الحب، ليس جريمة، ولا أحد يحق له محاسبة الاخرين على مشاعرهم. لكن يبدو ان هذا الكلام دون قيمة في بعض مناطق العالم. اذ بعد ان التقيا شاب وفتاة في مصنع للآيس كريم سرعان ما غرد طائر الحب في آذانهما فقررا الزواج. لا مشكلة في معظم بقاع العالم لولا ان المعنيين هنا مراهقين أفغانيين، وأن الفتى طاجيكي والفتاة من الهزارا.
|
كسرا أكثر من واحد من صروح التقاليد
|
ولأن رفيع محمد وحليمة محمدي (كلاهما في السابعة عشرة من العمر) كانا يعلمان أنهما يكسران أكثر من واحد من صروح التقاليد والتركيبة الطائفية، فقد قررا عقد قرانهما سرّا إلا من بعض الأقارب والأصدقاء من جيلهما. ويذكر أن الطاجيك، وهم سنّة في الأغلب الأعم، يشكلون ربع سكان أفغانستان (ثاني أكبر عرق بعد البشتون) ويعيشون في الشمال الشرقي، بينما يشكل الهزارا، وهم شيعة، 5% من السكان ويعيشون في وسط البلاد.
ولدى وصول العريسين الى المكان المتفق عليه لغرض عقد قرانهما، فوجئا وصحبهما بكمين من 300 رجل جرجروهما خارج سيارتهما واتهموهما بالزنى واعتدوا على العدد القليل ممن من كانوا معهما، ثم بدأوا أعمال شغب في قريتهما جبريل قرب هرات. فأشعلوا النار في مركز الشرطة الصغير ودفع رجل حياته ثمنا لما يحدث. وكان من حسن حظ رفيع وحليمة أنهما لم يُقتلا على يد الجماعة الغاضبة التي اكتفت بوضعهما في السجن.
على أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد إذ ارتفعت أصوات تطالب برجمهما.. بما في ذلك أقارب لهما. وحتى والد حليمة، خير محمدي، يتفق مع هؤلاء إذ قال لصحيفة "نيويورك تايمز" إن على الحكومة الاقليمية "تنفيذ الإعدام بحقهما. سنطالبها بقتلهما معا". وكان الأب قد زارها، مع أخيه، في سجنها، وتبعا لتقرير الصحيفة فقد بكى لدى رؤيتها لكنه امتنع تماما عن الحديث اليها.
ويبدو أن جريمة حليمة ورافع مزدوجة لأنها تتعلق أولا بكسر قاعدة الزواج المدبر من قبل الأسرة، وثانيا بتجاوز الخطوط العرقية والطائفية الحمراء. وقد أعربا للصحيفة عن دهشتهما إزاء حدة رد الفعل من الناس حولهما. وقال رافع: "عندما يحب رجلا امرأة فهو لا يسأل عن أصلها وفصلها. إنه يحبها ويريد أن يقضي بقية عمره معها". ومن جهتها قالت حليمة: "خلقنا الله من طينة واحدة، فلماذا لا نستطيع الزواج إذا كان الحب هو الذي يجمعنا؟".
وربما كان في كسر التقاليد وحده مدعاة للاكتفاء بسجنهما، لكن الوصول الى حد إعدامهما رجماً يعني أن ظلال الشك في الزنى قد وقعت على علاقتهما وهذا هو مكمن الصعوبة الحقيقية في قضيتهما. ومن حسن طالعهما الآن أن المجلس الإقليمي أعلن أنهما "ليسا مجرمين ولهذا فهما بحاجة الى حماية الدولة"، كما أن عددا من رجال الدين في المنطقة رفضوا إدانتهما. وكل هذا قد يلقي اليهما بطوق نجاة من نوع ما لأن القضية الآن بين يدي المدعي الحكومي العام. على أمل كل هذا يحدث في مجتمع لا يغفر الإساءة الى قيمه وقد يمهل لكنه لا يهمل. (منقول)
|