أسئلتي الوجوديّة بدأت مع القطة :
كيف تستطيع القطة أن تحمل صغيرها بين أنيابها من دون أن تؤذيه ؟ وهل حقاً هي تُخفي صغارها عن أبيهم الذي يحدث عندما يجوع أن يأكلهم ؟ وهل الآباء جميعهم قساة وغير مبالين ؟ وهل ثمّة قطط أكثر أمومة من نساء يحملن أثداء تذرّ اللبن وتضنّ بالرحمة ؟
بعد ذلك ، عندما كبرتُ ، وخبِرتُ يُتم الأوطان ، كبرَت " أسئلة القطة " وأصبحَت أكثر وجعاً : هل يمكن لوطن أن يُلحق بأبنائه أذىً لا يُلحقه حيوان بنسله ؟ هل الثورات أشرس من القطط في التهامها لأبنائها من غير جوع ؟
وكيف لا تقبل قطة ، مهما كثر صغارها ، أن يبتعد أحدهم عنها ، ولا ترتاح حتى تُرضعهم وتجمعهم حولها ، بينما يرمي وطن أولاده إلى المنافي والشتات غير معنيّ بأمرهم ؟ وهل في طمر أوساخها تحت التراب ، هي أكثر حياءً من رجال يعرضون بدون خجل ، عار بطونهم المنتفخة بخميرة المال المنهوب .
لم أبحث لهذه الأسئلة عن جواب ، فـ " الأجوبة عمياء ، وحدها الأسئلة ترى " .