التفكير في الذنب
اللهم صلّ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف يا كريم
التفكير في الذنب
إن الإسلام يخطو خطوة أوسع في هذا المجال ، ويقول بأن الإنسان الواقعي هو الذي لا يكتفي بترك الذنوب فحسب ، بل لا يفسح مجالاً في ذهنه وفكره للتفكير في الذنب ، ولا يدع الفكرة المظلمة تمر بخاطره ... فإن التفكير في الذنب حتى ولو لم يصل إلى مرحلة التطبيق ، يوجد ظلمة روحية في القلب ويمحو الصفاء الروحي من الإنسان
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام
صيام القلب عن الفكر في الآثام ، أفضل من صيام البطن عن الطعام
ويقول إمامنا الصادق عليه السلام
راوياً عن عيسى بن مريم عليهما السلام أنه كان يقول
إن موسى أمركم أن لا تزنوا ، وأنا آمركم أن لا تحدثوا أنفسكم بالزنا ، فإن من حدث نفسه بالزنا كان كمن أوقد في بيت مزوق فأفسد التزاويق الدخان وإن لم يحترق البيت أي أن فكرة الذنب توجد ظلمة في القلب شاء الفرد أم أبى وتسلب صفاء النفس ، حتى ولو لم يرتكبه الإنسان
إن النكات الدقيقة التي أوردها الإسلام في موضوع السعادة الإنسانية في القرون السالفة وعلمها أتباعه ، تستجلب أنظار العلماء المعاصرين في العصر الحديث فنراهم يفطنون إلى تلك الحقائق في كتبهم ومؤلفاتهم
للأمل والإيمان والإرادة القوية أثر كبير على الجسم ، وهو يشبه أثر البخار على القاطرة
إن النشاطات الجسدية والروحية تتكامل بدافع الحب فتكسب الشخصية قوة ورصانة وكمالاً وعلى العكس فإن الرذائل تحط من الشخصية وتسحقها . إن الكسل والتردد في الرأي مثلاً من أهم العوامل على جمود الفكر ، وكذلك العجب بالنفس والغرور والحسد فإنها من عوامل التفرقة والتباعد بين الناس ، وهي جميعاً تمنع النفس البشرية من التكامل
إن المعاصي كما نعلم تقلل من قيمة الحياة المعنوية وإن تحمل العيوب والنواقص خطأ فظيع فليس كل شخص حراً في تصرفاته ، وعلى هذا فالذي ينحرف عن الطريق المستقيم في الحياة ويبدو متكاسلاً مفترياً على الناس ولا يبالي بارتكاب مختلف الذنوب يجب أن يعتبر مجرماً عاماً . ولكل ذنب آثاره الوخيمة حيث يؤدي إلى الانحرافات العضوية والنفسية والاجتماعية
فكما أن العض على أنامل الندم لا يتلافى العيوب الناشئة في جسد المدمن على الخمرة أو العيوب الوراثية في أطفالهم كذلك لا يمكن ترميم الانحرافات الناشئة عن الحسد والحقد والغيبة والأثرة والأنانية
إن كل ما هو ممنوع في الشريعة المطهرة وكل ما يعتبره الإسلام ذنباً وإجراماً يتصل إما بضرر مباشر أو غير مباشر تجاه المصالح المادية أو المعنوية للإنسانية حتماً
غاية الأمر أن البشر لم يطلعوا على جميع تلك الجوانب ويرى البعض كثيراً من الذنوب كشرب الخمر والقمار والاتصالات اللامشروعة بين الجنسين رائجة في الدول الغربية فيظن أن الإسلام قد حرمها عبثاً ... وهو في توهمه هذا غافل عن أن ذلك كله حسب حساب دقيق ، فقد يأتي يوم يفطن فيه الغرب إلى أضرارها فيمنعها أيضاً
في رسالة من محمد بن سنان إلى الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام يسأله فيها عن صحة ما يدعيه بعض المسلمين من عدم وجود حكمة للحلال والحرام في الإسلام وأن المقصود من ذلك هو التعبد والانقياد إلى الله فقط فكتب عليه السلام في جوابه
قد ضل من قال ذلك ضلالاً بعيداً ثم يسترسل في ذكر تحريم المحرمات فيقول
ووجدنا المحرم من الأشياء ، لا حاجة للعباد إليه ووجدناه مفسداً داعياً إلى الفناء والهلاك
نسألكم الدعاء