التسامح والعفو في العلاقة الزوجيــــــــــــــة **
يتطلب الزواج الموفَّق الذي يَصمُد لأزمات الحياة وضُغوطها جهودًا مشتركة يَبذلها كِلا الزوجين على مدى سنوات الزواج حتى يكون زواجهما ناجحًا؛ فالحياة بين أي زوجين لا تخلو من المشكلات والأخطاء مهما كان مدى سعادتِهما وتوفُّر التفاهم والمودَّة بينهما، ولا يُمكِن اعتبار الزواج زواجًا ناجحًا
إلا إذا توفَّرت له عوامل التماسُك والاستقرار، والتي من أهمها التسامح والعفو، فمن منا لا يُخطئ، ولكن هناك الكثير من الأزواج يرون التسامح نوعًا من الضعف، فإذا غضب الزوج أو الزوجة فتراه يُقرِّر ألا يُكلمه حتى لا يظن به أنه ضعيف، ويقول في نفســــــه:
عليه هو أن يكلمني أولاً ثم سأُسامِحه بعد ذلك .
فالكثير من الأزواج والزوجات يعتقدون أن التسامح يعطي الآخَر الفرصة ليتحكَّم فيه، كما أنهم يرون أن التسامح معناه تقبُّل الإهانة، وكذلك يرون أن التسامح معناه نسيان الأمر تمامًا والتعوُّد على هذا الفعل فيما بعد، إن مشكلة هؤلاء الأزواج أنهم يَعجزون عن النظر إلى حاضرهم ويَنشغِلون بماضيهم .
فيَنبغي للزوجين أن يُصدِر كل منهما كل ليلة عفوًا عامًّا قبل النوم عن كل إساءة إليه من الطرف الآخَر، وبهذه الطريقة سوف يكسب كل منهما الأمن الداخلي والاستقرار النفسي والعفو من الرحمن الرحيم .
إن من يعفو ويصفح ينال عزَّ الدنيا وشرَف الآخِرة؛ فقد قال الله -تعالى-: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، فالصُّلح هنا مُقترِن بالعَفو؛ كما قال تعالى: «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ» ,كذلك قوله -سبحانه وتعالى-: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» .
فما أطيَبَ القلبَ الأبيض ! وما أسعد صاحبه ! وما أهنأ عيشه ! ثم هل في هذا العمر القصير مساحة لتصفية الحسابات وتسديد فواتير العداوة ؟ إن العمر أقصر من ذلك والذي يذهب ليقتص من كل من أساء إليه وينتقم من كل من أخطأ في حقِّه سوف يعود بذهاب الأجر، وعِظَم الوزر، وضيق الصدر، وكثرة الهمِّ .
فيا أيها الزوجان ، أنقِذا نفسَيكما من شبح الماضي، ولتكن حياتكما مليئة بالتسامح والعفو حتى تسعَدا في الدنيا والآخرة .