14,January,2014
انقسام بين دول الخليج إزاء رفع العقوبات عن إيران


تميل دبي إلى علاقات أقوى وأفضل مع إيران لحجم التبادل التجاري الضخم بينهما

فرانك غاردنر - مراسلبي بي سي للشؤون الأمنية
ليس من المستغرب أن تعلن دبي رغبتها في رفع العقوبات عن إيران في ضوء وجود نصف مليون إيراني يعملون هناك، وهو ما يعود على هذه الإمارة بفوائد تتمثل في انتعاش النشاط التجاري بينها وبين جارتها في منطقة الخليج.
ويؤكد ذلك ما قاله حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم لبي بي سي في إطار مقابلة تلفزيونية من أن إيران دولة من دول الجوار وإن الجميع سيستفيد إذا توصلت إلى اتفاق مع الولايات المتحدة يتضمن رفع العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية في الوقت الراهن.
وأضاف أن "إيران دولة جوار ولا نريد أي مشكلة"، لكن إذا توصلت إيران إلى اتفاق مع الولايات المتحدة ووافق الجانب الأمريكي على رفع العقوبات عن إيران، فسوف يعود ذلك بالنفع على "الجميع".

آراء خليجية متعارضة

ولا يوجد من بين الدول العربية في منطقة الخليج من يشارك دبي الرأي فيما يتعلق بالموقف من إيران، إذ لا يزال العديد من هذه الدول ينظر إلى إيران باعتبارها خطرًا استراتيجيًا.
فالسعودية، على سبيل المثال، أعلنت موقفها المعارض لرفع العقوبات عن إيران في إطار الصفقة الحالية التي تستهدف الحد من الأنشطة النووية الإيرانية.
وترى السعودية أن العقوبات هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها التضييق على إيران ومنعها من أي توسع في النشاط النووي.
كما تقف الرياض على الجانب المعاكس للموقف الإيراني الداعم لبشار الأسد، إذ يدعم الجانب السعودي قوات المعارضة السورية التي تقاتل حكومة الرئيس بشار الأسد.


تتهم البحرين إيران بأنها وراء تأجيج العنف الداخلي وإثارة الاحتجاجات

وترى البحرين أن إيران هي من يقف وراء تأجيج الاحتجاجات المصحوبة بأعمال عنف في القرى البحرينية. وتحقق المنامة حاليا فيما تقول إنه مؤامرة إيرانية لتوريد أسلحة ومتفجرات للمحتجين، وذلك بعد توقيف قارب يحمل أسلحة في أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي أثناء توجهه إلى البحرين.
وحتى إمارة أبو ظبي، تقف على النقيض تماما من الموقف الذي أعلنه حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إذ إنها، وبوصفها عاصمة دولة الإمارات، فإنها تدعو منذ سنوات إلى تسوية الخلاف مع إيران بشأن الجزر المتنازع عليها في الخليج، والتي تؤكد الدولتان كلتاهما أحقيتها فيها، لكنها احتلت من قبل قوات إيرانية.
بهذا الصدد، قال دبلوماسي بريطاني سابق عمل في منطقة الخليج إنه "دائمًا ما يحدث خلاف في الرأي بين دبي وأبو ظبي حول الموقف من إيران. فهناك جالية إيرانية كبيرة في دبي، وتبادل تجاري ضخم بين الجانبين، وهو ما لا يتوافر في أبو ظبي".

"ولكن إذا توصلت إلى اتفاق مرض للطرفين مع الولايات المتحدة ووافق الجانب الأمريكي على رفع العقوبات عن إيران، فسوف يعود ذلك بالنفع على الجميع"
حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم

علاقات طيبة

وبالاتجاه صوب الجنوب، نرى ترحيبًا من جانب عُمان بالكلمات الدافئة التي أدلى بها حاكم دبي حول العلاقات مع إيران. فبصفتها الدولة التي استضافت المحادثات السرية بين الولايات المتحدة وإيران التي مهدت الطريق أمام عقد اتفاقية مؤقتة بين البلدين في جنيف، والتي كانت مفاجأة للعالم كله، أعربت عُمان عن أملها في أن تكون العلاقات العربية الإيرانية في منطقة الخليج أكثر ودًا.
وبعيدًا عن النفوذ الذي تمنحه احتياطيات النفط الهائلة للسعودية والإمارات والكويت، تتخذ عُمان مسارًا سياسيًا هو الأكثر وسطية واعتدالا بين دول الخليج، إذ كان لها دور فعال في إطلاق سراح المواطنين الأمريكيين المحتجزين لدى إيران أخيرًا.
ويلقي ما سبق الضوء على الوضع الحالي للموقف الخليجي من إيران، ويؤكد الموقف الحالي أنه عندما يتعلق الأمر بإيران، فسوف نجد موقف دول الخليج أبعد ما يكون عن الوحدة.
وكانت السعودية أخيرًا تضغط في اتجاه دخول دول الخليج الستة في اتحاد يحل محل مجلس التعاون الخليجي يتضمن أن تكون هناك سياسة خارجية موحدة، وقوات دفاع مشتركة، وفقًا للمحادثات التي أُجريت بهذا الشأن.
وأغلب الظن أن مساعي السعودية لتأسيس ذلك الاتحاد نابعة من مخاوف سعودية حيال إمكانية تصدير الحرس الثوري للثورة الإسلامية إلى الخليج وإثارة الاضطرابات الطائفية بين السنة والشيعة في الدول الست.
وبينما أبدت الكويت والبحرين وأبو ظبي موقفًا منفتحًا تجاه فكرة الاتحاد، لا زالت قطر تتعامل مع الأمر بحذر، في حين أعلنت عُمان صراحةً أنه إذا استمر الضغط في اتجاه فكرة الاتحاد الخليجي، فسوف تختار المضي قُدُمًا وحدها مع الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي.
ويؤكد موقف حاكم دبي من إيران والوارد في تصريحاته الأخيرة لبي بي سي على أن ما يدفع دبي في اتجاه علاقات طيبة مع إيران وتأييد الاتفاق الأمريكي الإيراني المؤقت هو التجارة لا السياسة.