2014/01/18 11:32
رسول الله.. مدرسة الوحدة والتآلف
نعيش هذه الايام ذكرى ولادة سيد الكائنات ومنقذ البشرية نبي الرحمة محمد بن عبد الله (ص)، ويصادف في نفس هذا اليوم ولادة ابنه البار وحفيده المقدام حامل الراية ومؤسس الولاية السادس من ائمة الهدى الامام جعفر الصادق (ع) ، واستلهاما من هاتين المناسبتين والسير على خطاهم وقبل سبع وخمسين سنة وفي مثل هذا اليوم يضع الشهيد محمد باقر الصدر والثلة المؤمنة معه اسس الدعوة الاسلامية، ثلاث مناسبات احداهن تستلهم من قبلها الديمومة والبقاء وحسن الاداء وتستكمل الطريق الى الله بخطوات واثقة ومطمئنة، لذا ليست من الصدفة ان تلتقي هذه المحطات الثلاث في يوم واحد بل هي ارادة ربانية ومعجزة وجدانية ومن سنن الله على الارض كما قال جل وعلا (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
على الانسان الرسالي ان يستذكر تاريخ السيرة المباركة ويستفيد من التجربة العامرة من سنن النبي واتباعه وان نعيش مع هذا اليوم آفاقا وافكارا تختلف عن باقي الايام، ان نعيش معه رحابة الرسالة والمحبة، ويتبع أسلوبه الذي جعله في أعلى مستوى من الأخلاق، وأن نعيش ذلك في ذكرى الإمام جعفر الصادق(ع)، الذي أعطانا من علمه ما ركّز لنا خط أهل البيت في خط الإسلام، وعلينا أن نلتقي عند رسول الله وعند الإمام الصادق (ع)، لننطلق من حركة الإسلام في الخط الأصيل للإسلام، وهو خط الأئمة من أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وهم الذين قال فيهم رسول الله (ص): "مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق وهوى".
فيا اخوة الايمان والعمل والجهاد يا من تحملتم وتحملنا ثقل الامانة في الماضي والحاضر، يا من اخذنا من أئمة الهدى السفر المعطاء قوة في الايمان والعقيدة وقوة في السير رغم وعورة الطريق، طريق ذات الشوكة وقوة في الصبر والصمود وتحمّل الامانة والثبات على الحق، واجب علينا جميعا الوحدة ونبذ الفرقة لان الفرقة تضعفنا جميعا (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)، أن نكون واعين وان لا نسمح لأحد أن يوقظ الفتنة بيننا، ليكن لكل إنسان وجهة نظر وهذا طبيعي كما اكد عليه رسول الله (ص)، (اختلاف امتي رحمة والخلاف نقمة)، لا أن يلغي بعضنا بعضاً عندما نختلف بالفكرة لأن هذا ليس شأن المؤمنين المسلمين، والله تعالى يأمرنا عندما نختلف في شيء أن نرده إليه وإلى الرسول، لا أن نردّه إلى عصبياتنا وأنانياتنا وذاتياتنا، وإلى كل الشياطين المتجمّعة في نفوسنا من خلال عصبياتنا العائلية والحزبية والطائفية.
ابنائي شباب العراق عندما نقف في ذكرى ولادة رسول الله (ص)، علينا أن نقول له: يا رسول الله، سنحتفل بولادتك بأن نتوحّد باسمك، لأنك قلت لنا فيما بلّغت عن الله: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، حتى لو اختلفنا في المذاهب، فإن علينا أن نتحد بالله وبرسوله، ثم نتحاور، والله تعالى أمرنا أن لا نجادل أهل الكتاب – وهم اليهود والنصارى - إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، ويأمرنا أن نقف معهم على الكلمة السواء، فكيف بالعلاقة بين المسلمين؟ ومشكلتنا هذه العقلية التي ورثناها من عصور التخلّف، وهي أننا نبحث عن الفواصل التي تفصل بيننا، ولا نبحث عن الجوامع التي تجمع بيننا، وكأننا معنيّون بالتقسيم حتى وصلنا إلى أن يقسّم الإنسان نفسه فيعيش الازدواجية داخل نفسه .
يا اخوة المسير والمسار اصحاب الخط والهدف الواحد يامن امنتم بالعراق الجديد وتعملون من اجل عراق موحد وقوي مقتدر كلنا في سفينة واحدة وكل من يضر السفينة يضر الجميع والعكس صحيح وكل من يضيفها مؤنة وعدة يزيدها قوة ومنعة واستمرارية في طريقها الى شاطئ الامان، الخلافات السياسية بين الكتل وحب الذات وحذف الاخر وتسقيطه أدخلت البلد في حالة من التعقيدات التي لا مصلحة لاحد من إثارتها بالوسائل الإعلامية بالمستوى الذي قد يسيء إلى سمعة البلد، في الوقت الذي كان من الممكن حلّ هذه المشاكل بطريقة الحوار الهادئ خلف الستار، ولا سيما فيما يتصل بقضايا الصراع مع الارهاب والتكفير والقاعدة، إن هذا البلد الذي يتعرّض لكارثة ، مرة من قبل الارهاب الذي يقتل ويفخخ بلا رحمة واخرى من دول واحزاب تتآمر علينا ولاتريد خيرا للعراق، ونحن مستسلمون لخلافاتنا واهوائنا فان التحدي والتهديد الناجم سوف يأكل الأخضر واليابس ويهدم كل ما بنيناه في السنوات العشرة الماضية، بل ويصادر الحريات ويسلب الامن والامان والاستقرار في العراق ويؤخر التنمية الوطنية وتهدر الاموال، وانطلاقا من هذا يفترض على كل القياديين والسياسيين والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني بل على الدولة العراقية أن تكون في حالة طوارئ يتكامل فيها الجميع في البحث عن حلّ اوله تكاتف الجميع للقضاء على الارهاب ومخلفاته، وإيجاد حالة من التوازن السياسي في البلد وفق الدستور والقوانين السارية التي تؤدي الى التفاهم والمصالحة الوطنية، لا سيما أن العدوّ يخترق أمن واستقرار البلد ويعبث في مقدراته وله اذرع ومحامون من السياسيين انفسهم ، فاليوم اكثر من كل الايام ندعو الجميع الى التحلّي بالواقعية الوطنية التي تفرض عليهم الامتناع عن إثارة الكثير من القضايا قبل نضوجها، ما يؤدي إلى بعض النتائج السلبية من دون ضرورة أو فائدة.
فحلول مشاكلنا ومفاتيح عقدنا وعسرنا ويسرنا مرهون بالاتكال على الله واصحاب الذكرى اذا عشنا ذكراهم بتأن ووئام فيا شعبنا المسلم في العراق نحتفل بهذا اليوم يوم السابع من الربيع يوم ولادة النبي محمد والامام الصادق والدعوة الاسلامية نؤكد إن المهم ان نعيش معه (ص) وأن نتذكّر شخصية عظيمة كبيرة اصطفاها الله تعالى لرسالته، وأكرمها بكرامته، كشخصية رسول الله (ص) الذي أرسله الله شاهداً، يشهد على الناس كيف يتصلون بالله، أو كيف ينحرفون عنه، وكيف يحملون رسالاته، يشهد عليهم في عصره وفي عليائه بعد عصره، ومبشراً يبشّر الناس برحمة من الله ورضوان وجنّة فيها نعيم مقيم عندما يأخذون بطاعة الله بعد أن يؤمنوا به تعالى، ونذيراً ينذرهم بعذاب الله وسخطه إذا كفروا وتمردوا على الله وعصوه فيما أمرهم به ونهاهم عنه، وداعياً إلى الله، لأن الإسلام هو دعوة إلى الله تماماً كما هي دعوة كل الأنبياء الذين دعوا الناس لعبادته وحده دون سوه، وأن يتّقوه في كل عمل من أعمالهم، وفي كل كلمة من كلماتهم، وفي كل موقف من مواقفهم.
المسلة