الشعور بالآلام في جميع أنحاء الجسم شكوى قد تكون مزمنة وقد تستمر لأسابيع 1/2
اشعة الشمس مصدر مهم لفيتامين د
د.ياسر بن محمد البحيريآلام جميع الجسم شكوى حقيقة نسمعها من كثير من المرضى الذين يأتون إلى عيادة العظام والمفاصل أو إلى عيادة أمراض الروماتزم. وغالباً ماتكون الشكوى صادرة من المريضات أكثر من المرضى الذكور. وفي مايلي سوف نحاول تسليط الضوء على بعض الأمراض والحالات التي قد تؤدي إلى ظهور هذه الآلام التي تشعر بها المريضة في جميع أنحاء جسمها. وعادةً ماتشتكي المريضة من آلام متفرقة في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك منطقة الرقبة والكتفين وأعلى الظهر وأسفل الظهر والحوض والأطراف السفلى وفي بعض الأحيان اليدين والرجلين. وتكون هذه الآلام مزمنة وقد تستمر لبضعة أسابيع أو أشهر وقد تصاحبه أعراض أخرى مثل الإجهاد والشعور بالتوتر والشعور بتنمل أو خدور في اليدين أو القدمين. ولأن جزءا كبيرا منها في العظام والعمود الفقري فإن هذه الفئة من المرضى تتجه لاستشاري أمراض العظام والعمود الفقري أو لاستشاري الأمراض الروماتزمية. ولكن في منطقة محددة من الجسم. وهناك بضع حالات وأمراض قد تؤدي إلى شعور هؤلاء المرضى بالآلام التي تنتشر في جميع أنحاء الجسم. وفي مايلي سوف نحاول تسليط الضوء عليها ومعرفة طريقة التشخيص والعلاج بإذن الله.
آلام متفرقة في جميع أنحاء الجسم بما في ذلك منطقة الرقبة والكتفين
النقص الشديد في فيتامين د
وكما هو معلوم فإن السكان في منطقة الشرق الأوسط من أكثر الناس تعرضاً لنقص فيتامين د وذلك ليس لوجود نقص في ضوء الشمس الذي يعتبر المصدر الرئيسي للفيتامين ولكن بسبب أن الغالبية العظمى من الناس وخصوصاً النساء لا يتعرضن لضوء الشمس بشكل كاف وذلك لأن الشمس في هذه المناطق تكون شديدة ومحرقة. أيضاً هناك الأسباب التي تتعلق بالعامل البيئي والتربوي حيث أن شعوب المنطقة ليست متعودة على تناول الأغذية والأطعمة التي تحتوي على فيتامين د بكميات كبيرة مثل سمك السلمون وغيره. ولذلك فإنه ليس من المستغرب وجود حالات كثيرة في المجتمع تعاني من نقص شديد في فيتامين د وعلى الرغم من أن النقص البسيط في معدلات الفيتامين في الجسم ليست له آثار سلبية كبيرة حيث أن وظيفة هذا الفيتامين الرئيسية هي المساعدة على امتصاص الكالسيوم من الأمعاء. والكالسيوم بدوره ضروري ومهم لصحة العظام ولقوتها والمحافظة على تماسكها. إلا أن الأبحاث في السنوات الأخيرة أظهرت أن هناك وظائف أخرى لا تقل أهمية لهذا الفيتامين ومن ضمنها المحافظة على سلامة وظائف العضلات والهيكل العظمي بصفة عامة.
آلام جميع الجسم شكوى حقيقية يعاني منها كثير من المرضى
ولذلك فإنه في بعض الحالات التي تعاني من نقص شديد ومزمن في معدلات فيتامين د فإن المريضة أو المريض يشعر بآلام في مختلق أجزاء الهيكل العظمي بما في ذلك المنطقة المركزية حول الجذع والعمود الفقري وأيضاً في الأطراف. وهذه الأعراض تكون مزمنة وتزداد مع الوقت ومع المجهود. وعند عمل تحليل فيتامين د لهذه الفئة من المرضى فإن النقص الشديد يكون واضحاً ويكون مسؤولاً عن هذه الأعراض في الغالبية العظمى من المرضى. وبالنسبة للعلاج فإنه بعد الشخيص يمكن البدء بإعطاء جرعات كبيرة وكافية من فيتامين د الذي يكون متوفراً بأشكال عديدة يمكن تناولها عن طريق الفم على شكل حبوب أو على شكل شراب أو أيضاً يمكن إعطاؤه كحقن عضلية. وقد يستمر العلاج لبضعة أسابيع أو بضعة أشهر يتم أثناءها إعادة تحليل فيتامين د بين فترة وأخرى للتأكد من أنه يصبح في المعدلات الطبيعية ولا يتعداها ليصل إلى معدلات التسمم. وعندما يتم علاج هذه الحالات ويتم تعويض النقص في الجسم فإن الغالبية العظمى من المرضى تستجيب أعراضها وتقل الآلام بالتدريج لتختفي بإذن الله. وفي هذه الحالات فإنه يجب المحافظة على معدلات الفيتامين د ومحاولة التعرض للشمس وتناول الأغذية الصحية وتفادي الأسباب التي أدت إلى حدوث النقص في المقام الأول.
الالتهابات العضلية المزمنة
وهذه الحالة معروفة علمياً باسم (fibromyalgia) وهو مرض أو مجموعة أعراض تتكون من آلام متفرقة في أنحاء الجسم تشتد حدتها وتقل مع مرور الزمن وقد تنتقل من جزء إلى آخر وتزداد مع التعرض للمجهود الجسدي أو النفسي ومع التعرض للبرد أو أثناء الدورة الشهرية لدى السيدات. وعادةً ما يأتي المريض أو المريضة إلى العيادة محملاً بجميع أنواع الأشعات السينية والمغناطيسية وجميع أنواع التحاليل التي تم إجراؤها على مدى الشهور أو السنين. وقد يكون المريض أو المريضة يعانون من أعراض اكتئابية نتيجة الآلام المزمنة. وهذا المرض يكون نتيجة اعتلال في الأنسجة العضلية والليفية يؤدي إلى سرعة التهابها التهاباً غير جرثومي وأيضاً هناك اعتلال في تقبل الجزء المسؤول عن استقبال الألم في المخ لدى المريض مما يؤدي إلى الشعور بألم مضاعف نتيجة هذه الالتهابات الليفية العضلية. وهذه الآلام تؤثر سلبياً على حياة المريض أو المريضة وتؤدي إلى الشعور بالإحباط والاكتئاب وإلى الإدمان على الأدوية المسكنة والأدوية المضادة للالتهابات وإلى التنقل إلى الطبيب إلى آخر في محاولة الحل الجذري لهذا المرض. ويتم التشخيص بعد أخذ التاريخ المرضي بالفحص السريري الذي قد يبين وجود آلام في مناطق مختلفة من الجسم تزداد مع الضغط على مناطق معينة من الأوتار والعضلات. بالإضافة إلى ذلك فإن التحاليل المخبرية قد تبين وجود ازدياد في سرعة ترسب الدم وبعض التحاليل التي يتم اللجوء إليها في حالات الالتهابات المزمنة. أما الأشعات السينية والمقطعية والتحاليل الأخرى عادةً ما تكون في الحدود الطبيعية حيث أنها لا تستطيع في تشخيص هذا المرض. ويبدأ العلاج بمحاولة شرح المرض للمريض أو المريضة وبأنه مرض مزمن ولا يمكن التخلص منه نهائياً ولكن يمكن مساعدة المريض أو المريضة على العودة للحياة بشكل أفضل بكثير وبالتخلص من الآلام والأعراض لفترات طويلة بإذن الله وذلك عن طريق تفادي العوامل التي قد تزيد من ظهور الأعراض مثل الضغوط النفسية والجسدية أو التعرض للبرد. بالإضافة إلى ذلك فإن تناول الأدوية المضادة لالتهابات العضلات والمفاصل والأدوية المرخية للعضلات والأدوية المسكنة للآلام لفترات قصيرة تتراوح بين أيام أو أسابيع عند وجود هذه الآلام يساعد على إزالة الالتهاب والتخفيف من الأعراض. كما يمكن اللجوء إلى الإبر الموضعية في حالة وجود التهاب شديد في أحد الأوتار أو العضلات. كما أن تغير نمط الحياة والانخراط في برنامج علاج طبيعي وبرنامج رياضي يزيد من مرونة العضلات ولياقتها وتحملها للضغوط اليومية يساعد على التخلص من هذه الأعراض. وأيضا ً في بعض الحالات قد يلجأ الطبيب إلى وصف جرعات بسيطة جداً من بعض الأدوية المضادة للإكتئاب والتي يكون الغرض من استخدامها ليس علاج الاكتئاب ولكن تغير مجرى الإحساس بالألم لدى المريضة أو المريض مما يؤدي إلى عدم تضخيم الألم لديها وبالتالي يؤدي إلى إزالة هذه الأعراض. ومن الأمثلة على هذه الأدوية الأخيرة هو دواء (amitryttaline) وفي الغالبية العظمى من المرضى وعندما يتم الشخيص ويتم إتباع الخطة العلاجية بحذافيرها فإن حياة المريض تتغير بإذن الله وتصبح الآلام تأتي على فترات متباعدة وتكون شدتها وحدتها أقل بكثير من السابق بإذن الله.