يحكى إن امرأة عجوز كانت تسكن ببيتٍ معزولٍ بأطراف المدينة حيث لا يجاورها جار فأقرب البيوت لها تبعد عنها مسيرة ساعة فقد كانت تعيش لوحدها بعد وفاة فارس أحلامها العجوز الذي عرفت الشباب معه، فشبت وشابت معه.
ذات مرة ولدى خروجها وجدت سمعاً (صغير الذئب) ينوء بنفسه قرب صخرة حيث تركته أمه وعمره ساعات، فأخذته معها لترعاه حيث أدخلته حضيرتها الصغيرة التي توجد فيها نعجتها الوحيدة فأخذت تحلب له منها حليباً يرم عظمه وهكذا واظبت حتى اذا كبر السمع قليلاً فأخذ بنفسه يرضع من ضرع النعجة واستمر على ذلك حتى صار ذئباً بالغاً دبت فيه قوة الذئاب ولكنه لم يكن يعرف سوى المرأة العجوز التي اعتنت به والنعجة التي كانت تغذيه حليبها.
يبدو أن ليس جسمه وحده من دبت في القوة والحيوية بل غدره وطباعه السيئة فلمّا بانت له حدة أسنانه كانت أول فريسة يلتهما ويجرب أسنانه بها أمه النعجة حيث بقر بطنها وأخذ يلتهمها.
وفجاءة…!
دخلت المرأة العجوز لترى نعجتها (شاتها) مبقورة البطن ودمائها تلطّخ الأرض كما تلطّخ فم الذئب، فهرولت للمنزل تحضر بندقية صيد فارس أحلامها المعلقة على الجدار، حشتها برصاص السنين وأوجاعها لتفرغ همها وغدر الأيام بذلك الذئب الذي زحف ليلفظ أنفاسه في زاوية الحضيرة.
جلست العجوز وهي تتأمل دماء النعجة التي خطت جدولاً صغيراً لاقت جدولاً أخر من دم الذئب فأنشأت تقول مخاطبة الذئب:
قتلت شويهتي وفجعت قلبي … وكنت لشاتنا ولداً ربيبا
غذيت بدرها ونميت منها … فمن أنبأك أن أباك ذيبا
إذا كان الطباع طباع سوءٍ … فلا أدب يفيد ولا أديبا
ذئاب العراق اليوم كثر، كل ينهش فيه من جانب، الإرهاب حول حياة الناس إلى جحيم لا يطاق و الفساد أخذ ما تبقى لهم من كرامة، لك الله يا عراق .
طوبىلمن لم يلوث ذمته بالفساد في عراق اليوم كل التقدير و الاحترام، أما من تلوثت ذمته بالفساد سيبقى طوال عمرة مكللا بالخزي و العار.