صُوَر "مركّبة" لحقائق "مبتورة" وحكايات "ملفّقة" تسوّق الفتن الطائفية بين الجمهور

تتضاعف خطورة هذه الظاهرة حين تَزرَع الاقتتال بين الطوائف والمكونات المجتمعية وتحرّض على الكراهية بين الاديان، ما يستدعي التدقيق والتحري من قبل ادارات المواقع الرقمية قبل نشر هذه الصور.





بغداد/المسلة: ينال العراق حصة كبيرة من ظاهرة نشر الصور المزيّفة والمفبركة التي تشوّه سمعة جيشه وقواه الامنية، مثلما تنقل فكرة مغايرة عن شعبه وطبيعة الحياة فيه.وفي مواقع مثل "يوتيوب"، والمنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي، تنتشر عشرات الصور المركّبة ومقاطع الفيديو التي لا تمت الى الحقائق بصلة، الغرض منها قلب الحقائق، وتشويه المواقف.وفي الغالب، تصوّر هذه الفعاليات الرقمية، والفوتوغرافية أعمال قتل أو تعذيب أو عمليات سطو مسلح أو اعتداءات مختلقة، ما يثير اسئلة قانونية تتعلق بمنفّذيها باعتبارهم خارجون على القوانين والاعراف الاجتماعية، والقيم الاخلاقية.وتتضاعف خطورة هذه الظاهرة حين تَزرَع الاقتتال بين الطوائف والمكونات المجتمعية وتحرّض على الكراهية بين الاديان والطوائف، ما يستدعي التدقيق والتحري من قبل ادارات المواقع الرقمية قبل نشر هذه الصور.وأبرز الصور التي تم تركيبها بطريقة، غير مهنية، وتفتقد الى الدقة والحرفية ما ادى الى كشفها بسرعة، صورة لجنود عراقيين يقفون وراء "يافطة" سوداء تم تحريف النص المكتوب عليها، نشرها ناشطون رقميون على مواقع التواصل الاجتماعي لغرض "تشويه" أهداف عمليات الجيش في مكافحة الارهاب.ونُشرت الصورة من قبل اشخاص تدل مدوّناتهم وتغريداتهم على انهم من انصار الجماعات المسلحة الارهابية في المناطق الغربية من العراق، في وقت يحقق فيه الجيش انتصارات كبيرة على هذه الجماعات.غير أنّ الناشط الرقمي ماجد شاكر يعتقد ان "محاولات تشويه (سمعة) الجيش هو رد فعل لتلك الانتصارات التي يحققها على الارهاب".وفي فيلم رقمي، اتسم بعدم الواقعية، واثار سخرية المتابعين، لعدم قدرته على محاكاة الواقع، وعدم اجادة ممثليه ادوارهم، تظهر مجموعة مسلحة تقدّم نفسها على انها تعارض الحكومة في مدينة الكوت جنوبي العراق.لكن هذا الفيديو لم يأخذ نصيبه من المتابعة بسبب فشله التقني، وافتضاح أمر منفّذيه باعتباره "مسرحية" من تأليف جماعة "داعش" وبقايا البعث، لكنه يفضح "غباء" وجهل الجهة المصنّعة له.وكانت صورة اخرى، نشرت في وقت سابق، تمت دبلجة وتركيب صورة لطائرة "غارقة" في مطار بغداد الدولي في سعي الى رسم صورة لفوضى الحياة اليومية في العراق.ومنذ تطور التقنيات الرقمية، انتشرت وسائل تزوير وتشويه الحقائق بالصور المفبركة، لتبلغ اوجها في الوقت الحاضر، بعد الانتشار العارم لمواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح نشر الصور في نفس اللحظة.وفي العام 2004، ظهرت صور مزيفة لسجناء عراقيين، لم تُلتقط في العراق، اذ نفى مسؤول بريطاني صحة الصور التي نشرتها احدى الصحف البريطانية حول تعرض سجناء عراقيين للتعذيب والاهانة، وقال ان "تلك الصور لم تلتقط اصلا في العراق".وتكشف الصور عن ادعاءات بشان تعذيب واهانة سجناء عراقيين.لكن لجنة التحرّي توصلت الى نتيجة مفادها بان العربة العسكرية التي ظهرت في الصور لم تُرسل بالأساس الى العراق مع القوات البريطانية.وكانت صحيفة "ديلي ميرور" نشرت صورا تظهر سجناء عراقيين وهو يتعرضون للتعذيب والاهانة.وفي كل اشكال تركيب الصور و"ضخّها" الى الرأي العام، كان الهدف هو زرع الفتنة الطائفية بين مكونات الشعب العراقي، لاسيما بين السنّة والشيعة.ونشر ناشط رقمي، صورة مُحَرَّفة لجندي امريكي يقف الى جانب شخص عراقي يحمل يافطة تشير الى ان الجندي الامريكي هو "حمار". نُشر في احدى الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي صورة مركبة تعتذر "المسلة" عن نشرها، لشخص معلّق على عمود كهرباء يزعم الموقع ان اسمه "عمر"، حيث دُوّن بجانب الصورة بانها "تعود الى شخص من مكون عراقي معين، صلبه أشخاص من مكون آخر وأحرقوه علنا".وينتهج أصحاب التوجّهات الطائفية، ذات الاسلوب في تزييف الصور الحقيقية وجعلها ملائمة لأهدافهم في زرع بذور الشقاق بين الطوائف والمذاهب المختلفة.ويحدث ذات الامر في سوريا ايضا، حيث تدور رحى حرب طائفية يديرها الارهاب عبر جماعات مسلحة، تنتهج السبل المختلفة للوصول الى اهدافها لكسب التعاطف مع القضايا التي تسوّقها للجمهور في تشويه للحقائق على الارض.وانتشرت صورة مزيّفة لطفل يرقد بين قبري والديه، انتشار النار في الهشيم، وتبنّاها خطاب المعارضة السورية، على انها صورة حقيقية تعكس حجم معاناة اطفال سوريا، حتى اعلن مصوّر سعودي هو عبد العزيز العتيبي، ان هذه الصورة له وانها جزء من مشروع تصوير في مدينة "ينبع" السعودية ، ضمن مشهد درامي خيالي.وانتقلت "حمى" تزييف الصور لأغراض سياسية الى مصر، ففي يونيو 2013، نفت صفحة الشرطة المصرية، على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، صحّة الصورة التي نشرتها في وقت سابق، على أنها مدرّعة من مدرعات جديدة لرجال الأمن المركزى. وأكدت الصفحة أن الأمن المركزي لا يملك تلك المدرعات، وأنها صورة مفبركة .بل ان التنظيمات الإرهابية نفسها التي عُرف عنها تلفيق الاخبار وتركيب الصور لأغراض الخداع، لم تسلم من ظاهرة التزييف، اذ انقلب سحرهم عليهم، بعدما انتشرت صورة وفيديو لمجموعة من الاشخاص وهم يلعبون كرة القدم برؤوس بشرية باعتبارها صورة في سوريا، ليتبين فيما بعد أن الفيديو والصورة عائدان لمجموعة من مقاتلي طالبان في باكستان.لكن الصورة ادت غرضها، لاسيما وان سلوكيات القتل وقطع الرؤوس هي احدى الافعال التي عُرفت بها جماعات القاعدة و "داعش" والجماعات التكفيرية الاخرى في العراق وسوريا.وفي صورة اخرى، يظهر طفل متألّم من انفجار بغداد، بعد تعرضه لإصابة خطيرة لم يتمكن من جرائها من السير، لكن الصورة الحقيقية هي لطفل سوري تأثر بأعمال العنف.فيما انتشرت على صفحات "فيسبوك" صورة اخرى لأكداس أسلحة، قال عنها ناشروها ان "ثوار صلاح الدين" غنموها من مخازن الجيش العراقي، لكن الحقيقة، بحسب ناشط رقمي كشف "الزيف" تعود الى شباط 2011، حين نشرها أحد الأمريكان، قال أنها صورة لأسلحة صودرت في افغانستان.وكانت اشهر الصورة المزيفة، التي نشرتها وسائل الأعلام الغربية، صورة لرجل يقف على شرفة فيما تتجه طائرة صوب برج التجارة العالمي في نيويورك، حيث زعم "مُركّب" الصورة بانها لقطة فريدة قبيل لحظات من اصطدام الطائرة بالبرج في الحادي عشر من سبتمبر العام 2011.وفي 2013، نشرت النائبة عن كتلة الاحرار مها الدوري صورة لآمر الكلية العسكرية اللواء الركن كريم الشويلي على قناة البغدادية في برنامج ستوديو التاسعة، وهو يزور قبر الرئيس العراقي صدام حسين ليتبين فيما بعد ان هذه الصورة مفبركة، بعد ان ظهر الشويلي في حلقة البرنامج المذكور حيث بين ان هذه الصورة مفبركة وانها ليست حقيقية، ما افقد النائبة مصداقيتها امام النواب والجماهير لاسيما وانها ممثلة للشعب وقامت عبر سنوات بعرض الكثير من الملفات والوثائق حول تهم بالفساد لمسؤولين، ما جعل ما عرضته موضع شك وتساءل وهي التي عرف عنها حب الظهور الاعلامي واطلاق التصريحات الرنانة.