ترجمة: مها محفوض محمد
هل يشبه أولاد هذا العصر بطل «باعة الشمس»؟
هذا ما يؤكده إيان ماك أيون الأديب البريطاني الذائع الصيت في روايته الأخيرة «باعة الشمس» المترجمة إلى الفرنسية والصادرة عن دار غاليمار مؤخراً.
بطلها نرجسي بامتياز، لص بطبيعته، انتهازي في طباعه، ناكر للجميل يشبه الكثيرين في عالم اليوم، هكذا أراده الروائي ماك يون ودعاه مايكل بيرد، إذ ينتمي إلى فئة من الرجال الأذكياء الذين تعشقهم النساء، ويعتقد بيرد أن الجنس اللطيف ينظر إليه بإعجاب مستمر لذلك ينظر إلى نفسه كعبقري يبحث عن توءم روحه دون أن يجده.
وسرعان ما يفقد بيرد قدراته الفكرية مع فشل زواجه الخامس وانهيار علاقته بزوجته الحسناء التي وجدته يتهرب من مسؤولياته دون سبب يذكر.
وتشتد المشاحنات بين الزوجين مع تأنيب الزوجة لتصرفات بيرد وفشله في زيجاته الأربع السابقة وهنا تتخذ الزوجة «باتريس» عشيقاً لها يعمل في البناء حين دخل إلى منزلها ليجري بعض الإصلاحات في المطبخ والحمام فوقع في غرامها، ويكتشف مايكل بيرد الحقيقة المرة وكيف استطاعت أن تذيقه زوجته مرارة الغيرة وهو الذي لم يشعر في حياته بتلك المشاعر ولم يعد يدري ماذا يحصل.
فقد أعجزته الحيلة وهو ما برح يوقع النساء في غرامه لبلاغته اللغوية وأكاذيبه في تصويره للحب الذي يكنه لكل من تقترب منه عن قصد أو غير قصد.
ويبدأ بيرد يستعيد إمكانياته وقوته كرجل فحل فهل تخونه زوجته لأنه بلغ سن الخمسين؟ ربما فقد هالته كعالم فيزياء حصد جائزة نوبل في الماضي القريب وربما لأنه توقف عن العمل مؤخراً، ويتساءل منذ متى لم أجلس وحيداً بحثاً عن معادلة فيزيائية تعيد إلى اسمي وهج الشهرة والمجد؟
ويبدأ بيرد البحث عن كيفية إنقاذ المظاهر فيلبي دعوات لمحاضرات علمية بعد أن ترك التدريس في الجامعة ويؤجر اسمه لأبحاث لم يعد يشارك فيها، فيتحدث للإذاعات ويصغي للشائعات التي تطلقها حفنة من الأوساط العلمية لاستدراج مساعدات وزراء ومؤسسات خاصة فتبتز أموال الجامعات الكبرى. ويصل بيرد في نهاية المطاف إلى قناعة أنه بحاجة لإعادة إحياء أمجاد ماضية، فيقوم بتوزيع جوائز على عدد من طلاب الفيزياء ويبدأ بإجراء أبحاث جديدة حول الطاقة الشمسية وطواحين الهواء المولدة لتلك الطاقة... وهكذا تغوص رواية «باعة الشمس» في عالم الكوميديا السوداء على طريقة إيان ماك إيون الساخرة الناقدة حيث يتهكم الروائي من الأوساط العلمية المنغلقة على ذاتها بحثاً عن اكتشافات جديدة لتثير شفقة أدباء العصر الحديث.
وبعد روايتيه الذائعتي الصيت «هلوسات الحب» عام 1999 و «توبة» 2003 يخوض ماك إيون في عالم الكوميديا السوداء كما فعل في «باعة الشمس» حيث يلجأ البطل بيرد إلى طرح محاضراته بأسلوب جديد مقابل حفنة من الدولارات والجنيهات الإسترلينية، وتكاد حبكة الرواية تتمحور حول طباع هذا البطل العبثي كما يهتم الكاتب بالطاقة المتجددة وأزمات البيئة فيجعل من بطله بيرد أحد أنصار الحفاظ على البيئة والطاقة الشمسية، لكنه ينقلب بعد محنة خيانة زوجته له إلى مدافع عن التسليح النووي والاعتماد على هذه الطاقة الخطرة القاتلة، وذلك إثر حصوله على راتب ضخم يسيل لعابه يتكون من ستة أرقام إلى جانب مكتب
مرموق في لندن وهذا حلم كل باحث علمي في الغرب.