<strong><font size="5">أشعال الالعاب النارية - بين الأباحة والتجريم</font><br>
</strong><strong><font size="5"><br>
</font><br>
<br>
<br>
<br>
</strong><br>
<strong>المقدمة<br>
ان وظيفة الدولة في ضمان الهدوء والاطمئنان في المجتمع لم تعد ترفاً فكرياً وإنما أصبحت ضرورة يفرضها عصرنا الحالي، عصر الضوضاء، والثورة التكنولوجية، وحماية البيئة من كل ما يخل توازنها، فحماية هذه المصلحة تتم من خلال تجريم كل ما يمكن أن يمس بها، وغايتها أن ينعم الناس بالهدوء والراحة والآمان ويؤكد هذا التوجه الحديث للدولة الدستور العراقي الدائم لنسة 2005 في المادة (15) والتي جاء فيها ( لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية ....) (1)، فهذه الأمور تعتبر من الوظائف التي اضطلعت بها الدولة منذ التاريخ القديم حتى الآن في حماية الامن الاجتماعي داخل الدولة، وترجع أهمية هذه الوظيفة وضرورتها بالنظر الى قيامها على أكثر الأمور حيوية في المجتمع .<br>
يدور فعل أشعال الالعاب النارية بين الاباحة والتجريم , ففعل (الاشعال) لا يكتسب الصفة الجرمية بمجرد المباشرة به حيث يعتبر استخدام الاالعاب النارية في ظروفها العادية وفي الاحوال التي لا تسبب ضرر او لا تشكل جريمة من منظور قانون العقوبات عملاً مباحاً , ومع ذلك تعتبر جريمة اشعال الالعاب النارية احد اهم الجرائم التي تصنف على انها ضمن الجرائم ذات الخطر الواقعي والمنصوص عليها في قانون العقوبات العراقي النافذ رقم 111 لسنة 1969 المعدل وهي من الجرائم الماسة بالطمأنينة والراحة التي يفترض ان تسود في المجتمع وسلامته على اعتبار ان الهدوء والطمأنينة في المجتمع هي الغايات النهائية للمشرع الجنائي في تجريم فعل أشعال الالعاب النارية الذي يشكل انتهاكاً لهذه القيم والمصالح المحمية حيث تهدد هذه الجريمة هذه العناصر الجوهرية في مصلحة المجتمع فضلاً عن خطرها الواقعي مما جعل المشرع الجنائي سلوك هذا المنحى ضمن سياسته الجنائية .<br>
وتشترك جريمة أشعال الاالعاب النارية مع طائفة من الافعال تعتبر (ذات خطر واقعي) في علة التجريم مثل جريمة عدم اخذ الاحتياط الكافي الذي ينتج عنه الضرر او بواسطة الحيوانات. (2)<br>
وترتبط اهمية دراسة موضوع البحث ( اشعال الالعاب النارية ) تجريماً واباحة بأعتبارات عملية تتعلق بواقع المجتمع العراقي حيث من الملاحظ انه وفي الاونة الاخيرة بدأت الالعاب النارية تستعمل ويتم تداولها على نطاق واسع وخاصة من قبل شريحة الاطفال مما يرشح فرضية أزدياد الاضرار الناجمة عن استعمالها بقوة , كون الاطفال لا يتمتعون بالادراك الكافي لتجنب جميع الاضرار المحتملة لأستعمال الالعاب النارية مما يوسع امكانية حصول الاضرار سواء في الممتلكات العامة او الخاصة او على الافراد انفسهم من اضرار مادية وجسدية والتي قد تصل الى حد الموت. <br>
المبحث الاول<br>
مفهوم الالعاب النارية <br>
وسيتم تقسيم هذا المبحث الى مطلبين نتناول في الاول تعريف الالعاب النارية وبيان المقصود منها والخطر الناشئ عنها اما المطلب الثاني فسندرس فيه الاحوال التي يكون فيها اشعال الالعاب النارية عملاً مباحاً ومتى يكتسب الصفة الجرمية وكما يأتي:-<br>
<br>
المطلب الاول<br>
تعريف الالعاب الناريه والخطر الناشئ عنها<br>
<br>
يمكن تعريف الالعاب النارية بأنها مادة سريعة الاشتعال ومن خواصها المميزة إنها تحترق بصورة شديدة وهائلة جداً وتستخدم لغرض التنوير والإشارة أو لغرض الحريق أو لتوليد حجاب دخان(3).<br>
.ولكن الذي يلاحظ على هذه الجريمة بأنها قد لا تتحقق بإلهاب الألعاب النارية فقط وإنما يمكن ان تعد متحققة إذا ما ارتكبت بوسيلة لها ذات الأثر الذي تتركه الألعاب النارية المفرقعات.<br>
ولكن ما المقصود بالمفرقعات؟<br>
المفرقع هو تلك المادة التي عند إشعالها بصورة مناسبة تكون قادرة على توليد ضغط فجائي شديد حول محيطه، وتصنف الى عدة أصناف تبعاً لاستخدامها أو لشدتها، والذي يهمنا تصنيفها وفقاً لشدتها حيث تصنف المفرقعات الى: <br>
المفرقعات الواطئة الانفجار: وهي تلك المفرقعات التي عند إشعالها بصورة مناسبة تكون قادرة على توليد ضغط فجائي شديد حول محيطه(4).<br>
والمفرقعات العالية الانفجار: وهي تلك المفرقعات التي لها خاصية الانفجار وتعطي موجات عصف.<br>
والمفرقعات الأخرى: يطلق عليها بالمفرقعات المتفرقة وهي تلك المفرقعات التي لها خاصية الانفجار والتي تستخدم لغرض توليد الدخان أو تأثيرات الحريق، ومثالها البارود الأسود والألعاب النارية. <br>
هذا ويلاحظ بان هذه الأنواع مجتمعة تتأثر بدرجة الحرارة والرطوبة فالمفرقعات الواطئة الانفجار عند تعرضها للحرارة العالية في المختبر تتخلل وتصبح مهيأة للاشتعال الذاتي، أما المفرقعات العالية الانفجار، فهي تتلف وتفسد وتصبح كجزء حساس مهيأ للحوادث وعرضة لأخطار الحريق، أما بالنسبة للمفرقعات المتفرقة فأنها تتلف وتفسد وتصبح مهيأة للاشتعال الذاتي كالألعاب النارية، هذا من جانب.ومن جانب آخر فان هذه الأنواع من المفرقعات تتأثر بدرجة الرطوبة، أيضا ًفبالنسبة للمفرقعات الواطئة الانفجار فأنها لا تتأثر بدرجة الرطوبة إذا كان تخزينها بصورة نظامية، أما إذا خزنت لمدة طويلة في مكان ذا رطوبة عالية فأنها تفقد خواصها المثالية، (5)أما المفرقعات العالية الانفجار فمعظمها تتلف وتفسد وتفقد حساسيتها بوجود الرطوبة وقد لا تنفجر بنفس التأثير عند أول صنعها،وأخيراً الأنواع الأخرى من المفرقعات فالرطوبة ألد أعدائها فمنها ما يتلف وتقل حساسيته والبعض الآخر يصبح عديم الفائدة.<br>
وعليه فأن أي نوع من أنواع المفرقعات المذكورة أنفاً إذا استخدم في أي جهة من الجهات التي يمكن ان ينشأ عنها إتلاف، أو خطر ، أو ضرر فان مرتكب هذا السلوك يعّد مرتكب لجريمة اشعال الألعاب النارية أو نحوها المعاقب عليها بنص المادة (495/أولا ً) من قانون العقوبات العراقي(6).<br>
<br>
المطلب الثاني<br>
أشعال الالعاب النارية سلوك مباح <br>
<br>
أن الألعاب النارية الأصل في استخدامها الإباحة , لأنها تستخدم للأغراض السلمية كالتنويرأو لتوليد حجاب دخان أو الإشارة , وهي لا تمثل اعتداء على جسد الإنسان أو حريته ولا تمس شرفه أو سمعته أو تنال من مكانته الاجتماعية كما إنها لا تنزع الجاني من عائلته ولا تؤخره عن مزاولة عمله وبالتالي يمكننا القول ان هذه الجريمة لا تتحقق بمجرد اتيان فعل الاشعال ما دام ان الغاية من القيام بالشعال هو للأغراض التي من اجلها تم اباحة اشعال الاعلاب النارية وهي التنوير او تكوين عمود دخان او لأجل القيام بأشارة ، ولكن هذا الفعل إذا ما استخدم لغرض ارتكاب جريمة معاقب عليها بالقانون كأن تستخدم لغرض تحقيق إتلاف، أو ضرر، أو تحقيق خطر في جهات معينة فان هذا السلوك يعد جريمة إجرامياً محققاً لجريمة اشعال الألعاب النارية المقلقة للراحة العامة و ان السلوك المنشئ للجريمة أما أن يكون ايجابياً وأما يكون سلبياً والسلبي يتحقق بالترك أو الامتناع، ولكن السلوك المتحقق في جريمة اشعال الألعاب النارية هو السلوك الايجابي المتمثل بنشاط ايجابي صادر عن الجاني يظهر جلياً باستخدام احد أعضائه بصورة إرادية فمقدار ارتكابه للجريمة المذكورة يستخدم يديه على سبيل المثال، لإشعال الألعاب النارية في الجهات التي يمكن ان ينشأ عن إلهابها إتلاف أو خطر أو ضرر - كأن تكون مصنع أو مستودع للذخائر أو الأسلحة أو ملحقاتها أو في مخزن عسكري أو معدات عسكرية أو منجم أو بئر للنفط أو مستودع للوقود أو المواد القابلة للالتهاب أو المفرقعات أو محطة للقوة الكهربائية أو المائية أو الذرية أو محطة للسكك الحديدية أو ماكنة قطار أو في عربة فيها شخص أو في طائرة أو في حوض للسفينة أو السفن أو في مبنى مسكون أو محل آهل بجماعة من الناس أو مبنى مشغول من دائرة رسمية أو شبه رسمية أو مؤسسة عامة أو ذات نفع عام (7) ، وهو بذلك يكون مرتكباً لجريمة إشعال الألعاب النارية المعاقب عليها قانوناً .<br>
<br>
<br>
<br>
<br>
المبحث الثاني<br>
أشعال الالعاب النارية جريمة معاقب عليها في القانون<br>
<br>
المطلب الاول<br>
الركن المادي في جريمة أشعال الالعاب النارية<br>
<br>
إن أية جريمة لا قيام لها إلا بتحقق ركنها المادي بعناصره الثلاثة السلوك والنتيجة والعلاقة السببية وهذا ما يتحقق في جريمة إلهاب الألعاب النارية إذ إن إثباتها يستلزم نسبة الفعل الى فاعله إذا ركنها المادي يتكون من عناصره الثلاثة وهي السلوك والنتيجة الجرمية والعلاقة السببية بينهما وسيتم دراسة كل عنصر في فرع مستقل وكما يأتي:-.<br>
الفرع الاول<br>
السلوك <br>
ان السلوك المنشئ للجريمة أما أن يكون ايجابياً وأما يكون سلبياً والسلبي يتحقق بالترك أو الامتناع، ولكن السلوك المتحقق في جريمة إلهاب الألعاب النارية هو السلوك الايجابي المتمثل بنشاط ايجابي صادر عن الجاني يظهر جلياً باستخدام احد أعضائه بصورة إرادية فمقدار ارتكابه للجريمة المذكورة يستخدم يديه على سبيل المثال، لإشعال الألعاب النارية في الجهات التي يمكن ان ينشأ عن إلهابها إتلاف أو خطر أو ضرر - كأن تكون مصنع أو مستودع للذخائر أو الأسلحة أو ملحقاتها أو في مخزن عسكري أو معدات عسكرية أو منجم أو بئر للنفط أو مستودع للوقود أو المواد القابلة للالتهاب أو المفرقعات أو محطة للقوة الكهربائية أو المائية أو الذرية أو محطة للسكك الحديدية أو ماكنة قطار أو في عربة فيها شخص أو في طائرة أو في حوض للسفينة أو السفن أو في مبنى مسكون أو محل آهل بجماعة من الناس أو مبنى مشغول من دائرة رسمية أو شبه رسمية أو مؤسسة عامة أو ذات نفع عام (8) ، وهو بذلك يكون مرتكباً لجريمة إلهاب الألعاب النارية المعاقب عليها قانوناً.<br>
الفرع الثاني<br>
النتيجةالجرمية <br>
ان النتيجة هي التغيير الحاصل في العالم الخارجي من جراء السلوك الإجرامي الذي ينال حقاً أو مصلحة يرى المشرع بأنها جديرة بالحماية من الاعتداء عليها.<br>
سبق ان بينا بان النتيجة أما ان تكون مادية وفقاً لمدلولها المادي وأما ان تكون قانونية وفقاً لمدلولها القانوني، حيث ان الأول يتمثل بالتغيير الذي يحدثه السلوك الإجرامي في العالم الخارجي، والثاني يتمثل بالاعتداء على الحق أو المصلحة المحمية جنائياً. وكذلك ان النتيجة القانونية هي الغالبة على الجرائم الماسة بالراحة العامة باعتبار ان معظمها من جرائم الخطر المجرد الذي لا تشترط نتيجة مادية، ولكن هذا لا يمنع من ان تتحقق النتيجة المادية في القليل النادر منها كجريمة إلهاب الألعاب النارية حيث ان الضرر والإتلاف الذي يسببه السلوك الإجرامي المنشيء لها هو نتيجة مادية تمس حقاً أو مصلحة جديرة بالحماية، إذن النتيجة في هذا النوع من الجرائم هي التغيير الحاصل في العالم الخارجي من جراء السلوك الإجرامي متمثلاً بأحداث إتلاف أو ضرر أو خطر في الأماكن التي يتم فيها إلهاب الألعاب النارية أو نحوها.<br>
<br>
الفرع الثالث<br>
علاقة السببية<br>
وهي الرابطة أو الصلة التي تربط ما بين السلوك والنتيجة، بمعنى هي الصلة التي بموجبها ينسب الفعل الى فاعله، وهذه العلاقة كما بينا غير متحققة في معظم الجرائم الماسة بالراحة العامة للمجتمع، باعتبار ان الغالبية العظمى منها من الجرائم ذات الخطر المجرد والتي لا تستلزم توفر علاقة سببية ما بين الفعل والنتيجة لأنها تجرم بمجرد ارتكاب السلوك وبغض النظر عن النتيجة المترتبة عليه، أي ان النتيجة مندمجة مع السلوك وليست منفصلة عنه هذه هي القاعدة العامة، لكن استثناءاً يمكن ان يشترط لقيام الجرائم ذات الخطر الواقعي توفر علاقة سببية ما بين السلوك والنتيجة باعتبار ان كلا منهما منفصل عن الآخر. وبما ان جريمة إلهاب الألعاب النارية هي من الجرائم ذات الخطر الواقعي يستلزم الأمر لتحقق ركنها المادي توفر العلاقة السببية ما بين السلوك والنتيجة.<br>
ولكن ما هو معيارها؟<br>
لقد تعددت النظريات الفقهية حول تحديد معيار للعلاقة السببية – كما سبق البيان- ولكن تماشياً مع نهج المشرع العراقي نأخذ بنظرية تعادل الأسباب التي تؤكد بأن الجاني يسأل عن الجريمة التي ارتكبها حتى لو ساهم مع سلوكه الإجرامي في إحداثها سبب آخر سواء كان سابق أم معاصر أم لاحق ولو كان يجهله(9). ولكن هذا لا يمنع من التخفيف من حدة هذه النظرية كما فعل المشرع العراقي أيضا حينما قضى بان السبب الاجنبي إذا كان كافياً لوحده لإحداث النتيجة الجرمية فلا يسأل الجاني إلا عن الفعل الذي ارتكبه(10).<br>
وهكذا فإذا ساهم مع سلوك الجاني في ارتكاب جريمة إلهاب الألعاب النارية عوامل سابقة أو معاصرة أو لاحقة له فهي جميعها متعادلة في تحقيق النتيجة الضارة ولو كان لا علم له بها، ولكن إذا كان سلوكه وحده كافياً لإحداث النتيجة الإجرامية فلا يسأل إلا عن الفعل الذي ارتكبه.<br>
<br>
المطلب الثاني<br>
الركن المعنوي في جريمة أشعال الالعاب النارية<br>
<br>
إن جريمة اشعال الألعاب النارية قد ترتكب بصورة عمدية وهي بذلك تعد من الجرائم العمدية التي تستلزم لقيامها توافر الركن المعنوي اللازم لقيام الجرائم العمدية وهو القصد الجنائي، المتعدد الأنواع ولكن القصد الجنائي الذي يتحقق في هذه الجريمة هو القصد العام الذي يشترط لتحققه العلم والإرادة، بمعنى تحقق علم الجاني بان السلوك الذي يرتكبه جريمة يعاقب عليه القانون وان إرادته متجهة إليه.وعليه لقيام الركن المعنوي في جريمة اشعال الألعاب النارية العمدية يجب ان يكون الجاني عالماً بان اشعال الألعاب النارية أو نحوها في جهات يمكن ان ينشأ عن إلهابها فيها ضرر أو خطر كأن يكون إلهابها في مصنع، أو مستودع للذخائر، أو الأسلحة، أو ملحقاته، أو في مخزن عسكري أو معدات عسكرية، أو منجم، أو بئر للنفط، أو في مستودع للوقود، أو مواد قابلة للالتهاب، أو المفرقعات، أو في محطة للقوة الكهربائية، أو المائية، أو الذرية، أو محطة للسكك الحديدية، أو ماكنة للقطار، أو في عربة فيها شخص، أو في عربة ضمن قطار فيه أشخاص، أو في مطار، أو في طائرة، أو في حوض للسفن، أو في سفينة،أو في محل آهل بجماعة من الناس، أو مؤسسة ذات نفع عام(11).وهذا لا يكفي بل لابد من ان تكون إرادته متجهة الى تحقيق النتيجة الضارة التي حظرها المشرع من خلال تجريمه للسلوك المنشيء لهذه الجريمة، فإذا لم تتوفر تلك الإرادة انتفى عنصر من عناصر القصد العام وبالتالي لا يسأل الشخص عن جريمة عمدية، وكذا الحال بالنسبة لعلمه فإذا انتفى علم بالسلوك الإجرامي بمعنى انه لم يكن عالماً أو كان جاهلاً بان الفعل الذي يرتكبه يمكن ان يؤدي الى النتيجة الضارة المحظورة فهنا يكون قد انتفى عنصر من عناصر الركن المعنوي وبالتالي لا يسأل الجاني عن جريمة عمدية وقد ترتكب هذه الجريمة بصورة غير عمدية عن طريق الإهمال أو رعونة أو عدم اخذ الاحتياط الكافي لمنع الضرر أو الخطر، أو الإتلاف أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة والأوامر فان الأمر يستلزم توفر الخطأ كصورة من صور الركن المعنوي بالنسبة للجرائم التي ترتكب بصورة غير عمدية كما لو ارتكبت هذه الجريمة بسبب إهمال العاملين في المستودعات(12).<br>
<br>
المطلب الثالث<br>
ركن الخطر في جريمة أشعال الالعاب النارية<br>
إن الجرائم الماسة بالراحة العامة للمجتمع ذات الخطر الواقعي ، تشترط لقيامها تحقق الخطر كعنصر من عناصر تحققها ويستخلص هذا الأمر من نص المشرع صراحة عليه ولذلك فإننا نرى بان جريمة اشعال الألعاب النارية يستلزم لتحققها لو لنهوضها ان يكون هناك خطر منذر بوقوع ضرر أو تلف ، ولكنه خطر من الدرجة الوسطى لا الدنيا ولا العليا لان الأولى لا تحقق جريمة، والثانية تنذر بوقوع ضرر أكيد وحتمي وفي الغالب قد يكون جسيماً، وهو خطر عام وحال وبدونه تنقطع علاقة السببية ما بين السلوك والنتيجة.<br>
يلاحظ على هذه الجرائم بأنها تختلف عن الجرائم ذات الخطر المجرد التي يكون الخطر فيها مفترض قابل لإثبات العكس وغير مباشر وبالتالي تستلزم تحقق علاقة سببية بين الفعل والنتيجة ويستلزم من القاضي إثباته.<br>
<br>
المبحث الثالث<br>
الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة أشعال الالعاب النارية والظروف المشددة فيها<br>
وسيتم تقسيم دراسة هذا المبحث الى مطلبين نتناول في الاول البحث في الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة اشعال الالعاب النارية في حين خصصنا المطلب الثاني لدراسة الظروف المشددة لهذه الجريمة وكما يأتي:-<br>
المطلب الاول<br>
الجزاء المترتب على ارتكاب جريمة أشعال الالعاب النارية<br>
<br>
إن الجزاء المفروض في القانون على الجرائم لتحقيق الأغراض المتوخاة من العقاب عند ثبوت إدانة المتهم قد يوصف بأنه بسيط وقد يوصف بأنه مشدد إذا ما اقترن بظروف مشددة وبما ان جريمة أشعال الألعاب النارية مقرر لها عقوبة بسيطة فهذا يستدعي بيان هذه العقوبة و الحبس البسيط هو <br>
الجزاء الأساسي الذي نص عليه المشرع وقدره للجريمة إذ يجب الحكم به عند اصدار الحكم ولا يمكن تنفيذه على المحكوم عليه به إلا إذا نص عليه صراحة في الحكم وهو على أنواع عقوبات أصلية وعقوبات تبعية وأخرى تكميلية(13).<br>
فالأصلية: تنفذ على المحكوم عليه عند ثبوت الإدانة، أما التبعية: فأن فرضها يستلزم توفر عقوبة أصلية أما العقوبات التكميلية فإنها تلحق المحكوم عليه تلقائياً دون الحاجة الى النص عليها في صلب الحكم القضائي هذا ويلاحظ بان العقوبات الأصلية تضم في ثناياها أنواع متعددة من العقوبات قد تكون بدنية كعقوبة الإعدام، أو سالبة للحرية كعقوبة السجن، أو الحبس وقد تكون مالية كالغرامات، أما العقوبات التبعية فتشمل الحرمان من بعض الحقوق والمزايا ومراقبة الشرطة، أما العقوبات التكميلية فينطوي تحت لوائها أيضا ًعقوبة الحرمان من بعض الحقوق والمزايا مع بعض الفارق بينهما وأيضاً المصادرة ونشر الحكم.<br>
ولكننا نرى بان هذه الأنواع الثلاثة مجتمعة فرضها قد لا يتناسب مع طبيعة جريمة اشعال الألعاب النارية لأنها قد تكون بعضها اشد من الفعل المرتكب كما في عقوبة الإعدام أو اقل منه وهذا غير جائز لان من أهم شروط فرض العقوبة هي ان تتناسب مع الفعل وقد تكون بعضها مكلفة تكلفة باهظة كعقوبة مراقبة الشرطة التي قررها المشرع لجرائم أكثر أهمية من هذه الجريمة حيث إنها تتميز بتفاهتها وبساطتها.إذا الجزاء الأساسي لجريمة اشعال الألعاب النارية من العقوبات الأصلية والذي يتناسب معها وحسب ما أشار إليه المشرع في نصوص التجريم هي الحبس والغرامة، ومن العقوبات التكميلية المصادرة أما بالنسبة للعقوبات التبعية فلا تفرض على مرتكب جريمة اشعال الألعاب النارية على الرغم من إنها تلحق المحكوم عليه بعقوبة أصلية تلقائياً وكذلك العقوبات التكميلية أذ أن كلا النوعين قرر المشرع فرضهما على من يرتكب جناية او جنحة وهو امر غير متحقق في جريمة اشعال الالعاب النارية وذلك لانها من المخالفات لذا سنقتصر على ما قرره الشارع لهذه الجريمة من العقوبات الاصلية . .<br>
أولا - العقوبات السالبة للحرية: <br>
الحبس: وهو إيداع المحكوم عليه في إحدى المنشآت العقابية المخصصة لهذا الغرض المدة المقررة في الحكم وهذا الإيداع قد يكون لمدة لا تقل عن أربعة وعشرين ساعة ولا تزيد على <br>
سنة واحدة وهو ما يطلق عليه بالحبس البسيط وقد تكون المدة أكثر من سنة ويطلق عليها بالحبس الشديد(14)، ولكن عقوبة الحبس المقررة لجريمة إشعال الألعاب النارية هي عقوبة الحبس البسيط لأنها لا تزيد على شهر ويتم حساب هذه المدة من اليوم الذي يودع فيه المحكوم عليه المؤسسة العقابية فعلاً فإذا كان ما يزال طليقاً فلا يبدأ سريان هذه المدة حتى يحبس فعلاً، هذا ويلاحظ بان مدة التوقيف تخصم من مدة العقوبة المقيدة للحرية المحكوم بها بنص القانون أي دون حاجة الى النص على ذلك في الحكم الصادر بالعقوبة وعليه إذا تم توقيف المتهم لارتكابه هذه الجريمة شهراً فانه يعّد مستوفياً للعقوبة لان مدتها لا تزيد عن شهر ومن ثم يتم إصدار أمر بإطلاق سراحه من قبل الجهات المختصة بذلك إذا