سجال بين الباحثين الغربيين حول جدوى ضرب الطفل
لندن: وجد باحثون أن ضرب الأطفال بدلاً من إستخدام عقوبات غير جسدية مثل المنع من مشاهدة التلفزيون أو من مغادرة الغرفة لبعض الوقت، يحد من ذكاء الطفل العاطفي و"القدرة الوظيفية التنفيذية" التي تمكننا من التفكير الآني وتعديل سلوكنا حسب الحاجة.
ويمكن ان يؤدي العقاب الجسدي المتواصل الى تراخي انضباط الطفل بخفض قدرته الوظيفية التنفيذية. وقد يلتزم الطفل بالقواعد المقررة على المدى القريب لتفادي الضرب ولكنه على المدى البعيد لن يطيعها أو يفهم سبب وجودها.
وحذر الباحثون الذين يعملون في جامعات اميركية وكندية من ان العقاب الجسدي يمكن ان يتسبب في هبوط مستوى السيطرة على النفس وتردي سلوك الطفل على المدى البعيد.
وراقب الباحثون 63 طفلا في سن الخامسة والسادسة من مدرستين خاصتين في غرب افريقيا. وكانت احدى المدرستين تستخدم العقاب الجسدي لمخالفات تمتد من نسيان القلم الى التشويش على الدرس في حين التزمت المدرسة الثانية باعتماد اجراءات انضباطية غير جسدية في حالات سوء التصرف، مثل التوبيخ الشفهي أو المنع من المشاركة في فعاليات معينة لبعض الوقت أو ابقاء الطفل في غرفة الصف خلال فترة الاستراحة.
وكان جميع الأطفال من منطقة واحدة وأصول عائلية متماثلة. وكان آباؤهم ايضا من مؤيدي العقاب الجسدي حتى إذا كانت مدرسة اطفالهم لا تمارسه.
ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن رئيسة فريق الباحثين فكتوريا تلوار من جامعة ماكغل الكندية في مونتريال ان نتائج الدراسة تبين ان البيئة التأديبية القاسية قد تكون على المدى البعيد ذات آثار ضارة على ذكاء الطفل الشفهي وقدرته الوظيفية التنفيذية.
وأشارت تلوار الى ان تلاميذ المدرسة التي لا تطبق العقاب الجسدي نالوا علامات أعلى كثيرا من تلاميذ المدرسة التي تطبقه بعد خضوعهم لنفس الامتحان الذي يختبر قدراتهم الوظيفية التنفيذية. وخلصت الدراسة الى ان الضرب لا يعلم الطفل حسن السلوك أو يحسن قدرته على الاستيعاب والتعلم.
من جهة اخرى قالت البروفيسورة مارجوري غانو استاذة علم النفس في كلية كالفن بولاية مشيغان الاميركية ان العكس صحيح وان أداء الأطفال الذين كانوا يُعاقبون بالضرب حتى سن السادسة كان افضل في المدرسة وهم أكثر تفاؤلا بشأن حياتهم من الأطفال الذين لم يضربهم آباؤهم قط. واضافت غانو ان الأطفال الذين كانوا يضربون أكثر استعدادا للانخراط في اعمال طوعية وأقوى رغبة في الالتحاق بالجامعة.
وتوصلت البروفيسورة غانو من خلال ابحاثها الى ان الأدلة المتوفرة لا تكفي لمنع الآباء من تحديد الطريقة التي ينبغي ان يُعاقب بها اطفالهم. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن البروفيسورة الاميركية قولها ان وجهة النظر المعارضة لضرب الطفل ليست مقنعة ولا تتفق مع المعطيات.
واعترفت غانو بأن "الضرب أداة خطرة ولكن هناك حالات تكون فيها المهمة المطلوبة كبيرة بما فيه الكفاية لاستخدام أداة خطيرة". واضافت ان الضرب ليس اداة صالحة "لأداء كل المهمات". وشملت الدراسة 179 مراهقة ومراهقا سُئلوا كم كانوا يتعرضون للضرب في طفولتهم وكم كان عمرهم حين ضُربوا أخر مرة.