الراحة الحورانية.. حلوى جميع الأوقات
كسرت رقما قياسيا في كتاب غينيس
راحة حورانية بمذاقات لذيذة وبالمكسرات والفاكهة
على الرغم من أن الكثير من المدن السورية تصنع الراحة، تلك الحلوى الشعبية البسيطة التي تؤكل كقطع صغيرة مربعة أو مستطيلة الشكل ويكون مذاقها ألذ وأطيب عندما توضع قطعة الراحة بين رقيقتي بسكويت لتشكل معهما وجبة شعبية مسلية ولذيذة في أي وقت من اليوم، لكن مع انتشار صناعة الراحة في سوريا فإن «الراحة الحورانية» تبقى الأشهر والألذ مذاقا؛ حيث تفنن الحورانيون، منذ سنوات، في تقديم عشرات الأنواع من الراحة المتطورة عن الراحة العادية الشعبية المعروفة بين جميع شرائح المجتمع السوري.
ومنطقة سهل حوران، التي تقع جنوب العاصمة دمشق بنحو 100 كم وتصدرت في الأشهر الأخيرة واجهة الأحداث في وسائل الإعلام حيث انطلقت منها الأحداث السورية، تتمركز في مدينة درعا، وهي مركز المحافظة وكبرى مدن حوران، حيث تقع معظم ورش ومصانع الراحة الحورانية الشهيرة، التي وصل عددها إلى نحو 90 مصنعا كان أولها قد تأسس منتصف ستينات القرن الماضي، كما يوجد فيها الكثير من الحرفيين والمصنعين البارعين لهذه الحلوى الذين توارثوا هذه المهنة عن آبائهم وأجدادهم ويجيدون صناعتها بالشكل اليدوي، على الرغم من انتشار صناعتها مؤخرا بشكل نصف آلي. والطريف هنا أن الحورانيين الذين يفتخرون براحتهم حيث باتت تنتشر ليس في سوريا فحسب بل في الكثير من بلدان ودول العالم العربي والغربي من خلال تصديرها وحتى إقامة معامل لها في بعض هذه البلدان من قبل المغتربين الحورانيين، حيث تلقى إقبالا من قبل المتذوقين لها في هذه البلدان، الذين قاموا، قبل سنتين، بصناعة أكبر مكعب راحة في العالم، حيث دخلوا من خلاله موسوعة غينيس للأرقام القياسية وقد بلغ وزنه 400 كغم بطول متر واحد وعرض 60 سم أخذت عملية تحضيره نحو الشهر، ومن المعروف أن مكعب الراحة الواحد في الحالة العادية لا يتجاوز وزنه 20 غراما وبطول يتراوح بين 2 و4 سم وبعرض نحو 2 سم وتحضر الراحة بشكلها التقليدي عادة على شكل لوح كبير بطريقة فنية وبمقادير متجانسة من السكر والقطر والنشاء والمسكة النباتية - المستكة - (المأخوذة من شجرة متوسطية دائمة الخضرة حيث تخرج المسكة المعروفة بطعمها المميز ورائحتها الزكية من تجاويف الشجرة كعصارة تجف فيما بعد وهي على الشجرة) وحمض الليمون والمنكهات وتطبخ على نار هادئة ليتم فيما بعد تبريدها على قوالب وتقطع إلى مكعبات صغيرة في مقاسات متساوية وتوضع في علب كرتونية مغلفة بشكل جيد ويرش عادة بين المكعبات مطحون السكر الناعم جدا لكي تبقى الراحة طرية وطازجة ولزيادة نكهتها ومذاقها اللذيذ، وتتباين العلب حسب وزن الراحة فيها، والتي تصل إلى الكيلوغرام الواحد وتكون عادة بسعر رخيص نسبيا، إذا قيست بالراحة الحورانية المتطورة التي تفنن المصنعون في حوران بتقديم أنواع كثيرة منها بإضافة المكسرات والفواكه والشوكولاته والحليب وغيرها، كما تزداد مع هذه الإضافات المتميزة للراحة فوائدها الصحية من خلال القيم الغذائية والصحية التي تقدمها المكسرات للإنسان كما تقدم مكونات الراحة فوائد صحية لمتذوقها ومنها شعوره بالدفء خاصة في الأيام الباردة لوجود السكر والقطر فيها كما تفيد الجهاز الهضمي، خاصة المعدة والقولون بسبب وجود مستخلص نبات المسكة فيها المعروف بفوائده الطبية والعلاجية الصحية.
وحول أنواع الراحة الحورانية التي أضاف لها الحورانيون مذاقا ألذ فوق مذاقها اللذيذ التقليدي يشرح المصنع لها الذي عرفنا على نفسه (أبو محمد حريري) قائلا: هناك أنواع كثيرة منها تم تطويرها عن الراحة التقليدية، لكن يبقى سر مذاقها اللذيذ هو بصمات المصنعين لها، فكلما كان المصنع خبيرا بطريقة تحضيرها وبالمقادير المتجانسة قدم راحة بمذاق متميز عليه بصمته الخاصة، وبشكل عام هناك حاليا الراحة الشرحات المعجونة بالمسكة الطبيعية التي تقطع على شكل شرائح رقيقة وتحشى بالفستق الحلبي أو اللوز، وهناك الراحة اللآلئ والراحة المحضرة بالكاجو وجوز الهند والفستق الحلبي والبندق واللوز والسمسم، وهناك الراحة المعجونة والمحضرة مع الفواكه، بحيث يمكن للمتذوق أن يتناول راحة بطعم الفريز والكرز والمشمش والتفاح وغيرها، ويتم ذلك عن طريق مزج عصير هذه الفواكه أو مجففاتها مع خلطة الراحة التقليدية لينتج قالب راحة بالفاكهة يتم تقطيعه فيما بعد إلى مكعبات ووضعه في علب أنيقة، وهنا - يشرح أبو محمد - يبرز التنافس أيضا بين مصنعي الراحة الحورانيين، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث يحرص الكثير منهم على تقديم راحتهم الحورانية بعلب أنيقة، كما هو حال علب الحلويات الشرقية، وبشكل فني جميل، حيث يتم تغليف مكعبات الراحة بورق السيلوفان وتوضع في علب كرتونية ملونة مقواة وعليها رسومات جميلة مع فرز كل نوع من الراحة حسب نوعه والمكسرات والفواكه المضافة إليه فنرى هناك مثلا علبة راحة بالكاجو أو بالفستق أو بالسمسم.. وهكذا، وقد يقوم البعض بوضع أكثر من نوع واحد في العلبة الواحدة وبشكل منظم وأنيق يفصل بينها ورق النايلون الصحي أو مستطيلات من الكرتون لتلبي رغبات المتذوقين والزبائن من خلال رغبتهم بشراء وتذوق أكثر من نوع واحد من الراحة الحورانية في العلبة الواحدة، كما قام البعض من المصنعين الذين عملوا على تصديرها للخارج بوضع بيانات صحية وعلمية على كل علبة راحة من خلال مكوناتها الغذائية والسعرات الحرارية فيها وغير ذلك، وصارت الراحة الحورانية - يؤكد أبو محمد - تقدم كضيافة في المناسبات الاجتماعية والأعياد، ومن التغليف الأنيق للراحة بالعلب والأشرطة الزاهية الملونة صار الكثير من السوريين والحورانيين، بشكل خاص، يأخذونها معهم كهدية ثمينة وقيمة عندما يسافرون إلى بلدان ومدن أخرى مثلها مثل البقلاوة والمعمول والبوظة اليدوية الدمشقية والهريسة النبكاوية وحلاوة الجبن الحموية والبشمينا والسمسمية الحمصية والشعيبيات الإدلبية والجزرية اللاذقانية والكرابيج الحلبية.