وجوباً و "محمد" في الأول مفعول به مدرور بإضافة المصدر إلى مفعوله و "علياً" في الثاني مفعول به منصوب).
(الثاني) مصدرٌ أُهمِل فِعْلهُ نحو "بَلْهَ" فإنه في الأصل مصدرُ فعلٍ مُهْمَل مُرَادفٍ لـ "دَعْ" و "اتْرُك" يقال "بَلهَ عليٍّ" بنصب المفعول، وبناء "بَلْهَ" على الفتح على أنَّه أسم فعل. وتستعمل "بَلْه" بمعنى "كَيْف" فتكونُ خَبَراً مُقَدَّماً، وما بَعْدها مبتدأ مؤخَّرٌ. وقد رُوي بالأوجُه الثلاثةِ (الإضافة والنصب على أنه مفعول به و الرفع على أنه مبتدأ مؤخر) قولُ كعبِ بنِ مالك في وَقْعَةِ الأحزاب:
تَذَرُ الجَمَاجِمَ ضَاحِياً هَامَاتُها بَلْهَ الأكُفِّ كأَنَّها لم تُخلقِ (فاعل "تذر" يعود على السيوف في البيت قبله وهو قوله:
نصل السوف إذا قصرنا بخطونا * قدماً ونلحقها إذا لم تلحق
والجماجم جمع جُمْجُمة: وهو عَظْم الرأس، وضاحياً من ضحا يضحى: إذا ظَهَر وبَرَز، والهامةُ: وسَط الرأسِ ومُعْظَمهُ).
-4 المُنَّون وغير المُنَّون من أسماء الأفعال:
ما نُوِّنَ من أَسْماءِ الأفْعَال كان "نكرَةً" وما لم يُنَوَّن كان "مَعرفةً"، وقد الْتُزِم التنكيرُ في "وَاهاً" والتُزِم التعريف في "نَزَالِ" و "تراكِ" وبابِهما.
-5 القياسُ في أسماءِ الأفعال
لا ينقاسُ؟؟ من أسماءِ الأفعال إلاّ مُوَازِن "فَعَالِ" أمْراً من الثلاثيِّ التام المتصرف كـ "نَزَالِ" و "أكَالِ" بمعنى انزِلْ وكُلْ، وما عَدَا ذلك فالمعوَّلُ فيه السماعُ.
-6 عملُ اسمُ الفعلِ:
يَعمل اسمُ الفعلِ عَمَلَ مُسمَّاه في التَّعَديّ واللزوم غالباً، فإنْ كان مسمَّاه لازماً كان اسمُ فِعله كَذلِك، تقول: "هَيْهاتَ نجدٌ" كما تقول: بَعُدَت نجدٌ
قال جرير:
فَهَيْهاتَ هَيْهَاتَ العَقيقُ ومَن به * وَهَيهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ نُواصِلُه
وكذا إنْ كان مُتَعَدِّاً تقول "تراكِ الفَاِسَق" كما تقول "اتْرُكِ الفَاسِقَ" و "حيْهَلا الثَّرِيدَ" بمعنى إِيتِهِ، أو عَلى الثَّريد بمعنى أَقْبِلْ عليه، أو "بالثَّرد" بمَعْنى عَجِّلْ به ، ومنه "إذا ذُكِرَ الصالحونَ فحَيْهَلا بِعُمر" أن أسْرِعوا بذكره، ومن غير الغالب "آمِين" بمعنى: استَجِبْ، فإنَّه لازمٌ وفعلُه متعدٍّ.
-7 لا يَتَقَدَّم مَعْمُولُ اسْمِ الفِعل عليه: فلا يُقال عَلِيّاً رويدَ.
وأما قوله تعالى: {كتابَ اللَّهِ عَلَيْكُم} (الآية "24" من سورة النساء "4" ).
وقول جاريةٍ من بني مازن:
يا أيُّها المائح دَلْوي دُونَكَا * إني رَأَيتُ النَّاسَ يَحْمدَونكَا
فـ "كتاب" منصوب بـ "كَتَب" محذوفة، و "دلوي" منصوب بدُونَك محذوفاً، وليس مَعمولاً لما تعده، هذا مَا عَلَيه أَكثرُ النُّحَاةِ (أقول: وفي هذا تكلف، وذهب الكوفيون إلى أن "عليك وعندك ودونك" يجوز تقديم معمولاتها كما في الآية والبيت).
اسمُ الفِعل المُرْتَجَل = اسم الفعل 2 .
اسمُ الفِعل المَنْقُول = اسم الفعل 3 .
* اسمُ المَّرة:
هو اسمٌ مَصُوغٌ مِنْ فِعْلٍ تامٍّ مُتَصرِّفٍ غَيْرِ قلبيٍّ، ليس دَالاًّ على صِفَةٍ مُلازِمَةٍ كأفْعَال السَّجايا وذلك للدَّلالة على حُصُولِ الفعل مَرَّةً واحدة.
ولا يُصاغُ من نحو "كادَ" و "عسَى" و "علِم" و "ظرُف" لأنَّ الأولَ ناقصُ التَّصرُّفْ، والثاني جامدٌ، والثالثُ قَلْبي، والرابع من أفعال السَّجَايا وهُو مِنَ الثُّلاثي على وزنِ "فَعْلَة" بفتح الفاء كـ "جَلَسَ جَلْسَةً" و "أكَلَ أَكْلَةً" إلاَّ إذا كانَ بِناءُ المصدَرِ على "فَعْلة" كـ "رَحْمة" و "دعْوة" و "نشْدة" فالمرَّة من هذهِ بِوصْفها بـ "الوَاحِدَة" وشِبْهِهَا كـ "دَعْوَةٍ وَاحِدَةٍ". أمَّا مِن غَيْرِ الثُّلاثي فاسمُ المرَّة مِنه بِزيادَةِ "تاءٍ" على مصدره القِياسِيّ كـ "انْطِلاقَةٍ" و "اسْتِخْراجَةٍ" ما لم يكُن المَصدرُ القياسي بالتاءِ أيضاً كـ "إِقَامةٍ" فيُدلُّ عَلَيه بِالوَصفِ أيضاً، فيقال "إقَامةٌ واحِدةٌ" أو ما يَدُلُّ على المَرَّة.
* اسمُ المَصْدر:
-1 تَعريفُه:
"هو ما سَاوَى الَمْصدَر في الدَّلالةِ عَلى مَعناه، وخالفَه بِخُلُوِّه - لفظاً وتقديراً دون عِوَض - مِنْ بَعْضِ ما في فِعلِه" فخرج نحو "قِتَال" فإنَّه خَلا من ألف قَاتلَ لفْظاً لا تقديراً، ولذلك نُطِق بها في بعضِ المَواضِع، نحو "قَاتَل قِيتَالاً" لكنَّها انْقَلَبَتْ يَاءً لانْكِسَارِ ما قَبْلَها، وخَرَج نحو "عِدَة" فإنَّه خَلا من واو "وَعد" لفظاً وتقديراً ولكن عُوِّض منها التاءَ، فهذان مَصْدَران لا اسْمَا مَصْدر.
أمَّا مِثْلُ "الوُضُوءِ، والكَلامِ" من قولك: تَوَضَّأ وُضُوءاً، وَتَكَلَّمَ كَلامَاً، فإنَّهما اسْما مَصدرٍ، لا مَصدران، لخُلوِّهِما لفظاً وتقديراً من بعضِ ما في فِعْلَيهما، وحَقُّ المصدَرِ أن يَتَضمّن حُرُوفَ فِعله بمساواة نحو "تَوَضَّأ تَوَضُّأ" أو بزيادة نحو "أعْلَم إعلاماً".
-2 مَا يَعْمَلُ مِنْ أَنْواع اسمِ المَصْدَرِ:
اسم المَصْدرِ على ثلاثِة أنْواع:
(1) عَلَم نحو "يَسارِ" عَلَمٌ لليُسْر مُقَابل العُسر، و "فجَارِ" علمٌ للفُجُور، و "برَّة" علمٌ للبِرِّ، وهذا لا يَعْمَل اتِّفَاقاً.
(2) وذي ميمٍ مَزِيدة لِغَير مُفَاعَلَةٍ (لغير مُفَاعَلَةٍ: احترازاً من نحو مُضَاربَة فإنَّها مصدر).
وهو المصدَرُ الميمي كالمَضرِب والمَحْمَدَة وهُو عند كثير من النحاة مَصْدر.
(3) وغَيرُ هَذَين من أسْماءِ المَصَادِر اختُلِفَ فيه فَمَنَعهُ البصريون، وأجازه الكوفيون والبَغْداديون، والشواهد كثيرة بإعماله، ومن ذلك قولُ القُطامي:
أكُفْراً بعد رَدِّ المَوتِ عني * وبعد عَطَائِكَ المائةَ الرِّتَاعَا
("عطائِك" اسم مصدر وفاعله المضاف إليه والمائة مفعولة و "الرتاع" جمع راتعة وهي الإبل التي ترتع).
وقولُ الشاعر:
بِعِشْرَتِكَ الكِرامَ تُعَدُّ مَنْهم * فلا تَرَيَنْ لغيرِهم الوفاءَ
(الشاهد في "بعشرتك الكرام" حيث عمل "العِشرة" فيصب المفعول: وهو الكرام وهو اسمُ مصدر بمعنى المُعَاشَرة).
وقوله:
قالوا كَلامُكَ هِنداً وهِي مُصْغِيةٌ * يَشْفِيكَ قُلتُ صَحيحٌ ذَاك لو كَانا
(الشاهدة في " كلامك هِنداً" حيث عمل "كلامك" فنصب المفعول وهو هنداً وهو اسمُ مصدر بمعنى التكلم).
ومن ذلك قولُ عائشة (رض) "مِن قُبلةِ الرجلِ زَوجتَه الوضوءُ".
فالقُبلة اسمُ مَصدرٍ بمعنى التقبيل وعمل في نصب مفعوله وهو "زَوجَتُه".
ومَهْمَا يكُن من أمْرٍ فإعمالُ اسمِ المصدرِ قليلٌ، وإن كان قياسياً وقد مرَّ بك التفصيل.
* اسمُ المَفْعُول : وأبنيته - وعَمَلُه:
-1 تعريف اسم المفعول:
هوَ ما دَلَّ على حَدَثٍ ومَفْعولِه كـ "مَنْصُور" و "مكْرَم".
-2 بناءُ اسم المفعول:
اسمُ المفعول: إمَّا أن يَأتي من الثُّلاثي المُجرَّد، وإمَّا أن يأتي مِن غيره، أمَّا مِن الثُّلاثي: فيأتي على زِنِة مَفْعول كـ "مَضْروب" و "مقْصود" و "ممْرور بِه" فإن بَنيتَ "مَفْعولاً" من الياءِ أو الواو، قلتَ في ذَواتِ الوَاوِ: "كَلاَمٌ مَقُول" و "خاتَم مَصُوغٌ" وفي ذواتِ الياءِ: "ثوبٌ مَبِيع" (أصل "مبيع" مبيوع على وزن: مفعول نقلت حركة الياء إلى الساكن قبلها ثم قلبت الضمة كسرةً لِتَسلَم الياء ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين وأصل مقول: مَقوُول بواوين نقلت حركة الواو الأولى إلى الساكن قبلها، ثم حذفت الواو الثانية لالتقاء الساكنين). و "طعَامٌ مَكِيل" وكأنَّ الأصلَ مَكْيُول، ومَقْوُول وإذا اضطُّرَّ شاعرٌ جازَ له أنْ يَرُدَّ مَبيعاً وجميعَ بابه، إلى الأصل، فيقول: مَبيُع كما قال عَلْقمةُ من عَبَدة:
حتى تَذَكَّر بَيْضاتٍ وهَيَّجَه * يومُ الرَّذاذ عليه الدَّجْنُ مَغْيُومُ
وأنشدَ أبو عمرو بن العَلاء:
"وكَأَنَّها تُفَّاحَةٌ مَطيُوبَةٌ"
وعند المبرِّد: تصحِيحُ مثلِ هذا للضَّرُورة، أمَّا عند سيبويه: فَلُغَةٌ عِنْدَ بَعضِ العَرب؛ يقول سيبويه: وبَعضُ العَرت يُخرِجه على الأصل فيقول: مَخْيُوط، وَمَبِيُوع (وكذا فال المازني في تصريفه)، ومن غير الثلاثي: يأتي من مُضارعِه المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمُومة نحو "مُسْتَخْرَج" و "منْطَلقٌ به" وقد يَنُوبُ "فَعِيل" عن "مفعول" كـ "دَهِين" و "كحيل" و "جرِيح" و "طرِيح". ومَرجِعُ ذلك إلى السماع، وقيل: يَنْقاسُ فيما لَيس له "فَعيل" بمعنى "فَاعِل" كـ "قَدَرَ ورَحِمَ" لقولهم "قدِير ورَحيم".
-3 عَمَلُ اسمِ المفعول:
يَعمَلُ اسمُ المَفْعُول عَمَلَ فِعلَهِ، وشُروطُه كشُروطِ اسمِ الفاعل، وخُلاصَتُها: أنَّه إن كان بـ "أل" عَمل مُطلقاً (أن سواءً أكان للماضي أم للحاضر أم للمستقبل، معتمداً على نفي وغيره أم غير معتمد. كما ذكر في شروط اسم الفاعل). وإن كانَ مجرَّداً منها عَمِلَ بشرط كونه للحال أو الاستقبال وبشرط الاعتمادِ كما مر في اسم الفاعل (أي على النفي أو الاستفهام أو مخبر عنه أو صفة ومنها الحال). تقول: "عَامِرٌ مُعْطَى أَبُوه حقَّه الآن أو غَداً". كما تقول: "عَامِرُ يُعْطى أبوه حقَّه". وتقول: "المُعْطَى كَفَافاً يَكْتَفي". فـ "المُعطى" مبتدأ، ونائب فاعله عائد إلى "أل" و "كفافاً" مفعولٌ ثان، و "يكتَفي" الجملةُ جبر.
* أسْماءُ الزَّمانِ والمكان:
-1 تَعْريف اسمي الزَّمانِ والمكَان:
هُما اسْمانِ مَصُوغَانِ لزَمانِ وقُوعِ الفِعلِ أو مكانِه.
-2 صِيَغُهما من الثُّلاثي:
هما من الثُّلاثي على وزْن "مَفْعَل" إذا كان المضارع مَضمُومَ العَين أو مَفْتوحَها، أو مُعْتلَّ اللام مُطْلقاً، نحو "مَكْتَب" و "ملْعَب" و "مرْمَى" و "مسْعَى" و "مقَام" من قام. وإن كان المضارع مَكسورَ العين أو مِثالاً (المثال: ما كانت فاؤه حرف علة كـ "وعد" = المثال) مُطلقاً، غيرَ معتل اللام: فعلى وزن "مَفْعِل" نحو "مَجْلِس" و "مبِيع" و "موعِد" و "ميْسِر". ويُستثنى من مَضْمُوم العَين أحَدَ عَشَرَ لفظاً جاءت بالكَسر، وهي:
"المَنْسِكُ، المَطْلِعُ، والمَشْرِقُ، والمَغْرِبُ، والمَرْفِقُ، والمَفْرِق، والمَجْزِر، والمَنْبِت، والمَسْقِط، والمَسْكِن، والمَسْجِد". لاسمي الزمان والمكان.
-3 صِيَغُهما من غير الثلاثي:
تكون صيغةُ اسمِ الزَّمان والمَكانِ مِنْ غَير الثُّلاثي على زِنَة اسم المَفْعول كـ "مُدْخَلٍ" و "مخْرَجٍ" و "منْطَلَقٍ" و "مستَودَعٍ".
وبهذا بُعلم أنَّ صِيغَةَ الزَّمان والمكانِ، والمصدر الميميِّ واحدةٌ في غير الثلاثي وفي بعض أوزان الثُّلاثي، والتمييز حِينَئذٍ بَيْنهما يكون بالقَرائِن، فإن لم تتضح فالصِّيغة صَالِحَةٌ لكلٍّ مِنْها .
-4 صيغتهما من الاسمِ الجامِد:
يُصاغُ بكثرة من الاسم الجامد اسمُ مكانٍ على وَزْن "مَفْعَلَة" بفتحٍ فسكون، ففتح، للدَّلالة على كثرة ذلك الشيء في ذلك المكان، كـ "مَأْسَدَة " و "مسْبَعَة" و "مقْثَأَةٍ" أيْ الموضِع الذي تَكْثُر فيه الأُسُود والسِّباع والقِثَّاء وهُوَ مع كَثْرَةِ وُرُودِه لَيس له قياسٌ مُطَّرِد فلا يُقالُ: "مَضْبَعَة" للموضِع الكَثيرِ الضِّباع، ولا يُقال: "مَقْرَدَة" لكثرة القِردة في مَوْضع. وقد تَلْحَق اسمَي الزَّمان والمَكان التاءُ نحو: "مَقْبَرَةُ" و "مطْبَعَة" ومَدْرَسَة" وذلك أيضاً سماعيّ لا قِياسيّ.
* اسْمُ الهَيْئَةِ:
هُو اسمٌ مَصُوغٌ بشروط اسمِ المرَّة نَفْسها (=اسم المَرَّة). للدَّلالةِ على الحَالَةِ التي يكونُ عَلَيها الفَاعلُ عند الفِعل. وزِنَتُه على "فِعْلَة" بِكَسْر الفَاءِ كـ "الجِلْسة" و "القِتْلة"، إلاَّ إذَا كَان المَصْدر بالتاءِ فَيَدلُّ على " الهَيْئَة" بالوَصفِ أو الإضَافة نحو "نَشَدَ الضَّالَة نِشْدَةً عَظيمَة" أو "نِشْدَةَ المَلْهُوفِ".
أمَّا بِناؤُه مِنْ غَير الثُّلاثي فشاذُّ كـ "خِمْرة" من اخْتَمَرت المرأةُ (اختمرت المرأة: غطت رأسها بخمار). و "نقْبَة" مَنْ "انْتَقَبَتِ" (انتقبت: غطت وجهها بالنقاب). و "قمْصَة" من تَقَمَّص أي غطَّى جِسْمَه بالقَميصِ.
أسْماء الاستفهام = الاستِفْهام.
* أسماء الأصوات:
-1 أسماء الأصوات نَوعَان:
النوع الأول: ما خُوطِب به ما لا يَعقل أو ما فِي حُكْمِه من صغَارِ الآدَميّين.
مما يُشْبه اسْمَ الفِعل، وذلك: إمَّا زَجرٌ نحو "هَلاً" لزَجْرِ الخَيْل عن البُطء، ومنه قولُ لَيْلَى الأخيلية للنابغة الجَعُدي:
تُعَيِّرُنا دَاءً بأمِّك مِثْلُهُ * وأيُّ جَوادٍ لا يُقَال له "هلا"
و "عدَس" لزَجْرِ البَغْل عن الإبطاء ومنه قوله:
عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عَلَيكِ إمارةٌ * نَجَوتِ وهَذَا تَحملينَ طَليقُ
و "كخْ" لزجرِ الطِّفل، وفي الحديث "كِخْ كِخْ فإنَّها مِن الصَّدقة" و "هيْدَ" و "هادِ" و "دهْ" و "جهْ" و "عاهِ" و "عيهِ" للإبل و "عاجِ" وهَيجِ" و "أسْ" و "هسْ" للغَنَمِ و "هجا" و "هجْ" للكلبِ و "سع" للضَأْنِ و "وحْ" للبقرِ و "عزِ" و "عيْزِ" للعنزِ و "حرِّ" للحِمار.
وإمَّا دُعاءٌ - أي طلبك "أو" للفرس و "دوهِ" للفصيل و "عوهِ" للجَحْش، و "بسّ" للغنم و "جوت" و "حي" للإبل والمَورودة و "تؤْ" و "تأ" للتيس المنزى و "نخ" للبعير المُنَاخ و "هدَع" لصغارِ الإبل المُرادُ تَسْكينُها من نِفارِها، و "سأ" و "تشُوء" للحِمار المورود، و "دحْ" للدَّجاج و "قوس" للكلب.
النوع الثاني: ما حُكِيَ به صَوت، نحو "غَاقَ" لِحكَايةِ الغُراب، و "شيب" لشرب الإِبل، و "طيخ" للضَّحك، و "طقْ" لوقع الحجر على الحجر و "قبْ" لوقع السيف.
-2 أسماء الأصوات لا ضمير فيها وهي مبنية:
أسماءُ الأصوات مَبْنِيَّةٌ لمشابَهَتِها الحروف المهملة، فهي أسماءٌ لا ضمير فيها.
* أسْماءُ الجهات:
أسماءُ الجِهات هي: "خَلْف، وأَمَام، وقُدَّام، ووَرَاء، وفَوْق، وتَحْت". (=في حروفها).
ولها كُلَّها أحوال "قبل وبعد" (=قبل وبعد) تقول: "وَفَدَ النَّاسُ وصَديقُكَ خلْفُ أو أمَامُ". تريد: خَلْفَهم أو أمَامَهُم. قال رجل من تميم:
لعنَ الإِلهُ تَعِلَّةَ بنَ مُسَافِرٍ * لَعْناً يُشَنُّ عليه مِنْ قُدَّامُ
وقال مَعنُ بنُ أوس المُزنَي:
لَعَمْرُك ما أدْرِي وإِنِّي لأوجَلُ * على أيِّنا تَعْدُو المَنية أوَّلُ
وحَكَى أبو علي الفرسي: "إبدَأ بِذا من أولَُِ" بالضم على نية معنى المضافِ إليه، وبالخفض على نيةِ لَفْظه وبالفتح على نية تركها، ومنعه من الصرف لوزن أفْعَل والوَصْف.
الأسماء الخمسة = الأسماء الستة.
* الأسماء الستة:
-1 هي "ذُو" بِمعنى صَاحِب و "فوكَ" وهو الفَمُ، و" أَبُوكَ" و "أخُوكَ" و "حمُوكَ" و "هنُوكَ".
-2 إعرابها :
تُرفع بالواو، وتُنصَب بالأَلف، وتُجرُّ بالياءِ بشروط، هي أن تكون:
(1) مُفْرَدَةً لا مُثَناةً ولا مَجْموعةً.
(2) مُكَبَّرة لا مُصغَّرة.
(3) مُضَافَةً لا مَقْطُوعةً عن الإضَافَة.
(4) إضَافَتُها لغيرِ ياء المُتكلم، من اسم ظاهر، أو ضمِير، فإن كانت مثناةً أُعرِبت كالمثنى نحو "أبَوان" رفعاً أو "أبَوَين" نصباً وجراً، وإن كانت مجموعَةً جَمْعَ تكسير أُعربت بالحَركاتِ نحو "آبَاءِ الحَسَنِ" و "أذْواءِ اليَمَنَ" أو جمعَ مذكَّرٍ سالماً أعْرِبَت بالحُرُوفِ أي بالواوِ والنُّون رفعاً وبالياء والنُّونِ نصباً وجَرَّاً نحو "أَبَوُون، أبَوِين" و" ذُوو فضلٍ وذَوي فضلٍ". وإن صُغِّرت أُعرِبت بالحَرَكات نحو "أُبَيِّكَ، وأُخَيِّكَ". وإن قُطِعت عن الإضافة أُعْرِبت بالحَرَكات نحو {ولَهُ أَخٌ} و{إِنَّ له أَبَاً} و{بَنَات الأخِ} وإذا أُضيفَتْ إلى ياء المُتكلِّم أعْرِبَتْ بحركاتٍ مُقَدَّرةٍ على مَا قَبْلَ الياءِ نحو {وأخي هَرونَ} أمَّا "ذو" فلا حاجَة لاشْتراط الإضَافة فيها لأنَّها مُلازِمةٌ للإضافةِ، ولكنَّها لا تُضافُ إلى الضمير، ومثلها "فُو" فهي ملازمة للإضِافة. أما "الفَمْ" فتعرب بالحركات.
-3 الأفصح في لفظ " الهَن":
الأفصح في "الهَنِ" (الهن بتخفيف النون وبشديدها: كناية عن الشيء لا تذكره باسمه. ا. هـ. نهاية). إذا استُعْمِل مُضافاً النَّقصُ أي حَذْفُ الوَاوِ منه، وبذلك يُعْرَب بالحركاتِ الثلاثِ على النون ومن هذا الحديث: "من تَعَزَّى بعَزَاءِ الجَاهِليَّةِ فأعِضُّوه بهَنِ أبيه ولا تَكْنُوا".
-4 النَقصُ في الأب والأخ والحَم:
يجوزُ النقصُ بضعْفٍ في هذه الثلاثة وهو حَذْفُ حَرْفِ العِلَّة منها وإعْرَابها بالحركات ومِن هذا قولُ رؤبة يمدَحُ عديَّ بن حاتم:
بأبه اقْتَدَى عَدِيٌّ في الكَرَم * ومن يُشَابِهْ أَبَه فَمَا ظلَم
وقد تكونُ الضَّرورة في الوَزْن اضْطَّرت الشاعر أن يحذِفَ الياء في الأول والألف في الثاني.
-5 خُلاصة إعرابِ الأسماء الستة:
الأسماء الستة على ثلاثة أقسام:
(أولاً) ما فيه لغةٌ واحدة، وهي الإعراب بالحروف، وهما "ذُو" بمعنى صاحب و "فو" بمعنى الفم.
(ثانياً) ما فيه لُغتان، وهو "الهَنُ" فإنَّ فيه النقصَ وهو حذفُ حرفِ العِلة، وإعرابُه بالحركات وهو الأفصح، والإتمام وهو إعرابهُ بالحروف. وهو الأَقلّ.
(ثالثاً) ما فِيه ثلاثُ لُغَات وهو:
"الأبُ، والأخُ، والحمُ" فإن فيهن "الإِتمامَ" وهو الإعراب بالحروفِ، وهذا هو الأَشْهر والأفصح، و "القصر" وهو أن تُلزمها الألفَ في جميع أحوالها كالاسمِ المقْصُور، وهذا دون الأول "والنقص" وهو حذفُ حرفِ عِلَّتها وإعرابُها بالحَرَكَات، وهذا نادر.
أسْماء الشرط = جَوزِم المُضارِع (7)
أسمَاء المَوصُول = المَوْصُول الاسمِي.
الإشِارة = اسم الإشارة.
* الاشْتغال:
-1 حَقِيقَةُ الاشْتِغال:
أنْ يَتَقدَّم اسمٌ وَيَتَأخَّرَ عنْه عاملٌ (المراد بالعامل هنا: فعلٌ متصرف أو اسمُ فاعل أو اسم مَفْعول فقط).
مُشتَغِلٌ عن الاسم المتقدِّم بعمله في ضَميرِه، أو في سَبَبِ (سبب ضميره: هو الاسمُ الظاهرُ المضافُ إلى ضميرِ الاسمِ السابق نحو "علي أكْرمْتَ ابنَه" و "ابنه" هو السبب). ضمِيره، بواسطةٍ أو بِغيْرِهَا، ويكونُ العاملُ بحيث لو سُلِّطَ على الاسم المتَقَدِّم لنصَبَه لَفظاً أو مَحَلاً نحو "محمداً كلمتُه" و "هذا علَّمْتُه" أي كلمتُ محمداً كلمته وعَلَّمتُ هذا عَلَّمته، وحينَئذٍ فيُضمَرُ للإِسمِ السَّابِق إذا نُصِب عَامِلٌ مُنَاسِب للعَامِل الظاهر، ومناسبتُه له: إمَّا بكونِه مِثْلَه كما مرّ، أو مُرادِفَه نحو "هَاشِماً مَرُرْتُ به" تقديره جاوزتُ هاشماً، أو لازمَه نحو "عليّاً ضربتُ عَدُوَّه" فيقدر "أَكْرَمْتُ عليّاً أو سررتُ عليّاً" لأنَّه اللازمُ لضَرْب العَدُوّ.
-2 شرْطُ الاسمِ المتقدم، وشَرْط العاملِ:
شرطُ الاسمِ المُتَدِّمِ أن يكونَ قابلاً للإضمارِ، فلا يقعُ الاشتغالُ عن حالٍ ولا تَمْييزٍ. وشَرْط العاملِ المَشْغُولِ أن يَصْلُح للعنل فيما قَبْله، فلا يكونُ صِفةً مٌشَبَّهَةً، ولا مَصْدَراً، ولا اسمَ فِعلٍ، ولا فِعْلاً جَامِداً كَفِعْلي التَّعَجُّب، وألاَّ يُفْصَلَ بينه وبين الاسم السابق بأجْنبي.
-3 حكمُ الاسمِ السابق:
الأصلُ أنَّ ذلك الاسم يَجوزُ فيه وَجْهان:
(أحدهما) رَاجحٌ وهو الرفعُ بالابتداءِ لِسَلامَته من التقدير.
(الثاني) مَرْجُوحٌ وهو النَّصْبُ لاحتياجه إلى تقدير فعلٍ موافقٍ للمذكور، أو مُرادِفٍ له، أو لازمٍ مَحْذُوفٍ وجوباً، فما بعده لا محل له لأنه مُفَسِّر.
وقد يَعرِضُ له ما يُوجِبُ نَصْبَه، أو رَفعَه، أو يٌرجِّحُ أحَدَهما، أو يُسوِّي بينهما فله حينئذٍ خمسُ أحوال:
(أحدهما) وُجُوبُ النَّصْب:
يجبُ نصبُ الاسمِ المتقدّم إذا وفعَ بعد "أَدَاةٍ تَخْتَصُّ بالفعل كأدوات التَحْضيض" نحو "هَلاّ أحاكَ أكرمتَه" و "أدَواتِ الاستِفهام" غير الهمزة نحو "هل المدينةَ رَأيتَها" و "متى عَمْراً لقيتَه" و "أدوات الشَّرط" نحو "حَيْثُما عَلياً تَلْقَهُ فأكرِمْه" إلاَّ أنَّ الاشتغالَ لا يقعُ بعد أدوات الشَّرط والاستِفهامِ إلاَّ في الشعر إلاّ إذا كانت أداةُ الشرطِ "إذا" مطلقاً أو "إن" والفعلُ ماضياً فيقع في النثرِ والنظمِ نحو "إذا السائلَ لَقِيتَه أو تَلْقاه فتصَّدق عليه" و "أنِ المِسكينَ وجدتَه فارفقْ بحاله".
(الثاني) وجوبُ الرفع:
يجب رفعُ الاسمِ المتقدِّم في مَوْضِعين (أ) أنْ يَقَع الاسمُ بعدَ أداةٍ تختص بالدخُول على المبتدأ كـ "إذا الفُجَائِية" نحو "خَرجتُ فإذا الجَوُّ مَلأَهُ الغُبار" و "ليتَ" المقرونة بـ "مَا" نحو "ليْتَما خالدٌ زُرْتَهُ" لأنَّ "إذا" المفاجأة و "ليْتَ" المكفوفة لا يَليهما فِعلٌ، ولو نَصَبت مَا تَعدهُما كان على تقدير الفعل، ولا يتأتَّى ذلك. (ب) أن يقعَ بعدَ الاسمِ المُشتَغَل عنه أدَاةٌ لا يَعملُ ما بعدها فيما قبلها نحو "خالِدٌ إن عَلَّمتَه يكافَئك" و "مدارسُ العِلم هَلاَّ زُرْتَها".
(الثاني) رُجحانُ النَّصْب:
يَرْجَحُ نصبُ الاسمَ المتقدم في خمسةِ مواضِع:
(أ) أن يَقعَ قبلَ فعلٍ طَلَبيّ وهو "الأمرُ والدعاءُ" ولو بصيغةِ الخَبَر، والفعل المقرون بأداة الطلب، نحو "خليلاً أرشدْه" و "محمداً رحمَه اللَّهُ" و "خالداً ليُكرمْه صديقهُ" و "محموداً لا تُهْمِله".
وإنما وجب الرفعُ في نحو "محمدٌ أكْرِم به". لأن الضمير في "به" محلُّه الرفع لأنه في حقيقته فاعل.
(ب) أن يقعَ الاسمُ بعد أداةِ يَغلبُ دخولُها على الأفعال كـ "همزة الاستفهام" نحو{أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُه} (الآية "24" من سورة القمر "54").
فإن فصَلْتَ الهمزةَ فالمختار الرفع نحو "أأنتَ محمدٌ تُكَلِّمُه" إلا في الفصل بالظرف نحو "أكلَّ يومٍ ولدَك تَزْجُرُه" لأنَّ الفصلَ به لا تُعتَدُّ به ومثلُ الهمزة النفيُ بـ "ما" أو "لا" أو "أن" نحو "ما عَدُوَّك كلَّمتُه" أو "لا أخَاك رأيتُه" أو "أنْ زيداً رَأَيْتَه" ومنها: "حَيْثُ" نحو "حيْثَ زَيْداً تَلْقاه فأكْرِمْه" لأنَّها تُشْبِه أدَوَات الشرط فلا يَليها في الغالِب إلا فِعْل. فإن اقترنت بـ "ما" صَارت أداة شَرط واختَصَّتْ بالفعل.
(ج) أن يقع الاسمُ بعدَ عاطفٍ مسبوق بجملةٍ فعليةٍ، وهو غَيرُ مفصُول بـ "أما" نحو "لقيتُ زيداً ومحمداً كلمتُه". ليَكونَ منعَطفِ الفعلِ على مثله، وهو أنسبُ، بخلاف "أصْلَحتُ الأَرضَ وأَمَّا الشجرُ فسقَيْتُه" لأَنَّ "أما" تَقْطَعُ ما تعدَها عما قبلها فيُختار الرَّفعُ، و "حتَّى ولَكن وبَل" كالعاطف نحو "حدَّثْتُ أهلَ المَحْفِلِ حتى الرئيسَ حَدَّثته" و "ما رأيتُ محمداً ولكن خَالِداً رأيت أَخَاه".
(د) أن يُجاتَ به اسْتِفْهامٌ عن منصوب نحو "خالداً اسْتشَرتُه" جواباً لمن سأَلك "من اسْتَشَرت؟".
(هـ) أن يكون النصبُ لا الرفعُ نصّاً في المقصود نحو{إنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (الآية "49" من سورة القمر "54"). إذ لو رفع "كل" لأَوهم أن جملةَ خَلَقناه صفةٌ لشيْءٍ، و "بقَدَر" خَبَرٌ عن كل (فيهم أن الذي يقدر هو الشيء الموصوف بخلق الله، وأن هناك شيئاً ليس مخلوقاً له، وهو خلاف الواقع، وإنما لم يتوهم ذلك في النصب لأن "خَلَقناه" يتعين أن يكون مفسِّراً للعامل المحذوف لا صفة لشيء لأن الوصفَ لا يعملُ فيما قبله، فلا يُفَسِّر عاملاً). ومن ثَمَّ وَجَبَ الرفعُ في قوله تعالى: {وكلُّ شَيْءٍ فَعَلوه في الزُّبُر} (الآية "52" من سورة القمر "54"). وأن الفعل صفَة.
(الرابع) استواء الرَّفعِ والنَّصب:
يَستَوي الرفعً والنَّصب في الاسمِ المُتَقدم إذا وَقَع الاسمُ بعد عاطف تَقَدَّمتهُ جُملةٌ ذاتُ وجْهين (الجملة ذات الوجهين : هي جملة صدرها اسم وعجزها فعل كالأمثلة الواردة) بشرط أن يكون في الجملة المُفسَّرة ضميرُ المبتَدأ، أو تكون معطوفة بالفاء نحو "عَليٌّ سافَرَ وحَسَناُ أكْرمْتُه في داره" (الهاء في داره تعود على المبتدأ وهو علي) أو "فحَسناً أكرمتُه" أو "حسَنٌ" بالنصب والرفعُ فيهما لحُصولِ المُشاكلة في كِلا الوَجهين.
(الخامس) رُجحانُ الرفع على النَّصب:
يَتَرَجَّح الرفعُ على النَّصبِ في غير المَواضِعِ المُتَقَدِّمة.
-4 المشتَغِلُ يَكونُ فعلاً أو اسماً:
كل ما مَرَّ مِنَ الاشْتِغَال يَتَعلَّقُ بالأفعال المشتغِلةِ فيما بَعدَها عما قَبْلها، أما الاسم فقد يَشْتَغِلُ بشروط ثلاثة:
(1) أن يكُونَ وَصْفاً .
(2) عَامِلاً .
(3) صَالِحَاً للعمل فيما قَبْلَه نحو "الكتابَ أنا قَارِئُه الآنَ أو غَداً" فيخرجُ بالشرط الأول اسمُ الفعلُ والمصدرُ نحو "محمدٌ عَلَيْكه وأخوك إحتراماً إياه". وبالشَّرط الثاني: الوَصْفُ للمُضِيّ لأنَّه لا تَعملُ نحو "البابُ أَنا مُصْلِحُه أمسِ".
وبالثالث: الصفةُ المشبَّهة نحو "وجهُ الأب محمدٌ حسنُه" (و "وجهُ" واجب رفعهُ بالابتداء، وجملة "محمد حسنُه" خبره، ولا يجوز نصبهما لأن الصفةَ وهو "حَسن" لا تعمل فيما قبلها، وهذا التركيب وإن مثل به عُلماء النحو فهو بعيد عن فصاحة العربية وأصل التركيب محمد حسنٌ وجهُ الأب، فجرَّب النحاة أن يقدموا معمول الحَسَن ويُعيدوا عليه ضميرهُ ليرُوا هَل لا يَزال يَعمل فيه لفظ الحسن فقرروا أن الصفة المشبهة لا تعنل فيما قبلها فيتعين أن الاسمَ المتقدم هو مبتدأ ومن هنا جاء هذا التركيب).
-5 رابطةُ الاشتغال:
لا بُدَّ في صِحةِ الاشْتِغَال من رَابِطةٍ بين العامل والاسمِ السَّابق، وتحصل "الرابطة" بضمِيرِه المتصلِ بالعاملِ، نحو "تَكراً أكرمته".
أو بضَمِيره المنفصل من العامل بحرف جَر نحو "عليّاً مررتُ به". أو باسمِ مضافٍ للضميرِ نحو "محمداً كلمتُ أخاه". أو باسمِ أَجْنَبِيٍّ أُتْبعَ بِتَابع مُشتَمِلٍ على ضمِير الاسم، بشرطِ أن يَكُونَ التابعُ نعتاً له نحو "خالداً استشرتُ رجلاً يُحبُّه" أو عطفاً بالواو نحو "محمداً علمتُه عَمْراً وأَخَاه". أو عطفَ بيان نحو "خالداً كلَّمت علياً صديقه" لا بَدَلاً، لأنَّه في نية تَكرار العاملِ، فتخلو الجملة الأولى من الرابط.
* الاشْتِقاق:
-1 تعرِيفُه:
هو أَخذُ كَلِمَةٍ من أُخرى بنوعِ تَغْيير مع التَّناسُب في المعنى، والتَّغيير: إمَّا في الهَيْئَة فقط كـ "نَصَر" من "النَّصر" أو في الهَيْئَة والحروف بالزيادة أو النقص كالأمر من النَّصر "انْصُر" والأمر من الوَعد "عِد" والاشتِقاقُ من أصْلِ خواصِّ كلامِ العَرب، فإنَّهم أَطْبَقُوا على أنَّ التَّفرِقَة بين اللفظ العَربيّ والعَجميّ بصحَّةِ الاشتقاق.
-2 أركانُ الاشتقاق:
أركانه أربعة:
(1) المشتَقّ.
(2) المُشْتَقُ منه.
(3) المُشارَكَةُ بينَهما في المعنى والحروف.
(4) التَّغيير.
فإنْ فَقَدْنا التَّغْييرَ لَفظاً حَكَمْنا بالتَّغيير تقديراً.
-3 المشتقات:
المشتقاتُ عَشْرة: "الماضِي، والمضارعُ، والأمْر، واسمُ الفاعل، واسمُ المفعُول، والصفةُ المُشَبَّهة، واسمُ التَّفَضيل، واسمُ الزَّمان، واسمُ المكان، واسم الآلة" (=بحروفها).
-4 أقسام الاشتقاق:
(1) الاشتقاق الصَّغير وهو ما اتَّحدَتْ الكَلِمَتان فيه حروفاً وترتيباً كـ "عَلَم" من "العِلْم" وهو كل ما سَبَق، وهو المقصودُ عند الصَّرفيين.
(2)الاشتقاقً الكبير وهو ما اتَّحدَتْ فيه الكَلِمتان حُروفاً لا تَرْتيباً كـ "اضْمَحَّل الشيءُ" و "امْضَحلَّ" و "طمَس الطريقُ" و "طسَم" انطمس ودَرس.
(3)الاشتقاقً الكبير وهو ما اتَّحدَتُ الكَلِمتانِ فيه، في أكثر الحروف مع تَنَاسب في الباقي كـ "الفَلْق والفَلْج" وهما الشقُّ. و "ألِهَ ودَلِهَ" بمعنى تحيرَّ.
-5 أَصلُ المُشْتَقّات:
أصلُ جميع المشتَقات "المَصْدَر، لأنَّ معناهُ بَسيط، ومعنى غَيْره مُرَكَّب وقال الكوفيون: أصل المُشتقَّات: الفِعل، لأنَّ المصدر تابعٌ له في الإعلال "أقَامَ إقامةً". والتَصْريُّون أنفُسُهم يُعبِّرون في كَلامِهِم عن رَأي الكُوفيين إذْ يَقُولون: إذا كان الفعلُ كَذَا فَمَصْدَرُه كذا يَجْعَلُونَ بالتَّطبِيق الأصالةَ للفِعل.
-6 لا يَدْخلُ الاشتِقاقُ في أَشْياء:
لا يدخُلُ الاشتقَاق في خَمسةِ أَشْياء:
(1) الأسماءِ الأَعْجَمِّية كـ "إسماعيلَ".
(2)أسماءِ الأصوَات كـ "غَاقِ".
(3)الأسماء الواغلة في الإبهَام كـ "مَنْ" و "ما".
(4)اللغاتِ المتضادَّة كـ "الجَوْن" للأبْيِض والأَسْود.
(5)الأسماءِ الخُماسيَّة كـ "سَفَرْجَل".
ويجوزُ أنْ يَدخُل الاشتِقاقُ في بعضِ الحروف وقد قالوا "أَنْعَمَ لَه بكذا" أيْ قال له: نَعَمْ، و "سوَّفْتُ الرجلَ". أي قُلتُ له: شَوْفَ أَفْعَلُ، و "شأَلْتُك الحَاجَةَ فَلَوْ لَيْت" أي قلت لي: لَوْلاَ. و "لاَلَيْتَ" وهو كلمةٌ واحدةٌ: أي قلتَ لي: لاَ، لاَ وأشباه ذلك.
* أصْبَحَ:
(1) - تأتي ناقصةً من أخَواتِ "كان" وهي تامةُ التصرُّفِ وتُستَعمل ماضياً، ومُضَارِعاً، وأمْراً، ومَصْدَراً، نحو "أصْبَحَ مُحَمَّدٌ كَرِيمَ الخُلُق"، ولها مع "كان" أحكام أخرى (=كان وأخواتها).
(2)وتأتي تامَّةً فَتَكْتَفِي بمَرْفُوعها، ويكون فاعِلاً لها، وذلك حين يكون معنى "أصبحَ" دخل في الصباح نحو قوله تعالى: {فسُبْحَانَ اللّهِ حِينَ تُمْسُونَ وحِين تُصْبِحُون} (الآية "17" من سورة الروم "30" ).
* الإضَافَة:
-1 ضَمُّ كلمةٍ إلى أُخْرَى بتَنْزِيلِ الثانية منزلةَ التنوين من الأولى، والقَصْدُ منها: تعريفُ السَّابِقِ باللاَّحِقِ، أو تَخْصِيصُه به، أو تخفيفه نحو "كتابُ الأستاذ" و "ضوءُ شَمْعةٍ" و "هو مُدَرِّسُ الدَّرْسِ". أي الدرس المعهود، وأَصْلُهَا: هو مُدَرِّسٌ الدَّرْسَ.
-2 ما يُحذَفُ بالإضافة:
يُحذَفُ - بالإضافة - من الاسم الأول: التنوينُ، ونونُ مُثَنَّى أو جَمعِ مُذكرِ سالمٍ، وما أُلْحِقَ بهما، نحو "دارُ الخلافَةِ" {تَبَّت يَدا أبي لَهَبٍ} (الآية الأولى من سورة المسد "111") و "سافر قَاصِدُو الحَجِّ" و{أُولُو الأَرْحَامِ} (الآية "75" من سورة الأنفال "8" ). ولا تُحذَفُ النُّونُ التي تَظْهَرُ عليها علامةُ الإعراب - وهي النونُ الأصلية - نحو "بَسَاتينُ عليٍّ" و "شياطِينُ الإنس".
-3 عاملُ المضافِ إليه:
يُجرُّ المُضافُ إليه بالمُضَافِ لا بالحرف المَنْوِي.
-4 الإضَافَةُ بمعنى "اللام" أو "مِن" أو "في":
الغالبُ في الإضافةِ أن تَكونَ بمعنى "اللاَّمَ" ودُونَها أن تكونَ بمعنى "مِن" ويَقلُّ أن تكون بمعنى "في" (الإضافة بمعنى "في" لم تثبت عند جمهور النحاة). وضابط التي بمعنى "في" أن يكونَ المضافُ إليه ظرفاً للمضاف نحو {مَكْرُ اللَّيلِ} (الآية "33" من سورة سبأ "34" ).
و{يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ} (الآية "41" من سورة يوسف "12" ).
وضابطُ التي بمعنى "مِن" أن يَكون المضافُ بعضَ المضافِ إليه، مع صِحةِ إطلاقِ اسمِهِ عليه نحو "خَاتَمُ ذَهَبٍ" و "قمِيصُ صُوفٍ" فتقديره: خَاتَمٌ مِن ذَهَب، وَقَمِيصٌ مِن صُوف وظاهرٌ: أن الخَاتَمَ بَعضُ الذَّهب. والقَمِيصَ بعضُ الصوف، ويقال: "هذا الخاتم ذهبٌ" و "هذا القميصٌ صوفٌ". فإذا انْتَفَى الشَّرطانِ معاً نحو "كِتَابُ أحمدَ" و "مصباحُ المَسْجِد" أو الأوْل فقط كـ "يَومِ الجمعة" أو الثاني فقط كـ "يَدِ الصَّانِعِ" فالإضافة بمعنى "لامِ المِلك أو الاخْتِصَاص".
طولُ اللَّيالي أسْرَعَتْ في نَفْضِي * نَقَضْنَ كُلِّي ونَقَضْنَ بَعْضِي
ولا يجور "قامَت غُلامُ هِنْدٍ" الإنتفاء الشرط المذكور، وهو إمكانُ الاسْتِغْنَاءِ بالمضافِ إليه عن المُضَاف.
ومن الثاني وهو تَذْكِيرُه لِتَذْكِيرِ المُضَافِ إليه قولُه:
إنَارَةُ العَقْلِ مَكْسُوفٌ بِطوعِ هَوىً * وَعَقْلُ عَاصِي الهَوَى يزداد تَنْوِيراً
قال: مَكْسوفٌ، ولم يَقل مكسوفة ولا يجوز "قامَ امْرأةُ خالدٍ" لعدم صلاحِيَّةِ المُضَافِ للاسْتِغْنَاء عَنْه بالمُضافِ إليه.
(الرَّابع) التَّخْفِيف كقوله تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَةِ} (الآية "95" من سورة المائدة "3" ).
وقوله: {ثَانِيَ عِطْفِه} (الآية "9 - 10" من سورة الحج "22" ). (= التفصيل في اسم الفاعل وأبنيته وعمله 7).
(الخامس) الظَّرفية نحو {تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ} (الآية "24" من سورة إبراهيم "14" ) وقول الراجز:
"أنَا أبُو المِنْهَالِ بَعْضَ الأحْيانْ".
(السادس) المَصْدرية نحو: {وَسَيَعْلمُ الذين ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُون} (الآية "227" من سورة الشعراء "26" ) فـ "أيَّ" مفعولٌ مُطلَق ناصِبُه ينقلبُون.
(السَّابع) وجُوبُ التّصدِير ولهذا وجَبَ تقديمُ المُبْتدأ في نحو: "غُلامُ مَنْ عِنْدَك" وتقديمُ الخَبَرِ في نحو "صَبِيحةَ أيّ يومٍ سَفَرُكَ".
(الثامِن) البناءُ، وذلك في ثلاثة أبواب:
(أ) أنْ يكونَ المضافُ مُبْهماً كـ "غَيْر ومِثْل ودُون" فمثلُ "غَيْر" قولُ أبي قيسِ بيِ الأَسْلَت:
لم يَمْنَعِ الشَّرْبَ فيها غسْرَ أَنْ نَطَقَتْ * حَمَامَةٌ فِي غُصُونٍ ذاتِ أوْ قَالِ
و "غيَرَ" فاعل بـ "لَم يَمْنَع" وقد بُنِيتْ على الفتح. ومِثَال "مِثْل" قَوْلُه تعالى: {إنَّه لَحَقٌّ مثلَ مَا أَنَّكم تَنْطِقُون} (الآية "33" من سورة الذاريات "51"). الأكثَر على فَتْح "مِثْلَ" وهي صفة لِـ "لَحقٌّ" مبنية على الفتح، ومِثال "بينَ" قوله سبحانه: {لقَدْ تَقَطَّع بيْنَكُمْ} (الآية "94" من سورة الأنعام "6" ). فيمن فتح "بيتاً" ويؤيده قراءة الرفع.
(ب) أن يكونَ المضافُ زماناً مُبْهماً، والمضاف إليه "إذْ" يحو {ومِنْ خِزْي يَوْمِئذٍ} (الآية "66" من سورة هود "11" ) يقرآن بِجَرِّ يومٍ وفتحه.
(جـ) أن يكونَ زماناً مُبْهماً والمضاف إليه فِعلٌ مبنيٌّ بِنَاءً أصْلِيّاً أو بِنَاءً عَارِضاً، أمَّا الأصليُ كقول النابغة:
عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيب على الصِّبَا * وقُلْتُ ألَمَّا أَصْحُ والشَّيْبُ وازِعُ
وأمَّا العَارِض فكقَوْل الشاعر:
لأَجْتَذِبَنْ مِنْهُنَّ قَلْبي تَحلُّما * على حينَ يَسْتَصْبِيبنَ كلَّ حَلِيم
فإن كانَ المضافُ إليه فِعلاً مُعَرباً،
أو جملةً اسميةً وَجَبَ الإعراب عند البَصْريين، ولكنَّ قراءَةَ نافِعٍ في قوله تعالى: {هذا يومَ يَنْفعُ الصَّادِقِين} (الآية "119" من سورة المائدة "5" ) بفتح "يومَ" وقراءة {يومَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لنَفْسٍ شَيْئاً} (الآية "19" من سورة الانفطار "82") بفتح "يوم" تجعلان جَوازَ البناء صحيحاً.
-9 الإضافةُ إلى المُرَادِفِ، وإلى الصِّفَةِ وإلى المَوْصُوف:
ولا يُضافُ اسمٌ إلى مُرادِفه كـ "قمْحِ بُرٍّ" ولا مَوْصُوفٌ إلى صفتِه كـ "رجلِ عالمٍ" ولا صفةٌ إلى موصوفها كـ "عالِم رجلٍ". فإنْ سُمِعَ ما يُوهِم شَيْئاً مِن ذلك يُؤوَّل، فمن الأول المرادفِ قولهم: "سعيدُ كُرْزٍ" (الكرز: خرج الراعي، ويطلق على اللئيم والحاذق) وتأويله: إن يُرادَ بالأوَّل المسمّى، وبالثاني: الاسم. أي: سعيدٌ المُسمَّى كُرْزاً.
ومن الثاني - وهو إضافةُ المَوصُوفِ إلى صِفَتِهِ - قولهم: "حَبَّةُ الحَمْقاء" و "صلاةُ الأُولَى" و "مسْجِدُ الجَامِع".
وتأويلُه: أن يُقدَّر موصُوف، أي حَبَّةَ البَقْلَةِ الحَمْقاء، وَصَلاةُ السَّاعةِ الأُولَى، ومَسْجِدُ المكانِ الجَامع، ومن الثالث - وهو إضافةَ الصِّفةِ إلى موصُوفها - قولُهم: "جَرْدُ قَطيفةٍ" (الجرد: الخَلَق، والقطيفة: كساء له خَمَل) و "سحْقُ عِمامةٍ" (السُّحق: البالي). وتأويله: أن يُقَدَّر إضافَةُ الصِّفةِ إلى جِنْسِها، أي: شيءٌ جَرْدٌ من جِنْس القَطِيفَة. وشيءٌ سُحْقٌ مِن جِنْس العِمَامَة.
-10 الأسْماءُ بالنَّسْبة للإضَافَة: الأسماءُ بالنسبة لصَلاحِيَّتِها للإضَافةِ أو امْتِنَاعِهَا أو وُجُوبِهَا ثلاثَةُ أقْسامٍ:
(أ)أن تكونُ صالحةً للإضافة والإفراد وذلك هو الغالب كـ "ورق وقلم، وعَمل وأرض وغير ذلك كثير".
(ب)أن تمتنع إضافَتُها "كالمُضْمَرات". و "أسماءِ الإشارة" و "المَوْصُولات" - سوى "أيّ" - و "الإعْلاَم" و "أسماء الشَّرْط" و "أسْماءُ الاسْتِفْهام" - عدا "أيّ" منهما - فالأربعة الأولى مَعارف والبواقي شَبيهاٌ بالحرف.
(جـ)أنْ تجبَ إضافَتُها، وذلك على نَوْعين:
(1)ما يجبُ إضافتُه إلى المفرد (المراد بالمفرد هنا: ما يقابل الجملة).
(2)ما يجبُ إضافتُه إلى الجُمَل.
فالأولُ: قِسمان: قِسمُ يَجُوزُ لَفْظاً قَطْعُه عَنِ الإضَافَةِ وهو "أيّ" و "بعْض" و "كلَ" (انظر كُلاً في حرفه) بشرطِ ألاَّ يَكونَ "كلّ" نعتاً لا توكيداً نحو: { كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُون} (الآية "33" من سورة الأنبياء "21"). {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ على بَعضٍ} (الآية "253" من سورة البقرة "2" ).
والقِسْمُ الآخَرُ يَلزَمُ الإضافةَ لفظاً وهو ثلاثةُ أنْوَاع:
(1)ما يُضَافُ إلى الظاهِرِ مَرَّةً، وإلى المُضْمَر أُخْرَى، وهو "كِلاَ وكِلْتا" و "عنْد وَلَدَى" (=في حروفها).
و "قصَارى الأمْرِ وحُمَادَاه" (أي الجهد والغاية). و "سوَى" (=في أحرفها)
(2)مَا يَخْتَصُّ بالظَّاهر، وهو "أُولُو أُولاَتُ، وذُو، وذات" وفروعُهما. قال تعالى: {نَحْنُ أولُو قُوَّةٍ} (الآية "33" من سورة النمل "27" ). {وأولاتُ الأحْمَالِ} (الآية "4" من سورة الطلاق "65")، {وَذَا النُّونِ} (الآية "87" من سورة الأنبياء "21") و{ذاتَ بَهْجَة} (الآية "60" من سورة النمل "27" ).
(3)ما يَخْتَصُّ بالمُضمَر، إمَّا مُطلَقاً وهو "وحْدَه" نحو {إذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ} (الآية "12" من سورة غافر "40" ).
وإمَّا لخُصُوصِ ضَميرِ المخاطَب، وهو مَصادِرُ مُنثَنَّاةٌ لَفْظاً، ومَعْناها: التكثير، وهو: "لَبَّيْكَ" و "سعْدَيكَ" و "حنَانَيْكَ" و "دوَالَيْكَ" و "هذَا ذَيْكَ". (=جميعَها في أحرفها).
وأمَّا النَّوْعُ الذي يجبُ إضافَتُه إلى الجمل فهو قِسمان:
(أ)ما يضاف إلى الجمل مُطلقاً وهو "إذْ" و "حيْث" نحو {واذْكُرُوا إذْ أَنْتُمْ قَلِيل} (الآية "26" من سورة الأنفال "8" ) و{اذْكُرُوا إذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ} (الآية "86" من سورة الأعراف "7" )، "اجْلِسْ حيث جَلَسَ صاحبُك" أو "حَيْثُ صَدِيقُك جالِسٌ" (="إذ وحيث" في حرفيهما).
(ب) ما يَخْتَصُّ بالجملِ الفِعْلِيَّة، وهو "لمَّا" الحِينيةُ عِنْد من جَعَلها اسماً نحو "لَمَّا جَاءَني عليٌّ أكْرَمْتُهُ" و "إذَا" وتُضافُ إلى الجُملةِ المَاضَوِيَّة غَالِباً، وَقَلَّ أنْ تضافَ إلى الجُمْلَةِ المُضارِعيَّة، (=في حرفيهما).
وأمَّا قَوْلُ الفَرَزْدق:
إذا بَاهِلِيٌّ عِنْدَهُ حَنْظَلِيَّة * لَهُ ولدٌ مِنْها فَذَاك المُذَرَّعُ
(المُذَرَّع: الذي أنُّه أشرف من أبيه، وحَنْظَلة: أكرم قبيلة في تميم).
فعلى تأويلِ إضمار "كان" إي إذا كان "باهليٌّ".
-11 إضافةُ أسْماءِ الزَّمَانِ المُبْهَمة: كلُّ ما كانَ مِنْ أسْماءِ الزَّمَان بمنزلة "إذْ" أو "إذا" في كوْنِه اسْمَ زَمَانٍ مُبْهَم لِمَا مَضَى أو لِمَا يَأْتي، فإنه بمَنْزِلَتِهما فيما يُضافَانِ إليه.
فَلِذَلِكَ تَقول" "جِئْتُكَ زَمَنَ الثَّمرُ ناضِجٌ" أو "زمَنَ كانَ الثَّمرُ نَاضِجاً". لأنَّه بِمَنْزِلَةِ "إذْ" وتقول: "أزُورُكَ زَمَنَ يَهْطِلُ المَطرُ" ويَمْتَنِعُ "وضمنَ هُطُولِ المطَر" لأنه بمنزلة "إذا" ومثل "زَمَن" في الإبهام "حِينَ، ووقتَ، ويومَ".

وأمَّا قولُه تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلى النَّارِ يُفْتَنُون} (الآية "13" من سورة الذاريات "51"). وقولُ شَوادِ بنِ قارِب:
فَكُنْ لي شَفِيعاً يومَ لا ذُو شَفاعَةٍ * بمُغنٍ فَتِيلاً عن سَوادش بن قَارب
(الفتيل: ما يكون في شق نواة التمر وهو كناية عن الشيء القليل).
فمِمّا نُزِّلَ المستقبلُ فيه منزلةَ الماضي لتحقُّق وقُوعه.
ويجُوزُ في هذا النوعِ: الإعرابُ على الأصلِ، والبناءُ حَمْلاً عليهما فإنْ كان ما وَلِيَه فِعْلاً مَبْنِياً، فالبناءُ أرجَحُ للتَّناسُب، وقد تقدَّم في الإضافة.
وإنْ كانَ فِعْلاً معَرباً، أو جُمْلةً اسْمِيَّة، فالإعرابُ أرْجَحُ، فَمِن الإعراب {هذا يومُ يَنْفَعُ الصَّادقينَ صِدقُهُم} (الآية "119" من سورة المائدة "5" ). وقولِ بشْر بنِ هُذَيل:
ألم تَعْلَمي يا عَمْرَكِ اللَّهُ أنني * كَرِيمٌ على حِينِ الكِرَامُ قَليلُ
(يا عمرك: يا حرف نداء، والمنادى محذوف تقديره: يا فلانة عمرك الله "عمرك" منصوب على المصدرية؛ وفعله "عمر" عاش طويلاً، عمرك الله).
-12 حَذْفُ المضافِ أو المضاف إليه: يَجُوزُ حَذْفُ ما عُلِمَ مِن المضاف أو المُضَافِ إليه، فإنْ كانَ المحذوفُ "المضافَ" فالغالبُ أن يَخْلُفَه في إعْرابِهِ المُضَافُ إليه نحو {وَجَاءَ رَبُّكَ} (الآية "22" من سورة الفجر "89") أي أمرُ ربك ونحو {واسْألِ القَرْيَة} (الآية "82" من سورة يوسف "12" ) أي أهل القرية.
وقد يَبْقى على جَرِّه، وشرطُ ذلك في الغالِب أن يكونَ المحذوفُ معطوفاً على مضافٍ بمعناه كقولهم: "ما مثلُ عبد الله ولا أخيه يقولان ذلك". أي ولا مِثلُ أخِيه.
ومثلُه قولُ حَارِهَة؟؟ بنِ الحجَّاج:
أكلَّ امْرِئٍ تَحسَبِينَ امْرَءاً * ونَارٍ تَوَقَّد بالليل نارَا
أي: وكلَّ نار.
ومن غير الغالب قراءةُ اني؟؟ جَمَّاز: {تُرِيدُونَ عَرَض الدُّنيا واللَّهُ يُرِيدُ الآخِرةِ} (الآية "67" من سورة الأنفال "8" ). أي عمل الآخرةِ.
وإن كان المحذوفُ "المضاف إليه" فهو على ثلاثة أقسام:
(1)أَنْ يُزالَ من المُضَافِ مَا يَسْتَحِقُّه من إعْرابٍ وتَنْوِين، ويُبْنَى على الضم نحوك "أَخَذْت عَشَرةً ليسَ غيرُ" ومثلُها "من قَبْلُ" و "من بعدُ" (=ليس غير، قبل، وبعد).
(2)أن يَبْقَى إعْرَابُه، ولا يُنَوَّن، ولا تُرَّد إليه النون إنْ كان مُثَنَّى أَوْ مَجْمُوعاً كما كان في الإضافة، وشرطُ ذلك في الغالب أن يُعطف عليه اسمٌ عامِلٌ في مِثْل المُضَافِ إليه المحذوف، وهذا العامل، إما مضاف كقولهم: "خُذْ ربعَ ونِصْفَ ما حَصل" والأصل خُذْ رُبْعَ ما حصل ونِصفَ ما حصل، فحذفوا "ما حصل" وم؟؟ الأول لِدَلالةِ الثاني عليه.
ومِثلُه قَوْلُ الفَرَزْدَق:
يا مَنْ رَأى عَارِضاً أُسَرُّ به * بين ذِرَاعيْ وجَبْهةِ الأسَدِ
أي بَيْنَ ذِرَاعَيْ الأَسَدِ، وَجَبْهةِ الأَسَدِ. ومثلُ هَذا لا يَجُوز إلاَّ في الشعر.
وإمَّا غَيرَ مُضَافٍ وهو عامِلٌ في مِثْل المَحْذُوف كقوله:
عَلَّقْتُ آمَالِي فَعمَّتِ النِعَم * بِمِثْلِ أو أنْفَعَ مِنْ وَبْل الدِّيَمْ
(الوبل: المطر الشديد، الديم: جمع ديمة: وهو المطر ليس فيه رعد ولابرق).
فمثلُ مُضَافٌ إلى مَحذُوفٍ دلَّ عليهِ المذكُور، والأصلُ: بمثلِ وَبْلِ الدِّيَم أو أنفعَ من وَيْلِ الدِّيَم.
ومن غير الغالب "ابْدَأْ بِذَا مِنْ أولِ" بالخفض من غير تنوين.
-13 الفصل بين المضاف والمضاف إليه:
عند أكثَرِ النحويين لا يُفْصَل بين المُتَضَايِفَيْن إلاّ في الشعر، وعند الكوفيين مسائل الفصل سبعٌ: ثلاث جائزة في السعة وهي:
(1)أن يكونَ المضافُ مصدراً، والمضافُ إليه فاعلُه، والفاصل: إمَّا مفعوله، وإمَّا ظَرْفه فالأول كقراءة ابن عامر: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ من المُشْرِكينَ قَتْلَ أوْلاَدَهُمْ شُرَكائِهِم} (الآية "137" من سورة الأنعام "6" . وقراءة الأكثرين: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ من المُشْرِكينَ قَتْلَ أوْلاَدِهِمُ شُركاؤهم} وشركاؤهم فاعل زَيَّن).
التقدير على هذه القراءة: قتلَ شُرَكَائِهم أوْلاَدَهُم، فَصَلَ بَيْن المُضَافِ والمُضَافِ إليه: بأولادهم ومثلُه قولُ الشَّاعر:
عَتَوْا إذْ أحَبْنَاهُم إلى السِّلْمِ رَأفَةً * فَسُقْنَاهُمُ سَوْقَ البُغَاثَ الأَجادلَ
(البغاثَ: من الطيور الضعيفة ومن المثل: "إن البغاث بأرضنا يَسْتَنْسِر" والأجادل: جمع أجْدَل: وهو الصقر).
التقدير: سَوْقَ الإجادِلِ البُغاثَ.
والثاني: كقول بعضهم: "تَرْكُ يوماً نَفسِكَ وهَواهَا، سَعْيٌ لَها فِي رَدَاها".
(2)أن يكون المضافُ وصفاً والمضافُ إليه إما مفعولَه الأولَ والفاصلُ مفعولُه الثاني، كقراءة بعضهم {فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّه مُخْلِفَ وَعْدَهُ رُسُلِهِ} (الآية "47" من سورة إبراهيم "14" . والقراءة المشهورة {فَلا تَحْسَبنَّ اللَّهَ مُخلِفَ وَعدِهِ رُسُلَهُ}).

وقول الشاعر:
ما زَالَ يُوقِنُ مَنْ يَؤُمُّكَ بالغِنى * وسِوَاكَ مانعُ فَضْلَه المُحتاجِ
أو ظَرفَه كقوله عليه السلام "هَلْ أَنْتُمْ تارِكُو لي صَاحبي" وقول الشاعر:
فَرِشْني بخيرٍ لا أكونَنْ ومِدْحَتي * كنَاحِتِ يَوْماً صَخْرةٍ بعَسِيلِ
(قوله: فَرِشْني: أمر ن رِشْتُ السهم إذا أَلزقْتَ عليه الريش، والمعنى: أصْلِح حالي بخيرٍ، والعَسِيل: مِكْنَسةُ العَطَّار التي يجمعُ بها العِطْر، وهذا كناية عن أنَّ سَعْيه مما لا فائدةَ فيه مع التَّعب والكد).
(3) أن يَكُونُ الفَاصِلُ قَسَماً (كما حكاه الكسائي) نحو: "هذا غُلامُ واللَّهِ زيدٍ" وحَكَى أبو عبيدة: "'نَّ الشاةَ لَتَجْترُّ صوتَ - واللَّهِ - ربِّها" (أي صاحبها" زاد في الكَافية الفصل بـ "أما" كقول تأبط شراً:
هما خُطَّتا إمّا إسَارٌٍ وَمِنَّةٌٍ * وإمَّا دَمٌٍ والقَتْلُ بالحُرِّ أجْدَرُ
(هذا على رواية كسر إسار على أنه مضاف إليه وحذف النون على هذا للإضافة والرواية الأخرى بالضم وعليه فحذف النون استطالة للاسم وإسَارٌ بدَل من خطتا).
والمسائل الأربعةُ الباقِية تختص بالشعر:
(إحداها) الفصلُ بالأجْنَبي، ونعني بِه مَعْمُولَ غيرِ المُضَاف، فاعلاً كان كقول الأعشى:
أنْجَبَ أيَّامَ والِداه به * إذ نجلاهُ فنِعم مَا نجَلا
فاعل أنجب: والداه وأيام: متعلق بأنجب وهو مضاف و "أذْ" مضاف إليه، فقد فصل بـ "والداه" بين المضاف والمضاف إليه).
أي أَنْجب والِداه به أيَّامَ إذ نجلاه، أو مفعولاً كقول جرير:
تَسْقِي امْتِياحاً نَدَى المِسْواكَ رِيقَتِها * كما تَضَمَّن ماءَ المزنة الرَصَفُ
(الامتياح هنا: الاسْتِيَاك وأصله: أخذ الماء من البئر وهو حال والنَّدى: البَلَلَ، والمُزنَة: السَّحاب، والرَّصْف: جَمع رَصْفَة وهي حجَارَةٌ مَرْصُوف بعضُها إلى بَعض، وماءُ الرَّصف أصْفى وأرَق).
أي تَسقِي نَدَى رِيقَتِها المِسوَاكَ، أو ظَرفاً كقول أبي حَيَّةَ النميري:
كما خُطَّ الكتابُ بكفِّ يوماً * يَهُوديٍّ يُقارِبُ أو يُزيل
(الشاهد فيه: بكف يوماً يهودي، وظاهر أن الأصل: بكف يهودي يوماً).
(الثانية) الفَصْل بفاعل المُضافِ كقوله:
ما إن وَجَدْنا للهَوَى من طِبَّ * ولا عَدِمنا قَهْرَ وجدٌ صَبِّ
(أضاف "قَهْرَ" إلى مفعوله وهو "صبّ" وفصلَ بينهما بفاعلِ المصدر وهو وَجَدَ، والأصل ما وجدنا للْهَوى طِبَّا، ولا عدمنا قَهرَ صَبٍّ وَجَدَ والصب: العاشق).
(الثالثة) الفصل بنعت المضاف كقول الشاعر:
نَجَوْتُ وَقَدْ بَلَّ المُرَادِيُّ سَيفَه * مِنْ ابنِ أبي شَيخِ الأَبَاطِحِ طَالِبِ
(الأباطح: جمع أبطح: وهو مسيل الماء، والمراد به مكة. والمرادي: هو عبد الرحمن بن مُلْجَم قاتلُ عليّ رضي اللّه عنه).
أي من ابن أبي طالب شيخ الأباطح.
(الرابعة) الفَصل بالنداء كقوله:
كأنَّ بِرْذَوْنَ أبا عصام * زيدٍ حمارٌ دُقَّ باللّجام
أي كأنَّ برذَونَ زَيدٍ حمارٌ يا أبا عِصام ففَصَلَ بينَ المضافِ والمضافِ إليه بالنِّداء.
كل هذا رأيٌ للكُوفيين، واستشهادهم ضعيف وعندَ البَصْريين لا يُفْصَل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الشعر.
* الإضافَةُ اللَّفْظِيَّة:
-1 ماهيتها:
هماك نَوعٌ من الإِضَافة لا يُفيدُ تَعْريفاً ولا تَخْصِيصاً وهو "الإِضَافَةُ اللَّفْظِيَّةُ" أو "غَيرُ المَحْضَة" وضَابِطُها: أن يكونَ المُضافُ صَفةً تُشبه المضارعَ في كَوْنها مُرَاداً بِها الحالُ أو الاسْتِقْبالُ وهذه الصِّفة واحدةٌ من ثَلاث: اسمُ فاعل، نحو "مُكرمُنا" واسمُ مفعول نحو "مزكومِ الأَنْفِ" والصفة المشبهة، نحو "شَديدِ البَطْشِ" والدَّليل على أنَّ هذه الإِضَافَة لا تُفِيدُ المُضَافَ تَعريفاً: وصفُ النكرةِ به في قولِه تعالى: {هَدْياً بَالِغَ الكَعْبَة} ووقوعهُ حالاً في نحو:
{ثَانيَ عِطْفِهِ} (الآية "9" من سورة الحج "22" ). فإنها حالٌ من فاعل يُجادِلُ في الآية قبلَه ومثله قولُ أبي كبير الهُذلي يمدَح تأبَّط شرّاً:
فأتَتْ به حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطَّناً * سُهُداً إذا ما نَام ليلُ الهَوْجل
("حوش" الفؤاد حديده "مبطناً" ضامر البطن "سُهُداً" قليل النوم "الهوجل" الأحمق)
فـ "حُوشَ الفُؤَاد" حال من الضمير في "به" والحَالُ لا تكونُ إلاَّ نَكِرَةً، أو مُؤَولةً بالنكرةِ، ودخول "رُبَّ" عليه ورُبَّ لا تَدْخُل إلاَّ على النكرات، من ذلك قول جرير:
يا رُبَّ غَابِطِنَا لَو كَانَ يَطْلُبُكُم * لاَقَى مُبَاعَدَةً منكُم وحِرمَانَا
والدَّليل على أنها لا تفيد تخصيصاً: أنَّ أصل قولِك: "هو مساعدُ أَخِيه". "هو مُسَاعدٌ أخاه" فالاختصاصُ بالمَعْمُول مَوْجُودٌ قبلَ الإضَافة.
ولا تُفيد هذِه الإضافة إلاَّ التَّخْفِيفَ بحَذْفِ التنوين في نحو "مساعِد أحمدَ" أو حذفِ نون التثنية أو الجمع في نحو "مُكرِمَا خَالدٍ" أو "مُكرمُو خالدٍ" أو تُفيدُ رَفْعَ القُبْح نحو: "أَعْزَزْتُ الرَّجُلَ الشَّريفَ النَّسَبِ" فإنَّ في رفعِ "النَّسب" (على أنها فاعل للصفة المشبهة وهو الشريف)، قُبْحَ خُلُوِّ الصفة من ضَمِيرٍ يَعُود على الموصوف، وفي نصبه (على أنه مفعول للصفة المشبهة): قُبْحَ إِجْرَاءِ وَصْفِ اللاَّزِم مُجرَى وَصفِ المُتعدي، وفي الجرّ تَخَلُّصٌ منهما.
وتُسَمَّى هذه الإِضافَةُ في هذا التنوع "لَفْظِيةً" لأنَّها أفادَت أمْراً لَفْظياً وهو حَذْفُ التَّنوين والنونِ، و "غيرَ مَحْضةٍ" لأَنَّها في تَقْدير الانْفِصال.
-2 دُخول "ألْ" على المُضاف:
الأصْلُ ألاَّ تَدْخلَ "ألْ" على المُضافِ لما يَلزَمُ عَليه من وجودِ مُعرِّفَيْن ولكنْ بالإِضافةِ اللفظية جائز ذلك في خمس مسائل:
(أ) أنْ يَكونَ المضافُ إليه أيضاً مَقْروناً بـ "أل" كقول الفرزدق"
أَبَأْنَا بها قَتْلَى وَمَا في دِمَائها * شِفَاءٌ، وهُنَّ الشَّافِياتُ الحَوائِمِ
(أبَأْنا: قتلنا، والضمير في "بها" و "هن" للسيوف "الحوائم" العِطَاش التي تحوم حول الماء جمع حَائِمة)
(ب) أن يكون المضافُ إليه مضافاً لما فيه "أل" كقوله:
لقد ظَفِرَ الزُّوَّارُ أقْفِية العِدَا * بما جَاوَزَ الآمَالَ مِلأَسْرِ والقتلِ
( ملأسر: أصلهُ من الأسر، حذفت النون على لغة خثعم وزَبِيد)
(جـ) أن يكون المضافُ إليه مضافاً لضمير ما فيه "ألْ" كقوله:
أَلْوُدُّ أَنْتِ المُسْتَحِقَّةُ صَفْوِهِ * مِنّي وإنْ لمْ أَرْجُ مِنْكِ نَوَالا
(المستحقة: اسم فاعل فيه "أل" أضيف إلى "صفوه" وفي "صَفْوِه" ضمير يعود إلى ما فيه "أل" وهو "الود")
(د) أن يكون الوَصْف المضافُ مثنَّى كقوله:
إنْ يَغْنَيا عَني المُسْتَوْطِنا عَدَنٍ * فإنني لِسْتُ يَوْماً عَنْهما بِغَنِي
( يَغْنيا: مضارع غَنِي بمعنى يَسْتغنيا، والألف ليست فاعلاً، وإنما هي علامة التثنية والفاعل: المُستَوْطِنا)
(هـ) أن يَكونَ الوصفُ جمعَ مذكَّر سالماً، كقوله:
ليسَ الأَخِلاَّءُ بالمُصْغِي مَسَامِعِهم * إلى الوُشَاةِ ولَوْ كانُوا ذَوِي رَحِم
(بالمُصغي: اسم فاعل وهو جمع مذكر سالمٌ وهو مضاف وفيه "ال" وهو الشاهد)
* أضْحَى:
(1) تأتي ناقصةً من أَخَوات "كانَ" وهي تَامةُ التصرُّف، وتُستَعمل ماضياً ومُضَارِعاً، وأمراً، ومَصْدرَاً نحو قول ابن زيدون:
"أضْحَى التَّنَائي بَدِيلاً مِنْ تَدَانِينَا".
ولها مع "كَانَ" أحكامٌ أُخْرَى.
(=كان وأخواتِهَا).
(2) وتَأْتِي تامَّةً، فتكتَفِي بمرفُوعِها. ويكونُ فاعِلاً لها، وذلك حينَ يكونُ مَعْنَى "أضْحَى" دَخَل في الضُّحى نحو "أَضْحَيْتُ وأنَا في بَلَدِي".
* الإعْرَاب:
-1 تعريفه:
هو اخْتِلافُ آخِرِ الكَلِمةِ باخْتِلاَفِ العَوامِلِ، لَفْظاً وتَقْدِيراً. وهو أصل في الأسماء، فَرْعٌ في الأفْعال، فاختلافُ آخِرِ الكلمة هو الحَرَكةُ، والحَذْفُ، والسُّكُون، والحَرْفُ.
فالحركة كحَركَةِ لفظِ "أرْضٍ" في قولك "هذه أَرْضٌ خِصْبَةٌ" و "زرَعْتُ أرضاً جَيِّدةً" والحذف كقولك "لم يَرَ" والسكون نحو "لم يَرْجِعْ" والحَرْف: كالإِعراب بواوِ الجماعَة أو ألِفِ الاثنين.
هذا في اللفظ، أمَّا التَّقدير:
فهو ما لا يَظْهر إعْرابُه، كلفظ "الفَتَى" و "النَّوَى" في قولك: "جَدَّ الفَتَى". و "ما أَصْعَبَ النَّوى".
-2 المعربات:
(1) حقُّ الأسماءِ أن تُعرب جميعاً وتُصْرَف.
فَما امتَنَعَ منها مِنَ الصَّرْفِ فَلِمُضَارَعتِه الأَفْعَالَ لأن الصَّرْف إنما هو التنوين والأَفْعَالَ لا تَنْوين فيها، ولا خَفْضَ، وما أشْبَه الحَرْفَ فمبنيٌّ. والمَبْنِياتُ من الأسماء مُسْتَقْصَاةٌ في = البناء.
(2) الفعل المضارع الخالي عن مُبَاشَرةِ نونِ الإِنَاثِ ونُونِ التوكيد ثقيلةٍ أو خفيفة، وإنما أعْرِب المضارعُ لمشابهتهِ الاسمَ في إبْهامِهِ وتخصيصِه فإنه يَصلحُ للحالِ والاستقبال ويَتخلَّصُ لأحدهِما بحروفٍ، كذلك الاسم يكون مُبْهماً بالتنكير ويتخصَّصُ بالتعريف.
-3 علامات الإِعراب الأصلية:
علاماتُ الإِعراب الأصلِيّة: الضمةُ للرفع والفتحةُ للنصبِ، والكسرة للجر، وحذفُ الحركة للجزم.
ويشتركُ في الرفع والنصب الاسمُ والفعلُ، مثل قولك "العاقلُ يَصونُ شَرَفه" و "أن العَجُولَ لن يتقِنَ عَملاً". ويَخْتَصُّ الجرُّ بالاسم مثل: "في ساحةِ العلمِ الخلودُ" ويَخْتَصُّ الجزمُ بالفعل، مثل "لم يَنَلِ الخَيْرَ مَلُولٌ".
-4 تَقْدير الحركاتِ الثلاثِ في المَقْصُور والحركَتَين في المنقوص:
تَقَدَّرُ الحركاتُ الثلاثُ في الاسمِ المعرَبِ الذي آخرهُ ألفٌ لازمةٌ لتعذُّر ظهورِها كـ "الهُدَى" و "المصطفى". ويسمى معتلاًّ مقصوراً. وتُقَدَّرُ الضَّمةُ والكسرةُ فقط في الاسمِ المعربِ الذي آخره ياءٌ لازمةٌ مكسورٌ ما قبلَها، كـ "الدَّاعِي والمُنَادِي". ويُسمى مُعتَلاًّ مَنْقُوصاً، أَمَّا الفتحةُ فَتَظْهرُ في المَنْقُوص لِخِفَّتِهَا.
-5 علاماتُ الإِعراب الفَرْعيَّة:
قَد يَنُوبُ عن الضمةِ غيرُ الرفع، وعن الفتحةِ غير النَّصْبِ، وعن الكسرةِ غيرُ الجرِّ، وعن الجزمِ غيرُ السكون وذلك في سبعةِ أبوابٍ: الأسماءِ السِّتَة، المثنى، جمعِ المذكَّر السَّالم، الجمعِ بألفٍ وتاء، المَمْنُوعِ من الصَّرْف، الأفعال الخمسة، المضارعِ المعتل الآخر.
(=في أبوابها).
إعراب أسماء الاستفهام =الاستفهام (5).
إعرابُ أسماءِ الشّرط =جَوازِم المضارع (8).
* إعرابُ المُضَارِع:
تقدَّم إعرابُ المضارع، ونتحدث هنا عن أنواع إعرابه، وهي:
"رَفعٌ، ونَصْبٌ، وجَزْم". (=رفعَ المضارعِ، نصبَ المضَارعِ، جَزْمَ المُضَارِعِ).
* أعْطَى وأخَوَاتها:
-1 هي "أَعْطَى، سَأَلَ، مَنَحَ، مَنَعَ، كَسَا، أَلْبَس".
-2 حكمها:
تَنْصب مَفْعُولين ليسَ أصلهُما المبتدأ والخبر، وأحدُهما فاعلٌ في المعنى، فإذا قلتَ "كَسَوْتُ الفَقِيرَ قَمِيصاً" فـ "الفقير" مفعولٌ أوَّلُ وهو فاعلٌ في المعنى لأنَّ الكساءَ قامَ به و "قمِيصاً" مَفْعُولٌ ثانٍ.
وظاهرٌ أن المفعولَيْن ليس أصلُهُما المبتدأ والخبر، لأنَّه لا يُقال: الفقيرُ قميص".
-3 أحْوالُ مفعوليها في التَّقديم والتَّأْخير:
الأَصْلُ في هذه المَفَاعيلِ تقديمُ ما كان فاعلاً في المَعْنى، تقول: "أَلْبَسْتُ عليّاً مِعْطَفاً". كما تقول: "الكتابَ أعْطَيْتُكَهُ". وقد يكونُ تَقْدِيمُهُ واجباً أو مُمْتَنِعاً. فالوَاجِبُ في ثَلاثَةِ مَوَاضع:
(أحدهما) عِندَ حُصُول اللَّبْس، نحو "أعطيتُ محمّداً خالداً".
(الثاني) أن يَكونَ المفعولُ الثاني مَحْصُوراً فيه نحو "ما أعطيتُ خالِداً إِلاَّ دِرهماً".
(الثالث) أنْ يكونَ الثاني اسماً ظاهراً والأول ضميراً متصلاً نحو {إنَّا أعْطَيْنَاكَ الكوثَرَ} (الآية الأولى من سورة الكوثر "108").
والمُمْتَنِعُ في ثلاثَةِ مَوَاضِع:
(الأول" أن يكونَ الفاعلُ في المعنى محْصوراً فيه نحو "ما أَعْطَيْتُ الدِّرْهَمَ إِلاَّ سَعيداً".
(الثاني) أن يكونَ الأولُ ظاهراً، والثاني ضميراً متصلاً نحو "الدِّرْهَم أَعْطَيْتُه سَعيداً".
(الثالِث) أن يَكونَ مُشْتَمِلاً على ضمير يَعودُ على الثاني نحو "أعْطَيْتُ القوسَ بَارِيَها".
* الإِعْلال:
هو تغييْرُ حرفِ العِلَّةِ للتَّخْفِيف بالقَلْب، أو التَّسْكين، أو الحَذْفِ.
فالأوَّل: كقَلْب حرفِ العِلَّة همزة في الجَمْع كـ "قِلادَة" وجمعها "قَلائِدُ" و "صحِيفَةٌ" وجَمْعُها "صَحَائِفُ".
والثاني: كَتَسكين العين في "يَقوم" أصْلُها: يَقْوُم، نُقِلَتْ حَرَكةُ الواوِ إلى القاف فصارت يقوم، ومِثْلُها: يَبِيع. و "يبْيِع" واللام في نحو "يَدْعو ويَرْمي".
والثالث: كحذف فاء "المثال" في نحو "يَزِن" و "يعدِ".
* أعْلَمَ:
أصْلُها عَلِمَ التي تَنْصِب مَفْعُولَين، فَلمَّا أُدْخِلَتْ عليها الهمزةُ عَدَّتْها إلى ثَلاثةِ مَفَاعِيل تقول: "أعلمتُ عَمْراً خَالِداً شُجَاعاً". و "أعلمتُه إياه فاضِلاً".
وإذا كانتْ أَعْلَمَ مَنْقُولَةً من عَلِمَ بمعنى عَرَف المُتَعَدِّيةِ لِوَاحدٍ فإنَّها تَتَعدَّى لاثْنَيْن فَقط بَهَمْزَةِ التَّعْدية نحو "أَعْلَمْتُ خَالِداً خَبَرَاً يَسُرُّهُ". وحكمُ "أعلم" بمعنى عَرَفَ حُكْمُ أعْطَى ومَنَح في حذف المَفْعُولين أو أَحَدِهِما. لِدليل (=المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل).
* أَعْنِي التَّفْسِيرية:
الفرقُ بين "أعني" التَّفسيرية و "أيْ" أن "أيْ" يُفَسَّر بها للإِيضاح والبيان و "أعْني" لدفع السُّؤال، وإزالة الإِبهام. وإِعْرَابُ "أَعْنِي" إعرابُ المُضَارِع المُجَرَّدِ والياءُ مفعولٌ به.
* الإِغْرَاء:
-1 تعْرِيفُه:
هو تَنْبِيهُ الاسْمِ فيه حُكْمُ التَّحْذير (انظر "التحذير") الذي لم يُذكَرْ فيه "إيَّا" فلا يَلْزَمُ حذفُ عَامِله إلاَّ في عَطْفٍ أو تَكْرارٍ كقولك: "العلمَ والخُلُقَ". بتَقْدِيرِ الزَمْ، وقول مِسكينِ الدارمي:
أخَاكَ أخَاكَ إنَّ مَنْ لا أخا له * كسَاعٍ إلى الهَيْجا بغَيْرِ سِلاحِ
ويقال "الصلاةَ جامعةً" فتنصب الصلاةَ بتقدير "احضرُوا" أو أقيموا و "جامعةً" على الحال، ولو صُرِّح بالعامل لجاز.
أفْعَال التّصْيير =ظَنَّ وأخواتها (9).
الأفْعَال الصَّحيحة =الصحيحُ مِنَ الأَفْعَال.
أفْعَالُ القُلوب =ظَنَّ وأَخَواتُها (2).
الأفْعَالُ المُعْتَلَّة =المُعْتَلُّ مِنَ الأفعال.
* أُفٍّ:
الأُفُّ لُغةً: الوسَخُ الذي حَوْلَ الظُّفر. وقيل: وَسَخُ الأُذُن، يُقالُ ذَلك عَندَ اسْتِقْذَار الشَّيْء، ثم اسْتُعْمِلَ ذَلك عِندَ كلِّ شَيْءٍ يُضْجَرُ مِنْهُ، ويُتَأَذَّى بِه، والأَفَفُ: الضجرُ؛ وهي اسْمُ فِعْل مُضَارِعٍ بمعنى أتَضَجَّر، وهي من النوع المُرْتَجل.
وفيها عَشْرُ لُغاتٍ: أُفَّ لَه، وأُفِّ، وأُفُّ، وأُفَّا، وأُفٍّ وأُفٌّ، وفي التنزيل: {ولاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} (الآية "23" من سورة الإسراء "17" ) وأُفٍّي، وأُفَّى، وأُفَّةٌ، وأُفْ خفيفة، وقد جَمَعَها ابنُ مالكٍ في بَيْتٍ واحِدٍ:
فَأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّو، إنْ أردْتَ وقُلْ * أُفَّى وأُفِّى وأُفْ وأُفَّةَ تُصِبِ
وهِيَ للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ وغيرِهِ بصِيغَةٍ واحِدَة، وفَائِدةُ ذلك وضْعُها قصدَ المبالغة، فقائلُ "أفٍّ" كأنه يقول: أتضجر كثيراً، والتنوين فيها للتنكير أي أتضجَّر من كل شيء (=اسم الفعل).
* الأفْعال الخمسة:
-1 تعريفها:
هِيَ كلُّ فعلٍ مُضارِعٍ اتصلَ به ألِفُ اثْنَين مثل "يَفعلان تَفعَلان" أو واوُ جَمْعٍ مثل "يَفْعَلُونَ تَفْعَلُونَ" أو يَاءُ المُخَاطَبَةِ مِثل: "تَفْعَلِينَ".
-2 إعرابها:
تُرْفَعُ الأفْعالُ الخمسةُ بِثُبُوتِ النُّون نحو "العُلَماءُ يَتَرَفَّعون عن الدَّنَايَا".
وتُنْصَب وتُجْزَمُ بِحَذْفِها نحو قوله تعالى: {فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} (الآية "24" من سورة البقرة "2" ) فالأول جَازِمٌ ومَجْزُوم، والثاني نَاصِبٌ ومَنْصُوبٌ.
-3 كلمة "يَعْفُونَ":
كلمةُ "يَعْفُون" من قوله تعالى: {إلاَّ أنْ يَعْفُونَ} (الآية "237" من سورة البقرة "2" ) الواوُ فيها ليستْ ضميرَ الجَماعة، وإنَّما هي لاَمُ الكَلِمَة، والنونُ ضمِيرُ النِّسوة، والفعل المضارع مبني على السكون مثل "يَتَرَبَّصْنَ" بخلافِ قَوْلِكَ "الرِّجَالُ يَعْفُون" فالواوُ ضميرُ المذَكَّرِين، والنُّونُ عَلامَةُ الرَّفعِ. فَتُحْذَفُ للنَّاصِب والجَازِمِ نحو {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ للتَّقْوى} (الآية "227" من سورة البقرة "2" ).