تفاؤل وأمل - ابراهيم طوقان
كفكفْ دموعَكَ، ليس يَنْـ ـفَعُكَ البكاءُ ولا العويلُ
وانهضْ ولا تشكُ الزَّمانَ، فما شكا إلا الكسول
واسلكْ بهمّتكَ السَّبِيــلَ، ولا تقلْ كيف السبيل
ما ضلّ ذو أملٍ سعى يوماً وحكمتُه الدليل
كلاَّ، ولا خاب امرؤٌ يوماً ومَقصدُه نبيل
أفنيتَ يا مسكينُ عُمْــرَكَ بالتأوُّه والحَزَنْ
وقعدتَ مكتوفَ اليَدَيْــنِ، تقولُ: حاربني الزمن
ما لم تقم بالعبء أَنْــتَ، فمن يقوم به إذن ؟
****
كم قلتَ: «أمراضُ البلادِ»؛ وأنتَ من أمراضها
والشؤمُ عِلّتُها: فهلْ فتّشتَ عن أعراضها ؟
يا مَن حملتَ الفأسَ تَهْـ ـدِمُها على أنقاضها
اقعدْ فما أنتَ الذي يسعى إلى إنهاضها
وانظرْ بعينيكَ الذّئا بَ تعبّ في أحواضها
وطنٌ يُبـاع ويُشتــرى وتصيحُ : «فَلْيحيَ الوطنْ»
لو كنتَ تبغي خيرَهُ لبذلتَ من دمكَ الثمن
ولقمتَ تضمد جرحَــهُ لو كنـتَ مـن أهل الفِطَن
****
أضحى التشاؤمُ في حَدِيْـ ـثِكَ بالغريزة والسليقَهْ
مثلَ الغُرابِ، نعى الديا رَ وأسمعَ الدنيا نعيقَه
تلك الحقيقةُ، والمريـ ـضُ القلبِ تجرحُه الحقيقه
أملٌ يلوحُ بريقُهُ فاستهدِ يا هذا بريقه
ما ضاق عيشُـكَ لو سعَيْـ ـتَ له، ولوْ لم تشكُ ضِيقه
لكنْ توهّمتَ السَّقا مَ، فأسقمَ الوهمُ البدنْ
وظننتَ أنّكَ قد وهَنْـ ـتَ، فدبّ في العظم الوَهَن
والمرءُ يُرهبه الردى ما دام ينظرُ للكفن
****
اللهَ ثُمّ اللهَ ما أحلى التضامنَ والوفاقا
بُوركتَ مُؤتَمراً تَألْـ ـلَفَ، لا نزاعَ ولا شِقاقا
كم من فؤادٍ راق فِيْـ ـهِ، ولم يكنْ من قبلُ راقا
اليومَ يشربُ موطني كأسَ الهناءِ لكم دِهاقا
لا تعبأوا بمشاغبيـ ـنَ، تَرَوْنَ أوجهَهم صِفاقا
لا بدَّ من فئةٍ - أُجِلْـ ـلُكُمُ - تَلَذّ لها الفِتَنْ
تلك النفوسُ من الطُّفُو لةِ، أُرضِعتْ ذاك اللبن
نشأتْ على حُبِّ الخِصا مِ، وبات يرعاها الضَّغَن
****
لا تحفِلوا بالمرجفيـ ـنَ، فإنَّ مطلبهم حقيرُ
حبُّ الظهورِ على ظُهو رِ الناسِ منشأه الغرور
ما لم يكنْ فضلٌ يَزيـ ـنُكَ، فالظهورُ هو الفجور
سِيروا بعون اللهِ؛ أَنْـ ـتُمْ ذلك الأملُ الكبير
سيروا فقد صفتِ الصُّدو رُ؛ تباركتْ تلك الصدور
سِيروا فسنّتُـكم لخَيْـ ـرِ بلادكم خيرُ السُّنَنْ
شُدّوا المودّةَ والتَّآ لُفَ والتفاؤلَ في قَرَن
لا خوفَ إن قام البِنا ءُ على الفضيلةِ وارتكن
****
حَيِّ الشبابَ وقلْ سَلا ماً إنكم أملُ الغدِ
صحَّتْ عزائمكم على دفعِ الأثيم المعتدي
واللهُ مدَّ لكم يداً تعلو على أقوى يد
وطني أزفُّ لكَ الشبا بَ، كأنه الزَّهرُ الندي
لا بد َّمن ثمرٍ لَه ُ يوماً وإنْ لم يَعْقِد
ريحانُه العِلمُ الصَّحِيـ ـحُ، وروحُه الخُلُقُ الحَسَنْ
وطني، وإنَّ القلب يا وطني بحبّكَ مُرتَهن
لا يطمئنُّ، فإنْ ظفر ْ تَ بما يريد لكَ اطمأن