عيد أكيتو مبارك
يحتفل أبناء شعبنا في كوردستان هذه الايام بعيد أكيتو و الذي يعتبر من
أقدس الأعياد القومية لشعبنا الكلدوآشوري السرياني حيث يتحد الخالق مع البشر في هذا اليوم ، ويتحد البشر مع الطبيعة في تلاحم روحي وتناغم أزلي ، يعبر عن تواصل شعبنا الكلدوآشوري السرياني مع العمق الحضاري والتاريخي له ، عبر مشوار طويل يمتد لآلاف السنيين .
حيث يتحد الخالق مع البشر في هذا اليوم ، ويتحد البشر مع الطبيعة في تلاحم روحي وتناغم أزلي ، يعبر عن تواصل شعبنا الكلدوآشوري السرياني مع العمق الحضاري والتاريخي له ، عبر مشوار طويل يمتد لآلاف السنيين .
فمن أول طوب في ملحمة التكوين ، إلى كتبة الرقيمات الأوائل ، إلى أكيتو والأيساكيلا ، إلى حران وأوباليط الحالم دوما ولا يزال بالعودة إلى نينوى ، إلى حملة لواء المسيحية وبناتها ، إلى احتفالات أكيتو راهناً . . حلقات من الفرح والمجد والنكبات والنهوض في سلسلة لتاريخ شعب عظيم ، مازال يعيش حالة تواصل مع نفسه وذاكرته القومية ، من خلال ممارسة طقوسه الروحية التي أخذت منحى قومي ، لأنها فقدت صفتها الدينية الأولى بعد تنحي الالها القديمة إمام مد المسيحية وقوتها كديانة توحيدية .
ففي عيد أكيتو لهذا العام 6756 في سهل روتان 30 كيلو متر شرق القامشلي ، 3 كيلو متر شمال غرب القحطانية ، أقيم كرنفال ضخم لعيد رأس السنة البابلية الأشورية أكيتو ، شارك فيه جموع غفير من أبناء شعبنا في القحطانية والقرى المجاورة .وقد استهل برنامج هذا الكرنفال بوقوف زيدان برصوم على المسرح مردداً عبارات ( شاتو اوثوريتو برختو . . أكيتو بريخو ) ليتقبلها الحضور من أبناء شعبنا بالتصفيق والزغاريد ، متحدثا عن هذه المناسبة بكلمة أوضح فيها معاني أكيتو والطقوس التي كانت تقام فيه ، مؤكداً على أن أكيتو هو أكثر الأعياد القومية تعبيراً عن استمرار المسيرة الثقافية والحضارية لهذا الشعب .وان أكثر ما ميز هذا الكرنفال هو قدوم الفرق الفلكلورية من معظم أماكن تواجد شعبنا في الجزيرة السورية للمشاركة فيه .
وكان الحدث الأكبر هو قدوم نيافة الحبر الجليل ما اسطاثيوس متى روهم مطران الجزيرة والفرات للسريان الأرثوذكس إلى المكان يرافقه المطران مار ديونيسيوس بهنان ججاوي ، حيث أقيم استقبال ملكي مهيب له من قبل فرقة شباث إنليل الفلكلورية ، فقد وقف على جانبيه فتى من كل جانب بزي الفرسان الآشوريين وكل منهما يحمل رمحاً باليد اليمنى ، وبجانب كل منهما وقف فتيان وفتيات الفرقة على نسقين وهم يطلقون صيحات وزغاريد الفرح وحركات إيمائية تعبر عن الغبطة لقدوم موكب نيافة المطران ، وخلف النسقين مشت جموع غفيرة من أبناء شعبنا مواكبين هذا الاستقبال ، وقد اكتملت مشاهد هذه اللوحة الملحمية التي سطرها فتيان وفتيات شباث إنليل بمرافقة نيافة المطران إلى مسرح أكيتو ليلقي كلمة بهذه المناسبة القومية المقدسة ، وقد أكد نيافته فيها على الوحدة بين أبناء شعبنا ، وان هذه الوحدة لن تكون بدون محبة ، وان تاريخ هذا الشعب يمتد لأكثر من 5000 سنة في عمق هذه الأرض التي نحيا عليها ، فنحن هنا مذ كانت وكنا . . مباركا المكان ومن فيه بهذا العيد ، وقبل أن ينهي كلمته التي أعطت زحما إضافيا وقدسية أخرى لهذه المناسبة ، تقدمت من نيافته يمامتان من يمامات شباث إنليل وبحركات فلكلورية إيمائية تعبر عن الخشوع و الابتهال والمحبة ، قدمتا لنيافته باقتان من الورد ترمزان إلى التجدد والعطاء والأمل بميلاد جديد .وان هذه المراسيم والطقوس الملكية التي حظي بها نيافته في أكيتو ، هي قليلة إذ ما قيست بانجازاته في المضمار القومي والكنسي ، فقد دشن تلازما افتقدناه لآلاف السنين بين ما هو قومي وديني في أمتنا ، وبمباركته لاكيتو 6756 وضع اللبنة الأخيرة في هذا البناء .
وكان للفرق الفلكلورية دور في استكمال ملامح مشهد كرنفال أكيتو لهذا العام فقد استطاعت استحضار مشاهد من الطقوس القديمة التي كان يمارسها أجدادنا الآشوريين في بابل ونينوى في أكيتو ، وكانت البداية مع فرق لجنة الرها الفنية ( نينوى ، أمد ، صهرو ، نيربا )حيث قدمت الرها لوحة خاصة بعيد أكيتو ( انبعاث أمة ) على أغنية ( قومون بوبل ) للفنان آرام قرياقس ، وهي تعبر عن جيل جديد لأمة لاتستسلم للفناء مهما أصابها من نكبات ، فلابد من ولادة إنسان آشوري جديد من مخاض آلام هذه الأمة ، بعد ذلك انتقلوا إلى حمل رايات تمثل علم الوطن وأطلقوا حمامة سلام لترفرف بجناحيها فوق برج بابل لينشروا السلام والمحبة في إرجاء أكيتو ، فقد اعتدناهم سفراء دائمون للمحبة والسلام والوحدة بين أبناء هذا الشعب ، وأرتال أخرى تعبر عن ألوان رايتنا القومية ، وأعدوا مارش مشترك اشتركت فيه كل الفرق الفلكلورية المشاركة في أكيتو .بعد ذلك قدمت فرقة شباث إنليل الفلكلورية ( سكيتش أكيتو ) وقد تمكنت هذه الفرقة من خلال هذا السكيتش استحضار طقوس أكيتو القديمة بإيمائية عالية وحركات فلكلورية ممتعة تعبر عن الحزن والأمل والفرح والخشوع والابتهالات وتقديم القرابين ، مستفيدين من النموذج المشيد لبرج بابل في منتصف حرم مسرح أكيتو ، ودور الملك والإلهة عشتار في كل ذلك . بعد ذلك قدمت فرقة دمكينا التابعة للفوج الكشفي الرابع بالقحطانية رقصات فلكلورية من تراثنا الشعبي ، وقد شاركت فرقة أورنينا بعروض فلكلورية جميلة على أنغام ( الزرنا والداهولا ) ، وقد تخلل ذلك تكريم الفنانين المشتركين في هذا الكرنفال من قبل القائمين على هذا الكرنفال ، وذلك بوضع تيجان أكيتو المطرزة بالنجمة الآشورية بألوانها الزاهية على رؤؤسهم ، وهم الفنان أرام قرياقس ، الفنان نعمان قس الياس ، والفنان نينوس .وقد اختتم برنامج هذا الكرنفال بأغنية معبرة ، استنهضت كل المتعبين بعد يوم شاق من العمل المتواصل والدءوب ، لزرع البسمة على وجوه أطفال هذه الأمة ، والفرح والغبطة في قلوب الأمهات ، والأمل في عيون الرجال ، وهي أغنية ( يا آخوني اتورايا . . )بنبرة قوية تعبر عن الالتزام بقضايا هذا الشعب عند الفنان آرام قرياقس .
وان امة تملك مثل هذا الشعب بفتيانه وفتياته الذين استطاعوا إعادة رسم معالم أكيتو وإحياء نبض هذه الأمة ، لابد أن تنهض ويعود كتبة الرقيمات إلى مكتبة آشور بانيبال من جديد ، وكل أكيتو وامتنا بخير ، والوطن والعالم بسلام .
رد مع اقتباس
