الاجراءات الانتقامية الاقتصادية سيف ذو حدين في يد الصينلا تتردد الصين في معاقبة البلدان التي تتجاوز "الخطوط الحمر" التي حددتها، اقتصاديا من حجز اطنان من سمك السلمون في مرافئ الى التخلي عن منتجع ساحلي في اوج عملية بنائه او تقديم حد ادنى من المساعدات بعد اعصار، حتى لو ادى ذلك الى تشويه صورتها.
وتحاول الصين، العملاق الاقتصادي تلميع صورتها باعتبارها "قوة عظمى مسؤولة" على صعيد السياسة الدولية وتعزيز نفوذها الثقافي عبر شبكتها من معاهد كونفوشيوس.
لكن خبراء يحذرون من ان هذه الاستراتيجية الواسعة، تعرضها للخطر تصرفات عدائية حيال بلدان "صغيرة" تتخذ ضدها تدابير ثأرية اقتصادية لأنها اتخذت مواقف لم ترض الصين.
فمنذ ثلاث سنوات، تواجه النروج غضب بكين بعد منح المنشق الصيني المسجون ليو شياباو جائزة نوبل للسلام، علما ان لا علاقة لاوسلو على الاطلاق بقرارات لجنة نوبل.
ولم تبال بذلك السلطات الصينية التي سارعت الى اتخاذ قرار بحجز شحنات من سمك السلمون النروجي حتى تعفن في المستودعات. وفيما كانت النروج تستورد 92% من السلمون من السوق الصينية، تراجعت هذه النسبة الى 29% العام الماضي.
وحتى الثقافة الشعبية لم تنج من تلك التدابير. فقد ألغي عرض مسرحية موسيقية في الصين للنجم النروجي الشاب الكسندر ريباك الفائز بمسابقة يوروفيجن 2009.
وما زالت بكين تستثني النروجيين من التدابير التي تتيح الحصول على تأشيرات ترانزيت فترة 72 ساعة لدى وصولهم الى الصين.
وقال فيل ماد رجل الاعمال البريطاني الذي يساعد الشركات الصينية على تطوير انشطتها في اوروبا ان "هذه التصرفات التخويفية (...) نموذجية لنوع من التصرف السلبي-العدواني".
واضاف ان هذا التصرف يعطي عن بكين "صورة تافهة وحقودة".
والفيليبين التي تواجه نزاعا حدوديا حادا مع الصين، دفعت الثمن ايضا.
فبعد الاعصار هايان الذي اجتاح الارخبيل في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، لم تعلن بكين في البداية سوى عن مساعدة تبلغ ... 100 الف دولار، وهو مبلغ مثير السخرية من جانب ثاني اقتصاد في العالم.
وحيال الجدل الذي اثاره هذا المبلغ، زادت الصين مساعدتها الى 1,8 مليون دولار، لكن حتى هذا الرقم يبدو هزيلا حيال عشرات ملايين الدولارات التي دفعتها الولايات المتحدة او اليابان.
وكانت الصين فرضت قبل سنة مجموعة من القيود على عمليات استيراد الموز من الفيليبين، مؤكدة انها وجدت اثار مبيدات في بعض الكميات، مما ادى الى خسائر قدرت ب 23 مليون دولار.
و"الخطوط الحمر" التي تحمل الصين على توجيه تهديدات او اتخاذ تدابير انتقامية، تقتصر على عدد من المسائل التي تعتبرها بكين "حساسة".
ومنها وضع تايوان وشينجيانغ (منطقة غرب الصين تسكنها اقلية مسلمة من الاويغور تتمرد على وصاية بكين) وانتقاد وضع حقوق الانسان في البلاد وكل ما له علاقة ايضا بالدالاي لاما الزعيم الروحي للتيبت في المنفى.
وقال جيمس ريلي استاذ سياسة شمال آسيا في جامعة سيدني ان الصين "تولي هذا الموضوع اهتماما خاصا جدا، ولاسيما ما يتعلق برحلات الدالاي لاما".
وحيال هذا الامر، قام باحثون المان باحتساب "تأثير الدالاي لاما" في 2010. فالبلدان التي استقبل رؤساؤها الدالاي لاما الحائز جائزة نوبل للسلام، شهدت صادراتها تراجعا بلغ متوسطه 12,5% في السنتين التاليتين.
وكان ارخبيل بالاو في المحيط الهادىء وافق من جهته في 2009 على استضافة ستة من الاويغور الذين افرج عنهم الاميركون من سجن غوانتانامو العسكري.
ولم يتأخر رد بكين التي قررت وقف بناء مجمع بحري من مئة غرفة يدعمه مستثمر صيني في هذا البلد.
لكن هذه التصرفات لا تمر من دون ان تؤثر على صورة الصين. ففي استطلاع للرأي شمل 14,400 شخص في 14 بلدا ونشرت نتائجه صحيفة غلوبال تايمز الرسمية الصينية، وصف 29% من المستطلعين الصين بأنها "عدوانية" على الصعيد الدولي.
والمسألة كما يقول جوزف ناي استاذ السياسة في جامعة هارفرد الاميركية هي ان ليس لدى بكين نظرة واضحة جدا عن تأثير تصرفاتها.
واضاف ان "الصين تميل الى حصر +القوة الناعمة+ في المجال الثقافي بدلا من ترجمتها على الصعيد السياسي" ايضا.