بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
نبدأ بعد الاتكال على الله سبحانه وتعالى , ببعض المحاضرات حول السير والسلوك استجابه لبعض الاخوه والاخوات رغم اني لست من السائرين في هذا الطريق . لكن ما نكتبه هو ما افاضه به اهل الاختصاص من الكمل والاولياء وعلماء الاخلاق ..
ونقول : الطب الروحاني ينقسم الى الاخلاق والاداب , والحكمه العمليه والعرفان العملي والمواعظ والسير والسلوك , وكل منها تعتني بتهذيب النفس ورفع الحجب الظلمانيه والنوريه من ابصار القلوب .
وعلى السالك ان يرتقي ويخرق كل يوم - بل كل لحظه - حجابآ من تلك الحجب حتى يحظى للقاء الله .
دأب اكثر الاعلام في كتبهم الاخلاقيه على ان المرحله الاولى في طلب الطريق هي التوبه . لاكننا سنبدأ من القلب او الوعاء .
قال امير المؤمنين - عليه السلام - لكميل : { ان هذه القلوب اوعيه , فخيرها أوعاها } . شبهه الامام - عليه السلام - القلب بالوعاء لانه محل استلام الفيض الالهي . وهناك قلب افضل من قلب حسب درجة الاستيعاب . وسبب التفاضل بحسب تفاوت قبول الفيض والمحافظه علي . ,
وهل القلب موجود ويستلم الفيض او لا ؟ فاذا لم يكن كذلك فهو بحكم المعدوم , وما فائدة وجوده اذا لم يكن يعمل { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرآ من الجن والانس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم اعين لا يبصرون بها ولهم ءاذان لا يسمعون بها اؤلئك كالانعام بل هم اضل اؤلئك هم الغافلون } .من علامات وجوده , هل ان المرء اذا قام باي عمل عبادي - كاداء الصلاه وزيارة المعصوم - عليه السلام - هل يحس بتغيير في الحاله الروحيه او لا ؟
هل يصلي بحيث يوجد اتصال حقيقي مع الله تبارك وتعالى في الصلاه . وهل يشعر باتحاد روحي بينه وبين المعصوم الذي يزوره . فمثلآ عند زيارة امير المؤمنين - علي السلام - هل يلغي ذاته ووجوده امام الوجود المتعالي لامير المؤمنين - عليه السلام - وينصهر في بودقته . او عند زيارته لسيد الشهداء - عليه السلام - هل يذبح- ( أناه ) على مذبح العشق الالهي الذي ذبح عليه - صلوات الله عليه - فاذا كان كذلك - اي يحس بالتغيير والزياده والتقرب - فذلك دلاله على وجود القلب . اما انه لا يحس بوجود تغيير فذلك يدل على عدم وجود القلب . اي انه لا يعمل على استلام الفيض الالهي . وعلاج تلك الحاله وقبل الدخول في هذا الطريق . بل العمده في المقام .. هو ترك المحرمات .وترك المحرمات يكون دفعيآ لا تدريجيآ , بمعنى ان ينوي تركها جميعآ وبالتتابع فلا يفعل المحرم اذا اراد فعله , وهذا معنى الدفعي الذي يتضمن التدرج . والسبيل الى تركها هو معرفتها اولا , ثم العزم على تركها بالاستعانه بالله عز وجل والتوسل بالمعصومين - عليهم السلام - وثانيآ هو فعل الواجبات . وليس معنى ذلك ان احدهما في طول الاخر , بمعنى ان اترك المحرمات ومن بعدها افعل الواجبات , بل هما في عرض واحد . ولابد من تعويد النفس على الاستفاده من جميع العبادات واشعارها دائمآ - حتى في غير العباده - بانها في المحضر الالهي . وقالوا ان للحضور ثلاث مراتب : الاول : الحضور الحسي , وهذا المعنى ذمته الرويات , كما عن امير المؤمنين - عليه السلام - ( كم من صائم ليس له من صيامه الا الظما والجوع , وكم من قائم ليس له من قيامه الا العناء , حبذا صوم لاكياس وافطارهم ) .والثانيه : الحضور العلمي : , وهو ان تعي كلمات من تحضر عنده . والثالثه : الحضور الوجودي : بمعنى ان يكون من حضرت عنده هو الموجود فقط , ولا وجود لغيره , ولا يتحقق الحضور الا بهذا الاخير . وسنكمل في المحاضره القادمه ان شاء الله .
والحمد لله رب العالمين