في كل يوم تشهد سوريا مزيداً من الموت والألم، وفي كل يوم يأمل السوريون أن تنتهي معاناتهم، إلا أن شيئاً لا يتغير. فعدد الموتى إلى ازدياد، وعدد الجرائم التي يرتكبها النظام يومياً من اعتقال وتجويع، وتعذيب كذلك.
وتبقى صور الأطفال، وأنينهم، وأصواتهم، التي صم العالم آذانه عنها، الأقوى والأكثر إيلاماً. ففي كل مرة يخال المرء أن ما شهدته سوريا بالأمس كان الأفظع، يأتي مشهد آخر ليطيح بالأول، ويتربع على عرش الألم.
ولعل هذا الفيديو الذي تداوله العديد من تنسيقيات الثورة السورية، والنشطاء على مواقع التواصل، يأتي ليسجل صرخة أخرى من أطفال سوريا نحو العالم أجمع.
ويظهر الفيديو طفلة، تنتشل من تحت أنقاض مبنى سوي بالأرض، لتخرج بجسدها الرمادي، المغطى برمال القصف العشوائي. جسد لم يتجاوز السنة والنصف من المعاناة. جسد كبله الخوف، تحت الرمال والحجارة.
فيوم الأربعاء الماضي، 22 يناير، قصفت قوات النظام السوري صاروخ أرض- أرض على حي المعصرانية في حلب، ما أدى إلى تدمير مبنى سكني بالكامل، وقتل امرأتين و3 أطفال و5 رجال، في حين جرح وشوّه آخرون.
وعندما أسرع الأهالي العزل لإزالة الأنقاض عن الجثث قبل تجدد القتال، لاحظوا بأن طفلة ما زالت حية تحت الأنقاض، فسارعوا لانتشالها قبل أن تختنق. وقد شاء القدر أن يكتب لها الحياة، على عكس العديد من أطفال سوريا الذين يقضون يومياً إما تحت القصف العشوائي أو الأنقاض أو الجوع أو البرد.
يذكر أنه وفق إحصائية نشرتها صفحة “إحصائية الثورة السورية” فإن عدد الضحايا الموثقين لجرائم النظام السوري من منتصف مارس 2011 وحتى 31 ديسمبر 2013، بلغ حوالي 102.455 شخصاً، بينهم 9.763 من الأطفال، وهذا العدد لا يشمل من قضى منهم دون أن يتم توثيق موته.
في حين أشارت “مجموعة أبحاث أكسفورد” في تقرير لها صدر في اغسطس الماضي، أن أكثر من 11 ألف طفل قتلوا من بداية الثورة السورية حتى نهاية شهر أغسطس 2013، وذلك من أصل أكثر من 110 آلاف قتيل من المدنيّين.
وبحسب التقرير، فإن الأسلحة الثقيلة كانت مسؤولة عن حوالي ثلاثة أرباع القتلى من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 17 عاماً، بينهم 2008 أطفال على الأقل قتلوا بوساطة استهدافهم بالقصف الجوي لطائرات النظام السوري، بينما كانت الأسلحة النارية الخفيفة مسؤولة عن مقتل ربع الأطفال، بينهم أكثر من 750 طفلاً تم إعدامهم ميدانياً وحوالي 400 طفل تم قنصهم، ويشير التقرير إلى أدلة واضحة أن القناصة قصدت استهداف الأطفال بشكل محدد.