أم البنين
أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية. أمها ثمامة بنت السهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب. تزوجها علي بن أبي طالب بعد وفاة زوجته فاطمة الزهراء.
مولدها
لم يذكر في التاريخ في أي عام ولدت فاطمة الكلابية. ولكن يرجح أن ولادتها كانت بين عامي (5 - 9 هـ).
نشأتها
تربت السيدة أم البنين في أسرة عريقة شريفة من أجل الأسر منزلة وأعلاها شرفا وأجمعها للمآثر الكريمة والخصال الحميدة التي تفتخر بها سادات العرب كالجود والكرم والشجاعة والفصاحة والحمية والاباء ومكارم الأخلاق ومحامد الخصال من العفة والطهارة والنبل والكرم. ونشأت على الايمان والزهد والتقوى فكانت تقية متورعة عفيفة النفس لينة الجانب فبوركت لها تلك النشأة وهنيئا لها تلك التربية.
زواجها
تزوجها أمير المؤمنينعلي بن أبي طالب وذلك بعد وفاة فاطمة الزهراء حيث قال لأخيه عقيل ذات يوم: " انظر لي امرأة قد ولدَّتها الفحولة من العرب لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً "، فقال له: " تزوّج بنت حزام الكلابية فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها ". واختلف المؤرخون أن تكون فاطمة الكلابية الزوجة الثانية لعلي بن أبي طالب فقيل إنها الثالثة أو الرابعة وتسبقها أمامة بنت أبي العاص وخولة بنت جعفر بن قيس الحنفية. وكان مهرٍها خمس مئة درهم.
سبب تسميتها بأم البنين
كان ذلك بطلب من فاطمة الكلابية لزوجها بإن لا يناديها ب فاطمة حتى لا يشعر أبناء فاطمة الزهراء بالحزن عند سماع اسم امهم في كل مرة وطلبت منه منادتها بأم البنين تفاؤلا بالبنين بعد ولادتها.
وقد ذكر المقاتل شيئا عن بطولة أولاد أم البنين ومواساتهم للإمام الحسين وكيفية استشهادهم، فقالوا:
إنه لما رأى العباس كثرة القتلى في أهله وفي أصحاب الحسين - بالنسبة إلى عددهم القليل - قال لأخوته الثلاثة من أبيه وأمه، عبد الله وجعفر وعثمان:
«يا بني أمي تقدموا للقتال، بنفسي أنتم، فحاموا عن سيدكم حتى تستشهدوا دونه، وقد نصحتم لله ولرسوله»، فقاتل عبد الله وعمره خمس وعشرون سنة فقتل بعد قتال شديد، ثم تقدم جعفر بن علي وعمره تسع عشرة سنة وقاتل قتال الأبطال حتى قتل، ثم تقدم عثمان بن علي وعمره إحدى وعشرون سنة وقاتل قتالاً شديداً حتى قتل، وكان الحسين يحملهم من أرض المعركة إلى الخيمة كما جرت العادة في ذلك اليوم، ولكنه لم ينقل العباس وتركه في مصرعه حيث ضريحه الآن، وذلك لأسباب مذكورة في مظانها. وكان كل واحد من أولاد أم البنين يرتجز عند القتال بما هو مذكور في كتب المقاتل.
ولما وصل خبر استشهادهم إلى أمهم - أم البنين - في المدينة المنورة بكتهم بكاءً مرّاً، لكن كان بكاؤها لهم أقل من بكائها على الحسين وذلك في قصة مشهورة.
اسمها ونسبها
إن أم البنين غلبت كنيتها على اسمها لأمرين:
1 - أنها كُنِّيَت بـ ( أم البنين ) تشبهاً وتيمناً بجدتها ليلى بنت عمرو حيث كان لها خمسة أبناء. 2 - التماسها من أمير المؤمنين أن يقتصر في ندائها على الكنية، لئلا يتذكر الحسنانِ أمَّهما فاطمة يوم كان يناديها في الدار. وإن اسم أم البنين هو: فاطمة الكلابيّة من آل الوحيد، وأهلُها هم من سادات العرب، وأشرافهم وزعمائهم وأبطالِهم المشهورين، وأبوها أبو المحل، واسمُه: حزام بن خَالد بن ربيعة.
نشأتها:
نشأت أم البنين بين أبوينِ شريفين عُرِفا بالأدب والعقل، وقد حَبَاهَا الله سبحانه وتعالى بجميل ألطافه، إذ وهبها نفساً حرةً عفيفةً طاهرة، وقلباً زكياً سليماً، ورزقها الفطنة والعقل الرشيد. فلما كبرت كانت مثالاً شريفاً بين النساء في الخُلق الفاضل الحميد، فجمعت إلى النسب الرفيع حسباً منيفاً، لذا وقع اختيار عقيل عليها لأن تكون قرينةَ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.
مجمع المكارم: أم البنين من النساءِ الفاضلاتِ، العارفات بحق أهل البيت، وكانت فصيحة، بليغةً، ورعة، ذات زهدٍ وتقىً وعبادة، ولجلالتها زارتها زينبُ الكبرى بعد منصرفها مِن واقعة الطف، كما كانت تزورها أيام العيد. فقد تميزت هذه المرأة الطاهرة بخصائصها الأخلاقية، وإن مِن صفاتها الظاهرة المعروفة فيها هو: ( الوفاء ). فعاشت مع أميرِ المؤمنين في صفاءٍ وإخلاص، وعاشتْ بعد شهادته مدّة طويلةً لم تتزوج من غيره، إذ خطبها أبو الهياج بن أبي سفيان بن الحارث، فامتنعت. وقد روت حديثاً عن علي في أن أزواج النبي والوصي لا يتزوجن بعده. وذكر بعض أصحاب السير أن شفقتها على أولاد الزهراء وعنايتها بهم كانت أكثر من شفقتها وعنايتها بأولادها الأربعة - العباس وأخوته -، بل هي التي دفعتهم لنصرة إمامهم وأخيهم أبي عبد الله الحسين، والتضحية دونه والاستشهاد بين يديه.
وفاتها: وبعد عمرٍ طاهر قضته أم البنين بين عبادةٍ لله جل وعلا وأحزانٍ طويلةٍ على فقد أولياء الله سبحانه، وفجائع مذهلة بشهادة أربعة أولادٍ لها في ساعةٍ واحدة مع الحسين. وكذلك بعد شهادة زوجها أمير المؤمنين في محرابه. بعد ذلك كله وخدمتها لسيد الأوصياء وولديه سبطَي رسول الله، وخدمتها لعقيلة بني هاشم زينب الكبرى أقبل الأجَلُ الذي لابُدَّ منه، وحان موعدُ الحِمام النازل على ابن آدم. فكانتْ وفاتُها المؤلمة في الثالث عشر مِن جمادى الآخرة سنة ( 64 هـ ). فسلامٌ على تلك المرأة النجيبة الطاهرة، الوفيّة المخلصة، التي واست الزهراء في فاجعتها بالحسين، ونابت عنها في إقامة المآتم عليه، فهنيئاً لها ولكل من اقتدت بها من المؤمنات الصالحات.
وفاتها وموضع قبرها

قبرها في المدينة المنورة بالبقيع في الزاوية اليسرى وتوفيت في الثالث عشر مِن جمادى الآخرة سنة 64 للهجرة