الحلقة (7) من قبس العارفين
قبسات اخلاقية ومعرفية من سيرة العارف الكامل الحاج المقدس عبد الزهرة الكرعاوي
ظواهر روحية
معنى الكربة القلبية
(اخي ومولاي) : تعرضت في اوائل رسالتك للكربة الشديدة فوددت ان اشرحها بعض الشيء .إن هذه الكربة القلبية يمكن ان تختلف باختلاف حال الفرد، فقد يكون حال الفرد منصباً على (مقاومتها) كما تقول يعني تحملها والصبر عليها - كما افهم - واحتساب ذلك من الجهاد الاكبر، وهو حال محمود ومقبول ان شاء الله تعالى.
الا ان الحال الآخر هو ان الكربة عموماً نوع من العقوبة على ما لا يرضاه الله تعالى من تصرفات عبده الظاهرة او الباطنة، وهي عقوبة فورية وسريعة (كن فيكون) بقدرته سبحانه . ونحن نقول عقوبة ولكنها - على الاغلب - الفات نظر للعبد لكي يرتدع ويكف عما في يده من العمل السيء ويعود الى جادة الصواب، وكلما كانت الكربة اشد كان التنبيه اوكد والعقوبة اكبر.وعلى هذا كان مسلكي باستمرار منذ ان دلني (مولاي) على هذه الكربة والى الآن وهو الفهم الاوجه لها. نعم، اذا لم يجد الفرد بداً منها او من العمل الذي يقتضيها او لم يجد طريقة لازالتها كان التسليم بها والصبر عليها مندرجا في الجهاد ا لاكبر.
هذا ولك ان تقوم بفطنتك بتطبيق هذه الافكار على الجهاد الاصغر الذي كنت تقوم به مما اشرت اليه في رسالتك، اعاذنا الله جميعا ووقانا عذاب السموم.
وهناك حال اخرى متفرعة عن ذلك وهي عدم محاولة ازالة الكربة احيانا اما اعترافا بالذنب او رضا بعقوبة الله سبحانه او تسليماً لأمره او ادباً في حضرته او نحو ذلك . هذا ما لم يكن تحمل الكربة شديداً على النفس فيكون الارجح ازالتها.ص226
لا تضر نفسك بنفع الآخرين
1- قولك: (انني قلصت كثيراً من خوضي في البحوث والعلوم الظاهرية لايمـاني بان كل شيء يكون تافهاً اذا فرغ محتواه من نتـائج الجهـاد الاكبـر ...).
فقد سررت به كثيراً وحسبي ان كنت مررت بنفس الحال ايضاً حين تركت الكتابة في مؤلفاتي.فكن كما يقتضي حالك ولا تضرّ نفسك بنفع الآخرين، ما لم يقتض ِ التكليف الشرعي الفعلي ذلك. وليس الآن الامر كذلك. فمن المنطقي جداً بل اكثر من الضروري ان يختار الفرد افضل ما يعرفه في عبادة الله عز وجل والتكامل نحوه. ولا يختار الادنى فيندم حين لا مندم ولات حين مناص.ورسالتي السابقة اليك، كانت على فكرة انك قد تحتاج الى الكتابات الدينية الآن او بعد الآن . ولم اجد في نفسي احتمال اعراضك عنها الى هذه الدرجة فمرحا مرحا. جزاك الله خير جزاء المحسنين . والحمد لله ذي الفضل العظيم الذي عرفك على مضار هذا المسلك لأهل الحال) وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ )(الأحزاب: من الآية35) فاتبع حالك وما يمليه عليه ضميرك ومنهجك التكاملي.
ص276 قنايل العارفين