معرفة أهل الكتاب له في وقت ولادته أنه النبي المبعوث خاتم النبيي
ن1 - محمد بن علي بن بابويه ، باسناده عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، رفعه باسناده قال : لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب زوجه عبد المطلب آمنة بنت وهب الزهري ، فلما تزوج بها حملت برسول الله . فروي عنها أنها قالت : لما حملت به لم أشعر بالحمل ، ولم يصبني ما يصيب النساء من ثقل الحمل ، ورأيت في نومي كان آتيا أتاني فقال لي : قد حملت بخير الأنام ، فلما كان وقت الولادة خف علي ذلك حتى وضعته ، وهو يتقي الأرض بيديه وركبتيه ، وسمعت قائلا يقول : وضعت خير البشر فعوذيه بالواحد الصمد ، من شر كل باغ وحاسد . فولد رسول الله عام الفيل لاثنتي عشرة مضت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين . فقالت آمنة : لما سقط إلى الأرض اتقى الأرض بيديه وركبتيه ، ورفع يده إلى السماء ، وخرج مني نور أضاء ما بين السماء إلى الأرض ، ورميت الشياطين بالنجوم وحجبوا عن السماء ، ورأت قريش الشهب والنجوم تسير في السماء ، ففزعوا لذلك وقالوا : هذا قيام الساعة ، واجتمعوا إلى الوليد بن المغيرة فأخبروه بذلك ، وكان شيخا كبيرا مجربا ، فقال : أنظروا إلى هذه النجوم الذي يهتدي بها في البر والبحر ، فإن كانت قد زالت فهو قيام الساعة ، وإن كانت ثابتة فهو لأمر قد حدث .
وأبصرت الشياطين ذلك ، فاجتمعوا إلى إبليس فأخبروه بأنهم قد منعوا من السماء ورموا بالشهب ، فقال : اطلبوا ، فإن أمرا قد حدث ، فجالوا في الدنيا ورجعوا وقالوا : لم نر شيئا .
فقال : أنا لهذا ، فخرق ما بين المشرق والمغرب ، فلما انتهى إلى الحرم وجد الحرم محفوفا بالملائكة ، فلما أراد أن يدخل صاح به جبرئيل فقال له : إخسأ يا ملعون ، فجاء من قبل حراء فصار مثل الصر قال : يا جبرئيل ما هذا ؟ قال : هذا نبي قد ولد وهو خير الأنبياء ، فقال : هل لي فيه نصيب ؟ قال : لا ، قال : ففي أمته ؟ قال : بلى ، قال : قد رضيت .
قال : وكان بمكة يهودي ، يقال له : يوسف ، فلما رأى النجوم يقذف بها وتتحرك ، قال : هذا نبي قد ولد في هذه الليلة ، وهو الذي نجده في كتبنا أنه إذا ولد ، وهو آخر الأنبياء ، رجمت الشياطين ، وحجبوا عن السماء فلما أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود ؟ قالوا : لا ، قال : أخطأتم والتوراة : ولد إذا بفلسطين وهو آخر الأنبياء وأفضلهم ، فتفرق القوم ، فلما رجعوا إلى منازلهم أخبر كل واحد منهم أهله بما قال اليهودي ، فقالوا : لقد ولد لعبد الله بن عبد المطلب ابن في هذه الليلة : فأخبروا بذلك يوسف اليهودي .
فقال لهم : قبل أن أسألكم أو بعده ؟ فقالوا : قبل ذلك ، قال : فأعرضوه علي فمشوا إلى باب بيت آمنة ، فقالوا : أخرجي ابنك ينظر إليه هذا اليهودي ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينيه وكشف عن كتفيه ، فرأى شامة سوداء بين كتفيه ، وعليها شعرات ، فلما نظر إليه وقع على الأرض مغشيا عليه ، فتعجب منه قريش وضحكوا عليه ، فقال : أتضحكون يا معشر قريش هذا نبي السيف ليبترنكم وقد ذهبت النبوة من بني إسرائيل إلى آخر الأبد ، وتفرق الناس ويتحدثون بخبر اليهودي . ونشأ رسول الله في اليوم كما ينشؤ غيره في الجمعة ، وينشؤ في الجمعة كما ينشؤ غيره في الشهر .
2 - محمد بن يعقوب ، بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : لما ولد النبي جاء رجل من أهل الكتاب إلى ملا من قريش ، فيهم هشام بن المغيرة ، والوليد بن المغيرة ، والعاص بن هشام ، وأبو وحرة بن أبي عمرو بن أمية وعتبة بن ربيعة فقال : أولد فيكم مولود الليلة ؟ قالوا : لا ، قال : فولد إذن بفلسطين غلام اسمه أحمد ، به شامة كلون الخز الأدكن ويكون هلاك أهل الكتاب واليهود على يديه ، قد أخطأتم والله يا معشر قريش .
فتفرقوا وسألوا ، فأخبروا أنه قد ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام ، فطلبوا الرجل فلقوه ، فقالوا : إنه قد ولد فينا والله غلام ، قال : قبل أن أقول لكم أو بعد ما قلت لكم ؟ قالوا : قبل أن تقول لنا ، قال : فانطلقوا بنا إليه حتى ننظر إليه ، فانطلقوا حتى أتوا أمه ، فقالوا : أخرجي ابنك حتى ننظر إليه ، فقالت : إن ابني والله لقد سقط وما سقط كما يسقط الصبيان ، لقد اتقى الأرض بيديه ورفع رأسه إلى السماء فنظر إليها ، ثم خرج منه نور حتى نظرت إلى قصور بصرى. فسمعت هاتفا في الجو يقول : لقد ولدتيه سيد الأمة فإذا وضعتيه فقولي : أعيذه بالواحد من شر كل حاسد وسميه محمدا . قال الرجل : فأخرجيه لنا ، فأخرجته فنظر إليه ، ثم قلبه ونظر إلى الشامة بين كتفيه ، فخر مغشيا عليه ، فأخذوا الغلام فأدخلوه إلى أمه ، وقالوا : بارك الله لك فيه ، فلما خرجوا أفاق ، فقالوا له : مالك ويلك ؟ قال : ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيمة ، هذا والله يبيرهم ، ففرحت قريش بذلك ، فلما رآهم قد فرحوا قال : أفرحتم ؟ ! أما والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق والمغرب ، وكان أبو سفيان يقول : يسطو بمصره .