يوم وطني للقصة الومضة في بريطانيا
27/01/2014 08:57
تستحوذ على اهتمام قرّاء الأدب القصصي مسألة الطول، وهنا تكون الرواية موضوع الاهتمام. أما القصص القصيرة، فإنها تفعل ذلك حين تكون ذات براعة فنية ( أوكونور، أوفولين، لافين)، كما تقول الكاتبة والشاعرة الأيرلندية نوالا شونشور في مقالها هذا. فماذا عن القصة القصيرة جداً، وبالتحديد القصة الومضة flash fiction؟ مَن الذي يحتاج إليها؟ كثير من الكتّاب و القرّاء، كما يتضح. فاليوم الوطني للقصة الومضة في المملكة المتحدة، الذي أنشأه الكاتب كالوم كير، يحل يوم 22 من حزيران كل عام، ويمتد تأثيره إلى أماكن بعيدة مثل نيوزيلندة، وآسيا، والولايات المتحدة. وفي ذلك اليوم يجتمع هواة القصة الومضة في مختلف أنحاء العالم ليقرؤوا، ويكتبوا، ويحتفوا بهذا الشكل القصصي. وقد اختُرع تعبير" القصة الومضة" في الولايات المتحدة في تسعينيات القرن الماضي، لكن القصص القصيرة جداً قد وُجدت طالما حُكيت القصص أو كُتبت. فكان باستطاعة أنطون تشيخوف" أن يتحدث بإيجاز عن مواضيع طويلة"، أما ريموند كارفر فيُحب أن يدخل ويخرج من قصصه بأسرع ما يمكن.لكن ما هي الومضة ولماذا يكتسب الشكل هذه الشعبية؟ إن من الصعب تعريف ما هي القصة الومضة على وجه الدقة، إذ ليس هناك تعريف واحد يكون مقبولاً، بصرف النظر عن الاسم: فهي تدعى على نحوٍ متنوع قصصاً قصيرةــ قصيرة، قصة صغيرة جداً micro fiction، قصة بحجم الجيب، بطاقة بريدية، قصة بحجم راحة اليد، قصصاً بطول تدخين سيجارة smoke-long.
و في عالمي أنا تتكون الومضة من 500 كلمة تقريباً وهي قصيدة جزئية، قصة جزئية. والحبكة ليست حاسمة كما هو الجو و التفصيل المهم، واللغة بالنسبة لي هي العليا. ومع أن القصة الومضة قصيرة من ناحية الكلمات، فهي طويلة من ناحية العمق وتلسع مثل الشعر الجيد. وإذا كانت القصة الومضة مربكةً، وبليغةً، ومدهشة، فإنها ستغيّر قلب القارئ لكنها ستبقيه أيضاً يخفق بشدة.و كما هي حال الشعر تماماً، فإن كل كلمة في الومضة يجب أن تستحق مكانها.
فالقصص الومضة تصطخب في نثر موسيقي. وليس هناك مكان للزركشة والزوائد وإنما للتلميحات أو الإشارات الخفية، والتضمين، والغموض. وهي تتلاءم مع ما هو سريالي وشاذ بشكل جيد.
ولا يمكن لحكاية كاذبة أن توجد في الومضة: فكل شيء يجب أن يكون صائباً هنا، صائباً الآن. و هي تتألق مع الابتداءات المترنحة ( كالمصابة بالدوخة) والنهايات اللاهثة. وكما هي حال الشعر الفني، فإنها تحتمل إعادات قراءة متعددة بشكل جيد.
ولقد كتب ريشارد فورد عن قصة جون شيفر القصيرة جداً " لمّ الشمل" قائلاً إنها قد أفلحت بسبب" ذاتها المترابطة، المدمجة، الحسنة الشكل و المتعذر اختصارها"، وهذا تناظر وظيفي جيد بالنسبة لقصة الومضة. فالافتتاح يُكمل النهاية التي تُكمل موضوع القصة الذي يُكمل اللغة: كل شيء يترابط وينطوي في وحدة تبعث على الرضا.
رد مع اقتباس