النثر والشعر جنسين من أجناس الأدب وكل منهما له قواعده وأنواعه ومسمياته وخواصه .
ويسمى من يقول الشعر ( ناظما ) أي ينظم الشعر ، أما النثر فأن الكاتب ينثر كلماتهنثر كما ينثر العقد الثمين .
النثر فن له أنواعه وخصائصه ومميزاته ومسمياته ومن أنواعه
الخطابة والرواية والقصة والرسالة والخاطرةوالمقالة وكتابة السير وغيرها من الكتابات النثرية المختلفة التي تعتمد على السرد والتقرير والإنشائية و الاسلوبية في اغلب أحوالها.ولكل من هذه الأنواع مميزات وخصائص وشروط وأسس يعتمد عليها و يجب أن تتوفر فيه لتميزه عن غيره.. و للنثر استراتيجيات في التعبيرحيثيعتمد النثر على أساليب الحوار وتعدد الأصوات , والتقرير , والبرهان , والتحليل المستندإلى العقل , والرسائل الموجهة إلى الآخر ، فالنثر وكما هو واضح يخاطب العقل بالدرجة الأولى , لذلك نراهمشغولاً بإنتاج المعنى , والتعبير عنه بواسطة بنية لغوية محكمة تتجنب الوقوع فيالتناقض .
أما الشعر فن له أنواعه أيضا وخصائصه ومميزاته ومسمياته . وهو يعتمد في الغالب على الإيجاز والاختزال وشحن الكلمات بطاقات تأثيريه كما يحتاج أيضا إلى الموسيقى والإيقاعات التي تربط بين كلماته وعباراته ، والإيقاع الذي يعتمد عليه الشعر نوعين هما:
1 / االايقاع الداخلي : والذي يسمى الجرس وهو الذي ينتج عن ترابط الكلمات والتناسق فيما بين حروفها وتسمى (( الموسيقى الداخلية )) وأي خلل فيها يسمى بالهنة الإيقاعية وهي كسر خفيف يحدث من جراء عدم التنسيق .
2 / الإيقاع الخارجي : وهو الذي يسمى الوزن ويحدث من جراء إتقاننا للبحور الشعرية وهي معروفه ك (( بحر الطويل والكامل والمتقارب والبسيط ...)) وتعتمد على التناسق فيما بين الجمل الشعرية وأي خلل في هذه البحور يسمى ( كســـرا).
ويقوم الشعر على الإنشاد وهو ما يتحقق من ضبط الإيقاعات المختلفة في النص .
وينقسم الشعر إلى قسمين رئيسيين هما ( الشعر العمودي ،والشعر الحر )
ويعتمد الشعر العمودي على القافية والوزن ( البحر) أما الشعر الحر فهو طليق متمرد على القافية ومتحرر منها .
والشعر العمودي ينقسم إلى قسمين هما :
1- شعر تقليدي :يعتمد على الأسلوب المباشر والكلمات التقليدية البسيطة ولا يحمل في كثير من أساليبه أي فكرة أو تخيل وإنما يعتمد على الوصف والواقعية ويعتبر شاهدا على انجازات الماضي ومؤرخا لأحداثه المختلفة. ومن رواد هذا النوع من الشعر (( الهزاني والوقداني )) .. وغيرهم من الشعراء القدامى.
2- شعر حديث : وهو شعر يعتمد في الدرجة الأولى على عنصرين رئيسيين هما ( الفكرة و الخيال) ويتميز بتكثيف الصورة مما يعطي العقل مساحة من التفكير والتأمل .ومن رواد هذا النوع من الشعر سمو الأمير بدر بن عبد المحسن ومن حذا حذوه من الشعراء الشباب.[/]
]والشعر العمودي يعتمد على الوزن والقافية وينقسم من حيث القافية إلى :
1- النوع الأول : شعر بقافيتينفي الصدر والعجز ( شطر بالبيت ) ومن شروطه أن تختلف القافيتين عن بعضهما فتكون قافية للصدر وأخرى للعجز تختلفان فيهما الأحرف كما في قول الشاعر بديوي الوقداني :
البارحة يوم الخلايق نيــــامابيّحت من كثر البكا كل مكنــــون
قمت أتوجد به وانثر علامــــاومن موق عيني دمعها كان مخـــزون
هذه القصيدة مقفاة الشطرين حيث نلاحظ في الشطر الأول قافيه أحرف الروى فيها (الألف و الميم والألف) وفي الشطر الثاني اختلفت أحرف الروى فصارت (الواو و النون).
2- النوع الثاني : وشعر بقافية واحده تكون في العجز( الشطر الثاني من البيت ) وتترك قافية الشطر الأول حرة غير مقيدهوقد اشتهر الهلالين بمثل هذه الأبيات ومن أمثلة ذلك قول الشاعر محمد الأحمد السديري:
مضى لي خريــف العــمر في لذة الصبــــاامشي بجنـــاتٍ تجاري نهـــــــــورها
وعقبه ربيع العمــر جتني بشـــــايرهوربّعت بريــاض ٍتخـــــــالف زهورهـا
ونلاحظ هنا أن صدر البيت لا يتقيد بقافيه معينه بعكس عجزه الذي قيد بقافية هي ( الواو والراء والهاء والألف )[]
3- النوع الثالث : شعرٍ يتكون من أربعة أشطر ٍ(بيتين) يشترك فيها ثلاثة اشطر في قافية موحده هم البيت الأول بشطريه والشطر الأول من البيت الثاني أما الشطر الرابع فتختلف قافيته وهذا الشعر تتغير قوافي الأشطر الثلاثة الأولى حسب مزاجية الشاعر ويبقى الشطر الرابع مقيد بقافيه واحده حتى نهاية القصيدة ومن أمثلة ذلك قول الشاعر ناصر العدواني :
يا الله إنـــي طلبتـــك يا كريــممن خيال كنه الليل الظليم
حاز في المنشأ وجانا به النسيمأمطر الربــان ومزونه تقـود
وتستمر على هذا المنوال حتى نهايتها ثلاثة اشطر مختلفة القافية والشطر الرابع يتقيد بقافية هي ( الواو والدال).
4- النوع الرابع :فهو ما يعرف بالرباعيات وهذه عبارة عن أربعة أبيات فقط تشترك ثلاثة اشطر فيها بقافية واحده وهي البيت الأول بشطريه والشطر الرابع ويبقي الشطر الثالث حر القافية ويكثر استخدام هذا النوع في الشام ومصر وبعض الموشحات اليمانية مثل الأنواع الشعرية المسماة ( بـالحميني و القار) وهناك شاعر من الكويت استخدم هذا النوع من الشعر وصدر له كتابا سمي ب ( الزهريات ) وهذا النوع يستخدم في نوع من أنواع الشعر من حيث الألعاب يسمى بالموالومن أمثلة ذلك قول الشاعربيرم التونسي يقول فيها:
قضيت يا فلاح حياتك في ســـواد العيشولبسك الخيش هو ياليتك تطول الخيش
شوف ضربة الجيش أعادة حقك المغصوبورجّعــت للصـــواب أهــلا للغـــرور والطيـــش
هذا بالنسبة للشعر الموزون المقفى وهناك أنواع أخرى لكنها لا تشذ عن هذه القاعدة[/]
]أما من ناحية الشعر الحر :
فهو ينقسم إلى قسمين أيضا وهما :
1/ الشعر المنثور : ( قصيدة النثر ) و هي تعتمد على الفكرة ووفرة المجاز والصورة المكثفة وقوة العاطفة مما يغلب الروح الشعرية عليها ، يقول ادونيس : أن أهمية قصيدة النثر تكمن في إدخال العقل في اللعبة الشعرية إذ أن التخيل هو أساس الفكرة في قصيدة النثر كما إن الجملة هي الوحدة الأساسية للبناء بعكس الشعر حيث يكون البيت هو الوحدة الأساسية . ولا بد لمن يتطرق إلى قصيدة النثر أن يكون عظيم الشاعرية واسع الخيال كما أن قصيدة النثر تعتمد على الصورة بالدرجة الأولى أكثر من اعتمادها على الإيقاع .
2 / الشعر الموزون: ( قصيدة التفعيلة في الشعر الفصيح أو القصيدة التي تعتمد على البحر في الشعر العامي) . و هو يعتمد مع ما أوردناه في قصيدة النثر على الوزن وهو( مجموعة البحور الشعرية المعروفة) إذ انه يعتمد في المقام الأول على الجرس والإيقاع الموسيقي .]
ويظن بعض القراء أن الفرق بين الشعر والنثر ينحصر في وجود الوزن في النص .. في حين أن الفرق غير هذا بل أبعد من هذا , وإن كان الوزن يعد من مستلزمات الشعر الأساسية , بل من أخص خصائصه , ولكن ليس إلى الدرجةالتي يعد فيها بأنه المقوم الوحيد للشعر .. وربما نُسبت بعض النصوص غير الموزونةإلى الشعر , لاغتنائها بمقومات الشعر الأخرى .
ومن المتعارفعليه أن للنثر استراتيجيات في التعبير تختلف عن استراتيجيات الشعر . .. ففي حينيعتمد النثر على أساليب الحوار وتعدد الأصوات والبرهان والتحليل المستندإلى العقل والرسائل الموجهة إلى الآخر .. نجد أن الشعر يعتمد أساليب التصوير , والإدهاش الناجم عن الاستخدام الخاص والشخصي للغة .. فالنثر وكما هو واضح يخاطب العقل بالدرجة الأولى , لذلك نراهمشغولاً بإنتاج المعنى والتعبير عنه بواسطة بنية لغوية محكمة تتجنب الوقوع فيالتناقض . أما الشعر فيخاطب الشخص ككل , عقلاً ووجداناًويحاول أن يثير فيه الإحساس بالجمال والمتعة , لذلك فهو يهتم بالتعبير بواسطة الصور , ولا سيما الصور الحسية
يتبع....\
](( ولا ننسىالحقيقة التي تقول : إن الشعر هو اللغة الأولى التي استخدمها الإنسان في التعبير عننفسه , وعن رؤيته , ورؤاه .... ثم انبثقت عن الشعر أساليب التعبير الأخرى , التيأصطلح على تسميتها بالأساليب النثرية .. ومع مرور الأيام استقل النثر عن الشعراستقلالاً كلياً , حتى نسي الناس الجذر الشعري المشترك لهما .. وإن ظل النثر فيحالة من التوق والحنين إلى ذلك الجذر كما تولدت عند الشعر رغبة في الاستفادة منمنجزات النثر ولا سيما ما يتعلق بأساليب الحوار وتعدد الأصوات في النص , والعنايةبمفردات الحياة اليومية والشغف بالتفصيلات بعد أن كان النص الشعري ينأى بنفسهعنها .. وبذلك خرج هذا النص من دائرة الغنائية في المتلقي إلى الإطار الموضوعي والدرامي الذي يبني القصيدة بصورةفائقة الإحكام يغدو معها النص الشعري قادراً على مخاطبة المتلقي بواسطة تأثيراتخارجية مما زاد في ثراء هذا النص ومن غزارة تدفقه الشعري والإبداعي . ))
وغدا هذا النصذا قدرة مزدوجة : قدرة على مخاطبة وجدان المتلقي واستثارة فعالية الاستبطان عنده , وقدرة على الدخول معه في حوار خارجي يتوسل أسلوب القصص والمسرح .. مما أدى إلىالدخول في عوالم تتداخل فيها الأصوات ضمن فضاء النص الشعري .. وبذلك استفاد النثرمن الشعر في إنتاج نص يخاطب الوجدان وجوانية المتلقي .. واستفاد الشعر من النثر فيإنتاج نص مفعم بالحركة والتفعيلات الحية ..
وهكذا غدتالعلاقة بين الشعر والنثر , حسب (( د. عز الدين إسماعيل )) , علاقة تفاعلية , تقوم علىالأخذ والعطاء في جدلية تعبيرية أنتجت شكلاً جديداً وطريفاً من الفن الشعري , أهمما يميزه الحيوية والحركة التي تميز عادة فضلاً عن التكثيف والاقتصاد اللغوي والترميز .. الذي يميز الشعر..
وتظهر مفاعيلهذه العلاقة الجدلية عند الشاعر المتمكن والقدير, أما الشاعر الوسط , وما دون ذلك , فلا يستطيع ركوب متن هذه العلاقة , لأنه إن فعل فسينتج نصاً أقرب إلى النثر السمج ( وليس النثر الراقي ) , ليس فيه من الشعر إلا رغبة منتجه في تسميته شعراً .. الشاعرالمقتدر وحده , والمتمكن من أدوات النثر الشعر معاً , هو الذي يحول دون سقوط النصفي وهاد غير وهاد الشعر مما يفقده وظيفته الجمالية , القائمة على الاستخدام الخاصوالشخصي , وغير المألوف للغة وعلى إنتاج الصور المدهشة والمفاجئة بأقل كمية منالألفاظ والمفردات .
مقارنة سريعة بين الشعر والنثر ( القديم ) :
1 / إن أسلوب الشعر يختلف عن النثر فيالوزن ذلك لأن الشعر خاصة منه القديم نجده موزون على بحور الخليل الستة عشر ،كبحر الطويل والكامل والمتقارب والبسيط ... وغيرهاأي نجد في الشعر موسيقى خفيةلا نحس بها أو نلمحها في النثر.ــ وهذا لا يعني أن النثر ليس فيه موسيقى ..! ولكنها أقل تناغما وإيقاعا من الشعر ، كما انه لا يأتي موزونا كما هو الحال في الشعر عامة والشعر القديم خاصة..
2 / يتميز الشعر عموماوالشعر العربي خاصة بأن الشاعر من خلاله يبرز عاطفته الجياشة يتغنى بذاته مصورا لناأحاسيسه ومشاعره من خلال المواقف التي تثيرها في صورة عاطفية قوية .
ـــ في حينأن في النثر لا نجد تلك العاطفة القوية ، وليس معنى ذلك أن أسلوب النثر خالي منالعاطفة والأحاسيس ، إلا أنها أقل مما هي عليه في الشعر .
3 / يلجأ الشاعرإلى استخدام الصور البيانية والبلاغية بغية تصوير أحاسيسه واستحضارها في نفس السامعأو القارئ على السواء وفقا لموضوع القصيدة وغرضها الأساسي وهو لا يتأتى إلا لمنلديه خيال خصب متأثر بالضرورة بالمحيط والأجواء والبيئة التي نما فيها ومن خلالتجاربه الإنسانية التي مر بها
إذا ما الفرق الأساسي بين النثر والشعر الحديث ..؟
في الشعر الحديث يلجأ الشاعر إلى الخيال والىالرمز والترميز والإيحاء ، فتجد كلماته عند قراءتها للوهلة الأولى متباعدة فيالمعنى ولا شيء يربطها ، ولكن إذا تمعنا قليلا فيها خاصة للمتذوقين نجد أن هناك معان خفية قوية تدل عليها كلماته مما يجعل قصيدته مترابطة ومتسقة في الغرض الذي نظم فيه .
ــ أما النثر فالكاتب يهمه إيصال فكرة معينة وليست مشاعر وأحاسيس للقارئ ، وهو بالضرورة يلجأ إلى التوضيحوالتصريح لا إلى الرمز والتلميح ، وإن كان يستعمل أساليب البلاغة من استعارة وتشبيهإلا أنه يوظفها لشرح موضوع أو إيصال فكرة أو حتى إبراز عاطفة معينة .
أخيراوكما أن الأدب يتأثر بالبيئة وما يواكب العصر من تطورات وهو ما ينعكس على اللغةوالأدب بشكل عام وعلى لغة الشاعر بشكل خاص .. مما أدى إلى التقليل من هذه الفروقوظهور أشكال
أخرى من الشعر غير شعر(( التفعيلة )) أو الشعر الحر ، منها علىسبلي المثال : ـ الشعر النثري ، والشعر الغنائي وهو ما يضع لغرض الغناء كما هو حالالشاعر نزار قباني وغيرهم من الشعراء ، وبذلك هناك من قام بتصنيف الشعر حديثا إلىمستويات ودرجات متفاوتة ..
تطول الكتابة في هذا الموضوع ولكني قدمت ما استطعت جمعه من فقرات أساسية فيه وكل ما أتمناه أن أكون قدمت شيئا مفيدا ومثمرا
منقول للإفاده
رد مع اقتباس
