ان اول ظهور للمعتزلة كان في البصرة في بداية القرن الثاني الهجري ثم في بغداد، وبعدها انتشرت افكارهم في مختلف مناطق الدولة الاسلامية كخراسان وترمذ واليمن والجزيرة العربية وأرمينية.
وهي فرقة كلامية(فكرية) اعتمدت على العقل في تأسيس عقائدها، وتميزت بثرائها الفكري والعلمي واطلقت عليها مسميات متعددة كالعدلية والموحدة والمفوضة والقدرية والمعطلة وغيرها.ويرجع سبب تسميتها بالمعتزلة حسب تصور المؤرخين إلى أمرين :
الاول يتعلق بالاعتزال السياسي الذي قام به مجموعة من الصحابة في الخلاف بين الامام علي (ع) ومعاوية.
والثاني : يتعلق باعتزال واصل بن عطاء عن شيخه الحسن البصري في مسائل فقهية فكرية.
ـ ان المعتزلة ـ كفرقة فكرية ـ اكدوا على التوحيد وعلى العدل الاجتماعي، ولهذين المبدأين أهمية كبرى لدى الناس في عصر كثرت فيه المظالم الاجتماعية وكثر فيه القول بتشبيه وتجسيم الذات الالهية. لما انتشرت افكار المجبّرة الداعية الى تحجيم دور العقل وتغييبه وتبني السلطة الرسمية لفكرة الجبر، برزت المعتزلة كتيّار يدعو الى حرّية اختيار العبد (الانسان) في افعاله واطلاق دور العقل البشري وتأكيدهم على استقلالية الانسان في سلوكه، ساعد هذا العامل على تعاطف الناس معهم.
تاريخها
ـ ان الحسن البصري لما طرد واصلاً من مجلسه واعتزل عند سارية من سواري مسجد البصرة وانضم الى صديقه عمرو بن عبيد، قال الناس يومئذ فيهما : انهما قد اعتزلا قول الامة وسمي اتباعهما وقتئذٍ بالمعتزلة.
ـ في زمن هارون الرشيد نبغت المعتزلة ونشطت الحركة الفكرية وثاروا على الجمود حتى جاء عصر المأمون وكان يميل الى حرية الفكر، وبذلك استطاع المعتزلة ان يواصلوا نشاطهم، فقد كانوا يتحرقون الى نشر اصولهم فوجدوا في المأمون بغيتهم ونظروا اليه بعين الاكبار اذ وجدوا فيه ركنا شديدا، فكان مذهبهم اقرب المذاهب الى نفس المأمون فقربهم واصبحوا اصحاب نفوذ في القصر، واغتـنموا فرصة استمالة المأمون والمعتصم والواثق لهم فاطلقوا ايديهم في السياسة وبلغوا الذروة الى ان جاء المتوكل فاخذوا ينحدرون عن المكانة التي وصلوا لها بسبب مضايقة المتوكل لهم ومحاربته لافكارهم ومنها قولهم بخلق القرآن.
ـ تشدد المعتزلة في مهاجمتهم العنيفة للفرق الاخرى يعد السبب الاساسي في انتكاستهم وهزيمتهم امام قوة المحدثين ورجوع الاكثرية الى الجمود والتسليم امتثالا لامر السلطة. يقول المسعودي : « لما افضت الخلافة للمتوكل امر بترك النظر والمباحثة والجدال والترك لما عليه الناس ايام المعتصم والواثق، وأمر الناس بالتسليم والتقليد، وامر الشيوخ والمحدثين بالتحدث واظهار السنة والجماعة ».
معتقداتها
ـ أركان الاعتقاد عند المعتزلة خمسة : التوحيد، والعدل، والوعد، والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ـ بأن الله واحد لا شريك له، وذهبوا الى نفي الصفات عنه جلّ جلاله، وانها عين ذاته. ان المؤمن اذا خرج من الدنيا على طاعة وتوبة استحق الثواب والعوض، واذا خرج من غير توبة عن كبيرة. ارتكبها استحق الخلود في النار، لكن عقابه يكون أخف من عقاب الكافر وسموا هذا النمط وعداً ووعيداً. كذلك:
ـ ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان عقلاً ونقلاً، وهما واجبان باللسان والقلب واليد.
ـ ان الفاسق من المسلمين بالمنزلة بين المنزلتين، وهي انه لا مؤمن ولا كافر.
ـ ان الله منزه عن كل قبيح، وان ما ثبت انه قبيح ليس من فعله ولا يصف بالقدرة على ما يقبح.
ـ ان العبد قادر خالق لأفعاله خيرها وشرها مستحق على ما يفعله ثواباً وعقاباً في الدار الآخرة، والرب منزه ان يضاف اليه شرّ أو ظلم.
ـ ان اصول المعرفة وشكر النعمة واجبة قبل ورود السمع والحسن والقبح، يجب معرفتهما بالعقل كما يجب اعتناق الحسن واجتناب القبح. وان ورود التكاليف الالهية الطاف من الباري تعالى أرسلها الى العباد بتوسط الانبياء عليهم السلام امتحاناً واختباراً.
ـ بعصمة الانبياء جميعاً وانهم لا يجوز ان تقع مـنهم معصية بعمد لا صغيرة ولا كبيرة.
ـ ان الايمان اقرار باللسان ومعرفة وعمل بالجوارح، وان كل من عمل فرضاً أو نفلاً فهو ايمان، وكلما ازداد الانسان خيراً ازداد ايماناً وكلما عصى نقص ايمانه.
ـ انه مالم يأمر الله تعالى به أو ينهى عنه من اعمال العباد لم يشأ الله شيئاً منه.
ـ لا امامة الا بالنص والتعيين ظاهراً وهو رأي الفرقة النظامية.
ـ لاتجوز الصلاة الا خلف الفاضل.
ـ ان علياً (ع) هو الافضل والأحق بالامامة، وانه لولا ما يعلمه الله ورسوله من ان الاصلح للمكلفين تقديم المفضول عليه لكان من تقدم عليه هالكاً.
ـ ان لمقدورات الله تعالى ولأفعاله ومعلوماته غاية ونهاية، وان الجنة والنار تفنيان ويفنى أهلهما حتى يكون الله سبحانه آخر لا شيء معه، كما كان اول لا شيء معه.
ـ انكار الشفاعة.
ـ بوجوب الاصلح على الله تعالى وبأن أوامر الله ونواهيه تابعة للمصالح والمفاسد وبأن أفعال العباد ليست مخلوقة لله.
ـ باستحالة رؤية الله سبحانه وتعالى بالابصار.
شخصياتهم
ـ واصل بن عطاء ـ عمرو بن عبيد ـ ابو الهذيل العلاف ـ ابراهيم النظام ـ عثمان بن خالد الطويل ـ حفص بن سالم ـ القاسم السعدي ـ الحسن بن ذكوان ـ عبد الرحيم الخياط ـ عبد السلام بن محمد الجبائي ـ ابو يعقوب الشحام ـ أحمد بن خابط..